ختصر الشعار الذي رُفع، أول من أمس، في تظاهرة «الفرصة الأخيرة» التي نظمها تحرّك «طلعت ريحتكم»، الدافع الأبرز لغالبية المشاركين في الاعتصام. «القصة مش بس زبالة، القصة النظام البالي» من رفعوا هذا الشعار لم يفصلوا ازمة النفايات عن بقية الازمات التي «أفرزها» النظام الطائفي القائم على النهب والمحاصصة
هديل فرفور, حسين مهدي - الاخبار
تلتقي حملة «طلعت ريحتكن»، وبقية المجموعات الشبابية التي سعت الى الحشد للتظاهرة، بـ «التسليم» بأن القضية لا تتعلّق بأزمة النفايات فحسب، وبالتالي اعتبار ان «الزبالة» هي الشرارة التي أوقدت مسارا طويلا من الغبن الممنهج من هذا النظام، مشيرين الى أنهم، وإن ركّزوا على ازمة النفايات، فإن الهدف الأسمى من هذا التحرّك يبقى القضاء على النظام، منتج الأزمات المتكررة.
الا ان الخلاف الذي دار بين الحملة ومكوناتها من جمعيات بيئية وناشطين مستقلين والمجموعات الشبابية المؤلفة من :المنتدى الاشتراكي، ناشطون/ات مستقلون/ات، رفاق فرج الله حنين في الجامعة اللبنانية، وناديي العلماني والسنديانة الحمراء في الجامعة الأميركية - بيروت، يتعلّق بكيفية ترجمة هذا المبدأ المتفق عليه. تريد هذه المجموعات من الحركة أن «ترفع سقف المطالب»، وأن يجري «تطوير الخطاب لرسم حراك يشمل خارطة طريق تضم أزمات الكهرباء والمياه والاملاك العمومية وغيرها»، وفق ما يقول العضو في الحزب الشيوعي اللبناني عطاالله السليم لـ «الأخبار»، فيما يشير العضو في النادي العلماني في الجامعة الاميركية في بيروت علي زين الدين الى «ضرورة خروج الحراك من وسط بيروت، ليتمدد ويشمل شوارع وأحياء بهدف مخاطبة الناس مباشرة، وحثهم على المشاركة في الاحتجاجات الشعبية». يأتي كلام السليم وزين الدين ضمن سياق الانتقادات التي لاحقت الحملة حول محاولتها حصر الخطاب بأزمة النفايات، ذلك أن بيان الحملة التي ألقته الناشطة فرح الشاعر اقتصر على ثلاثة مطالب تمثّلت بـ»استقالة وزير البيئة ووضع سياسة بيئية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الأزمة»، وهو ما أثار حفيظة بعض الشبان المندفعين، الذين كانوا يرغبون في رفع مطالب تصعيدية ترتقي الى حجم الواقع المأزوم. هؤلاء، استطاعو ان يفرضوا «أجندة» على التحرّك، تمثلت بتنظيم مسيرة نحو السرايا الحكومية قبل ان ينقسم المشاركون بين من يريد «الانجرار» مع المتحمسين ومن يريد الالتزام بخطوات الحملة «المدروسة».
ستُقطع الطريق المؤدية إلى شركة سوكلين إذا مدّد لها مجددا
لا يستطيع لوسيان بو رجيلي، الناشط في الحملة، الا أن يتفهم غضب الناس واحتقانهم من هذه الطبقة السياسية. فيوافق المنتقدين على ان الحملة يفترض بها ان ترفع سقف خطابها ليشمل قضايا أساسية اضافية، لكنه يفضّل أن تتروّى الحملة في هذه المرحلة، لتركز على قضية النفايات لتحقيق انجاز يرى بو رجيلي أن من الممكن تحقيقه، «كي نربح جولة ضد الطبقة السياسية». تراكم هذه الانجازات في قضايا عدة يمكنه أن يؤسس لحراك شعبي أوسع. اللافت في حديث بو رجيلي اعترافه ببعض الاخطاء التي حصلت خلال التحرك، معتبرا النقاش الذي حصل خلال وبعد التحرك بنّاء وصحّي جدا، «والأهم أن نستمر ونثابر مع أجل تحقيق أهدافنا المشتركة». وكانت المجموعات الشبابية قد نظّمت ثلاث مسيرات انطلقت بتوقيت متزامن (عند الرابعة والنصف عصرا)، متجهةً نحو ساحة الشهداء: مسيرة انطلقت من قصقص قرب مدرسة المقاصد، حيث كانت نقطة تجمّع لشباب الشياح والغبيري وطريق الجديدة وقصقص والبربير والنويري والبسطة وسليم سلام وبرج ابي حيدر ورأس النبع، وأخرى لشباب برج حمود والدورة والدكوانة والاشرفية، انطلقت من كرم الزيتون. أمّا الثالثة، فانطلقت من شارع الحمرا لشباب راس بيروت والصنايع وكركول الدروز وعائشة بكار ومار الياس ورمل الظريف والحمرا. الهدف من المسيرات كان دعوة الناس إلى المشاركة في التظاهر. مشهد «الدعوة» في قصقص، كما في الحمرا وكرم الزيتون نفسه، شاب مندفع يحمل مكبرالصوت، يشكو الواقع المأزوم ويحاول التحريض على النظام الطائفي، «الكهربا مقطوعة علينا وعليكم، انزلوا على الشارع»، يصرخ الشاب في مسيرة قصقص محاولا الحشد، يتكرر المشهد في كل من كرم الزيتون والحمرا. التحريض على النظام ترجم ايضا عبر بيان وزع على المشاركين، يدعو الى اسقاط النظام. وعلى الرغم من ان هذه المسيرات الثلاث لم تنجح كثيرا في استقطاب الناس الذين مرّت بالقرب من منازلهم، واقتصرت أعدادها على المشاركيين «الأصليين»، الا انها استطاعت، فور وصولها الى الساحة وانضمامها الى المجتمعين هناك، أن «تغطّي» ساحة الشهداء التي غصّت بالمشاركين. العدد كان «مقبولا»، بالنسبة إلى كثيرين، ممن رأوا ان هذا التحرّك «النوعي»، يأتي خارج النطاق