سعدى علوه - السفير
كان الدور على رقية منذر هذه المرة. كان القضاء قد أفرج عن زوج رلى يعقوب، المتهم بقتلها، ومنع عنه المحاكمة عندما عقدت «منظمة كفى عنفاً واستغلالاً» مؤتمرها الصحافي ما قبل الأخير للمطالبة بإقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري. وكانت دماء منال العاصي وكريستال أبو شقرا ما زالت ساخنة عندما سار نحو خمسة آلاف مواطن في شوارع بيروت، أم الشرائع، يطالبون بإقرار مشروع القانون نفسه. أمس الأول، أُخليت الساحة لرقية، لجسدها المدمى بالرصاص الذي اخترق صدرها ليقتلها مع جنينها على مرأى من طفليها، كما قالت شقيقتها زينة منذر خلال مشاركتها في مؤتمر «كفى» أمس الأول. الرصاص لم يكن وحده شاهداً على قتلها. والد رقية صوّر جثمانها وكل الكدمات التي تثبت تعرضها للعنف. قالت زينة إنّ تقرير الطبيب الشرعي لم يلحظ الكدمات لأنه «تم الكشف على جثة رقية قبل غسلها، حيث كانت تسبح بدمائها». وأوضحت مصادر متابعة للتحقيق لـ«السفير» أنه تم توقيف الزوج والتحــقيقات جارية للوقوف على حقيقة ما جرى. وبما أن مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري أكدت لـ«السفير» أن مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري يتصدر جدول أعمال الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي دعا إليها في 1 و2 و3 نيسان المقبل، فإن النقاش يتخطى السؤال عن إدراجه على جدول الأعمال أم لا، ليتمحور حول أي قانون نريد، في حال إقراره الأسبوع المقبل. أي قانون نريد؟ سؤال أجابت عنه «كفى» في المؤتمر الصحافي نفسه بحضور ممثلين عن بعض الجمعيات المنضوية في «التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري»، وشخصيات جامعية وحقوقية وناشطين ومهتمين. «شبه قانون ما بدنا»، أعلنت مسؤولة الوحدة القانونية في «كفى» ليلى عواضة، وهي تعدد الملاحظات على مشروع القانون كما خـــــرج من اللجنة الفرعـــية النيابية التي درسته، وأقرّ في اللجان المشتركة. وعليه، جاء الكلام واضحاً: «قانون للمفاخرة فقط أمام المجتمع الدولي، ما بدنا». «قانون لا يجرّم الاغتصاب الزوجي فعلياً، ما بدنا». «قانون لا يحمي الضحية مع أبنائها بغض النظر عن سن الحضانة، ما بدنا». «قانون يعرقل وصول النساء إلى القضاء، ما بدنا». وعليه، تسلحت «كفى» ومعها التحالف الوطني، أمس، بأصوات 64 نائباً وقّعوا على العريضة التي تقول حرفياً «نحن نواب/نائبات الأمة ممثلين/ات عن الشعب اللبناني بنسائه ورجاله، نؤكد دعمنا لمشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري كما تقدم به المجتمع المدني من خلال التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري». تضيف العريضة: «بما أن بعض التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون من شأنها أن تنقص من فعالية الحماية للنساء المعنفات وهو الهدف الأساسي من إقرار هذا المشروع. نؤكد تأييدنا لجميع الملاحظات الواردة في بيان التحالف الوطني المرفقة بهذه العريضة ونتعهد ببذل كل الجهود لإقرارها». وتتضمن العريضة كل الملاحظات بوضوح. وأشارت مديرة «كفى» زويا روحانا إلى أن «النائب وليد جنبلاط قد أعطى موافقته الشفهية على العــــريضة، على أن يحصل التحالف خلال 48 ساعة على تواقيع النواب السبعة الذيــــن يشكلون الكتـــلة، بمن فيهم جنبلاط نفسه». وعليه، يصل عدد النواب الذين التزموا بالتصويت للقانون بعد تعديله وفقاً لملاحظات المجتمع المدني إلى 71 نائباً ونائبة. وأشارت روحانا إلى أن «التحالف لم يتصل بعد بالنواب نقولا فتوش وميشال المر وروبير فاضل ومحمد الصفدي ونجيب ميقاتي وأحمد كرامي وقاسم هاشم وعاصم قانصوه». في المقابل، أوضحت روحانا أن «التحالف أوصل العريضة إلى 49 نائباً ولكنهم لم يعلنوا عن أي موقف موافق أو معترض بعد». وتبدأ ملاحظات التحالف الوطني و«كفى» باقتراح أن يُحال الشق الخاص بالعقوبات إلى قانون العقوبات، و«هو قانون عام يعطي الحق لأي شخص التقدم بشكوى إذا ما ارتكب بحـــــقه جرما معاقبا عليه في هذا القانون، على أن يبقى الشق الخاص بالحـــــماية مخصصاً للنــــساء لأن إجراءات الحماية