في كلمة له أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني ، استعرض عاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال ما أسماه التحديات الخطيرة التي تواجه اسرائيل في المرحلة الراهنة،
ووفق يديعوت احرونوت غلبت على تقديرات يادلين نزعة تشاؤمية وقدم صورة سوداوية للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، ودعا أعضاء لجنة الخارجية والأمن وفق الصحيفة ذاتها أن لا تختلط عليهم الأمور جراء الهدوء الحالي في المنطقة . وكان يادلين يتحدث بمناسبة قرب انتهاء مدة خدمته كرئيس للاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال ، مؤكداً أن سورية تعاظم من قوتها وقدراتها العسكرية وكذلك الحال لدى حزب الله اللبناني وحركة حماس، لافتاً إلى أن أي مواجهة في المستقبل ستندلع في عدة نقاط وستحصد العديد من الضحايا لم تشهدها المواجهات السابقة.
وبحسب تقرير أعدته هآرتس حول كلمته قال يادلين: إن روسيا تزود سورية بمنظومات مضادة للطائرات هي الأكثر تطوراً. وقال: “هذه المنظومات قد تعيد الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو الى ما كان عليه الوضع في سنوات السبعين عند قناة السويس، وأقتبس جملة من كتاب الرئيس الإسرائيلي وقائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، اليعزر وايزمان، وهي “الصاروخ الذي لوى الجناح (الطائرة)” في إشارة الى استخدام القوات المصرية صواريخ SAM-6 المضادة للطائرات والمتنقلة، التي فشل سلاح الجو الإسرائيلي في سبعينيات القرن الماضي التغلب عليها وتدميرها بسبب سهولة نقلها من مكان الى اخر في سيناء. وأضاف أن صواريخ الدفاع الجوي التي لدى سورية تعتبر رخيصة مقارنة بصواريخ منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-300، لكنه تدارك وقال: إنها “فعالة ومدمرة” بنفس الدرجة. كما قال: إن روسيا تعمل على تطوير منظومة الأسلحة القديمة لدى سورية، وأشار الى أن سورية تقوم بـ«حملة مشتريات مكثفة» من صناعات الأسلحة الروسية وأن “كل ما يصدر عن خطوط التصنيع الروسية يصل الى سورية».
وحول تقديره لقدرات حزب الله العسكرية ، قال يادلين: إن الحزب يواصل تطوير قدراته، وأن ما يصل لسورية من أسلحة متطورة قد يصل الى حزب الله إن طلب ذلك. وقلل يادلين من إمكانية أن يقوم حزب الله بفرض سيطرته على لبنان بالقوة في حال أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قرارها الظني، على الرغم من أن لدى الحزب القدرة الكافية لبسط سيطرته خلال ساعات، حسب تعبيره.
أما بشان الملف النووي الايراني قال يادلين: ان :«استراتيجية ايران تقوم على ان تمتلك بسرعة القدرة على صنع قنبلة نووية». وأضاف انه رغم سعي طهران الى امتلاك هذه القدرة بسرعة، إلا انها ليست في عجلة من أمرها لإنتاج هذه القنبلة لعدم توفير ذريعة للمجتمع الدولي للتحرك ضدها. وأكد الجنرال يادلين ان ايران تمتلك الان أربعة آلاف جهاز طرد مركزي، وهي قادرة «خلال الأشهر المقبلة، في غضون عام واحد، على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية غير انه اعتبر انه من المبكر توقع فشل «الحملة الدولية» لمنع ايران من الحصول على السلاح النووي»، مؤكدا ان الجمع بين الضغوط على ايران والحوار معها يمكن أن يؤتي ثماره.
تغطية استخبارية إسرائيلية أفضل
و ألمح يادلين إلى أن لدى إسرائيل اليوم معلومات استخبارية اكثر مما كان عليه الوضع في السابق، إذ قال إن “التغطية الاستخبارية لدى اسرائيل اليوم أصبحت أفضل بكثير في ميادين استخبارية مركزية كانت غامضة في السابق» واعتبر أن ايران هي التهديد الأكبر لإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقدّر أن وتيرة تقدم المشروع النووي الإيراني أقل سرعة مما كانت ترغب الجمهورية الإسلامية، وعزا ذلك لأسباب تقنية، لكنه ادعى أن لدى ايران اليوم مادة نووية كافية لإنتاج قنبلة نووية واحدة، وسيكون بمقدورها قريباً توفير المواد الكافية لإنتاج قنبلتين.
وحول قدرات ايران الصاروخية، قال يادلين: إن صواريخ عاشوراء يصل مداها الى أكثر من 4 آلاف كلم وستكون عملية نهاية العام الحالي، وزعم ان إنتاج الصواريخ يواجه مشاكل تقنية لم يتم التغلب عليها حتى الآن. وزعم ان فرض العقوبات الأخيرة على طهران كان بمثابة مفاجأة للإيرانيين، وان العقوبات أثرت على الأوضاع الاقتصادية في ايران، إذ ادعى ان سعر المياه في ايران يفوق اسعار النفط وان الحكومة الإيرانية توقفت عن تحويل الأموال الى حسابات المواطنين كما فعلت في السابق، مما يسبب ضغوطات شعبية على النظام على الرغم من ضعف المعارضة، كما قال.
وخلص يادلين الى القول إن المنطقة تشهد عمليات جدية لتعزيز القدرات العسكرية لدى سورية وحزب الله و«حماس» وأن المواجهة المقبلة لن تكون مثل الحرب الأخيرة على لبنان أو حرب تموز 2006 على لبنان، وان المواجهة المقبلة قد تندلع في جبهتين أو ثلاث، وانه لا يمكن قراءة المستقبل استناداً الى الحربين على لبنان وغزة، لأن المواجهة المقبلة ستكون أكبر بكثير وأوسع وستوقع عدداً أكبر من الضحايا.
الاستعداد لجولة جديدة
من جهة أخرى،أكد الجنرال عاموس يادلين ان حزب الله لم يتخل عن رغبته في الثأر لاغتيال قائده العسكري عماد مغنية في عملية يحمل الحزب اسرائيل مسؤوليتها.وبحسب جروزلم بوست نقلا عن يادلين ان «حزب الله» لا يزال يخطط للانتقام رداً على اغتيال مغنية القائد العسكري والعقل المفكر لهذا التنظيم.ورجح ان يكون العمل الانتقامي موجهاً ضد أهداف اسرائيلية خارج اسرائيل، قائلاً: «أرجح ان يحاولوا إلحاق الأذى بنا في الخارج».
وقال يادلين ان حركة «حماس» تستعد لجولة جديدة من القتال، مع الجيش الاسرائيلي وإنها لم تتخل عن عقيدة المقاومة. لكنه أضاف ان تنظيمات أخرى غير حركة «حماس» هي التي تطلق صواريخ من قطاع غزة في اتجاه اسرائيل منذ انتهاء عملية الرصاص المصهور. وقال إن احتمالات نجاح مفاوضات المصالحة الفلسطينية الداخلية مازالت ضعيفة جدا، وإن المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية لن تتقدم كما يطمح الأميركيون «لأن الفلسطينيين ضخموا الأزمة في موضوع تجميد البناء الاستيطاني بشكل زائد ويحاولون الالتفاف على إسرائيل وإدارة المفاوضات مع الأميركيين، بدلا من الإسرائيليين ويعدون للجوء إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في حالة فشلهم مع واشنطن».
التسوية الدائمة لن تقلل من خطر الحرب
وحول مفاوضات التسوية قال يادلين إنه حتى لو جرى التوصل لتسوية دائمة، فإن هذا لن يقلل من أخطار الحرب. وفسر ذلك بالقول : إن حماس في غزة وحزب الله في لبنان تلجمان نفسيهما جيدا في الوقت الحاضر، لدرجة أن إسرائيل تعيش فترة هدوء غير مسبوقة في تاريخها. ولكن هذا الهدوء يجب ألا يخدع. فهما لا تخوضان حاليا معارك مع إسرائيل لأنهما تعلمتا الدرس من حربي 2006 و2008، لكنهما تعززان من قوتهما العسكرية والصاروخية بشكل كبير ونوعي، استعدادا للحرب القادمة، فحماس من جهتها تسيطر بالكامل على غزة، وحزب الله يستطيع متى يريد أن يسيطر على لبنان. وفي حال اتهامه رسميا بقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ستنشب الحرب على الجبهتين معا وربما أكثر وأن تكون الحرب أقسى من سابقتيها، أيضا بالنسبة للطرف الإسرائيلي، حيث ستطلق صواريخ أكثر عددا وعدة. ولكنه طمأن سامعيه بأن إسرائيل قادرة على ردع أعدائها
المواجهة القادمة ستكون شديدة وقاسية
كلام يادلين أمام لجنة الخارجية والأمن وجد أصداء في الصحافة الاسرائيلية، وقد كتب معظم محللي الشؤون العسكرية في الصحف المذكورة حول الصورة السوداوية التي طرحها يادلين، هآرتس أعدت تقريرا مفصلا حللت به أقوال يادلين:رئيس شعبة المخابرات العسكرية المواجهة العسكرية التالية ستكون شديدة وكثيرة الإصابات.
