لا رواتب للموظفين بعد أيار المقبل

فيما البلاد مشغولة بالسجال الدائر حول داتا الاتصالات الخلوية، الذي وصل إلى حد تهديد قوى 14 آذار بالنزول إلى الشارع إذا استمرت الحكومة بحجبها عن الأجهزة الأمنية، برزت قضية عجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين والنفقات العامة ابتداءً من أيار المقبل، بسبب عدم قانونية هذا الإنفاق في غياب الموازنة

يبدو أن الدولة اللبنانية متجهة إلى ما يشبه الإفلاس، ابتداءً من أيار المقبل؛ فهي لن تكون قادرة على دفع رواتب موظفيها، وعلى الإنفاق على عدد كبير من مشاريعها. والسبب ليس قلة الموارد، بل قانونية الإنفاق. وزير المال محمد الصفدي دق ناقوس الخطر الأسبوع الماضي؛ إذ بعث بمذكرة إلى مراقبي عقد النفقات في الوزارة، طلب منهم فيها عدم إنفاق أي مبالغ مالية تفوق ما هو مدرج في خانة النفقات في قانون موازنة عام 2005؛ فالقانون لا يجيز إنفاق مبالغ زائدة على نفقات عام 2005، إلا بقانون. وعندما أرادت الحكومة أن تجيز لنفسها هذا الصرف من خلال مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة، عُرقل في مجلس النواب.

ورغم أن الدستور يتيح لرئيس الجمهورية ميشال سليمان إصدار مشروع القانون بمرسوم، إلا أنه حتى الآن يمتنع عن استخدام هذه الصلاحية. وقد أبلغ وزير المال رئيس الجمهورية بوجهة نظره هذه، مؤكداً أنه لن يوافق بعد اليوم على الإنفاق من دون أي تغطية قانونية. وتقول مصادر الصفدي إنه أبلغ سليمان أن مجلس الوزراء رفض الموافقة على طلب سلفة خزينة بقيمة 4900 مليار، بذريعة وجود صلاحية للرئيس لإصدار مشروع الـ8900 مليار. وتشير مصادر وزير المال إلى انه يعتبر نفسه، وفقاً للقانون، مسؤولاً شخصياً عن أي إنفاق مخالف للقانون والدستور، وبالتالي، فإنه لا يريد تحمل هذه المسؤولية.

وكان رئيس الجمهورية قد بحث ملف الـ8900 مليار مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان. وقالت مصادر بعبدا إن سليمان أراد أن يسمع من كنعان ملاحظاته على المشروع المذكور، بعدما تبين له أن الدستور يتيح له إصدار المشروع بالصيغة التي أحيل بها من مجلس الوزراء على مجلس النواب. وقالت مصادر بعبدا إن المشروع عُدِّل في لجنة المال، ورئيس الجمهورية يرى أن التعديلات يجب أن تؤخذ في الاعتبار. وقالت مصادر لقاء أمس إن كنعان عرض وجهة نظره القائلة إنّ بإمكانه إصدار المشروع كما ورد من الحكومة، على أن تُعتمَد التعديلات التي أدخلت عليه بواسطة مراسيم وقرارات يصدرها مجلس الوزراء.

وقال كنعان لـ«الأخبار» إنه لمس لدى «فخامة الرئيس اهتماماً بالموضوع»، مشدداً على «أهمية انتظام المالية العامة تحت سقف القانون». وأضاف: «هذا القانون يؤمن حاجات الدولة، وفي الوقت عينه إمكانيات الرقابة النيابية والقضائية».

معركة «الداتا» مستمرة

من جهة أخرى، استمرت قضية داتا الاتصالات محور تجاذب سياسي وأمني وقضائي، بعد قرار الهيئة القضائية المستقلة رفض طلب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الحصول على داتا اتصالات جميع مستخدمي الهاتف الخلوي خلال الأشهر الثلاثة، «بهدف استثمارها في التحقيق في محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع». ونفت مصادر اللجنة ما أشاعته مصادر المديرية أول من أمس عن كون القرار السلبي للهيئة مبنياً على ملاحظات شكلية. وأبرزت مصادر الهيئة نص القرار الذي ينص على أن طلب الداتا كاملة «يمكن أن يشكل مساساً بالحريات الفردية التي كفلها الدستور والقانون رقم 140/99». كذلك نص القرار على أن «السماح بإعطاء الداتا كاملة يكشف السواد الأعظم من الشعب اللبناني ويجعله عرضة لخرق سرية وخصوصية مخابراته، حتى ولو كانت بحدها الأدنى».

