في كتير حكي انقال، من اليوم الأول، عن عناصر الشبه اللي بتخلي «الأخبار» وزياد في مشروع واحد.هالمشروع كانت خيمتو الكبيرة الراحل الكبير جوزيف سماحة.جوزيف، كان الاساس المنطقي، العملي، الفعّال اللي بيخلّي مشروع متل «الأخبار» يخلق، ويمشي بلا ما يحبي، ويكبر... ولما راح جوزيف، ما كان حتمي تروح «الأخبار»، كان السؤال: كيف رح تكفي «الاخبار» من دونو.وعلد هيك بقي زياد مع «الأخبار»، حدّها، وغالباً قدّامها.بس في كتير إشيا تغيرت. في ناس، مثلاً، بطّلت تقرا «الاخبار» بعد موت جوزيف. وفي ناس، بطّلت تشتغل بـ «الأخبار»، بعد وقت طويل من موت جوزيف. وفي الحالتين، كانت الحجة انو «الاخبار» تغيّرت، ما عادت هي «الاخبار» تبع جوزيف.الحقيقة، انو هالمجموعة مؤلفة من نوعين:نوع كان من الاول ضد «الأخبار». هول الناس، كانوا ضد انو جوزيف ينخرط بمشروع هلقد واضح، وفجّ، ومباشر، وكان بدهن جوزيف يضلّو يتنقل من مكان لتاني، انو يضلّو لاعب بارز، بس يضل لاعب.هول الناس ما كان بدهن، ولا مرّة، انو جوزيف يقود الفريق. ما كان بدهن انو جوزيف يكون الرأس الحر من كل انواع القيود. وعلد هيك كانوا هول الناس عم يعانوا مع آخر نسخة من جوزيف، كانوا عم يعانوا، وضلوا يعانوا مع «الاخبار».زياد كانت مشكلتو مع جوزيف بمطرح تاني. يعني، كان زياد ينقهر من جوزيف، يسنكفو، يبطل يحكي معو لفترة، لأنو زياد، ما كان يعتقد انو جوزيف مجبور يراعي، أو يحابي، او يغضّ النظر عن اخطاء هالمجموعة من البشر.ولما طلعت «الاخبار»، حسّ زياد انو ما عاد في حجة عند جوزيف ليعمل هالحسابات. وبهالمعنى، كان زياد، من اللحظة الاولى، اساسي بفكرة وبمشروع «الاخبار».باختصار، هالمجموعة اللي كرهت «الاخبار» من اليوم الاول، بعدها بتكره «الاخبار» اليوم، وبتكره كل شيء بـ «الاخبار»: ورقها، وصورها، وكتّابها، وحتى قرّاءها.اما زياد، فبقي يحس انو كل ما زادوا هول بكرههن لـ «الاخبار»، كل ما حسّ انو «الاخبار» بصحة جيدة...
■ ■ ■
النوع التاني من اللي عندن مشكلة مع «الاخبار»، هنّي اللي كانوا معتقدين، وما بعرف ليش، انو جوزيف عم يناور بمواقفو من المواضيع الاساسية بالبلد والمنطقة والعالم. وانو جوزيف يمكن بيقبل انو الفرد اللي لازم يحصل على حريتو، انو هالشي ممكن ولو عن طريق أميركا، أو عن طريق جماعتها بالبلد والمنطقة والعالم.هالبعض، أوهم حالو انو جوزيف كان مع المقاومة ضد اسرائيل، هيك، موضة، مش لأنو كان شايف انو في بلد اسمو فلسطين، لازم يرجع لأهلو، حتى لو هني تعبوا.هول الناس، كانوا بيعتقدوا انو اليسار عند جوزيف هوي نسخة وحدة، قالب وانكسر، وانو يسار مش قابل للنقد وللرفض وحتى للطلاق. كانوا مفكرين انو دفاع جوزيف عن القيم الاجتماعية والفكرية التي بتخص اليسار، لازم يكون بالضرورة هجوم على القيم الاجتماعية والفكرية للآخرين.وهون المشكلة...اليوم، نحنا، بـ «الاخبار»، ومعنا كتير ناس، عم نواجه من جديد السؤال نفسو: بأي يسار نحنا واقفين؟ وزيادة على هالشي، مطروح علينا اليوم سؤال مصيري كبير، هوي السؤال المفتوح من سوريا الى شمال افريقيا وغربها حتى بقية العالم العربي.
