بينما يواصل المستأجرون القدامى تحركهم اليومي وفق الدعوات من «لجنة المؤتمر الوطني للمستأجرين»، علمت «السفير» من مصادر موثوقة، بأن «قانون الايجارات الذي أقرّه مجلس النواب لم يأخذ طريقه بعد إلى بعبدا، ولم تعرف الأسباب بعد إن كانت لوجستية أو سياسية». وعلى الرغم من ذلك تقول المصادر لـ«السفير» إن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان، شكل لجنة من الخبراء والمستشارين القانونيين، لمناقشة القانون ووضع ملاحظاتها عليه، ومن ثم تضع ما تراه أسباباً موجبة لرده إلى مجلس النواب». كما علمت «السفير» بأن لجنة المستشارين قد تلتقي مع ممثلين عن «لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين» وعن «تجمع مالكي الأبنية القديمة»، للاستماع إلى آرائهم في القانون، وإبداء ملاحظاتهم عليه لتتوصل إلى تكوين فكرة عن اسباب احتجاجات كلا الطرفين. الشارع للمستأجرين والمالكين ومهما يكن الموقف أو الرأي لدى لجنة درس القانون في بعبدا، فما زال الشارع هو المكان المتاح أمام المستأجرين، وأمام المالكين، للتعبير عن أوجاعهم ومعاناتهم، على اعتبار ان القانون الذي أقر بمادة وحيدة في مجلس النواب من دون النقاش والتوسع فيه، ألحق الظلم بالمستأجرين، ولم يرض المالكين الصغار، لان النتيجة النهائية ستكون لمصلحة المتمولين الكبار وأصحاب الرساميل والشركات العقارية. التحرك الذي يقوم به المستأجرون، خصوصا اعتصام ساحة رياض الصلح، والتحركات اليومية الأخرى في بيروت والضواحي والمناطق، تلجأ إليه كتلة شعبية كبيرة من شرائح مختلفة من المجتمع اللبناني، تعبيراً عن رفضها الظلامة اللاحقة بها من التشريع السريع، كما التباطؤ فيه عندما يكون الوقت متاحا، وكلاهما أضرّ ويضر بمصالح وحقوق الفئات الشعبية ذات الأجور المتدنية. وإذا كان التشريع لا يستقيم في ظل الضغط، كما يروج البعض في مجلس النواب، فهم من يدفع الناس الذين أوصلوهم إلى الندوة النيابية إلى الشوارع، للاعتصام والتظاهر. المهم في الحراك الشعبي والنقابي المطلبي انه أحيا الروح النضالية، وأعاد بصيص الأمل إلى الشرائح الفقيرة، خصوصا في فرض تحقيق بعض المطالب، ولو كانت مجتزأة، في بعض جوانبها، ما يدعو إلى توسيع هذا الحراك ليشمل مختلف شرائح المجتمع الواقع عليها الظلم. ان النزول إلى الشارع يجري بسهولة، لكن الخروج منه يصبح صعباً ومستحيلاً، إذا استمرت السلطة في إدارة ظهرها لمطالب الناس. في سياق الحراك المطلبي، يؤكد أكثر من نقابي وفي «لجنة مستأجرين» لـ«السفير» أن «التحرك لا يقتصر على فئة من الفئات، بل على تكاتف وتضامن ومشاركة كل المتضررين في كل القطاعات». ويسأل مصدر في «لجنة المؤتمر الوطني للمستأجرين» عن مشاركة ممثلي الأحزاب في الاتحاد العمالي العام. ويأخذ عليهم، لجهة صفتهم النقابية، عدم المشاركة في التحركات المطلبية، كما يأخذ عليهم الموقف ذاته لجهة انتماءاتهم السياسية. ويعتبر أن البيانات والاحتجاجات لا تغني ولا تسمن. جدال مع فرعون.. واعتصام ضمن التحرك الذي تواصله «لجنة المؤتمر الوطني للمستأجرين» ستلتقي جميع النواب الوزراء لعرض مساوئ القانون، والمطالبة بتعديله باتجاه رفع الظلم عن 180 ألف عائلة ينتظرها التشريد من مساكنها، في حال نفاذ القانون. وأمس، اعتصم المستأجرون أمام مكتب وزير السياحة ميشال فرعون في الأشرفية، الذي قال أمام وفد من لجنة المستأجرين، إن «هدف قانون الإيجارات هو انصاف المالك والمستأجر، ومن لا يستطع أن يحمل موضوع الايجارات يجب ألا نرميه بالشارع، والقانون نستطيع تعديله، ومشروع القانون مر، فإما ننزل إلى الشارع والحديث فيه، وإما ان ندخل بعض التعديلات لتحسين الموضوع لنسير به في المجلس النيابي»، وأشار إلى انه «طلب منذ أسبوع من جمعية التجّار ومن محامين دراسة الموضوع»، ودعا بدلا من التظاهر إلى «تنظيم الأفكار لعرضها ودرسها، لان هناك أموراً بالمشروع مهمة جدا، ومن مصلحة المستأجرين ومن مصلحة المالكين». كلام فرعون أثار المستأجرين، فردوا عليه بأنه «خطيئة بحق الوطن، يسمح بوضع اليد على 25 ألف مبنى في بيروت، ويقضي على ذاكرة مدينة بيروت». اعتصام على درج المتحف وفي الخامسة من بعد ظهر أمس، نظم المستأجرون أيضاً، اعتصاما أمام المتحف الوطني، في إطار الاعتصامات المقررة في معظم أحياء العاصمة وضواحيها، احتجاجا على «القانون التهجيري»، كما تسميه «لجنة المؤتمر»، مطالبين رئيس الجمهورية برد القانون إلى المجلس النيابي. على أن يتبع اليوم الثلاثاء في السادسة مساء اعتصام في صيدا القديمة. وقد تحدث في الاعتصام عدد من المستأجرين، فرفضوا التهويل من قبل «تجمع المالكين» مؤكدين ان المستأجر ليس محتلاً، ومنتقدين مجلس النواب الذي مدد لنفسه في خمس دقائق واقر قانوناً اسود بخمس دقائق، داعين الى محاسبة هؤلاء النواب، والى محاسبة المستبدين وسارقي المال العام، والذين يتقاسمون حصص النفط قبل استخراجه. ووصف المتحدثون في الاعتصام بأن ما اقدم عليه النواب هو جريمة موصوفة، فغدروا بالمستأجرين، من خلال تمرير صفقاتهم على حساب الشعب. وانتهوا الى مناشدة رئيس الجمهورية بعدم التوقيع على القانون وبرده الى مجلس النواب. «التحرر العمالي» لرد القانون على صعيد المواقف من القانون، ناشدت «جبهة التحرر العمالي» بعد اجتماع لها برئاسة نائب الأمين العام أكرم عربي «رئيس الجمهورية رد قانون الإيجارات إلى المجلس النيابي لإعادة درسه بمشاركة أصحاب المصلحة من صغار الملاكين وقدامى المستأجرين، خصوصاً أن هذا القانون بمضمونه الحالي سيؤدي إلى فرض زيادات باهظة على الإيجارات تفوق طاقة معظم المستأجرين على تحملها، وسيؤدي إلى تدمير مساحات العيش المشترك بين المواطنين والعبث بالتركيبة السكانية المتنوعة للمناطق، وتمكين الشركات العقارية الكبرى والمصارف التجارية من وضع يدها على العقارات والأبنية القديمة لهدمها واستبدالها بناطحات سحاب». عدنان حمدان - السفير