الحزبي، وبالتالي يستطيع ان يحدث تغييرا اذا ما جرى العمل على خطة عمل واضحة لاستثماره. يرى الصحافي حسّان الزين أن العدد مقبول «وهذا ليس مكابرة، لكنه يمثل مبادرة مهمة لكونه التحرّك الأول خارج الانقسام الطائفي الحاصل»، لافتا الى انه إذا استمرت التحرّكات بهذه الوتيرة «واستطاعت ان تحافظ على ثوابتها، فهو أمر جيد». وألقى رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد، كلمة أعلن فيها طرح الحركة «البيئي بامتياز»، الذي لا يتضمن «لا حرق ولا ردم ولا تصدير»، والذي من شأنه أن يوفر على الصندوق البلدي المستقل حوالي 100 مليون دولار. ويقوم الحل على تقليص كمية النفايات التي تحتاج الى المعالجة، عبر الفرز من المصدر. تحركات «طلعت ريحتكم» مستمرة، بالتظاهروالاعتصامات، والتحركات المباشرة، وفق ما يؤكد الناشط في الحملة عماد بزي. وأعلن الأخير عن خطوات مقبلة تتمثل بقطع الطريق المؤدية الى شركة سوكلين إذا مدّد لها مجددا، واغلاق الطريق أمام الشركات التي يمكن لاحقا أن تلزّم طمر أو حرق النفايات، «ما ح ينزل فيها ولا كيس زبالة واحد، نحن هون مستعدين لكل السيناريوات وما حدا يجبرنا». بزي الذي يعوّل على الحشود التي حضرت لمنع تمرير الصفقات، توجه الى المسؤولين السياسيين بالقول إن هذه الصرخة هي بمثابة الانذار النهائي والأخير، «لأننا مستمرون ما استمر الظلم والفساد في كل الملفات، من الكهرباء الى المياه والخدمات والضمان وجميع حقوقنا الأساسية كمواطنين». شعارات كثيرة رفعها المشاركون، تهاجم المجلس النيابي وتطلب «شحن الزبالة الى الخارج» (أي اعضاء المجلس)، كذلك عمد بعض الشبان الى وضع وجوه لوزراء في الحكومة الحالية ولبسوا اكياسا للنفايات. وعلى الرغم من أجواء التوتر التي سادت بفعل الخلاف حول مستقبل التحرك، الذي عبّر عنه من خلال مشادات كلامية في ساحة الشهداء، الا ان حجم السخط والغضب الذي أبداه الكثير من المشاركين من مختلف الفئات العمرية، يبرهن ان ثمة من يريد التغيير، ومن يريد اسقاط هذا النظام، ويعطي املا قد يدفع الحركة والمجموعات الشبابية الى توحيد خطابها واعادة تنظيمه سعيا الى استثماره مجددا. عند نهاية الاعتصام، يصرخ شاب محادثا صديقه: «في امل ايه؟»، فيرد الأخير: انو صغير، بس انو في». وإذا خرج المعتصمون من التظاهرة بهذه «الروح»، فإن الأمل بتوحيد وتطوير الخطاب بهدف شحن الارادة الجدية للتغير موجود، مهما كبرت الخلافات. علماً ان مصير حملة «اسقاط النظام الطائفي» لا تزال في الاذهان.
امال خليل - الاخبار
في مثل هذا اليوم، قبل خمس سنوات، غفا عساف أبو رحال في راحته الأبدية في ثرى بلدته الكفير (قضاء حاصبيا). قبلها بيوم، هرع إلى العديسة للمشاركة بقلمه في مواجهة الجيش ضد العدو الصهيوني. قاتل كعادته حتى أسقطته الميركافا مع الرقيبين روبير العشي وعبدالله الطفيلي. تلك الميركافا التي طاردها يوم تحرير الجنوب على طريق كوكبا ــــ إبل السقي حتى اصطدمت بعمود كهرباء.في مثل هذا اليوم، فيما كان «المراسل الفلاح» يودع أحراج الكفير وقفران النحل والبيادر، كانت شجرة السرو في العديسة تودّع أرضها أيضاً. في اليوم السابق، ارتفع عساف إلى السماء مع الجنديين عندما اقتصوا من العدو الذي حاول قطع الشجرة الطالعة في أرض لبنانية متحفظ عليها. في مثل هذا اليوم، سقط عساف فعلياً. الجيش وافق على قطع الشجرة التي سقطت تحت جرافات العدو.لكن الأرض الوفية لفلاحها لم ترض. اقتصّت من العدو في مزارع شبعا. في 28 كانون الثاني الفائت، استهدفت المقاومة موكباً عسكرياً. لعساف أسهم في المزارع. كان أول من شهر الحقيقة بقلمه عند التحرير، جازماً بلبنانيتها.
زحف في واد وعر لأكثر من ساعة ونصف، ليصل إلى الراعي أبو قاسم زهرة، الصامد تحت الاحتلال في مزرعة بسطرة. حمل عساف له ريحة الأهل قبل أن تطوق دورية للاحتلال المنزل وتجبره على العودة تحت وابل من الرصاص.بين عائلة عساف والعدو حساب طويل. يرديها هو بالرصاص فتهزمه بالتحرير والصمود. في اجتياح عام 1978، أصيب والده جرجس بشظايا قذيفة، استشهد متأثراً بجروحه منها بعد أشهر. انتصر عساف عليه عام 2000. ثم انتصر مجدداً في مزارع شبعا ولمّا يزل. استرد عساف حقه. لكن ماذا عن حق روبير وعبدالله؟. في آب الفائت، استشهد رفاق وخطف آخرون في عرسال. أما آب هذا، فلا أعاد حق العديسة ولا حق عرسال.مصطبة البيت الصغير تحت سفح جبل الشيخ لا تزال تنتصر. طيف عساف ثابت في جذوع الصنوبر وفي بزّة نجله جرجس، النقيب في الجيش الذي كان قد احتفل بتخرجه في الكلية الحربية قبل يومين. الجيش في محيا جرجس، والشعب والمقاومة في أهداب عساف. معادلة أزهرتها الشجرة المقطوعة على مدخل العديسة، بنصب تذكاري افتتحته البلدية في الذكرى الثانية للواقعة.