المنصوص عنها في هذا القانــون وضعت تلبية لحاجات النساء». ويطالب التحالف أيضاً بتعديل المادة 3-أ الفقرة 4-5 الخاصة بإكراه الزوجة على الجماع، معتبرة أن التعديلات التي أدخلتها اللجنة الفرعية تجرّم الأذى الناتج من الاغتصاب وليس فعل الاغتصاب نفسه. وعليه، يشير التحالف و«كفى» إلى أن المطلوب هو تجريم انتهاك حرمة الجسد الذي لم يجرّم. إذ «ان لتجريم فعل الإكراه ذاته قيمة معنوية بغض النظر عن تجريم الوسائل التي اعتمدت للوصول إلى إكراه الزوجة على الجماع، وإن النص كما ورد هو التفاف على التشريع، إما أن الإكراه على الجماع لا يجوز وإما هو مباح ومشرع، إذا كان الإكراه على الجماع يشكل فعلاً جرمياً فلماذا لا يتم تجريمه مباشرة من دون محاولة الالتفاف هذه عن طريق تجريم ما هو مجرّم أصلاً». ومن الاغتصاب الزوجي، انتقلت «كفى» إلى المادة 16 المتعلقة بأمر الحماية المؤقت والذي أصبح وفقاً لتعديلات اللجنة الفرعية كالآتي: «أمر الحماية تدبير مؤقت يصدر عن المرجع القضائي المختص وفق أحكام هذا القانون بمناسبة النظر في قضايا العنف الأسري، ويقصد بالأطفال، بمفهوم هذا القانون، أولئك الذين هم في حضانة الضحية وفق أحكام قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها». وعليه، تشير الملاحظات إلى أن «أحكام الحضانة لا تسري إلا في حال وقع الطلاق أو الهجر بين الزوجين. كما أن الاعتماد على أحكام الحضانة لشمول الأطفال بالحماية يؤدي إلى التمييز بين الصبي والفتاة في العائلة نفسها، ما من شأنه أن يؤدي إلى شمول أحد الأطفال بالحماية واستثناء الآخر، بالرغم من أنهم موجودون (الصبي والفتاة) مع الأم لحظة وقوع العنف. هذا عدا التمييز الذي سيحدثه تطبيق تدابير الحماية بين الأولاد عامة بسبب اختلاف سن الحضانة بين الطوائف المختلفة». وعليه، يعتبر التحالف أن قرار الحماية «يجب أن يشمل جميع الموجودين أو المقيمين مع المرأة عند وقوع العنف، بمن فيهم الأطفال لأنهم في هذه الحال يكونون عرضة للعنف أو شهوداً عليه. كما لا يمكن أن نسمح بالتراجع عما هو مقر في قانون الأحداث، ونحن نعلم أن قانون الأحداث يزعج المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية ويحاولون انتهاز فرصة هذا المشروع لاستعادة ما تم انتزاعه بواسطة قانون حماية الأحداث». وبالنسبة إلى المادة المتعلقة بإصدار أمر الحماية الذي أصبح من صلاحيات قاضي العجلة أو قاضي التحقيق، بعدما كان في النيابة العامة في المشروع المقدم من المجتمع المدني، تشير الملاحظات إلى أن قاضي العجلة «لا يمكن أن يحضر بعد الدوام الرسمي ولا أيام العطل والأعياد، وفي حال وقوع العنف في هذه الأوقات يمكن أن يكون العنف قد تفاقم وربما وصل إلى حد القتل قبل أن تحصل على طلب الحماية. إضافة إلى ذلك كله، لا أحد يضمن أن تصدر القرارات عن قاضي العجلة بمدة 48 ساعة كما هو منصوص عليها في هذا القانون. ولذلك، يرى التحالف «أن يبقى النائب العام الأســـــري هو من يصــــدر قرار الحماية لتوفير الحماية الفعلية وبالسرعة اللازمة للنساء». وطالبت «كفى» والتحالف بضرورة «الحفاظ على اسم القانون ومضمونه «قانون حماية النساء من العنف الأسري»، وليس كما عدّل ليشمل كل أفراد الأسرة»، «لأن آليات الحماية الموجودة في نصوصه وُضعت وفقاً لدراسة حاجة النساء وإزالة العقبات من أمامهن إذا ما اخترن اللجوء إلى القضاء».
49 نائباً لم يوقعوا
غسان مخيبر، طلال إرسلان، نهاد المشنوق، عمار حوري، خالد الظاهر، جمال الجراح، خالد زهرمان، زياد القادري، سمير الجسر، معين المرعبي، فريد مكاري، فؤاد السنيورة، نقولا غصن، خضر حبيب، عاصم عراجي، كاظم الخير، بدر ونوس، عماد الحوت، ميشال فرعون، محمد كبارة، قاسم عبد العزيز، عقاب صقر، روبير غانم، نبيه بري، أنور الخليل، أيوب حميّد، عبد اللطيف الزين، عبد المجيد صالح، علي بزي، علي حسن خليل، علي خريس، علي عسيران، غازي زعيتر، ميشال موسى، هاني قبيسي، ياسين جابر، محمد رعد، حسن فضل الله، حسين الحاج حسن، حسين الموسوي، علي عمار، علي فياض، علي المقداد، نوار الساحلي، بلال فرحات، محمد فنيش، نواف الموسوي، كامل الرفاعي، ووليد سكرية.