وأضافت الصحيفة: إيران تعمل هذه الأيام على إقامة منشأتين نوويتين جديدتين – هكذا كشف النقاب رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي (أمان)، اللواء عاموس يادلين في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. وأبلغ يادلين أعضاء اللجنة بأن لدى طهران يورانيوم مخصباً بكمية كافية لإنتاج قنبلة واحدة، وقريبا سيكون لديهم كمية لإنتاج قنبلتين. ولاحقا حذر من أن المواجهة العسكرية القادمة «لن تكون بين اسرائيل ودولة واحدة، بل بين اسرائيل ودولتين أو ثلاث ساحات بالتوازي».
وودع اللواء يادلين لجنة الخارجية والأمن وأجمل ولايته بعد خمس سنوات في المنصب. وعرض يادلين على النواب استعراضاً قاتماً للوضع الامني في الشرق الاوسط وقال: «الهدوء الامني في الآونة الأخيرة غير مسبوق، ولكن لا ينبغي ان يضللنا لأن إجراءات التعاظم في المنطقة مستمرة. المواجهة العسكرية التالية لن تكون بين اسرائيل ودولة واحدة، بين اسرائيل وساحتين او ثلاث ساحات بالتوازي. كما أن هذا لن يشبه ما اعتدنا عليه في حرب لبنان الثانية او في «رصاص مصبوب».
وأضاف يادلين بأن سورية تدير حملة مشتريات مكثفة لوسائل قتالية متطورة من موسكو، وكل ما ينزل عن خط الانتاج في روسيا ينتقل فورا الى السوريين. «يدور الحديث عن منظومات متطورة، معظمها متحركة، ولها قدرة على ضرب صواريخ سلاح الجو. الصواريخ ناجعة وفتاكة وستجعل حرية عمل سلاح الجو صعبة»، قال وفصل: «في الماضي قدرنا بأنه مطلوب 48 – 72 ساعة للسيطرة على المجال الجوي السوري. أما الان فالافتراض هو أن هذا سيستغرق زمنا أطول وسيتضمن عددا أكبر من المصابين».
الهدوء الذي يسبق العاصفة
عاموس هرئيل المحلل العسكري في هآرتس كتب عن كلام يادلين قائلا :«إن مظهر وداع رئيس شعبة الاستخبارات، اللواء عاموس يادلين، في الكنيست أمس عبّر عن الجوانب الثلاثة التي تميز أواخر ولايته: الهدوء الأمني الشاذ، وتحسين ملحوظ للغطاء الاستخباري وإدراك إسرائيلي انه عندما يتلاشى توازن الردع فستكون الحرب القادمة أصعب من سابقاتها.
سيُنهي يادلين بعد أسبوعين ونصف أربعين سنة خدمة في الجيش الاسرائيلي وولاية تقرب من خمس سنين في «أمان». كان رئيس «أمان» قريبا من آذان القادة وحبيبا إليهم. كان هذا صحيحا عند رئيس الاركان حلوتس وحكومة أولمرت – بيرتس ومن المؤكد انه صحيح عند رئيس الاركان اشكنازي وحكومة نتنياهو – باراك. أقلّ يادلين في هذه الفترة من المقابلات الصحفية مع وسائل الإعلام ومن الظهور على الملأ. وسمح لنفسه في الأسابيع الأخيرة من ولايته بمحاضرة شاذة في مؤتمر القرن للحركة الكيبوتسية وجاء أمس ليودع لجنة الخارجية والأمن.
اعترف يادلين أمس بأنه يسود السنة الأخيرة هدوء أمني نادر، لكنه نصح أعضاء الكنيست «ألا يبلبلهم الهدوء». أدلى بتفصيلات جديدة عن ازدياد قدرة سورية بصواريخ مضادة للطائرات وعن نيّة إيران أن تبني منشأتين جديدتين لتخصيب اليورانيوم في إيران وحذّر من أنه اذا نشبت حرب أخرى فستكون أوسع وسيكون عدد المصابين فيها أعلى كثيرا.
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة
صحيفة الثورة