النهار: يحبس ناشطو "الحملة الدولية لإطلاق سراح الاسير جورج عبدالله" انفاسهم، في انتظار قرار القضاء الفرنسي في شأن اعتراض وزارة العدل الفرنسية ممثلة بالنيابة العامة على قرار "محكمة الافراج المشروط" في مقاطعة بو (PAU) اطلاق سراح عبدالله وطرده من الأراضي الفرنسية بحلول 14 كانون الثاني 2013. وقد حددت المحكمة تاريخ 20 كانون الثاني لاصدار الحكم.
سبق لمحكمة "الافراج المشروط" ان قررت في 19/ 11/ 2003 اطلاق سراح عبدالله، ولكن اعتراض وزارة العدل أسقط قرار الافراج. فهل تتكرر المأساة مرة ثانية؟
جاء في حيثيات قرار "محكمة الافراج المشروط" في بو، ان "السجين جورج عبدالله متمسك بمواقفه، مما يشكل تعبيراً عن رأيه السياسي، وهو صاحب سلوك حسن والدولة اللبنانية على استعداد لاستقباله ولا يشكل خطراً عليها. واهله ايضا على استعداد لاستقباله وتقديم العون له.
لذا قررنا تالياً اطلاق سراحه والطلب الى وزارة الداخلية العمل على طرده من الاراضي الفرنسية في 14 كانون الثاني المقبل. وهو لم يعد يشكل خطراً على فرنسا". لكن النيابة العامة اعترضت على قرار المحكمة. ويبرر القضاء الفرنسي عدم اطلاق عبدالله بأنه "لم يمارس جهوداً كافية لاعادة تكيّفه مع المجتمع ولم يتخلّ عن افكاره ومعتقداته".
غير ان ناشطي "الحملة الوطنية" من اصدقائه ورفاقه وافراد عائلته، يشكّكون في هذه الحجج ويعزون اعتراض وزارة العدل على اطلاقه الى ضغوط مارستها الادارة الاميركية على السلطات الفرنسية، ولا تزال تمارسها.
وتورد "الحملة" في موقعها على الانترنت عدداً من التصاريح والبيانات الموثقة في شأن التدخل الاميركي. واستنكرت التصريح الاخير للسفير الاميركي في فرنسا تشارلز ريفكين الذي اشار فيه الى أنّ ثمة قلقاً مشروعاً من أن السيد عبدالله سيظل يمثّل خطراً على المجتمع الدولي إذا سمح له بأن يذهب طليقاً".
من هو جورج عبدالله؟
ولد جورج ابرهيم عبدالله عام 1951 في بلدة القبيات العكارية، وتابع دراسته في دار المعلمين في الاشرفية وتخرج عام 1970.
في مطلع شبابه، خالف الموروث لدى أبناء بلدته التي اشتهرت بانتماء شبابها الى الجيش، واستهوته الأفكار القومية والتقدمية، فمال نحو "الحركة الوطنية" التي كانت تتحالف آنذاك مع المقاومة الفلسطينية، فاختار الانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي ليغادره لاحقاً الى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
شارك عبدالله ورفاقه في التصدي للعدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان عام 1978، وأصيب بجروح خلال تلك المواجهات.
ودفعت الاعتداءات الاسرائيلية المتمادية وخصوصاً غزو عام 1982 عبدالله وآخرين الى محاولة ملاحقة الاسرائيليين في دول العالم، رداً على الخسائر الفادحة التي لحقت بالشعبين اللبناني والفلسطيني. اعتقل بتاريخ 24 تشرين الاول 1984 في فرنسا بدعوى حيازته أوراقاً ثبوتية غير صحيحة هي عبارة عن جواز سفر جزائري شرعي. وحوكم عام 1986 بتهمة حيازة أسلحة ومتفجرات، وصدر في حقه حكم بالسجن أربع سنوات.
حوكم ثانية عام 1987 بتهمة "التواطؤ في أعمال إرهابية"، وصدر في حقه حكم بالسجن المؤبد.
يسوق القضاء الفرنسي اتهامات عدة لعبدالله، بينها تأسيس "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية" والتخطيط لعمليات عدة، أبرزها: اغتيال الملحق العسكري في السفارة الاميركية في فرنسا الكولونيل تشارلز راي في كانون الثاني 1982، واغتيال السكرتير الثاني للسفارة الاسرائيلية ياكوف بارسينتوف غرانت، اضافة الى عمليات أخرى.
شروط الإفراج
تورد "الحملة الدولية" آراء قانونين بينهم رأي موكله المحامي الفرنسي جاك فرجيس ورأي رئيسة "اللجنة العربية لحقوق الانسان" فيوليت داغر التي تجمع على أن استمرار سجن عبدالله هو قرار تعسفي. وتؤكد "الحملة الدولية" ان قرار الافراج عنه يستوفي كل الشروط المطلوبة، بموجب القانون الفرنسي، وذلك منذ عام 1999.
من أهم شروط الإفراج المشروط: السلوك الحسن داخل السجن (متوافر بشهادة المحكمة)، وجود من يساعده في حال الافراج عنه (متوافر بمستندات قدمتها عائلته)، تأهيله لممارسة مهنة (متوافر، مدرس في ملاك وزارة التربية اللبنانية)، ان لا يشكل خطراً على المجتمع الفرنسي (متوافر بترحيله الى لبنان)، الوضع النفسي السليم (متوافر في تقرير الطبيب الفرنسي).
وعلى غرار عبدالله المتمسك باقتناعاته الفكريّة والنضاليّة والرافض المساومة عليها، يرفض ناشطو "الحملة الدولية" وعلى رأسهم شقيقه جوزف، النظر الى القضية من وجهة انسانية، باعتبار أنه مضى على سجنه نحو 29 سنة، ويصرّون على أن جورج "أسير سياسي" في فرنسا بارادة اميركية ومن حقّه القانوني الخروج الى الحرية.
ويخالج الناشطون تفاؤل حذر هذه المرة، في انتظار حكم المحكمة في 20 كانون الثاني الجاري. ويعود التفاؤل الى اتساع حملة التضامن معه، علماً ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تدخّل شخصياً لدى السلطات الفرنسية.