أعلن طلاب الجامعة الأميركية في بيروت «المواجهة الأولى» ضد زيادة الأقساط بنسبة 6%. استنفدوا سبل الحوار مع إدارتهم، وخرجوا غير مقتنعين بالزيادة ولا بتريراتها التي تتوسل جودة التعليم وتعزيز المساعدات المالية، يطالبون بإشراكهم في القرارات المالية والإدارية في الجامعة... الاجواء توحي بان هذه «المواجهة» ستكون صاخبة
حسين مهدي
استبق طلاب الجامعة الأميركية في بيروت الزيادة المقررة على اقساط السنة المقبلة بنسبة 6%، ودعوا الى تنفيذ اعتصام عند الواحدة من بعد ظهر الخميس المقبل، أمام مبنى الكولدج هول. يأتي قرار الاعتصام بعد فشل الاجتماع اليتيم مع إدارة الجامعة في انتزاع مطلب تجميد الأقساط كشرط أساسي للدخول في جولة مفاوضات بشأن لائحة مطالب أخرى، أعدتها الحكومة الطالبية.
ويعقد الطلاب اجتماعات يومية مكثفة، استعداداً لإنجاح ما سموها «المواجهة الأولى». هم يرفضون تحمل المزيد من الأعباء المالية، متعهدين عدم تقديم أي تنازلات بناء على ما اختبروه في التجارب السابقة. سيرون ما إذا كانوا سيقاطعون الصفوف في اليوم الموعود، قياساً إلى حجم التحرك. وكان الطلاب قد ألفوا لجنة متابعة لقضيتهم بعد انتخاب الحكومة الطالبية الجديدة مباشرة، فيما أوقف العمل باللجنة القديمة المؤلفة من بعض ممثلي القوى السياسية والنوادي الطالبية. فالأخيرة لم تخرج من اجتماعاتها الكثيرة مع المسؤولين في الجامعة بأي اقتراحات عملية لحل أزمة الأقساط. ومن الطروحات التي قدمتها اللجنة القديمة، أن يوقع الطالب عقداً مع إدارة الجامعة تلتزم فيه الأخيرة عدم زيادة أي نسبة على أقساطه حتى إنهاء دراسته، من دون الالتفات إلى وضع الطلاب الجدد الوافدين إلى الجامعة، لكن حتى هذا الطرح لم يكن جدياً ولم تبادر الجامعة إلى تنفيذه. أما اللجنة الجديدة، فتضم خمسة أعضاء برئاسة نائبة رئيسة الحكومة الطالبية جنان أبي رميا. وقد أعدت للتحرك خلال عطلة نهاية الفصل الدراسي الأول، حيث «جمعنا معلومات ووثائق تتضمن الأسباب المعلنة للزيادة وبرنامج المساعدات الدراسية ومصادر الجامعة المالية، وقد حصلنا عليها من داخل الجامعة وخارجها». ويشرح المنتفضون كيف كان الاجتماع مع إدارة الجامعة، نهاية الأسبوع الماضي، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ لم «تتكشف لنا نية حقيقية لدى المسؤولين بالتراجع عن زيادة الأقساط». وفي تفاصيل التحرك أن مفاعيل الاتفاق الذي وُقع عام 2010 بين القوى السياسية المسيطرة على الحكومة الطالبية وإدارة الجامعة انتهت هذا العام، وفيه تتعهد الجامعة عدم فرض أي زيادة تتخطى 4% على مدى ثلاث سنوات. يومها، قيل إن الاتفاق يلبي حاجات «طرفي الصراع»، وإن كان المفاوضون لم يفلحوا في تجميد الزيادة بصورة نهائية. أما اليوم، فلم يعد الطلاب قادرين على تحمل أي زيادة اضافية على أقساطهم، بعدما وصلت الزيادات المتراكمة إلى 37 %، كذلك فإنّ الطلاب لن يقبلوا تحويل جامعتهم الى جامعة للأغنياء، عبر اقصاء طبقة كاملة من الطلاب. لكن هل ينجح التحرك الذي ينظمه عدد من النوادي والقوى الطالبية في تحقيق المطلب الجامع، أم أنّه سيلقى مصير نظيره في الجامعة اللبنانية الأميركية؟ فالحركة الطالبية البديلة التي قادت حراك LAU لم تنجح في تجميد زيادة الأقساط، وإن أدت اعتصاماتها إلى تحقيق مطالب شبيهة بما تطالب به الحكومة الطالبية في الجامعة الأميركية اليوم، في ما يخص اعتماد الشفافية المالية واشراك الطلاب في القرار الأكاديمي. وكان لافتاً أن تعلن الحركة تضامنها مع تحرك طلاب AUB، إذ دعت إلى اعتصام ينفذ في التوقيت نفسه خارج أسوار الجامعة الأميركية، وهنا تشرح الناشطة في الحركة هلا حسن، أنّ دعم التحرك ينبع من «ايماننا بأن السياسات التي تنتهجها الإدارات، مصحوبة بالتبريرات غير المقنعة، هي واحدة في كل الجامعات». كذلك أيدت الجبهة الطالبية الوطنية في الجامعة اللبنانية التحرك في بيان أصدرته، رفضت فيه أي شكل من أشكال رفع الأقساط وتسليع التعليم، والتمييز بين طبقات المجتمع. أما أساتذة الجامعة الأميركية، فيقفون إلى جانب طلابهم في معركة الأقساط، وخصوصاً أنّه سبق لهم في العام الفائت، أن وجهوّا رسالة الى ادارة الجامعة اللبنانية الأميركية، بسبب طردها أربعة طلاب شاركوا في حراك ضد رفع الأقساط، وأعلنوا فيها دعمهم الكامل للمطالب. ويقول أستاذ الاقتصاد جاد شعبان إن القسط مرتفع أصلاً، سائلاً: «إلى أي حد يستطيع الطالب أن يتحمل أعباء إضافية، وأي نوع من التلامذة يريدون أن يستقبلوا في الجامعة؟»، لكن الأساتذة لم يبنوا حتى الآن أي موقف موحد ورسمي، وإن كانت مصادر جامعية قد قالت إنّهم سيفعلون ذلك قياساً إلى نجاح اعتصام الخميس. على صعيد أخر، كشف مصدر مقرب من عميد الطلاب في الجامعة، أن الأخير هدد بتوجيه إنذارات واتخاذ اجراءات بحق منظمي الحراك. يذكر أنّ الدعوة إلى الاعتصام أتت مدعومة من الحكومة الطالبية التي وجهت رسالة إلى طلاب الجامعة، تطلب منهم فيها الاعتصام بحرية وديموقراطية، وتدعوهم إلى التضامن والتكاتف لتحقيق المطالب. الإدارة قدمت إلى «الأخبار» تبريرين للزيادة. الأول صدر على لسان مديرة الإعلام في الجامعة مهى عازار، فأشارت إلى أن الجامعة لا تملك هبات ضخمة، وهي تعتمد على الأقساط الدراسية لتؤمّن استمرار عملها، ولتوفير خزّان مستدام من المساعدات المالية، ولاستبقاء الأساتذة والموظفين الكفوئين في المناخ اللبناني الحالي المتقلّب، نافية أن تكون الزيادة للعام المقبل قد حددت حتى الآن، على أن يكون القرار مفتوحاً لمزيد من النقاش مع طلاب الجامعة. أما التبرير الثاني، فورد في رسالة دبلوماسية وجهها رئيس الجامعة بيتر دورمان، تعزو سبب الزيادة إلى الحفاظ على جودة التعليم، ما يستلزم مصاريف يجب تأمينها، مشيراً إلى أنه ينتظر الاجتماع الثاني مع الطلاب لاستكمال الحوار، علماً بأنّه سبق للرئيس، بحسب الطلاب، أن حسم إقرار الزيادة في كل الأحوال ومنذ الاجتماع الأول. في المقابل، وصلت إلى البريد الالكتروني للرئيس ردود كثيرة على رسالته، منها ما يتحدث عن غياب الشفافية في إدارة الجامعة، والوساطات في الحصول على المساعدات الدراسية وتفشي الفساد الاداري، وأهمية البحث عن مصادر تمويل غير الزيادة على الأقساط. وانتهى الرد المطوّل بتذكير الرئيس بأن أجور الموظفين هي 19 % أي أعلى من أجور موظفي الجامعة في الولايات المتحدة الأميركية، فيما أجور الأساتذة أدنى بـ43 %. تجميد الزيادة غير المبررة للأقساط ليس كل ما يريده الطلاب، فلجنة متابعة زيادة الأقساط أعربت خلال لقائها الأخير مع رئيس الجامعة، عن استيائها من تغييب الطلاب عن القرارات الإدارية والمالية في الجامعة، إضافة إلى نقص الخدمات المتوافرة مقارنة بالزيادات المتكررة التي تستهدف اقصاء فئة كبيرة جدا من المجتمع اللبناني عن التعليم. ترفض الحكومة الطالبية أن يُحصر دورها بالوسيط بين الطالب والادارة، متعهدة استعادة الدور الفعلي للحركة الطالبية في الجامعات.