25 عاماً على اغتيال المفكر الشيوعي حسين مروة
"زيدوا ثقافتكم يا رفاقي.. نظّموا، أكثر، عملية التثقيف، حتى تتزايد شعلة الضياء تأججاً وسط الظلام الذي يريد أن يطغى."، كانت هذ وصية الشهيد حسين مروة (أبو نزار) لرفاقه في المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي اللبناني .
لمناسبة الذكرى الـ25 لاستشهاد المفكر الشيوعي حسين مروة، الذي اغتيل في 17 شباط 1987 اليوم الذي أعلن يوماً للمثقف العربي، أقامت منطقية بيروت في الحزب الشيوعي اللبناني لقاءً حوارياً حاشداً مع نائب الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني د. ماري ناصيف – الدبس، د. أحمد مروة نجل الشهيد حسين مروة، الكاتب محمد دكروب، المفكر الياس شاكر، في 17 الجاري في مقر الحزب الرئيسي. حضره الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني د. خالد حدادة واعضاء من المكتب السياسي وأفراد عائلة مروة وحشد من الشيوعيين.
أدار اللقاء د.خليل سليم مرحباً بالحضور الذي وقف دقيقة تصفيق تحية لمروة.
الدبس
استهلت د. ماري الدبس كلمتها بالحديث عن حسين مروة الانسان والرفيق المعطاء والمثقف "نادراً ما تجتمع كل صفات الانسان الانسان في شخص واحد. الذكاء المتوقد والثقافة والمعرفة والثبات ووضوح الرؤية الى جانب العطاء اللا متناهي الذي يؤدي بك الى نكران الذات... حتى الشهادة".
وتناولت الدبس جانبين من صورة مروة ؛ جانب المناضل الشيوعي، وجانب المقاوم للعدو والظلامية. مستعينة بأحد كتاباته الذي توجه فيها لرفيقيه بعد استشهادهما سهيل الطويلة وخليل نعوس "جراحنا عميقة، عميقة.. وحزننا كبير، كبير.. لكن الاعتزاز بحزبنا أعمق وأكبر.. انه الاعتزاز بنهجه السياسي الصائب، وبفكره الثوري الطليعي، وبنضاله المبدئي البطولي... انه الاعتزاز بوجهه الصريح، الناصع، الساطع: وجهه الوطني، القومي، الطبقي، الأممي..
من نبعة واحدة، من جذر واحد، من مرجع واحد، تنبع ملامح هذا الوجه الصريح الناصع الساطع لحزبنا الشيوعي اللبناني... كل ملامحه هذه تتكامل وتتناغم وتتناسق بفضل الفكر الثوري الطليعي، وبفضل العلم الماركسي – اللينيني، وبفضل التطبيق الخلاّق لهذا الفكر وهذا العلم.
لكن النهج السياسي – الفكري – الايديولوجي الذي اخترناه اختياراً طوعياً، هو أعمق من الجراح وأكبر من الحزن... وأنتم أدرى أن القابض على هذا النهج في عصر الحالة الاسرائيلية – الفاشية – الظلامية، كالقابض على الجمر... وأنتم أدرى أننا ارتضينا القبض على هذا الجمر حتى يموت الجمر وتحيا القضية وإن احترقت أيدينا... ذلك شرفنا وأنتم العنوان الوهاج لهذا الشرف.". شارحة "ان مروة في هذا المقال يبدو وكأنه يرد بعين اليوم على بعض الذين يحاولون تشويه صورة الحزب والتخفيف من اهميته. يحدد وجهة الحزب المستند الى الماركسية اللينينية من جهة والحزب الذي يساند ويقاوم. ويؤكد على ان الحالة الدينية المتخلفة هي نتاج لفكر البرجوازية ولا فرق بالتالي بين هذه وتلك".
ثم تطرقت الى معرفتها بمروة في السبعينيات عندما كان يتردد على جريدة النداء، ويناقشهم ويحث كل شيوعي على زيادة المعرفة وتطوير الثقافة، "كان متواضعاً رغم اهميته الفكرية والثقافية. كان مؤمناً بالحزب الذي ارتضيناه طوعياً بناءً على موقف سياسي وموقف فكري.. وهذه المسائل تعلمناها من أبي نزار وكان يمارسه طوال فترة حياته..".
ثم تناولت دور مروة بين عامي 81 و82 واطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، وكيفية مساندته لابطال جمول في مقالاته التي كانت تشد من عزيمتهم وتحثهم على متابعة الكفاح. كتب انذاك عدة مقالاات ابرزها المقال العظيم "كنا سبع جزر وأصبحنا بحيرة".. ان اغتياله كان لكل ذلك كونه كان ماركسياً شيوعياً لينينياً.. وكان جدير ليحمل لقب شيخ الشيوعيين"
الياس شاكر
بدوره وجه الياس شاكر تحية لرفيقه الشهيد أبي نزار متطرقاً الى"اهمية العمل الفكري والادبي الذي قدمه أبو نزار وأهمية القدوة الانسانية التي كان يشكلها ويعرفها الجميع. والتي ما زالت مستمرة رغم هذا الجمود. القيمة الفكرية لمقالاته ما زالت مستمرة وستستمر حتى اليوبيل الفضي"، متحدثاً عن اسهامات مروة بمجلة "الطريق" وكيفية تصويبه للامور ومساعدته وتشجيعه للكتاب الاخرين.
دكروب
بدوره تناول دكروب قيمة الوقت الذي كان يقدسه ابي نزار ، متطرقاً الى اختصاص الدكتورة الذي كان يعدها حسين مروة بمعهد العلوم الاجتماعية بموسكو والتي نتج عنها كتاب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية"، شارحاً كيفية الضغط الزمني الذي تعرض له لانجاز تلك الدراسة "كان يزعجه لأنه يعتبر الدراسة أمراً هاماً جداً ويجب أن يستوفي حقه كاملاً دو أن (يسلق)"، كما تحدث دكروب عن بعض المراسلات بينه وبين مروة حول موضوع الكتاب وعن مضمون الدراسة واقسامها..
أحمد مروة
بدوره تناول أحمد نجل مروة سيرة والده "كأبٍ لتسعةِ أبناء ، كزوجٍ عاشق مخلص ، وأخٍ محبّ، الأب الصديق، والصديق الأب.."، متطرقاً الى حياتهم في النجف، و الناصرية ، وبغداد. ثم عودته عام 1949 إلى لبنان. وتحدث عن عمله في "الحياة" و مع محمد دكروب في مجلة " الثقافة الوطنية "..وقال "علّمنا أبو نزار أنّ المعرفةَ ينبوعٌ لانهاية له ولا قرار .. علّمنا أنها نهرٌ جارٍ يتّسع كلّما سرتَ معه. علّمنا أنّ السِّن لايقف حاجزاً أمام طالبي العلم والمعرفة ، فالعلم والمعرفة ليسا ملكاً للمرء وحكراً له ، بل يجب أن يعطيهما لطالبيهما.. هذه كانت من أهمّ خصاله . كما إنه كان يظلّ حريصاً على صداقاته مع الجميع: لم يكن في قلبه وفي وجدانه مكانٌ للحقد والضغينة وللحسد ، فيسعَد حينما يبرز كاتبٌ مبدع أوشاعرٌ ملهم أو مفكِّر متعمِّق في لبنان وغير لبنان فيطير له فرحاً.". خاتماً حديثه عن يوم اغتيال الشهيد حسين مروة "لكن أبا نزار بقي حيّاً فيها بروحه وبقي حيّاً فينا ، نحن أبنائه، وبقي وسيبقى فكره منارةً لكلِّ محبيه..".
وختاماً، تحدثت حفيدة مروة، رانية مروة عن مرارة خبر اغتيال جدها "ظنوا ان بقتله يمسحون المعرفة، يخفون زيفهم، يكسرون المرآة التي تظهر عريهم، يرتاحون من خطر سحب الستار عن كواليسهم ويتخلصون من خطر كشف لعبتهم القاضية بغسل أدمغة الناس.أن يعرف الناس فهذا أمر مقلق. وأن يكون الناس مثقفين فهو أمر خطير. أما ان يكون الناس أحراراً، فهذا يستدعي.. اغتيالاً".