أشعل تقرير اللجان النيابية المشتركة المسرّب عشية انعقاد الهيئة العامة لدراسة سلسلة الرتب والرواتب قواعد المعلمين والموظفين. هؤلاء سينزلون اليوم إلى الشارع لرفض ما سمّوه «سرقة الحقوق»
فاتن الحاج - الاخبار
إضراب... لا إضراب في الثانويات والمدارس والمهنيات الرسمية والخاصة والإدارات العامة. الصورة بقيت ضبابية بالنسبة إلى المعلمين والموظفين، إذ لم تنجح هيئة التنسيق النقابية في مقاومة الضغوط السياسية لفرض شكل التحرك الذي فوّضوها به في جمعياتهم العمومية لمواجهة ما سمّوه «كارثة» السلسلة. الهيئة اكتفت بالدعوة إلى وقف العمل من الصباح والمشاركة في اعتصام عند الحادية عشرة من قبل الظهر، بالتزامن مع جلسة الهيئة العامة للمجلس النيابي.
وأرفقت الدعوة بالطلب إلى الأهالي عدم إرسال أبنائهم إلى الثانويات والمدارس والمهنيات الرسمية. لم تستطع الهيئة تجاوز المواقف المتضاربة لمكوناتها باتخاذ موقف واضح موحّد يعكس حجم النقمة التي أصابت أصحاب السلسلة، ما إن وقعت أعينهم على تقرير اللجان النيابية المشتركة المسرّب. التقرير أشعل الجمعيات العمومية التي رفضت ما سمّته سرقة الحقوق. في مكتب وزير التربية الياس بو صعب كان رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب يقول إن «هذا التقرير بيعمل ثورة»، وفي مقر روابط التعليم الرسمي كان النقابيون ينكبّون على وضع الملاحظات على مشروع قانون السلسلة والجداول وما سمّي التوجهات الإصلاحية. «ضربونا، سلخونا، فرّغوا السلسلة من مضمونها، ما خلولنا شي، وبعد في ناس تريد توجيه شكر للنواب، لشو، ما في حدا بيستاهل»، ترددت هذه العبارات طيلة النهار الثقيل. أكثر الغاضبين كانوا المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي. هؤلاء صدموا بتعليق المادة 12 التي تمنحهم 6 درجات استثنائية. بعضهم دبّت فيه الحماسة إلى حدّ القول «لنذهب إلى وزير التربية ولنسلمه مفاتيح المدارس»، في إشارة إلى إقفالها نهائياً، بل إنّ رابطة التعليم الأساسي لوحت، بعد اجتماع طارئ عقدته أمس، بالإقفال ابتداءً من يوم الأربعاء إذا لم تقر المادة 12 وما يستتبع ذلك من مقاطعة الامتحانات النهائية والرسمية، رافضة أي تمييز بين الأساتذة في التعليمين الأساسي والثانوي.
رابطة التعليم الثانوي هي أيضاً عقدت اجتماعها الخاص، ناقشت خلاله مشروع القانون المتعلق بالسلسلة ومشروع القانون المتعلق بالضرائب والإيرادات، وتقريري اللجنة النيابية المشتركة بشأنهما. بعدها، راح المعلمون والموظفون الوافدون إلى مقر الروابط يزجون الوقت في انتظار خروج الدخان الأبيض من القاعة التي اجتمع فيها قادة الهيئة «المتخبّطون» بمعطياتهم ومواقفهم. في هذه الأثناء، تلقّى هؤلاء اتصالات سياسية كثيرة حاولت امتصاص نقمتهم بالقول لهم إنّ التقرير الذي بين أيديهم ليس التقرير النهائي، وهو عبارة عن مداولات ليس إلا، علماً بأنّ التقريرين موقّعان من مقرر اللجان المشتركة النائب إبراهيم كنعان. يذكر أنّ النائب علي بزي زار للمرة الثانية، مساء أول من أمس، هيئة التنسيق، وتمنى على أعضائها التراجع عن الإضراب والاستعاضة عنه بوقفة تضامنية أو تعبيرية. التأخير الذي دام ساعتين عن موعد المؤتمر الصحافي عزاه رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض إلى أننا «هيئة ديموقراطية تأخذ موقفها بعد نقاش مستفيض، وهذا دليل صحة وعافية، ولا أحد يمكن أن يملي علينا قرارنا». لكن القرار لم يكن موقفاً تاريخياً كما انتظره المعلمون والموظفون؛ «شو القصة يا جماعة؟ شو الموقف النهائي لهيئة التنسيق؟ كل حدا عم بقول شي. نحنا كيف بدنا نفهم؟ طبيعي إيقاف العمل للاعتصام. يعني شو الجديد؟؟ حذفوا كلمة إضراب! من القواعد من حسم أنّ وقف العمل يعني إضراباً. ومنهم من قال: لا عمل غداً، أضربوا لأنهم سيسرقون معظم حقوقنا المكتسبة. انزلوا بكثافة غداً وقولوا لهم: حقوقنا خط أحمر، وحقنا في زيادة بنفس نسبة زيادة الآخرين (القضاة وأساتذة الجامعة). حصل ذلك رغم أنّه تأكّد لهيئة التنسيق، كما قالت في بيان لها أمس، أن«حقوق القطاعات الوظيفية في خطر، ومعرّضة للإلغاء في مشروع سلسلة الرتب والرواتب، مع بقاء مخاطر إضافية في فرض الضرائب على الفقراء وعلى أصحاب الدخل المحدود، لا سيما فرض زيادة الضريبة على القيمة المضافة». تقرير السلسلة على ماذا اتفقت الكتل النيابية في اللجان المشتركة، وعلى ماذا اختلفت، وماذا يتضمن تقريرها، وما هي التعديلات على مواد قانون السلسلة والجداول؟ لم تقر اللجان 121% زيادة متساوية لجميع القطاعات أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية. وتراوحت نسبة الزيادة للمعلمين بين 13 و15% إذا لم ينلوا 6 درجات استثنائية. فالأساتذة الثانويون وأساتذة الفئة الثالثة من التعليم المهني حصلوا على 6 درجات، لكن من تاريخ صدور القانون وليس من 1/7/2012، وهناك محاولة لإلغاء أربع درجات ونصف الدرجة عبر المادة الرابعة من القانون 159. أما بالنسبة إلى أساتذة التعليم الأساسي، فعلقت المادة 12 التي تعطيهم 6 درجات استثنائية، فيما منح الموظفون الإداريون 6 درجات إضافية كمتممات للراتب تدخل في تعويض نهاية الخدمة. كذلك اتفقت اللجان على تقسيط السلسلة على 3 سنوات، ما وضع المفعول الرجعي أمام خطر الإلغاء، وتم ضرب الـ60% كبدل زيادة ساعات العمل، إذ لم تترجم في أرقام الجدول رقم 17. أما درجات المتقاعدين فبقيت معلّقة بين منح 3 درجات أو لا شيء، بعدما كان الاتفاق أن يمنحوا 6 درجات. كذلك تم خرق ما اتفق عليه بالنسبة إلى التوظيف في القطاع التعليمي، إذ سيعيّن معلمو الأساسي الحاملون للإجازة الجامعية في الدرجة 7 بدلاً من الدرجة 6. أما الحائزون إجازة تعليمية فسيعيّنون في الدرجة 9 بدلاً من الدرجة 15. وبالنسبة إلى قيمة الدرجة للأساتذة والمعلمين فقد خفضت من 3.38% إلى 3.1%، وخفضت 5% من قيمة الدرجة للإداريين. المفارقة تكمن في المادتين 17 و18، إذ يمنح المتعاقد بالساعة في التعليم الرسمي زيادة غلاء معيشة فقط، بينما يستفيد المتعاقد في المدارس الخاصة بنسبة مئوية محسوبة على أساس عدد حصص عمله الأسبوعية من الزيادة التي لحقت برواتب الداخلين في الملاك. وليس في مشروع القانون الجديد ما يشير إلى وحدة التشريع بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص. ومن الاقتراحات «الإصلاحية» رفع المحسومات التقاعدية من 6% إلى 8%، وفرض ضريبة دخل على المعاشات التقاعدية، وعدم منح أفراد الهيئة التعليمية منحاً مدرسية (أكثرية النواب وافقت على هذا الاقتراح وتحفظت الأقلية). أما المواد الجديدة التي أدخلتها اللجان المشتركة على مشروع القانون فهي الآتية: تعديل مدة الخدمة الفعلية للموظف في الإدارة العامة حيث يستحق المعاش التقاعدي له عن الخدمات الفعلية التي تبلغ 25 سنة عوضاً عن 20 سنة. يحق لكل فرد من أفراد الهيئة التعليمية أن يطلب إنهاء خدمته إذا بلغت خدمته الفعلية في التعليم الرسمي مدة ثلاثين سنة على الأقل. منح عائلة الموظف المتوفى الاختيار بين تعويض الصرف من الخدمة أو المعاش التقاعدي. تعديل دوام العمل في كل الإدارات العامة من الساعة الثامنة صباحاً لغاية الثالثة والنصف من بعد الظهر في الأيام الآتية: الاثنين إلى الخميس والجمعة من الثامنة صباحاً لغاية الحادية عشرة قبل الظهر. تعديل العطلة القضائية بحيث تصبح شهراً واحداً، وتعليق التوظيف في الإدارات العامة باستثناء الفئة الأولى أو ما يماثلها حتى إنجاز الهيكلية الجديدة للإدارة والجسم التعليمي، في أي شكل قد يتخذه هذا التوظيف مباشرة أو غير مباشرة (تعاقد، مياومة) إلا من خلال مجلس الخدمة المدنية وبعد التثبت من الحاجة من قبل إدارة الأبحاث والتوجيه.