قرب الحدود اللبنانية ـ السورية، نزل الرصاص كالمطر على سيارة قناة الجديد. لم يكن حسين خريس وعبد العظيم خياط يتوقعان أن ينتهي بهما الأمر رفيقي شهيد يتآكلهما الحزن
روبير عبد اللهعكار | بينما كان فريق تلفزيون الجديد يتهيّأ لإتمام مهمته في تغطية أخبار الاشتباكات التي حدثت داخل الأراضي السورية بمحاذاة الحدود اللبنانية في وادي خالد ليل أول من أمس، انقلب أعضاء الفريق ليصبحوا فجأة هم الحدث. المصور علي شعبان يسقط شهيداً بعدما أصيب برصاصة في صدره، فيما ينجو المصور عبد العظيم خياط ومراسل القناة حسين خريس، رغم تعرض السيارة التي كانوا يستقلّونها برفقة جمال الأحمد، شقيق مختار الهيشة، لوابل كثيف من الرصاص من الأراضي السورية.
يروي المصوّر عبد العظيم خياط لـ«الأخبار» تفاصيل ما جرى، بدءاً من وصول الفريق إلى المنطقة المسماة «الشركة المتحدة»، بالقرب من خط البترول. يذكر أنهم هناك أخذوا الإذن بالتصوير من عناصر الهجانة السورية. فترجل المراسل خريس الذي ما لبث أن ابتعد قليلاً عن السيارة يرافقه الأحمد، لكن الرصاص سرعان ما انهمر على السيارة من اتجاه منطقة «العرموطة». إطلاق النار أدى إلى إصابة المصور شعبان الذي كان يقود السيارة، فيما تمكن المصوّر الثاني عبد خياط من الفرار باتجاه البساتين المجاورة. يخبر خياط أن كمية كبيرة من الرصاص اخترقت هيكل السيارة. ويضيف قائلاً: «عناصر الهجانة السورية الموجودون قبالتنا وجهوا صرخاتهم باتجاه الجنود في التلة المقابلة مطالبين بوقف إطلاق النار، لكن من دون طائل».بدوره، لا يعرف الزميل خريس الذي كان لا يزال متأثّراً بالحادثة ماذا يقول. يحاول سرد تفاصيل ما حصل، لكنه يقف مرتبكاً في باحة مستشفى سيدة السلام في القبيات، التي نقل إليها جثمان شعبان. يروي لحظة الحادث فيقول: «لست مقاتلاً حتى أُحسن التصرف»، مشيراً إلى أن «زميلي عبد خياط توجه لإنقاذ زميلنا المصور، وكذلك فعل جمال شقيق المختار الذي كان بصحبتنا، لكني لم أجرؤ على الاقتراب». بعدها يصف خريس كيف وصل جمال إلى السيارة ليسحب منها شعبان، لكن الأخير كان قد «فارق الحياة على الفور»، بعد إصابته برصاصة قاتلة في الصدر.مرت قرابة ساعتين قبل أن يتمكن الفريق من الإبلاغ عما تعرض له، أما السبب، فكان سوء تغطية الشبكة الخلوية في المنطقة. وفي هذا السياق، يصف مختار الهيشة، محمد الأحمد، أنهم فور تبلّغهم بالحادثة، توجه عشرات الشبان مع عناصر من استخبارات الجيش اللبناني إلى مكان الحادث، لافتاً إلى أنهم تعرّضوا لإطلاق النار أثناء محاولتهم سحب الجثة.واتهمت قناة «الجديد» الجيش السوري بإطلاق النار على سيارة فريقها، ما أدى إلى استشهاد شعبان.مختار الهيشة الذي لم يجد ما يفسر إطلاق النار من الجانب السوري باتجاه فريق محطة الجديد، تحدث لـ«الأخبار» عن الاشتباكات التي شهدتها هذه المنطقة بالتحديد ليل الأحد. وأشار إلى أن المعلومات تحدّثت عن دخول مجموعة مسلّحة إلى الأراضي السورية، اشتبكت مع عناصر الهجانة وسيطرت على إحدى نقاط الحراسة. الرواية التي سردها مختار الهيشة، كررتها مصادر أمنية لـ«الأخبار»، كاشفة أن معبر «شهيرا» هو ممر غير شرعي يستخدمه المهرّبون في نقل السلاح. وتحدثت المصادر عن أكثر من مواجهة حصلت في هذه النقطة بالتحديد نتيجة تسلل عناصر إرهابيين عبر هذا المعبر الذي يقطعه النهر.وفي السياق نفسه، نقلت وكالة سانا الرسمية السورية عن مصدر إعلامي قوله: «تعرّضت نقطة لحرس الحدود السورية في الموقع المذكور أثناء وجود طاقم قناة الجديد في المنطقة لإطلاق نار كثيف من مجموعات إرهابية مسلحة أثناء محاولة لاختراق نقطة الحدود والتسلل إلى الأراضي السورية للقيام بعمليات إرهابية»، وأكمل المصدر أن «حرس الحدود ردّوا على مصادر النيران». وعبّر المصدر كذلك عن تعازيه الحارة لعائلة شعبان ولمؤسسته الإعلامية والعاملين فيها.ووسط عجز القوى الأمنية اللبنانية التي حضرت إلى مستشفى السلام عن تبرير ما جرى، طالب الزميل خريس القوى الأمنية بإعلان مكان الحادث منطقة عسكرية. لكن في تلك الأثناء، كان أحد ضباط الاستخبارات الذي وصل إلى المستشفى يتصل بمدير استخبارات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن ليخبره أنه عرض على أعضاء فريق الجديد مواكبة أمنية قبل وصولهم إلى وادي خالد.يذكر أن فريقاً آخر من محطة الجديد كان قد تعرض العام الماضي، مع بداية الأحداث في سوريا، لاعتداء من جانب بعض الشبان في وادي خالد، انتهى بتكسير السيارة التي تقله. وجدير بالذكر أيضاً أن المصور خياط أصيب في عام 2006 أثناء تغطيته العدوان الإسرائيلي على لبنان.
الثلاثاء ١٠ نيسان ٢٠١٢