الجوقة والأُلعُبان

خالد صاغية لكلّ مرحلة أُلعبانُها الفصيح، وخصوصاً حين يكون أصحاب الشأن من غير القادرين على النطق. فاللغة ليست ممّا حسبوا أنّه يدخل حيّز الإفادة. ثمّة عسكريّون وأمنيّون يجدون أنفسهم فجأة في السلطة. اللغة لم تكن جزءاً ممّا يعتدّون به، وهم الرجال الذين افتتنوا زمناً بإمكانياتهم العضليّة. ثمّة رجال أعمال يجلسون على كراسي الحكم. اللغة لا تسعفهم كثيراً في حسابات الصفقات. هؤلاء اعتادوا النوم مع الأرقام. الأرقام ذات الأصفار الكثيرة. هذان الصنفان يخترقان المعسكرات. لا يسار ولا يمين. لا 8 ولا 14. لا تقدّم ولا تخلّف. على جميع الجبهات، باتت القدرة على الكلام العاديّ ممّا يصعب العثور عليه. في ظروف كهذه، ينفش الألعبان ريشه. فهو الذي يتمكّن من صياغة عشر جُمل في دقيقة واحدة. وهو الثابت على مواقفه، لكن المستعدّ لتسلّم أيّ وظيفة قذرة يُكلَّف بها. كذبٌ على الريق. تشهيرٌُ عند الظهر. وتحريضٌ في المساء. الألعبان لا يعمل وحيداً. إنّه الكشّاف الذي يتلقّى الأوامر، فيقود جوقة من الببغاوات الذين يردّدون شعاراته وأقاويله. ببغاوات بربطات عنق، وأحياناً بنمر زرقاء. تحوّلوا جميعاً إلى أزرار يضغطها الألعبان ليسمع تنويعات على جمله الموسيقيّة. ماذا لو سمعنا اليوم مثلاً شتيمة للوزير شربل نحاس على لسان الزر الرقم 1؟ الصوت ممتاز، لكنّ الصياغة غير موفّقة. فلنضغط الزر الرقم 2. الصياغة أفضل، لكنّ الببغاء مبحوح. الزر الرقم 3. ببغاء تحت الدوش. الزر الرقم 4. إنّه الأفضل. تنويعات ما كانت تخطر في البال. نقلٌ أمين للمعلومات الكاذبة. تشويه متقن للحقائق. سيترقّى هذا الببغاء. سيخرج من القفص إلى القنّ. الألعبان نفسه سيوقّع ورقة الترقية، ويرفعها إلى السيّد صاحب اللسان الثقيل. السيّد ضاق خلقه فعلاً. فهو لا يتحمّل التدقيق في تفاصيل كلّ ما يطرح على جدول أعمال مجلس الوزراء. ولا يريد أن يسمع اعتراضات على الرواتب الخياليّة لأدعياء الخبرة. ولا يهمّه النقاش في جدوى الخصخصة. ولا يرغب في فضح ثغر الموازنة والمشاريع المشبوهة. والإنترنت في قصره «ماشي وعال»، فمن أين جاء الفايبر أوبتيكس؟ هيّا أيّها الألعبان. شغِّل لسانك. أيقظ الجوقة. أمامكم نهار عمل طويل.

عدد الثلاثاء ٢٧ نيسان ٢٠١٠ |
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة