أعلن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند أمس، أنه سيبدأ عهده بالتركيز على القضايا الدولية خلال تلبيته عدداً من دعوات القادة الدوليين، وسيعلن في 15 أيار الحالي اسم رئيس حكومته، أي في اليوم نفسه الذي سيتسلم فيه السلطة، ليسدل الفرنسيون الستار نهائياً على حقبة الساركوزية.
وقال هولاند لدى خروجه من مقره العام «في 15 أيار ستعرفون اسم رئيس الوزراء»، موضحاً أنه يعطي الاولوية الآن للملفات الدولية. وتابع الرئيس الفرنسي المنتخب قائلا إنه «خلال الايام القليلة المقبلة سأركز خاصة على الملفات الدولية، لان الكثيرين من رؤساء الدول والحكومات يريدون التعرف إلي وتقديم عدد من الملفات إلي. وعلي الاستماع اليهم». وكان الاشتراكي فرنسوا هولاند قد فاز الاحد الماضي بالدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بـ51,62 في المئة من الاصوات فيما نال خصمه نيكولا ساركوزي 48,38 في المئة. وسيشارك هولاند وساركوزي معاً اليوم في الاحتفالات بذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في الثامن من أيار 1945. واعتبر هولاند ان مشاركته في هذا الاحتفال جنباً الى جنب مع ساركوزي «هي صورة جميلة» تأتي في سياق سعيه الى «المصالحة» بعد انتهاء المعركة الانتخابية.
وتوالت أمس، ردود الفعل المرحبة بفوز الاشتراكي فرنسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتلقى الرئيس المنتخب المزيد من برقيات التهنئة من قادة العالم الذين تركزت أنظار الكثيرين من بينهم، ولا سيما الاوروبيين، على مستقبل النمو الاقتصادي في أوروبا في عهد الرئيس الجديد. وصرح هولاند بعد فوزه في تول في وسط فرنسا «مهمتي من الآن فصاعدا إعطاء الهيكلية الاوروبية بعداً من النمو والازدهار والمستقبل»، مضيفا «هذا ما سأقوله بأسرع ما يمكن لشركائنا الاوروبيين وفي مقدمتهم المانيا».
ويبدو أن نداءه لقي أصداء سريعة، فقد صرح وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي «سنعمل معا على ميثاق للنمو من أجل أوروبا»، مشيدا بالانتخاب «التاريخي» للاشتراكي هولاند. وشدد الوزير الالماني على ان «علينا الآن تكريس ميثاق للنمو من أجل إيجاد المزيد من التنافسية»، معرباً عن ثقته في أن الصداقة بين فرنسا والمانيا «ستتعزز أكثر». وكانت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قد رفضت لقاء هولاند خلال الحملة الانتخابية وذلك بسبب معارضته معاهدة الانضباط المالي التي تم التفاوض عليها في مطلع العام بدفع من ألمانيا.
لكن ميركل اتصلت هاتفياً مساء الاحد الماضي بهولاند لتهنئته ودعته لزيارة برلين، بحسب بيان لمكتبها أكد أنهما «اتفقا على أهمية العلاقات الوثيقة بين فرنسا والمانيا وأكدا تطلعهما الى تعاون جيد تسوده الثقة». والاثنين سارعت ألمانيا الى طرح شروطها على الرئيس الفرنسي المنتخب مستبعدة أي تفاوض حول اتفاقية الموازنة الاوروبية وأي مبادرة «للنمو بالعجز». وأكد متحدث باسم ميركل انه «ليس ممكنا إعادة التفاوض على اتفاقية الموازنة» التي سبق ان «وقعت عليها 25 من أصل الدول الـ27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي» وترمي الى تعزيز الانضباط في ادارة المالية العامة.