حسن سعد - السفير
أحيا "اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني"، ذكرى شهدائه (حسن جمال الدين ومكسيم جمال الدين وفضل بسما وعلي نجدي وحسن كريم) الذين سقطوا في مواجهات عدوان تموز العام 2006 في كل من صريفا والبازورية في الجنوب والجمالية في البقاع، وذلك في احتفال حاشد في قاعة بلدية عيترون، سبقته مسيرة جابت شوارع البلدة، وإضاءة الشموع على أضرحة الشهداء.وشدد رئيس بلدية عيترون السابق سليم مراد، الذي تحدث باسم المجلس البلدي، على استمرارية نهج المقاومة مهما تعددت الأسماء والأطراف. وأكد أن عيترون والجنوب، ستبقيان دائماً على هذا الخط دفاعاً عن الأرض. ووجه التحية إلى الشهداء والجرحى والأسرى جميعاً.وتحدث باسم "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية"- "جمول"، جميل فارس، الذي استعاد في كلمته صفحات ومحطات من العمل المقاوم ضد العدو الإسرائيلي خلال فترة الاحتلال وصولاً حتى التحرير. وأثنى على دور كل المقاومين الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل أن يحيى الآخرون.واختتم المهرجان بكلمة لرئيس الاتحاد حسان زيتوني الذي تناول الأدوار المختلفة التي لعبها الشهداء والمقاومون خلال العدوان، من الدفاع عن القرى وإغاثة النازحين وتأمين مستلزمات الصمود كافة، وصولاً إلى دعم الرفاق الصامدين على الجبهات بما تيسر من إمكانات وانتهاءً بالصمود والقتال الذي قام به العشرات من الرفاق في مناطق المواجهات.وكان تخلل الحفل مشاهد مسرحية لكشاف الاتحاد (فرع عين بعال) ومعزوفات موسيقية لكشاف التربية (فرع كفررمان) وفيلم وثائقي عن المقاومة من إعداد "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني" (فرع زوطر).
يكاد المرء حين يعود من إقليم الخروب الذي قصده مستطلعاً أحوال الناس على خلفية «ثورة» النفايات، لا يجد ما يكتبه خوفاً من قانون المطبوعات. أغلب الشتائم التي كيلت للجهات السياسية التي يحسب الإقليم عليها تقليدياً، من النوع الذي قد يسبب أحكاماً قضائية لو نشر. لكن، بغض النظر عن الشتائم، وطاقتها التعبيرية المبرّرة أحياناً، فإن المراقب للحراك الذي حصل، وكيفية اتحاد الناس هناك على اختلافهم، لمرة، بأعجوبة المصلحة المشتركة، سيجد أن حراك الإقليم قدم نموذجاً يحتذى، وذكّر «المجتمع المدني» بأن له قوة لو شاء، تخيف السلطة الوقحة، اسمها: الرأي العام
ضحى شمس - الاخبار
غضب عميق ينضح من كلام الناس في برجا وسبلين وكترمايا. غضب ساطع، فعلاً، حقيقي وصادق. الحزن الذي يرافق هذا الغضب كالظل، هو ما يجعله مقنعاً وقوياً. حزن خيبة الأمل، ومن استنفد عمره في الرغبة بتصديق قياداته، متمنياً بينه وبين نفسه أن يحصل ولو على الحد الأدنى من حقوقه من دون صدام، ولكنه فهم، متأخراً، أن الدولة لا تولد من التراضي مع مافيات الطوائف المموّهة بأشكال كثيرة، بل يجب أن يجبرها أحد ما على ذلك.
ولذلك، إن التحرك الذي قادته برجا، لم يبدأ بتنظيم نفسه في 17 تموز الماضي حين توقف جمع النفايات، بل منذ 7 أشهر. تحديداً، بعد التظاهرة الشهيرة التي جرت أيامها. التحرك الذي نجح بإحراج «القيادات» قدم نموذجاً يحتذى، أخاف زعيماً مثل وليد جنبلاط، فأعلن انسحابه من «الاستثمار بالنفايات»، مع ولديه تيمور وأصلان، حتى لا يخسر بالسياسة، كما قال. كأن السياسة والتجارة توأمان عند «الزعيم النائب» الذي يفترض أنه يعرف أن التجارة والسياسة حين يجتمعان سيكون الشيطان ثالثهما، فكيف إن كان ثالثهما منذ عقود؟ لا بل قد ولد شياطين صغيرة كثيرة «تتنطط» بين الكسارات والمعامل الملوثة للبيئة والمزابل. هكذا، تضامن أطراف السلطة أيضاً من جهتهم لتعطيل «عدوى برجا»، فبدأ نشر شائعات فتنوية، تارة عن «شيعة الجية»، وأخرى عن «سرايا المقاومة»، وعممت آراء فايسبوكية «متخلفة» لأشخاص محسوبين على المقاومة، لكنها لا تعبّر بتاتاً عن رأي هذه الأخيرة. إلا أن الشبيبة الواعية لمآرب المتضررين تصدت للشائعات بمزيد من الاتحاد. هكذا، حرص نائب رئيس بلدية الجية المحسوب على حزب الله، ورئيسها، على إعلان «مساندة برجا» في تحركها حتى النهاية، لكون أهالي الجية (شيعة ومسيحيين) متضررين بدورهم ومهددين بمطمر في نطاقهم البلدي، لذا فقد شاركوا بفعالية في قطع الطريق التي احتج عليها بعض الجهابذة معتبرين أنها موجهة ضد... المقاومة!
التحرك الذي قادته برجا لم يكن عفوياً، كما أوحى الغضب الذي رافقه، بل كان متحسباً له، بناءً على توقع الأهالي لتصرفات الطبقة السياسية التي تحكمهم. لكنه كان مليئاً بالمفاجآت ذات الدلالات العميقة: «مستقبلي» يسحب سلاحه على رئيسه الذي يحاول ثنيه عن الاعتصام مع شباب المنطقة، رئيس بلدية برجا، «معبود الجماهير» اليوم، والمحسوب على تيار المستقبل، يردّ على تليفون «الشيخ سعد» الذي طلب إليه أن يقنع الشباب بالكف عن قطع الطريق: «أنا مع أهلي لأن الحق معهم». أما «اعتذار» بهية الحريري من العاصمة بيروت، فقد أغضب أهل المنطقة كثيراً. فتدفقت الشتائم من العيار الثقيل بحقها. أقل ما قيل ويمكن أن يكتب «تروح تحط زبالة بيروت بقصرها». مشاعر طبقية اخترقت جدار التضامن المذهبي، ولم يعف منها سعد الحريري ولا وليد جنبلاط ولا علاء الدين ترو ولا محمد «تكرموا»، أي النائب محمد الحجار، كما يلقبه أهالي برجا بسخرية، لأنه يعد ولا يفعل. «صرلنا هون من أول ما وقّفت سوكلين لمّ الزبالة» يقول سعد، أحد الشباب المعتصمين في خيمة أمام معمل سبلين. كنا وصلنا إليهم عند الظهر والشمس مرتفعة والحر قاتل. البعض كان قد تمدد ليأخذ قسطاً من الراحة، فيما كان البقية يراقبون بعيون الصقر الشاحنات الوافدة إلى المعمل، لئلا تكون محملة نفايات.
