الاخبار
«أغانيه القديمة أحلى»، قالت السيّدة الخمسينيّة. «لأنك معتادة عليها»، رد على الفور الشاب الجالس إلى جانبها. وربّما كان الاثنان محقين، لكن، في كل الأحوال، خالد الهبر هو دائماً خالد الهبر. بنقائه السياسي، وكنزته الكحلية البلا أكمام، وطريقته بلفظ الراء، وألحانه وغنائه وكلماته، والغيتار الذي يلجأ إليه أحياناً فيستعيد المخضرمون عندذاك صورة أيّام العزّ والنضال والتفاؤل الثوري. خالد الهبر نفسه، هو الذي لا يخلف موعداً مع العمّال في عيدهم. بالأمس على خشبة «قصر الأونيسكو» في بيروت، مع تأخير طفيف على الروزنامة، استعاد الفنان اللبناني اليساري حيويّته وسط المستنقع السياسي الآسن الذي نعيش، أمام جمهور استثنائي، هو عيّنة معبّرة عمّا يمكن أن تكونه في هذا الزمن العبثي، نواة وطن بديل، ورأي عام بديل. قدّم الهبر مع أوركسترا تجمع آلات النفخ والايقاع على أنواعها، مع القانون (غسان سحاب) والبيانو والغيتار والجوقة طبعاً بالفولارات وربطات العنق الحمراء، برنامجاً منوّعاً يجمع بين اللون الشعبي والجاز، بين أغنيات قديمة مثل «ابنك يا سعيدة» (جوزف حرب) أو «حالة الاحتضار الطويلة» التجريبيّة النفَس (محمود درويش)، وأخرى أحدث نسبياً مثل «ما تنسوا فلسطين» في مستنقع الربيع العربي الذي لم يغلب الاستبداد بل شرّع علينا أبواب جهنّم التكفير والمذهبية واسرائيل… وأخرى تقدم للمرّة الأولى مثل تحيّته إلى دمشق الجريح: «بالشام كنّا نلتقي بالشام». ولم يفت المغنّي الشجاع أن يوجّه تحيّة إلى كرمى خيّاط و«الجديد»، وإبراهيم الأمين و«الأخبار» في مواجه قمع محكمة الفتنة الدولية: «قالولي ممنوع تحكي وتتخطّى الحدود».