■ ■ ■
باعتقادي، انو لازم نطلع، ونهائياً، من اللغة التي بتضل تردنا على الماضي اللي راح!يعني خلص ما عاد لازم نقول:- تعالوا نعيد الاعتبار الى اليسار.ـ تعالوا نعيد لمّ شمل اليسار.ـ تعالوا نعيد جمع المجموعات اليسارية في اطار ثوري مناسب.ـ تعالوا ننفض الغبار عن احزاب وقوى ومؤسسات ومجموعات وأفكار.ـ تعالوا نعود الى سابق عهدنا.ـ تعالوا نعود ونعيد ونعود ونعيد...هون، لازم الواحد يكون صريح الى الحدود اللي ما بتترك مجال لحدا يحتال على حدا. هون لازم يكون الحكي واقف، وكتير حدّ، حتى الناس تعرف بعضها منيح، وحتى الناس تعرف، عن جد، لوين بدها تروح، ولما بتروح، بتكون عم تعمل شي جديد، وهالشي الجديد، جديد، يعني ما في لا عودة للماضي، ولا حتى بالاحلام.يا اخوان، يا رفاق، يا زملا...نحنا بـ «الاخبار»، اليوم، مجموعة من الناس، جايين من مطارح متنوعة فكرياً وسياسياً وطائفياً ومذهبياً ومناطقياً، بس في كتير عناصر شبه اجتماعياً، وفي كتير ودّ، وقناعة بأنو في شي كبير بينعمل.نحنا ما عاد عنا وصفة جاهزة لليسار اللي بنطمح نكون جزء منو، المسطرة القديمة اللي كنا نقيس فيها الاشيا، والمسافات، انكسرت، اصلاً ما عادت العلامات فيها واضحة، ما عادت تنفع، وبالتالي، نحنا عم نفتش على مسطرة جديدة تناسبنا.بس تناسبنا كرمال شو؟مسطرة تناسبنا لنكون واضحين بأنو أميركا بعدها مصدر كل سياسات القهر والقوة والظلم بالعالم،أميركا بعدها مصدر الشر، وما في داعي نقول الادارة شي والشعب شي، وما بعرف شو: في دولة، محكومة من قبل عصابة، نازلة سرقة وتخريب بالعالم، وما فينا نكون معها، ولا تحت أمرها.مسطرة تناسبنا، لحتى نقول، انو لما انهار الاتحاد السوفياتي، زاد الفقر بالعالم، ورجعت الأمية، ونقصت فرص العلم والعمل، وحتى الشعوب العايشة في الغرب عم تخسر يومياً انواع كتيرة من الرعاية اللي كانت الحكومات هونيك تقدمها بس... خوفاً من الاتحاد السوفياتي، لانو بمجرد ما سقط، بلشت تسقط هالمكاسب يوم بعد يوم.مسطرة لنشوف انو العالم العربي عم يزداد تخلف، بكل الحكام الموجودين فيه، وبكل المؤسسات الفاعلة فيه، حكومية وخاصة وغير حكومية... وخصوصاً هاي اللي اسمها منظمات المجتمع المدني... ع اساس بقية الناس مجتمع عسكري.مسطرة تناسبنا لنقول انو اسرائيل ما لازم تضل موجودة، ومش نحنا مسؤولين عن مصير العالم اللي اجوا عليها بالقوة. اللي بنعرفو، انو ملايين من الفلسطينيين بعدهم مشردين، وكل سنة عندهن حفلة تهجير، وهول لازم يرجعوا ع بيوتهم، بالقوة، بالمنيح، المهم لازم يرجعوا.هالمسطرة، لنقول مرة جديدة، انو المأساة قامت بالعراق، كانت ذروتها يوم اللي اجت اميركا لتشيل النظام، وكانت النتيجة انها شالت البلد كلو. وهياها اميركا نفسها، فلتانة على سوريا، على اساس هييّ بدها تشيل النظام، بس الحقيقة انها عم تشيل سوريا من اساسها، وهي نفسها اميركا اللي ساكنة عنا بلبنان، من زمان، وقاعدة تربي مجموعة حراميي وجواسيس.مسطرة بدنا ياها لتوضحلنا انو اللي عم يصير اليوم بسوريا، هوي شي بيخص كل واحد فينا، وخصوصا بلبنان والعراق والاردن وفلسطين...
■ ■ ■
الاكيد اليوم، انو اليسار اللي بنحلم فيه، هو يسار مش محتاج حدا يعطيه دروس بالوطنية، او ارشادات على مصدر الظلم. هوي اليسار اللي ما ممكن، وتحت اي ظرف، ان يتواجد بنفس المكان وبنفس اللحظة مع اميركا...او مع جبهة النصرة.اليسار اللي عم نحلم فيه، هوي اللي بيفسح المجال لحدا من بين ناسو يكبر ويكون قائد، الناس تكرّسوا قائد عن ثقة وقناعة مش بالقوة، حتى لما يحين موعد ابتعادو، يصير هالشي برواق مش ينزاح بالقوة.اليسار اللي عم نحلم فيه، هوي اللي بيخلينا عاديين، بدنا الناس يعترفوا فينا متل ما نحنا، وبالتالي لازم نحنا نعترف بالاخرين متل ما هني، يعني نكون موجودين بكل مكان، مش مجموعة منعزلة، او عايشة لوحدها،اليسار اللي عم نحلم فيه، العدالة فيه ما تفرض ان الناس كلها تكون على قياس واحد، بس تعرف تميز بين الفروقات الطبيعية بين البشر والفروقات غير الطبيعية، وانو الفرق بين التنين، بسيط وسهل، وهوي تماماً الفرق بين سليم الحص ورفيق الحريري!اليسار اللي بنحلم فيه، هوي اللي بخلي واحد مثل زياد عايش حر، ويضلو حر، بيفكر بحرية، وبيتصرف بحرية. لا حدا بيربحوا جميلة انو سمحلوا بحفلة او بغنية، ولا هوي بيضطر يرشي حدا بحفلة او بغنية.اليسار اللي عم نحلم فيه، ما ممكن يخلي الحقد، والعمى، والعصبية تحل مكان العقل،يسار مش مضطر يسب الله ليقول انو مش قبلان بحكم الدين، ومش مضطر يخزق تيابو ليقول انو مع الفقرا، ومش مضطر يكسر اشارات السير ليكون ضد النظام،بس، هوي يسار ما بيمزح، ومستعد يخرب الدني، تيحصل على اكلاتو ومصاريف تعليمو وطبابتو، ويسار، بيخلي حضور منوع متل الموجود اليوم هون، شي عادي، مش غريب!بنعرف انو الاشيا عم تصعب يوم بعد يوم، خصوصا لما بتشوف الزرع كتير يابس، وبتطلّع بابنك وبتقلو: بابا نحنا هلأ بفصل الربيع!