«كترمايا هي الحكومة» كتبوا على جدار مقابل. تغسل كترمايا صورتها في الإعلام، بعض التوجس من «الأخبار» بداية، وشخص بين المعتصمين حاول تخويف «الشبيبة» بكلام من نوع «ما بدنا نحكي»، لكنه لم يفلح في ثنيهم عن التحدث لجهة لا تعتبر «صديقة»، أو ربما لأنها معتبرة غير صديقة. واضح أن «قلب الطاولات» هو شعار المرحلة. تكتشف بين المعتصمين أعضاءً في بلديات كترمايا وسبلين وبرجا، تكتشف أسرى محررين من سجون عسقلان وعتليت في فلسطين المحتلة (صفقة تبادل أحمد جبريل) ومن معتقل أنصار مثل فهيم أبو علي ابن كترمايا، المعتصم هنا. «واضحة... عرضت عليهم تركيا تشتري النفايات وتعطينا كهربا ما قبلوا. ليه؟ لأنو ما بيعود فيهم يسرقوا». يقول زياد أحد المعتصمين. ويضيف: «الزعما المتفقين ع المطمر ومترأسين أحزاب هني العناصر الرافعة لهاي القصة. يعني «ذوقاً» بيكفينا معمل الترابة اللي عم يجيب أمراض، كمان بدهم يجيبولنا مطمر؟ لا والله». يقاطعه سعد: «كلنا بلد واحدة، نحنا مش طوائفية، بس بيكفينا سموم هالمعمل، يعني بدهم يجيبولنا هم فوق هم؟». يتحمس حسين: «خليهم يفتحولكن الداخون تتشوفوا كيف بيصير الليل... غطيطة». حسناً، لكنكم ستعودون لانتخاب من جاؤوكم بالمطامر، اليس كذلك؟ يجيب زياد: «في شغلة كتير مهمة، صحيح، كل العالم موحدة اليوم، بس بكرة بالانتخابات، نفس العالم بيرجعوا بينتخبوا. هيدا شي مش منيح. مفروض العالم بقى توعى. وما بقى تنتخب الزعما الراكضين ورا السرقة والنهب. لا كمان بيورثونا توريث، يعني متل وليد قال سلم ابنو... نحنا معتبرينا بالنظام زبالة». يقول سعد: «يا اختي جوعوا الناس وصاروا يمشوهم ورا الليرة، ليش بدنا نتخبى ورا اصبعنا؟ الغلط غلطنا». يتحمس زياد: «نحنا خارج الأحزاب، مصلحتنا المشتركة خلتنا نتجاوزهم. إذا الزعيم عم يشتغل بضمير ما حدا بيقللو تلت التلاتة اديش. بس اذا بدو يفتحلي مطمر، بقللو ايه روح (..) اطمرهن بقصرك». يضيف: «عدد الأصوات اللي طلعوا النواب هني ذاتن المعتصمين. يعني متل ما طلعناهم مننزلهم». شيئاً فشيئاً بدأوا يدلون بأسمائهم كاملة. يقول جهاد شعبان (عضو بلدية سبلين): «قال بدهم يحطوا الزبالة بعين دارة؟ ايه... روح حطها بالمختارة»! تعجب القافية الشباب، «منيحة»، يقولون مبتسمين.
نظافة برجا
أول ما يلفتك في برجا نظافة الشوارع. هنا لا أكوام زبالة تتفاعل في الشمس، لا روائح. يدلنا صديق على واد اصطناعي من فعل الكسارات «هون قال بدهن يعملوا المطمر. ايه ما فشر». في «معرض العميد للسيراميك»، يقول صاحبه إن أزمة النفايات أعادت فرز الرأي العام سياسياً.
«المشروع معروف لمين: حريري/جنبلاط، منشان هيك أكثرية الموجودين في هذا التحرك هم من جمهور هذين الشخصين. لا بل من قياداتهم. يعني الشارع ما بقى عم يرد على الحريري ولا ع جنبلاط. نحنا بلجنة البلدية اللي بتضم كل الأحزاب الموجودة ببرجا من الجماعة للشيوعي للمستقبل الخ... همنا الأول: ممنوع يكون في عنا مطمر. يعني المنطقة أصلاً موبوءة بمعمل الترابة وشركة الكهربا، بالكسارات، بمجابل الباطون... بيكفي». ويضيف: «إجمالاً في وعي عند أهل برجا، يعني شافوا انو لما وعد أحمد الحريري بتحويل برجا إلى جنة، طلع قصدو بدو يحولها لمزبلة. لذلك الناس طلعت عن قياداتها. كل اللي نزل وقطع طريق نزل عشان صحتو وصحة ولادو». يقول أحد الشباب الواقفين: «الانتخابات البلدية الجايي بيقولولك نشأت حمية ولايحة من الشيوعية والجماعة... لأنو هدول اللي اشتغلوا بإخلاص لبرجا».
