هيفا البنا - التلغراف
هم أشخاص رفضوا الخضوع لضغوطات سلطاوية، فرضت عليهم من قبل مؤسسات عملهم.
فقرروا التغريد خارج السرب التقليدي للصحافة، والإنطلاق نحو فضاء واسع وجديد، مطلقين العنان لأفكارهم الإجتماعية والسياسية والمعيشية، متمسكين بجمهور تابعهم وأحبهم ووثق بهم.
ثلاثة أسماء في عالم الصحافة اللبنانية حلّوا ضيوفاً بدعوة من إتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، ليخبروا عن تجربتهم في عالم الصحافة المكتوبة، وآمالهم في فضاء الصحافة الإلكترونية، علّهم يرجعون للصحافة مصداقيتها، في ظل التخبط الحاصل في لبنان بين قطبي 8 و14 آذار.
الصحافيون عماد الدين رائف، إيلي القصيفي وحسان الزين أنشؤا مدونة "تغريدة" بعد ان كانت عاموداً ثابتاً في جريدة السفير اللبنانية، ليغردوا في سماءهم الحر، دون رقابة، او منهج سياسي متبع!
عند الدخول الى موقع تغريدة، نلاحظ انها "مساحة ديموقراطية " ، تُنتج موادها فرديّاً بالحوار والشراكة.
مساحة لقاء وتفاعل، في زمن التباعد والتخاصم.
مساحة حياة في زمن القتل.
مساحة صريحة في حفلة الموت المشفّر.
مساحة رأي في زمن الارتداد، ومساحة سؤال في حروب الإجابات واليقينيّات.
ضد الثرثرة، ولا تتوسل الإنشاء، نقدية ترى بالألوان، وتتحرى الظلال، وتحتفي بالإنسان.
تزاوج مدنيّاً بين العقل والقلب.
مدنية، لكن ليست بعين واحدة، ولا تملك حساباً مصرفيّاً.
مع المواطنة والحريات والحقوق.
أيجابية من دون إفراط وغش.
تغريدة في زمن " العصفورية".
يقارب الصحافي عمادالدين رائف "تغريدة" بصحافة المواطن، إذ انها تنقل تجارب وهموم المواطن الى المواطن نفسه بأسلوب بسيط غير متفلسف، كما تتيح المدونة الفرصة أمام المواطنين بنشر قضاياهم دون التعديل عليها، وذلك حفاظا على منطلق الحرية والديموقراطية.
ويرى عماد من خلال تجربته في الصحافة المكتوبة أن من آخر هموم الصحف نقل آراء او اي من الأفكار الجديدة، وذلك بهدف الحفاظ على افكار الصحيفة الأساسية واللون السياسي الواحد.
ومع تضييق الحريات في الصحف اللبنانية المحلية ، يشرح حسان الزين سبب أخذه وزملاءه لهكذا خطوة، معللاً انه قد يكون سبب نجاح "تغريدة" هو المساحة الحرة غير المرتبطة بأفكار معلبة التي تتبع أحد الأطراف السياسية الممسكة بزمام أمور البلد، والتكلم بلغة المواطن ونقل ما يهمه من أخبار.
ويتابع إيلي القصيفي في الصدد نفسه ان ما يميّز "تغريدة" هو انها إنطلقت من هموم مشتركة بين المؤسسين الثلاثة ، وتم التركيز على هذه الهموم منذ البدء.
ويقول إيلي "بما ان تغريدة أصبحت منفصلة بشكل تام عن الصحف المحلية بعد ان كانت مرتبطة بجريدة السفير، أصبحت الآن تشبه نفسها وهدفها بشكل أكبر، وأصبح النشر فيها يتم بطريقة أسلس والتطور معها أسرع" وأردف قائلاً " تغريدة الآن ترتبط بالصحف المحلية ولكن بما كانت عليه حال الصحف قبل التسييس والتطييف".
لا شك ان "تغريدة" القديمة، اي قبل ان تنفصل عن جريدة السفير، خدمت الصحيفة في تطورها؛ فالسفير كانت حاضرة دائماً عبر "تغريدة" على قناوات التواصل الإجتماعي، اي انها أنشأت نوع من المصالحة بين الصحافة الورقية والإنفتاح نحو عالم أوسع، ولكن يراهن الكثيرون على إستمرارية المدونات الإلكترونية وخاصة غير الممولة منها، الأمر الذي يدفع بالصحافيين الثلاثة لأخذهم قرار واضح، بأن المراهنة الكبرى على إستمرارية المدونة تقع على عاتق على جمهور وأصدقاء "تغريدة"، فمن دونهم لن يكملوا التحليق، وبدون "تغريدة" لن يرتفع صوت الشعب وهمومهم عالياً !