آمال خليل - الاخبار
أسدل وجه الشهيد معروف سعد على واجهة مبنى بلدية صيدا، ليشهد على مكان اغتياله قبل 39 عاماً وعلى مدينته التي ثبّتت بوصلتها نحو العروبة وفلسطين والمقاومة ضد المذهبية والرأسمالية والتقوقع. بدءاً من اليوم، تنطلق فعاليات إحياء ذكراه. فماذا بقي من الهواء الوطني الذي بثّه في رئات الصيداويين؟ قليلة أصبحت المناسبات التي تعيد صيدا إلى إرثها الوطني. اغتيال سعد عام 1975 ، ثم محاولة اغتيال نجله مصطفى، إلى تحرير صيدا ... فعاليات الاحتفال بها في كل عام تتكرر كما هي. الفرق الوحيد، تناقص أعداد الحاضرين. في الماضي كانت صيدا «كلها معروف وأبو معروف». حالياً تنهزم ذاكرة البعض أمام مناسبات الحاضر التي أخذت المدينة إلى خندق آخر وارتبطت بها في أذهان من لا يعرفها، من أحداث التاسع من أيار حتى معركة عبرا واعتداءي مجدليون والأولي. ثمة من يريد لـ« صيدا معروف سعد» أن تتبدل، وتقفل بوابة الجنوب. معظم الجنوب مطمئن لأن مفتاح البوابة بيد الابن، أسامة سعد، الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري. يقتنعون بأنه «إن لم يعد أسامة موجوداً، فالسلام على بوابة الجنوب والطريق منه وإليه ».
إذاً، يسود الاتفاق على وطنية صيدا تحت عباءة سعد. عاماً بعد عام، تشكل مسيرة الوفاء للشهيد معروف سعد فرصة للقوى الوطنية الصيداوية لامتلاك الشوارع والساحات استعادة للمجد الضائع. في السنوات الأولى بعد الاغتيال، كان عشرات الآلاف يسيرون تحت الرايات الحمراء . على نحو تدريجي، بدأوا بالتناقص. لكن مناسبة هذا العام مختلفة. الرصاصة التي اخترقت جسد معروف، تصوّب على إرثه الخالي من المذهبية والمناطقية. اللجنة المنظمة للمسيرة صباح الأحد المقبل والمنبثقة من التنظيم والقوى والفصائل الوطنية، تعهدت تأمين حشد غير مسبوق من المشاركين، «يعيدون تثبيت البوصلة الصيداوية». علماً بأن المسيرة التي ستحمل شعار «مسيرة الوفاء والثبات على المواقف»، كادت أن تلغى للمرة الأولى، بسبب التهديدات الأمنية المحدقة بالمدينة. «نحن مطمئنون»، قال سعد في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس لإعلان برنامج فعاليات إحياء ذكرى اغتيال والده. عرض التحديات الخطيرة التي تواجه الوطنيين، مشيراً إلى أن مواجهتها « تستمد من مسيرة الشهيد الكفاحية ونهجه ومبادئه ضد العدو الصهوني والانقسامات والفتن الداخلية والتكامل الصيداوي مع الجوار ضد التعصب والتقوقع والانغلاق». في هذا الإطار، رأى سعد أن للحكومة المشكَّلة مهمات، في طليعتها «تبني سياسة حازمة لمواجهة الإرهاب وجماعاته ومن يوفر لها الرعاية والحماية والتمويل ووضع حد لخطاب الشحن والتحريض». وأمس، استقبل سعد في مكتبه في صيدا وفداً من حزب الله برئاسة محمود قماطي، الذي قال إثر اللقاء: «نزور أسامة سعد في الذكرى السنوية 39 لاستشهاد والده لنؤكد إجلالنا وتقديرنا للشهادة التي تعبر عن صورة صيدا التاريخية الوطنية وروح المقاومة التي يجب أن يحتذى بهما. وعندما نستذكره نستذكر الواجب الوطني في المقاومة لتحرير الوطن، ونستذكر الواجب الوطني في العمل لصالح الشعب والمواطنين والمطالبة بحقوقهم».