ونفت مصادر الهيئة أن يكون للقاضي سعيد ميرزا أي صلة بالقرار، لافتة إلى أنه ليس عضواً فيها، وأن نيابته لرئيس مجلس القضاء الأعلى لا تشمل عضوية الهيئة التي تضم كلاً من رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر ورئيس ديوان المحاسبة القاضي عوني رمضان ويرأسها رئيس محكمة التمييز القاضي حاتم ماضي. كذلك أكد أحد أعضاء الهيئة أن أعضاءها اتخذوا قراراً، وهم على معرفة بأن ما تطلبه المديرية ليس التسجيلات الصوتية للاتصالات، بل حركتها الجغرافية والزمانية.

في المقابل، لا تزال مصادر الأمن الداخلي متمسكة بروايتها، مشيرة إلى أن أحد أعضاء الهيئة أبلغها بأن الاعتراض على الطلب هو شكلي وحسب، ومرتبط حصراً بكون المديرية طلبت الحصول على داتا الاتصالات المسجلة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، رغم أن قرار مجلس الوزراء ينص على طلب الداتا عن شهرين فقط.

وعقدت قوى «14 آذار» أمس اجتماعاً استثنائياً في معراب، لبحث ملابسات محاولة اغتيال جعجع، وأصدرت بياناً اعتبرت فيه أن «توقف الحكومة عن تسليم حركة الاتصالات للأجهزة الأمنية يشكل تواطؤاً مع المجرمين وإعاقة لمسار العدالة»، مطالبة الحكومة بالعودة عن قرارها. كذلك طالبت بإحالة محاولة الاغتيال على المجلس العدلي محتفظة «بحقها في اتخاذ كل الخطوات الشعبية والسياسية إذا لم تستجب الحكومة لهذا المطلب».

قضية شعبان

وتناول رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع سفير سوريا علي عبد الكريم علي موضوع استشهاد المصور في قناة تلفزيون «الجديد» علي شعبان، ومتابعته التحقيقات الجارية والإجراءات المنوي اتخاذها في هذا الصدد. وفي هذا السياق، نقل الأمين القطري لحزب البعث في لبنان فايز شكر عن الرئيس السوري بشار الأسد بعد لقائه أمس، اهتمامه بكشف ملابسات حادث مقتل شعبان «إذ أكد الأسد أن الحادثة لا تنفصل عن اهتمامه بالصحافة كسلطة رابعة قادرة على نقل الحقيقة في ظل الهجمة الإعلامية الكونية على سوريا وشعبها». وأبرق وزير الإعلام السوري عدنان محمود معزياً إلى عائلة الشهيد شعبان.

وحضر هذا الموضوع في اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات برئاسة النائب حسن فضل الله. وبعد الاجتماع، أدان فضل الله الجريمة، لافتاً إلى أنها أصبحت في عهدة القضاء، وطالب الحكومة «باتخاذ إجراءات لحماية الصحفيين».

بري: اسمع تفرح جرّب تحزن

في غضون ذلك، خرق رئيس مجلس النواب نبيه بري حال الجمود السياسي بتناوله خلال دردشة مع الإعلاميين في منزله بالمصيلح ملفات النفط وقانون الانتخابات والتعيينات. ودعا إلى الإسراع في استخراج النفط بعيداً من التجاذب السياسي، ونبّه إلى أن الدعوة إلى بدء العمل في المناطق غير المتنازع عليها حدودياً «خديعة كبيرة، وعملية تسليم غير مباشر بالأمر الواقع، وكأن الحدود التي نطالب بها مشكوك بها».

وعن الأوضاع في سوريا تساءل بري: «ألا تعتبر إسرائيل عدواً كافياً؟ لماذا نحاول إيجاد عدو آخر لنا على الحدود الشمالية؟». وفي موضوع الانتخابات، دعا الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها، معتبراً أن «محاولة التمسك بأهداب الوسطية بين حق وباطل وبين مصلحة لبنان وعدم مصلحته تخرب لبنان». وعن التعيينات، اكتفى بالقول: «اسمع تفرح جرب تحزن».

الجيش يؤكد سرقة البنادق

في مجال آخر، أكدت قيادة الجيش أن بعض البنادق الحربية والأعتدة العسكرية قد سُرِقت، مشيرة إلى أن «هذا الأمر حصل منذ فترة طويلة، وتولت الشرطة العسكرية في حينه التحقيق فيه، وتوصلت إلى نتائج قاطعة محصورة بالمكان والأشخاص المعنيين». أما بشأن المجندين اللذين تردد أنهما فرّا من الجيش، والتحاقهما بإحدى الجهات العسكرية في سوريا، فقد أوضحت القيادة أن المجندين «غير مثبتين في الجيش، وهما في وضع تمديد الخدمة لفترة موقتة، ويقيمان بصورة ثابتة في سوريا، وقد تغيبا عن مركز عملهما منذ مدة من دون أن يحدد مصيرهما لغاية تاريخه».

الخميس ١٢ نيسان ٢٠١٢

الأكثر قراءة