في مكان قريب، تجلس الحاجة انتصار مع بناتها أمام باحة منزلها المحاذية للطريق والقريبة من كسارة، يحضرون بعض المونة البيتية. تقول ضاحكة: «اكتبيلو للسيد وليد، كم طساسة للربو صرت مستعملة، اكتبيلو والله لو فيني انزل ليهم بالمظاهرات لولعتهم بالكاز. هالعك... بس عندي ربو من ورا الترابة». يأتيها المدد من لطيفة، كنّتها «وحياتك مدام بمسح بترجع الغبرة... الله لا يوفقهم. كأنك راشة الترابة ع البيت. يعني والقرآن كان عرس خيي ع قبالكن، قلت بمسح الأرض آخر مرة، شو بدي قلّك؟ كان فيكي تلقطي الترابة تلقيط بالإيد مش بالمكنسة». تقول انتصار: «ابني مسافر مش راضي يجي من ورا الترابة، كيف إذا جابولنا مطمر؟» تحبك النكتة مع الأخت: «ايه بيبطل يحكينا ع السكايب». يضحك الجميع ما عدا العجوز في الزاوية، الذي كان يتفرس بنا بنظاراته «كعب الفنجان» وهو يهشّ الذباب من حين لآخر عن أنفه. نسأله رأيه فيقول: «إذا الزعيم ضاغط علينا شو منعمل». تدوّي شتيمة «للزعيم» من العيار الثقيل، فيصيح بزوجته التي شتمت: «أنا مع الزعيم للموت». فتجيبه بغضب: «ما هوي آخذك ع الموت». ثم تصيح بنا غاضبة: «اللي عنا نواب العار سميناهم، ما حدا طل. كلو هرب... محمد تكرموا، وعلاء...» نستوقفها: من تقصد بمحمد تكرموا؟ تضحك وتجيب: «النايب محمد الحجار مسماينو هيك لانو كل ما رحنا لعندو بيقول تكرموا وما بيعمل شي».
«شو هالسمار الحلو؟» يبادر مرافقنا ممازحاً مجموعة من الشبان جلسوا أمام دكان مقفل. يجيبه أحدهم: «هيدا برونزاج شمس الحرية، والبحة (الصوت) من المسيلة للدموع، وحمامات المياه العمومية» يقصد خلال التظاهرات الأخيرة. يبدو أن الشباب كانوا ناشطين. يقول خالد (اسم مستعار): «لا سياسي ولا طائفي. هيدا تحرك نضيف، بدليل ما انرفع علم ولا شعار إلا برجا». لكن لم نفي السياسة؟ يقول زميله الذي رفض البوح باسمه «أديش الشيوعية والجماعة بعاد عن بعضهم ايديولوجياً؟ كنا تحت يد واحدة» ثم يدركه المزاح فيقول: «حتى داعش كانت مشاركة». يعود خالد إلى الحديث: «نحنا اليوم منشوف الفارق بين برجا وبين بيروت: شوفي النظافة بشوارعنا بدهم يجيبولونا مطمر. عنا معامل الكهربا بس ما عنا كهربا، وببيروت ما في معمل كهربا بس الكهربا ع طول. شوفي طرقات بيروت كيف مزفتة وكيف طرقاتنا محفرة، معامل الزفت والترابة عنا... ورسالة لبهية (الحريري) اللي بعتتلنا الفهود: كل ديك ع مزبلتو صياح، بس ببرجا في ديوك وما في مزابل».يضيف بسخرية ومرارة: «يا بهية، من ورا الأمراض اللي جابتلنا اياها مشاريعكم معليش بدي قولها: ح يصيروا نسوان المنطقة كلهن ببزّ (ثدي) واحد» بسبب انتشار سرطان الثدي. «أما جنبلاط اللي قال اليوم إنو خايف ع مستقبلو، منقللو: إلى أين؟ نحنا بطلنا نوثق فيك». بدا أن الانفعال يتصاعد ليلامس الغضب «بحرب الجبل قال كلمة: إذا سقطت برجا ستسقط المختارة. هلق منقللو: برجا ستُسقط المختارة. برجا قدمت لك الشهداء وأنت تقدم لها السموم. برجا ستغير المعادلة. أما بهية اللي قالت إنو نحنا عملنا حروب لبيروت، منقللها: وين كنتي لما أهل برجا حموا بيروت سنة 82. أما بالنسبة إلى فقرا بيروت، فبحب قلّك: فقرا بيروت يا ست بهية من زمان صاروا عنا هون. لأنكم مع السوليدير شحطتوهم من بيروت». يقاطعه صديقه بحماسة: «وبدنا نكذب تلفزيون المستقبل اللي قال انو أهالي برجا بيشكروا سعد. ايه لا... كذب. نحنا أهالي برجا هتفنا بالمظاهرة: يا سعد ويا عر.. هاي برجا مش فرنسا».
تقرير | انقلابات تلفزيونية
في غالبية البيوت والدكاكين التي دخلناها في برجا، كانت التلفزيونات، كما في أيام المونديال، تذيع باستمرار المؤتمرات الصحافية والتصريحات المتعلقة بموضوع الساعة. لكن «الغريب» أن المحطة المختارة للمتابعة لم تكن إلا... قناة «ام تي في»! أما لماذا «ام تي في»؟ فلأنهم كما قال البعض «حلبوا معنا صافي. يعني «الجديد» شحطناهم من هون، خلص هدول متل جنبلاط ما بيتأمنلو. والشباب لما كان مذيع ام تي في هون طوزوه». نستفهم عن الكلمة؟ فيقول «يعني حملوه الشباب وصاروا ينططوه بالهوا من قفاه» يقول الشاب الصغير ضاحكاً. أما «الميادين» فقد «شحطناهم بالأول لأنو في واحد اسمو عماد بزي كتب شي ضدنا وحط تحت اسمو الميادين. بعدين اجانا توضيح من القناة انو ما الو علاقة فيهم لا من قريب ولا من بعيد». حسناً وماذا عن «المستقبل»؟ «هيدا زعبناه من الأول وقلنالو اذا بترجع منكسرلك اجريك». حسناً، وماذا عن «الأخبار»؟ يقول «كبير القعدة»: «هلق الأخبار بالأول مش محسوبة معنا. بس والله بيّضوها وقت اللي عملوا غلاف انو «برجا تُسقط جنبلاط». يعلق أحدهم: «ايه لكن شو؟ الكلام المزبوط شو بينقال عنو».
غسان ديبة - الاخبار
«نحن نعيش في مجتمع يزداد لاديموقراطية حيث تتحكم به قلّة من الأفراد من الذين يملكون أموالاً طائلة»برني ساندرز
بعدما وصلت شعبية الحزب الاشتراكي الأميركي الى مداها الأقصى في العقدين الأولين من القرن العشرين، وبعد انتعاش اليسار في فترة الكساد العظيم التي امتدت الى الثلاثينيات ومشاركة الحزب التقدمي في انتخابات 1948، تلاشى دور اليسار في السياسة الأميركية، وعاشت الحركة التقدمية في الولايات المتحدة الأميركية عقوداً عدة في كنف الحزب الديموقراطي، من دون أن يكون لها كيان فاعل مستقل.
