حلمي موسى
نالت طالبة لبنانية بتفوق شهادتها العلمية الثانية في مجال علوم الصواريخ. ولكن هذه الشهادة لم تكن من جامعة لبنانية أو من أي جامعة أخرى في العالم وإنما من معهد «التخنيون» الإسرائيلي في حيفا: انها أول عالمة صواريخ لبنانية في إسرائيل، أرزة سعد حداد، ابنة مؤسس «جيش لبنان الجنوبي»، أو بصفته المعروفة في الماضي «قوات الرائد حداد» قبل أن تغدو «جيش لحد». ومن الآن فصاعدا، يمكن للصواريخ الإسرائيلية الموجهة نحو لبنان أن تحمل بصمات أرزة.
ولدت أرزة حداد في مرجعيون قبل ثلاث سنوات من وفاة والدها في العام 1984. وقالت لصحيفة «معاريف» إنها لا تتذكر الكثير عن والدها «لكنها أخذت منه الطموح للدأب والإنجاز». وبعدما نالت دراستها الثانوية في لبنان، انتقلت للدراسة والعيش في إسرائيل أسوة بمن فروا من العملاء وعائلاتهم إلى إسرائيل بعد تحرير الجنوب في العام 2000. وعاشت في حيفا فيما كانت تعمل في تل أبيب. ولا تخفي أرزة إحساسها بأن «إسرائيل بيتي. وهذا لا يعني أنني لا أفكر أبدا في العودة. ولكن ليست عندي مشاريع للعودة فقد قضيت كل حياتي البالغة هنا».
وفي إطار دراستها لشهادة الماجستير في علوم الهندسة الجوية ركزت أرزة حداد على محرك نفاث معد لحمل صواريخ جو-أرض، وركزت أبحاثها على حجم المحرك، نوع إضافات الوقود وأدائها. وتشير إلى نتائج بحثها قائلة إن «المحرك الذي بحثنا فيه يناسب المهمة. وهو يتيح قطع مسافة ألف كيلو متر في زمن قصير نسبيا». وهذا يعني أن الطائرة التي تحمل صواريخ مبنية على أساس هذه المحركات ليست مضطرة للاقتراب من أهدافها، إذ يمكنها
إطلاق صواريخها من مسافة مئات الكيلومترات. وتحدث خبراء في معهد «التخنيون» بفخر عن هذا البحث قائلين إن «آثار هذا المحرك وأداءه واضحة».
ونظرا لتفوق أرزة حداد فإن معهد التخنيون منحها حق تمثيل الطلاب في دفعة الماجستير . وقالت إنها لا تعلم ماذا ستقول غير أن الجامعة «مكان دافئ» وأن الفضل في ما تحقق يعود لأستاذيها البروفيسورين بني ناتان وريمون أرييلي. وأبدت أرزة حيرتها حول ما اذا كانت ستأتي على ذكر والدها في خطاب التخرج أم لا.
ولعل هذا الخبر يأتي مصادفة في الذكرى الثلاثين لحرب لبنان الأولى والتي ساعد فيها والد أرزة، الجيش الإسرائيلي في الوصول إلى بيروت بل وفي مجزرة صبرا وشاتيلا. وكان الرائد سعد حداد هو من أتاح للإسرائيليين إنشاء ما عرف في حينه «بالجدار الطيب» وخلق أول علاقة علنية وتحالف عسكري واضح مع إسرائيل. وفي المقابل، وفرت إسرائيل لقوات حداد مساعدات مادية وتدريبية وأمنية وعسكرية وجعلت من هذه القوات وحدة متقدمة للقيادة الشمالية ولشعبة الاستخبارات العسكرية.
تجدر الإشارة إلى أن عائلة سعد حداد في إسرائيل تضم إضافة إلى زوجته تيريزا ست بنات وحفيدين جميعهم يسكنون في حيفا. وفي «معاريف» كتبت طالي ليبكين شاحك وهي زوجة رئيس أركان سابق أن مصير عائلة حداد ربما تقرر في العام 1976 حينما شرعت إسرائيل بتجسيد استراتيجية مساندة المسيحيين في لبنان كجزء من محاربة منظمة التحرير الفلسطينية. وقد توفي الرائد حداد إثر معاناة مع مرض السرطان في العام 1984 ليخلفه اللواء أنطوان لحد.
وفي مقابلة أجرتها شاحك لـ«معاريف» مع أرزة قبل أيام من حرب لبنان الثانية تقول أنها لو بقيت في لبنان «لصارت حياتي أسوأ. وأنا أشفق على الناس المقيمين هناك. إنه مكان لا أريد العيش فيه». أما أختها الأكبر دولّي فقد احتجت في المدرسة اليهودية في حيفا لأن أحد التلاميذ وصف ابنها بأنه «عربي». وقالت إن هذا الوصف «إهانة». سألتها الصحافية: لكنكم عرب؟ ردت بغضب: «لسنا عربا. نحن هنا لأننا لسنا عربا. نحن لبنانيون. وأنتم تخلطون». وأضافت «أن تكون عربيا يعني أن تعادي كل ما هو يهودي، وكل ما هو مسيحي. وأنا أفهم العرب المسلمين في إسرائيل الذين لم يستقبلونا، لكني لا أفهم العرب المسيحيين. على ما يبدو سوف يفهمون لاحقا».
تجـــدر الإشـــارة إلى أن عـــائلة حداد في إسرائيل تعـــيش على رواتب تدفعـــها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. ولذلك فـــإن أم العائلة، تيريزا، تقول: «لقد أحببنا إسرائيل وحاربنا من تحـــدث بالسوء عن إسرائيل. جئـــنا إلى إسرائيل ونحن نحب إســـرائيل، إنــنا إســـرائيليون، لكننا لن ننسى لبنان. إنه في قلوبنا».