عبرت لجنة مناهضة التعذيب الأممية، في تقرير لها صدر في دورتها السابعة والأربعين (اكتوبر-نوفمبر 2011) والمتوفر الآن على موقع مجلس حقوق الإنسان، عن قلقها الشديد من استمرار المغرب في ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ضد المواطنين الصحراويين والمغاربة.
وجاء التقرير في ملاحظات ختامية للجنة ردا على التقرير الدوري الرابع للمغرب (CAT/C/MAR/4)، حيث خصصت صفحة واحدة فقط للتسطير تحت ما اعتبرته إنجازات "إيجابية" من طرف المغرب تمثلت بالأساس في مصادقة المغرب على بعض بروتوكولات الإتفاقيات، وتراجعه عن التحفظ على بعض موادها، في حين خصصت 16 صفحة المتبقية من التقرير لتحديد انشغالات اللجنة وملاحظاتها حول الممارسات والأشياء "السلبية" التي لا زال على المغرب معالجتها.
وتناول التقرير بالخصوص، دواعي القلق الرئيسية والتوصيات للمغرب حول ممارسات عامة، وحول بعض المواضيع بالتخصيص، بالإضافة إلى تخصيص صفحة كاملة للصحراء الغربية، أكدت فيها بالخصوص على "قلق اللجنة إزاء الادعاءات الواردة بشأن الوضع في الصحراء الغربية التي قد يكون مُورس فيها عمليات اعتقال واحتجاز تعسفي واحتجاز انفرادي وفي أماكن سرية، وأعمال تعذيب وسوء معاملة، وانتزاع اعترافات تحت التعذيب، واستخدام مفرط للقوة من قبل قوات إنفاذ القانون ومن قبل قوى الأمن المغربية".
وفي هذا الإطار اعتبرت اللجنة "بأنه لا يجوز، بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الاعتداد بأي ظرف استثنائي مهما كان لتبرير التعذيب في الأراضي الخاضعة للولاية القانونية للدولة الطرف"، حيث من المعروف أن المغرب، كقوة احتلال غير شرعي، مسؤول أمام الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني عن كل الإنتهاكات المرتكبة في الصحراء الغربية ما دام يستعمرها.
وأضاف التقرير أن على المغرب "تطبيق تدابير حفظ النظام وإجراءات التحقيق والتحري في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وللإجراءات القضائية والضمانات الأساسية السارية في الدولة الطرف"، ولا يجوز له بأي شكل من الأشكال تبرير استعماله للقمع والعنف تحت أية ذريعة سياسية أو أمنية.
من جهة أخرى، اعتبرت اللجنة أن على المغرب أن يتخذ "تدابير عاجلة وملموسة لمنع حدوث أعمال التعذيب وسوء المعاملة المذكورة آنفًا. وعلاوة على ذلك، ينبغي له أن يعلن سياسة من شأﻧﻬا أن تؤدي إلى نتائج يمكن قياسها ﺑﻬدف القضاء على كل أعمال التعذيب وكل سوء معاملة من قبل موظفي الدولة".
كما "ينبغي أن تعزز الدولة الطرف التدابير المتخذة من أجل إجراء تحقيقات مُسْهَبة ونزيهة وفعالة على وجه السرعة في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها سجناء ومحتجزون، وكذلك في جميع الحالات الأخرى"، وهو نفس المطلب الذي ما فتئت المنظمات الحقوقية الصحراوية وضحايا التعذيب من المعتقلين السياسيين والمعتقلين لأسباب سياسية يدعون له أمام المحاكم، ولدى وكلاء ملك المغرب في مختلف المدن المحتلة، ومدن المغرب حيث تجري محاكمتهم أو احتجازهم دون محاكمة.
كما أشار التقرير في فقرة خاصة عنونها ب: "مخيم اكديم إيزيك"، إلى قلق اللجنة "البالغ إزاء الظروف التي لابست إخلاء مخيم اكديم ايزيك في تشرين الثاني/نوفمبر عام ٢٠١٠، حيث قتل الكثير من الناس أثناء عملية الإخلاء من بينهم أفراد القوات المكلفة بإنفاذ القانون واعتقل مئات آخرون".