أما اليوم، بعد الأزمة الاقتصادية التي بدأت في 2008، والتي أصبحت تعرف في الولايات المتحدة بالركود العظيم، عادت الروح الى الحركة التقدمية عبر ما عرف بحركة الاحتلال التي رفعت شعار تمثيل الـ 99% من الشعب الأميركي ضد الأقلية الصغيرة التي تمثل الـ 1% والتي تسيطر على جزء كبير من الدخل والثروة، والتي بسيطرتها هذه لا تتحكم فقط بالاقتصاد وثماره، مانعة تطور الطبقات العاملة والوسطى، بل تتحكم بالمفاصل الأساسية للسلطة السياسية، كما أوضح الاقتصادي الأميركي جوزف ستيغليتز في كتابه «كلفة اللامساواة»، حيث أصبحت السلطة السياسية مكونة من الـ 1% وبواسطة الـ 1% ومن أجل الـ 1%.حرّكت حركة الاحتلال الشارع الأميركي في أكثر من ولاية وانتشرت على الصعيد الوطني (وهو التحدي الأساسي لأي حركة بديلة من ثنائية الحزبين الجمهوري والديموقراطي)، إلا أنها عادت وخمدت بسبب انسداد الأفق التغييري أمامها والبدء بالتحسن الاقتصادي الذي نجم عن السياسات الكينزية للدولة وللاحتياطي الفدرالي. ولكن فجأة، وتزامناً مع بدء العملية الانتخابية للرئاسة الأميركية التي ستحصل في 2016، برزت حركتان سياسيتان تعيدان لليسار الأميركي التقدمي الحيوية السياسية، بل أكثر من ذلك المشاركة بفعالية في هذه الانتخابات.
برزت حركتان سياسيتان تعيدان لليسار الأميركي التقدمي الحيوية السياسيةالحركة الأولى أعلن عنها في أبريل الماضي واسمها «شعبوية 2015: بناء حركة من أجل الشعب والكوكب»، والتي تشكلت من عدة جمعيات أهلية في سابقة فريدة من نوعها وممتازة، وربما غير متوقعة لتحوّل عملاً أهلياً الى فعل سياسي على المستوى الوطني. ولهذه الحركة طعم ورائحة حركتي سيريزا في اليونان وبوديموس في إسبانيا. هذه الحركة أصدرت بيان تشكلها في ما يعتبر بمثابة مانيفستو من 12 عنواناً يتناول مواضيع اقتصادية ــ اجتماعية، محاولة نقل الوعي الأميركي الوطني المستجد من الدوائر الضيقة مثل تأييد الحقوق المدنية وإنزال العلم الكونفدرالي الى الدائرة الواسعة للحقوق الاقتصادية لمجتمع بدأ يفقد شيئاً فشيئاً ما عرف بالحلم الأميركي، ولم تعد الحلول المطروحة من الثنائي الجمهوري ــ الديموقراطي تتناسب مع هذا الانحدار، الذي بدأ منذ 30 عاماً وتسارع بعد الأزمة في 2008. من المواضيع التي تطرحها هذه الحركة: زيادة الأجور، التغطية الصحية ووضع حد لسيطرة الرأسمال الكبير على السياسة.أما الحركة الثانية فهي ترشح برني ساندرز للرئاسة الأميركية عن الحزب الديموقراطي، وهو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، والوحيد في كل الكونغرس الأميركي الذي يعلن أنه اشتراكي. يقول ساندرز «بيل كلينتون ديموقراطي معتدل. بينما أنا ديموقراطي اشتراكي». ومن مواقفه التي تخيف الطبقة الحاكمة قوله «في الثلاثين سنة الماضية حصلت إعادة توزيع هائلة ــ نحن نتكلم على عدة تريليونات من الدولارات تم تحويلها من الطبقة الوسطى الى طبقة الـ 0.1% ــ وآن الأوان لإعادة توزيع هذه الأموال من هذه الطبقة الى العائلات العاملة في هذا البلد». إن هذا القول يعني أن ساندرز يعتقد أن الإصلاحات الطفيفة هنا وهناك لن تفي بالغرض، بل هناك حاجة لسياسات راديكالية من أجل تحقيق إعادة التوزيع هذه، وعلى رأسها رفع نسب الضرائب على الأرباح والمداخيل العالية والثروة بشكل كبير. إن اشتراكية ساندرز تبدو حتى الآن أمراً يجذب الأميركيين ولا ينفرهم، وهذا إنجاز كبير في بلد شنت فيه على مدى التاريخ، وخصوصاً أيام الحرب الباردة، أشرس الحملات ضد فكرة الاشتراكية وليس الشيوعية السوفياتية فقط. ففي آخر استطلاعات الرأي، بدا ساندرز يوازي قوة هيلاري كلينتون في مواجهة الجمهوريين في عدة ولايات حساسة.على الرغم من ذلك، يقول البعض إن تأييد ساندرز سيؤدي حتماً الى فوز المرشح الجمهوري، وبالتالي إن الخيار الوحيد أمام اليسار ويسار الحزب الديموقراطي أن يؤيدا ترشيح هيلاري كلينتون، التي مثلت قبل عهد بيل كلينتون وفي بدايته طموح هذا اليسار الذي سرعان ما بددته خلال الولاية الثانية لزوجها وخلال وجودها في مجلس الشيوخ ووزارة الخارجية الأميركية، والمثال الأبرز على ذلك كان تصويتها لصالح الحرب على العراق. تحاول كلينتون استمالة يسار الحزب عبر الإيحاء بالابتعاد عن «وول ستريت» وطرحها أخيراً فكرة مشاركة الموظفين في ربح الشركات واضطرارها في وجه الطروحات اليسارية الى تسويق فكرة طرح مشروع لزيادة الضريبة على الأرباح الرأسمالية على الاستثمارات القصيرة الأمد من 20% الى حوالى 40%. هذه الطروحات على أهميتها ليست إلا ذراً للرماد في العيون. فبروز اليمين الجمهوري على الساحة السياسية الوطنية من خلال حزب الشاي في السنوات الماضية ومن خلال دونالد ترامب الآن يجب أن يحفز اليسار على الإبقاء على زخمه الحالي وعدم الخضوع للوحدة الزائفة لأن الحلم الأميركي لن يبقى أو يستعاد إلا بحركة اشتراكية ديموقراطية تنتزع الولايات المتحدة ونظامها الديموقراطي من براثن أوليغارشية مالية وميروقراطية وتعيدهما وطناً ونظاماً من الشعب وبواسطة الشعب ومن أجل الشعب.
