تعد لجان الإضراب في بيروت والمناطق بأنّ الاعتصام اليوم على مفرق القصر الجمهوري سيكون «عظيماً»، لكون اللقاء مع رئيس الحكومة ترك غضباً عارماً في صفوف المعلمين والموظفين. فهل يتلقف رئيس الجمهورية طلب هيئة التنسيق بإحالة سلسلة الرواتب، أم أنّ حقوق مئات الآلاف من المواطنين ليست على أجندة المسؤولين؟ وماذا عن ترجمة القوى السياسية لتصريحاتها الإعلامية إلى مواقف فعلية؟
فاتن الحاجهل تموّه القوى السياسية موالاة ومعارضة مواقفها الفعلية من إضراب هيئة التنسيق النقابية؟ وهل خروج نقابة المعلمين في المدارس الخاصة من التحرك مجرد موقف تقني عابر أم أنّ له معنىً سياسياً مع إشاعة أنّ القرار اتخذ بإجماع كل المكونات النقابية والحزبية للمجلس التنفيذي؟طفت هذه الأسئلة على السطح في اليومين الأخيرين من دون أن تغيّر كثيراً في حركة المعلمين والموظفين المتصاعدة، فبقيت «ولعانة» على الأرض. بل أكثر فإنّ الموقف السلبي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي في اللقاء الأخير مع هيئة التنسيق من سلسلة الرتب والرواتب وانسحاب النقابة من التحرك، استفزا القواعد إيجاباً باتجاه تعزيز المشاركة في التحركات. فهل ستنعكس هذا الحماسة حضوراً كثيفاً في الاعتصام المركزي، العاشرة من صباح اليوم، على مفرق القصر الجمهوري تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء، على غرار «الزحف» إلى السرايا الحكومية الأسبوع الماضي؟يستبعد بعض المراقبين أن يكون الحشد اليوم أكبر من تظاهرة الأربعاء بفعل الإرباك الناتج من الموقف الصادم لنقابة المعلمين الذي قد يؤثر أيضاً على عدم انخراط الأساتذة الثانويين الرسميين الذين يدرسون في المدارس الخاصة من جهة وغياب الأفق السياسي للحل من جهة ثانية.لكن التواصل مع المعلمين والموظفين لا يعكس هذه الفرضية بل يشي بغضب عارم في صفوفهم. هؤلاء لا يترددون خلال جمعياتهم العمومية في القول لسياسييهم: «قفوا معنا قبل أن تعزوا بنا»، في إشارة إلى النواب والوزراء الذين لا يتذكرونهم إلا في المآتم. ويؤكد رؤساء لجان الإضراب أن المشاركة لن تكون أقل زخماً من التظاهرة بدليل الإقبال على طلب توفير الباصات لنقل الراغبين في النزول إلى العاصمة. يعدون «بيوم عظيم متعهدين أنّ الحركة النقابية لن تنكسر، وخصوصاً أنهم يشعرون بأنّهم متروكون وحدهم ومن أجل سد الفراغ الذي يمكن أن تحدثه المدارس الخاصة».ببساطة، كانوا ينتظرون من رئيس الحكومة أن يتلقف مخرج هيئة التنسيق بعد تدخل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن «سلتهم طلعت فاضية». فهل يتلقف سليمان نداء رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب الذي وجهه إليه في اعتصام وزارة الصناعة أمس، فيتدخل لإحالة السلسلة، وخصوصاً أنّها الجلسة الأخيرة التي يرأسها قبل سفره إلى أفريقيا، وبالتالي فإنّ أي تحرك قبل عودته في 20 الجاري سيكون في الوقت الضائع؟هيئة التنسيق، على الأقل، طلبت موعداً للقاء الرئيس على هامش الاعتصام المركزي اليوم. وعلمت «الأخبار» أن الوزير السابق زياد بارود هو من يعمل أيضاً على خط الوساطة. في هذه الأثناء كان نقيب المعلمين نعمه محفوض يشارك إلى جانب الأمين العام للمدارس الكاثوليكية بطرس عازار في لقاء مجلس المطارنة الموارنة بناءً على طلب من عضو المجلس رئيس اللجنة الأسقفية التربوية المطران كميل زيدان، وهو بالمناسبة كان أميناً عاماً سابقاً للمدارس الكاثوليكية. وشرح محفوض لـ«الأخبار» أن الهدف كان الاستماع إلى الطرفين والخروج ببيان لا يزعج المؤسسات التربوية الخاصة ويرضي النقابة على حد سواء. ومما جاء في الفقرة المتعلقة بالسلسلة، التي نالت موافقة النقيب: «أعرب المطارنة عن خشيتهم دخول البلاد في أزمة جديدة تكون تداعياتها خطيرة على القطاعات كلها وقد توصلها إلى حال من الإفلاس، محملين الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع وتراكم المفاعيل الرجعية، والعمل على إيجاد أجواء هادئة للحوار والتقارب في المواقف في شأن السلسلة وغلاء المعيشة والمفعول الرجعي كي يعطى كل ذي حق حقه العادل في أسرع وقت ممكن».إلى ذلك، ينتظر المعلمون والموظفون أن يترجم الوزراء تصريحاتهم الإعلامية مواقف فعلية لأنّهم أعضاء في هذه الحكومة وليسوا مراقبين. يعوّلون على ما قاله أمس وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، في حديث إذاعي بـ«أنه لا يمكن التهرب من إقرار السلسلة»، مشدداً على أنّ «التأخير لا يخدم الدولة وسيؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة جداً لا تقل عن أضرار السلسلة». وأضاف: «هيئة التنسيق وُعدت ولم يتم الالتزام بالوعود، وهناك من يعتبر أنه أسلوب بالسياسة ونحن لا نوافق عليه لا بالجملة ولا بالتفصيل». وأوضح أنّ «حزب الله لا يستطيع فرض جدول أعمال على مجلس الوزراء، لافتاً إلى أنّ من الظلم تحميله مسؤولية أكبر من الصلاحيات والمهمات التي يملكها وزراؤه». ورأى أن أبرز الإيجابيات في تحرك هيئة التنسيق، أنها بدت هيئة نقابية معزولة عن التدخلات السياسية والطائفية.ويجزم المسؤول التربوي المركزي في حركة أمل د. حسن زين الدين بأن «الحركة آخر من يوافق على الانسحاب، فنقابيونا يلتزمون قرار هيئة التنسيق، رغم ملاحظاتنا على تحرك الهيئة بالشكل والمضمون».أما بالنسبة إلى المدارس الخاصة التي تدور في فلك حركة أمل، أي مؤسسات أمل التربوية، فهي تندرج ــ بحسب زين الدين ــ ضمن منظومة المدارس الإسلامية ولها استقلاليتها؛ «إذ إن المكتب التربوي لا يمون عليها وإن كان يقوم كل ما بوسعه لحماية معلميها إذا قرروا المشاركة في الإضراب».من جهته، يؤكد مسؤول هيئة التعليم الرسمي في التيار الوطني الحر خليل السيقلي أنّ الهيئة تقف إلى جانب معلميها في كل الخطوات التي تقررها هيئة التنسيق، من دون أن يخفي أن «خطوة خروج نقابة المعلمين كانت صادمة بالنسبة إلينا».ميدانياً، رست أمس خطة التحركات المتنقلة عند وزارة الصناعة في منطقة العدلية، حيث سار المعلمون والموظفون باتجاه وزارة الشؤون الاجتماعية فبيت المحامي، وصولاً إلى مقر الضريبة على القيمة المضافة (TVA).
الثلاثاء ٥ آذار ٢٠١٣