واعترفت اللجنة "بأن الغالبية العظمى ممّن أوقفوا تم الإفراج عنهم منذ ذلك الحين ريثما تتم محاكمتهم. ومع ذلك، فإﻧﻬا تشعر ببالغ القلق لأن هذه المحاكمات ستتم في محاكم عسكرية مع أن المعنييّن مدنيون"، في إشارة إلى المعتقلين السياسيين الصحراويين الـ23 في سجن سلا2 المغربي.
وعلاوة على ذلك، أعربت اللجنة عن "قلقها إزاء عدم فتح أي تحقيق نزيه وفعال لإلقاء الضوء على هذه الأحداث وتحديد المسؤوليات المحتملة للقوات المكلفة بإنفاذ القانون"، مضيفة أن الدولة المغربية مطالبة "بتعزيز التدابير المتخذة من أجل إجراء تحقيقات مسهبة ونزيهة وفعالة على وجه السرعة في أعمال العنف وفي حالات الوفيات التي وقعت أثناء تفكيك مخيم اكديم ايزيك، وأن تقدم المسؤولين عن هذه الأفعال إلى العدالة. وينبغي أن تعدّل الدولة الطرف تشريعاﺗﻬا لكي تضمن محاكمة جميع المدنيين أمام المحاكم المدنية دون غيرها".
وأوصى التقرير المغرب بضرورة التعاون "مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، خاصة بترخيص الزيارات و التي من بينها زيارة فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي، وزيارة المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالبشر، وخاصة النساء والأطفال، وزيارة المقرر الخاص المعني بحرية التجمع وتكوين الجمعيات".
أما بقية التقرير فقد تناول المواضيع العامة للممارسات المتبعة من طرف السلطات المغربية حيث خصصت فقرات للعناوين التالية: عدم الإبعاد وخطر التعذيب، اللجوء إلى التعذيب في الشؤون الأمنية، "عمليات الترحيل السري" فيما يتعلق بما يسمى الحرب ضد الإرهاب الدولي، الاعتقالات والاحتجازات السرية الأمنية وما يصاحبها من ممارسات، مقاضاة مرتكبي أعمال التعذيب وسوء المعاملة (حيث اكدت اللجنة أنها لم تتوصل بأي معلومات عن محاكمة مسؤولين عن التعذيب)، الاعتراف تحت الإكراه وقبول المحاكم به، مراقبة وتفتيش أماكن الاحتجاز، ظروف الاحتجاز، الوفيات في السجون، المحكوم عليهم بالإعدام، مستشفيات الأمراض النفسانية والمعاملة السيئة للمرضى بها، العنف المرتكب في حق المرأة، العقاب البدني، معاملة اللاجئين وطالبي اللجوء، معاملة المهاجرين والأجانب، الاتجار بالبشر، تدريب المظفين على احترام حقوق الإنسان، هيئة الإنصاف والمصالحة ومسألة التعويضات، التعاون مع آليات الأمم المتحدة.
وللإشارة فقد كان المغرب قد قدم تقريره الرابع، غير أن منظمات حقوقية مغربية وصحراوية قد سلمت تقريرين موازين منفصلين للجنة مناهضة التعذيب، حيث تقاطعا في عدد من ردودهم على مغالطات وأكاذيب تقرير الرباط، وهو ما ساعد اللجنة على الرد في هذا التقرير الذي ننشره على صفحة الإتحاد.
بالعربية:للإطلاع على التقرير باللغة العربية إضغط هنا بالإسبانية: للإطلاع على التقرير باللغة الاسبانية إضغط هنا بالفرنسية: للإطلاع على التقرير باللغة الفرنسية إضغط هنا بالإنجليزية: للإطلاع على التقرير باللغة الانجليزية إضغط هنا