طارق الملاح، إيهاب يزبك، فراس بو زين الدين وبلال علاو. موقوفون منذ الأربعاء الماضي، لدى «فرع المعلومات»، بإشراف المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود. المتورطون بقضية حجز حرية الشبان الأربعة لا يخفون أن الهدف هو تأديبهم بحجّة التحقيق معهم. التهمة: رشق سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ببعض من أكياس النفايات التي رشقت بها الحكومة عموم «المواطنين»
حسين مهدي - الاخبار
التحقيق مع الشاب طارق الملاح ورفاقه الثلاثة لم يتوقف منذ يومين، كما لو أنه مجرم خطير يهدد الأمن القومي للبلاد بكيس نفايات رماه على سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس خلال اعتصام «طلعت ريحتكم». الوقاحة بلغت بالمتورطين في عملية التوقيف الاعتباطي أنهم يجاهرون بأن الشبان الأربعة سيبقون قيد التحقيق طوال المدة التي يسمح بها القانون، أو بمعنى أوضح، يجاهرون بأنهم ينفذون تعليمات سياسية بحجز حرية مواطنين تعسفاً.
عملية توقيف الملاح، يوم الأربعاء الماضي، كانت الأسرع في تاريخ عمل «فرع المعلومات»، الذي اعتقل الملاح ورفاقه بعد أقل من نصف ساعة على ادعاء وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عليه واتصاله بالمدعي العام للتمييز سمير حمود، للضغط من أجل نيل «حقه» من الملاح، وإلا « فأنا أعلم كيف آخذه»، بحسبما ما صرّح لموقع «النهار».
ما هو هذا التحقيق المستمر منذ يومين؟ عمّ يُسأل اليتيم ورفاقه بالتحديد؟ كم كيساً من النفايات رميت على السيارة؟ في هذا الوقت، سعى تيار المستقبل إلى استغلال حادثة رشق سيارة درباس بالنفايات، لخلق قضية «مظلومية» جديدة ضد «الطائفة السنية»، بهدف إعادة شدّ العصب «الطائفي» وتوظيفه في حماية مصالح سياسية ومالية، حتى ولو تطلب ذلك إطلاق كذبة فاقعة تقول إن هؤلاء الشبان مجندون لدى سرايا المقاومة للتعرض لرموز الطائفة، علماً أن المشاركين في هذه الاعتصامات، وتحديداً الذين اعتُقلوا، منخرطون في نشاطات ذات طابع حقوقي مطلبي، أو منتسبون إلى تنظيمات شبابية يسارية، وهذا أمر لا يمكن تيار المستقبل إثبات عكسه مهما أثار شائعات عبر وسائل الإعلام التابعة له وتصريحات نوابه وهيئاته الأهلية والمنتفعين منه. من جهته، وجد وزير الشؤون الاجتماعية في هذه الحادثة فرصة للانتقام من الملاح، فالأخير كان قد لجأ إلى وزير الشؤون الاجتماعية لإنصافه في قضية اغتصابه داخل دار الأيتام الإسلامية، ولحماية باقي الأطفال، إلا أن درباس أعلن صراحة تخليه عن مسؤولياته في الوصاية والإشراف على دور الرعايا، متهماً الملاح بالكذب، علماً بأن دار الأيتام الإسلامية نفسها كانت قد أقرت في وقت سابق بوقوع الحادثة، عبر بيان لفتت فيه إلى استعدادها لـ»الوقوف إلى جانب الملّاح». يضاف إلى ذلك أن درباس لم يتوان عن الذم والقدح بحق الملاح مراراً وتكراراً، إذ دعاه مرة «لستر عورته» كي لا يتعرض للاغتصاب، ومرة وصفه ورفاقه «بالفئران». تضامناً مع الملاح ورفاقه الثلاثة إيهاب يزبك، فراس بوزين الدين وبلال علاو، نفّذت جمعية المفكرة القانونية ورفاق طارق اعتصامين. الاعتصام الأول عند التاسعة صباحاً أمام مبنى قصر العدل، والثاني عند الساعة السادسة أمام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية، ثم انتقل المعتصمون مجدداً إلى أمام قصر العدل، مطالبين المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بالإفراج الفوري عن الموقوفين الأربعة. القاضي حمود قال في حديث مع «الأخبار» إن التحقيق مع الملاح والموقوفين الآخرين «يأخذ مجراه القانوني، وقد يمتد لستة أيام، تنتهي إما بالتوقيف وإما بإخلاء السبيل»، علماً بأن مدة التوقيف القانونية هي 48 ساعة قابلة للتجديد 48 ساعة أخرى فقط! المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، المحامي نزار صاغية، صرّح بأنها المرة الأولى في مسيرته المهنية يُمنع من التواصل مع موكله، ويُمنع عن موكله التواصل معه، رغم مرور أكثر من 24 ساعة على التوقيف. ورأى صاغية أن لا شيء يبرر التأخر الحاصل في التحقيق، وما يمارس حالياً هو تنفيذ «عقوبة مقنعة» و»انتقام مقنع» بحق الملاح «تحت غطاء التحقيق».
وأشار صاغية إلى أنه حين تتضرر الناس من النفايات، وحين تكون صحة مليوني مواطن مهددة بفعل ذلك لا تحرك الدولة ساكناً، لكن حين تُمس هيبة وزير بفعل كيس نفايات «هيدي عندها وزنها في المنظومة القضائية الأمنية»، واضاف صاغية ساخراً: «إن وزير تهان كرامته هذا شيء لا يجب السكوت عنه، وتُحرّك كل أجهزة الدولة لأجله، وتذهب أبعد ما يمكن بالتحقيقات». واحدة من الأمور التي يعيبها صاغية على النيابة العامة التمييزية، هي عدم تمكينه من التواصل مع طارق الملاح بصفته وكيله القانوني، علماً «أننا تقدمنا بطلب لأجل ذلك في نفس اليوم الذي اعتقل فيه، وهذا يشكل انتهاكاً كبيراً للمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية»، وأسف صاغية لأن يصدر مثل مخالفة كهذه عن النيابة العامة التمييزية نفسها. «المعركة» الحاصلة حاليا تذكر بـ»أهمية استقلالية القضاء» أحد الشعارات الأساسية التي رفعت خلال الاعتصامات تضامناً مع الملاح. وندد المعتصمون أمس بـ»درباس الحساس»، واتهموه بـ»حماية المغتصبين» والضغط على القضاء للانتقام من المواطنين. إضافة إلى تهديد درباس العلني لطارق الملاح، عبر «تحصيل حقه بنفسه إن لم يقم القضاء بذلك».
