هيئة التنسيق: لا تعليم خارج مشروع الدولة

إذا كان معلمو العالم رفعوا شعاراً في يومهم العالمي هذا العام في 5 الجاري «من أجل نوعية تعليم أفضل لعالم أفضل»، فإنّ معلمي لبنان لا ينتظرون تحقيق نوعية تعليم أفضل خارج مشروع الدولة. دولة تتبنى تعزيز التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية وسائر المؤسسات الإدارية والخدماتية. الشعار يكتسب إذاً مضموناً «نضالياً» في ظروف لبنان الخاصة. بل إنّ رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب قال، في مؤتمر صحافي عقدته هيئة التنسيق النقابية أمس للمناسبة: «عبثاً المراهنة على المسؤولين لتحقيق هذا الشعار، وهم طالما اعتبروا قطاع التربية والتعليم قطاعاً غير منتج». تحت هذا التصور الوطني، أطلقت هيئة التنسيق حملتها النقابية والتربوية لهذا العام، طارحة أولويات برنامج إصلاحي تربوي ومعيشي. في البرنامج عناوين غير مطلبية فهل ستكون هيئة التنسيق على استعداد لخوض معركة حول كل عنوان من هذه العناوين على غرار ما فعلت العام الماضي مع سلسلة الرتب والرواتب؟ هل ستنزل إلى الشارع للدفاع عن عنوان أكاديمي مثلاً؟ يقول غريب لـ «الأخبار» إنّ «مطلب السلسلة نفسه انطوى على بعد إصلاحي وهو رفع شروط إعداد أستاذ التعليم الثانوي بفرض حيازته شهادة الماجستير». ويشرح أنّ «ميزة مؤتمرنا الصحافي اليوم هي أننا نصرخ مع القوى الحية الأخرى في المجتمع ضد الدولة المشلولة ولن نكتفي بالكلام بل سنترجم هذا التعهد بجمعيات عمومية ومجالس مندوبين وإضرابات وتظاهرات في حال عدم الاستجابة لمطالبنا من السلطتين التشريعية والتنفيذية على حد سواء». يضيف: «بكفّي. سننزل ومن يريد أن ينزل معنا من نقابات وقوى سياسية إلى الشارع في أقرب وقت». أما العناوين فهي إعادة العمل بمؤسسات الدولة الدستورية من تأليف الحكومة إلى مجلس النواب وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، فتح باب التوظيف في الدولة وحل مشكلة المتعاقدين ورفع أجر الساعة وتأمين الضمانات والخدمات الاجتماعية لهم، تطبيق المواد الإجرائية في التعليم الرسمي (المعلوماتية، اللغة الأجنبية الثانية، التكنولوجيا، الرياضة، الفنون، والترجمة)، تعزيز وتوسيع مرحلة الروضة في التعليم الرسمي وتأمين الكوادر التعليمية المتخصصة لهذه المرحلة، توفير كل المستلزمات الإدارية والتنظيمية والمالية الضرورية لتعليم التلامذة السوريين من جهة، وعدم الإضرار بسير العملية التعليمية في المدارس الرسمية من جهة ثانية جراء ازدواجية المنهجين الدراسيين السوري واللبناني، إحالة وزارة المال الاعتمادات المخصصة لصناديق المدارس لشراء وتوفير الكتب والقرطاسية لتلامذة المدرسة الرسمية، رفع شرط الدخول لوظيفة أستاذ تعليم ثانوي (فئة ثالثة) من مستوى (شهادة الاجازة التعليمية مع شهادة الكفاءة) إلى مستوى (شهادة الماجستير في مادة الاختصاص أي سنتين دراسيتين مع شهادة الكفاءة)؛ وهذا ما نصت عليه المادة العاشرة من مشروع السلسلة، تحويل الروابط إلى نقابات مستقلة وتكريس الحريات النقابية وحق المشاركة في صنع القرارات وتحصين الوظيفة العامة وحمايتها من الفساد والرشوة، دفع مستحقات تعاونية موظفي الدولة لصرف المعاملات المحتجزة حتى الآن. المؤتمر الصحافي تطرق إلى تهميش القطاع التربوي عبر خفض موازنة وزارة التربية من 22% إلى 7% من أصل الموازنة العامة، إفقار التعليم الرسمي وضرب مجانيته ونوعيته، جعل الأهالي يدفعون الثمن بزيادة تكاليف التعليم، والمعلمين بتردي رواتبهم وأجورهم، فنزلت 40% من الموازنة العامة، كما قال غريب، في جيوب أصحاب الريوع المصرفية والعقارية، بدلاً من أن تذهب ملياراتها للمواطنين، ولدعم القطاعات المنتجة. ومن مظاهر التهميش التي تحدث عنها غريب إقرار منهجية تعليمية جديدة وتجاوز المواعيد القانونية لتعديلها، ترك أبنية مدرسية متصدعة من دون ترميم، ومن دون توفير البديل كما يحصل مع ثانوية أندريه نحاس، خلط منهاجي التعليم السوري واللبناني في الصف الواحد، يهدد بانعكاسات تربوية سلبية هذا العام على التلميذين السوري واللبناني معاً، وعلى بنية النظام التعليمي الرسمي على وجه الخصوص. لكل هذه الأسباب، لن يعوّل المعلمون على وعود المسؤولين بل ستعقد هذا الأسبوع جمعيات عمومية لبحث ما آل إليه وضع السلسلة، كما ستنظم ورشة عمل عن الامتحانات الرسمية في الأسبوع الأول من تشرين الثاني المقبل. وسيعقد مؤتمر نقابي لنقابة المعلمين في 17 تشرين الثاني تحت عنوان «واقع وتحديات العمل النقابي». وستستمر الهيئة في ملء عريضة المليون توقيع، حتى الانتهاء من ملف السلسلة ومن اجل تعديل النظام الضريبي. كذلك ستنظم هيئة التنسيق مؤتمرا تربوياً عن «مستلزمات جودة التعليم في لبنان»، بالتزامن مع احتفالات عيد المعلم في 9 آذار.

الأكثر قراءة