وخارج أوروبا، توالت ايضا ردود الفعل المرحبة، فقد هنأ الرئيس الاميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي الرئيس الفرنسي المنتخب ودعاه لزيارة البيت الابيض لعقد اجتماع ثنائي قبل قمتي مجموعة الثماني وحلف شمال الاطلسي اللتين تستضيفهما الولايات المتحدة في غضون أسبوعين. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان «الرئيس أوباما اتصل بالرئيس الفرنسي المنتخب فرانسوا هولاند لتهنئته بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات الفرنسية».
وفي تطرقه الى العلاقات بين باريس وواشنطن، قال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان «هذا التحالف يبقى اليوم قويا كما كان عليه الاسبوع الماضي».
وفي موسكو هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هولاند، مبديا استعداده للعمل معه. وكتب بوتين في برقية وجهها الى هولاند ونشرتها وكالة «ايتار تاس» ان «المواطنين الفرنسيين وضعوا ثقتهم بك لقيادة البلاد في فترة صعبة ومهمة جدا»، مؤكدا استعداده «للعمل بنشاط» مع الرئيس الفرنسي المنتخب.
وهنأ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هولاند، معربا عن أمله في استمرار العلاقات الجيدة بين البلدين. وقال نتنياهو قبل بدء اجتماع الحكومة «أود أن أتقدم بالتهنئة لفرنسوا هولاند لانتخابه رئيسا لفرنسا... العلاقات بين اسرائيل وفرنسا لطالما كانت جيدة وستبقى كذلك»، مضيفا «انني أتطلع قدما للقاء معه لمواصلة هذه العلاقة المهمة ثنائيا ودوليا».
وفي كابول أعلنت وزارة الدفاع الافغانية الاثنين ان القوات الافغانية قادرة على تحمل مسؤولية الامن في العام 2013، مقللة من شأن المخاطر إذا قرر الرئيس الفرنسي المنتخب فرنسوا هولاند سحب قواته البالغ عديدها 3400 عنصر قبل الموعد المحدد. وفرنسا هي الدولة الخامسة من حيث عدد عناصرها في قوات الحلف الاطلسي بزعامة الولايات المتحدة المنتشرة لمحاربة قوات طالبان في أفغانستان.
من جهتها أعربت ايران عن أملها ان يكون انتخاب هولاند مؤشرا لبدء «عهد جديد» من العلاقات مع فرنسا التي تدهورت كثيرا بسبب موقف فرنسا من البرنامج النووي الايراني منذ العام 2007. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست لوكالة الانباء الرسمية «نأمل بدء عهد جديد يستند الى الامكانات القائمة بين البلدين»، مؤكدا ان «هزيمة ساركوزي عقاب على فشل سياساته الخاطئة»، ومن بينها «تماشيه مع السياسة الاميركية التي تحد من تأثير فرنسا على الساحة الدولية» و«عدائيته إزاء الجمهورية الاسلامية في ايران». وأضاف المتحدث الايراني «نأمل ان يحاول هولاند تصحيح هذه الاخطاء من خلال سياسته».
من جهة اخرى، توقع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان يطرأ تغيير في العلاقات بين تركيا وفرنسا بعد انتخاب هولاند رئيسا. وصرح اردوغان أمام صحافيين مساء في انقرة قبل ان يتوجه في زيارة الى سلوفينيا «نأمل ان تكون الحقبة المقبلة في فرنسا مختلفة تماما عما سبق على صعيد العلاقات بين تركيا وفرنسا»، معربا عن أمله ألا «تنعكس الرسائل الشعبوية التي أطلقت خلال الحملة الانتخابية في السياسة لان ذلك سينعكس سلبا على العلاقات بين البلدين».
أما دمشق فرحبت على لسان صحيفة مقربة من الحكومة بهزيمة ساركوزي ووزير خارجيته الان جوبيه الذي أعلن أنه لن يترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، التي ستشكل على الأرجح هزيمة جديدة ليمين الوسط الفرنسي. وعنونت صحيفة «الوطن» الخاصة والمقربة من السلطات «الثنائي ساركوزي - جوبيه إلى مزبلة التاريخ ... الاشتراكي فرنسوا هولاند رئيسا للجمهورية الفرنسية».
(أ ف ب، رويترز)