«الوزير صار في ملفات كبيرة عليه»، يقول صاغية. الأول هو ملف تخليه عن كل مسؤولياته في موضوع دار الأيتام الاسلامية، ودور الرعاية، بينما كل مسؤولية وزارته تنصب في هذا المضمار، 71% من موازنة وعملها الوزارة يقع على دور الأيتام، «وهذا المحل لازم يكون الشغل الشاغل للوزير، ولكن هو قرر إنو هيدول غير قابلين للمحاسبة، ويكون قد تخلى بذلك عن مسؤولياته». الملف الثاني هو القدح والذم بحق الملاح، من تاريخ فضح الملاح لملف الاغتصاب في دار الأيتام حتى اليوم، حيث استخدم الوزير كلاماً بذيئاً، وآخره أول من أمس حين وصف طارق ورفاقه بأنهم أوسخ من الزبالة. والملف الثالث الذي يحكي عنه صاغية هو التهديد المباشر للملاح. ووعد صاغية باستكمال المعركة إعلامياً وقضائياً حتى رفع الحصانة عن الوزير وتحويله إلى المجلس الأعلى لمحاسبة النواب والوزراء. وقالت المحامية نرمين سباعي من جمعية بدائل، إن هناك دعوة قضائية مرفوعة بالتعاون مع المفكرة القانونية ضد وزارة الشؤون الاجتماعية، وقد تخطى الأمر موضوع الملاح، ونطالب بالتحقيق والمسائلة وإقرار قانون مدني للرعاية البديلة، وأن تكون الوزارة العين الراقبة على هذه المؤسسات في المرحلة الحالية.
استشهدوا لنحيا وليبقی الوطن
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني لحضور مسير ومهرجان شهداء الاتحاد المركزي وذلك لمناسبة الذكری التاسعة لعدوان تموز الصهيوني علی لبنان
المكان: بلدة عيترون - الجنوب نهار السبت 1 آب الساعة 6.30 مساءً في قاعة البلدية.
البرنامج: كلمة اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني كلمة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية كلمة بلدية عيترون برنامج فني موسيقي ومسرحي
الدعوة عامة. النقليات مؤمنة من فروع الاتحاد في الجنوب ومن مركز الاتحاد الرئيسي - مار الياس
«برجا تتحدى واشنطن»، العبارة التي كتبت على شاحنات المقاول جهاد العرب المصادرة عند الأوتوستراد الساحلي، شكلت دلالة بالغة الوضوح على أن التسوية التي أعلنها الرئيس تمام سلام لنقل نفايات بيروت الى إقليم الخروب قد دفنت في مهدها. وفي وقت لم يزل فيه هذا الملف يراوح في الحلول الترقيعية، لوّح النائب وليد جنبلاط بإمكانية إعادة فتح مطمر الناعمة لفترة قصيرة في حال فشل خيار المواقع المؤقتة وشرط نجاح المناقصات
بسام القنطار - الاخبار
«الاتصالات المكثفة» التي أجراها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري للتوصل إلى صيغة حل مرحلي فوري وموقت لمعضلة النفايات في بيروت وضاحيتها ومناطق في جبل لبنان، لم تنفع في رفع النفايات من هذه المناطق فوراً، ولم تنجح في الوصول الى المواقع المحددة من قبل وزارة البيئة.
ففي الوقت الذي لم تخرج فيه أي شاحنة من موقعي الكرنتينا والعمروسية الى أي موقع في جبل لبنان حتى مساء يوم أمس، عادت أكثر من ثلاثين شاحنة تابعة لشركة المقاول جهاد العرب أدراجها بعد أن منعها سكان منطقة إقليم الخروب من إكمال مسيرها الى موقع كسارة «CCC» في سبلين، حيث كانت تنوي تفريغ حمولاتها.
وعلمت «الأخبار» أن شركة سوكلين التي قامت برفع كمية كبيرة من النفايات من بيروت والضواحي بعد أن أفرغت جزءاً من مخزون مراكز المعالجة، أصدرت تعليمات إلى غرفة العمليات فيها بالتوقف عن الجمع في فترة بعض الظهر، بعد قطع الطريق الى مكب سبلين، لأن مراكز المعالجة امتلأت من جديد بالنفايات، في حين بقيت النفايات التي حمّلت الى شاحنات العرب متوقفة في مكانها.منذ ساعات فجر يوم أمس تجمع شبان غاضبين عند مفارق عدة على الأوتوستراد الساحلي بين الجية وبرجا استعداداً لمنع أي شاحنة من المرور، وهذا ما حدث فعلاً عند الساعة التاسعة صباحاً حيث أمكن مشاهدة ثلاث شاحنات محمّلة بالنفايات المغلفة متوقفة في منتصف الطريق عند الأوتوستراد الساحلي وقد كتب عليها عبارة «لن يمر يا ... العرب»، في إشارة بالغة الوضوح إلى غضب الاهالي من الخطوة التي كان يفترض أن تشكل مدخلاً مؤقتاً لإعادة انتظام إدارة النفايات في عدد من المناطق الخدماتية التابعة لمجموعة افيردا (سوكلين وسوكومي).
وعبّر عدد من المعتصمين الغاضبين عن نقمتهم على القرار السياسي بنقل النفايات الى الاقليم، موجهين الشتائم والعبارات النابية بحق رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط.في تصريح إلى «الأخبار» قال جنبلاط إنه بناءً على مبادرة من الرئيس تمام سلام وافق على خطوة نقل النفايات الى الاقليم كحل مرحلي ومؤقت، طالباً أن تراعى الى أقصى حدّ عملية تخزين النفايات في موقع كسارة «CCC» بطريقة لا تؤدي الى تفاقم أزمة التلوث. ولفت جنبلاط الى أن هناك مشكلة سياسية في برجا وانقساماً بين مختلف مكوّناتها، وفي علاقة البلدة مع تيار المستقل، وبين التيار وبقية المكونات من الشيوعي الى الجماعة الاسلامية. وأردف ممازحاً: «يبدو أن رحلة خالد مشعل الى السعودية اقتصرت على العمرة ولم تتوصل الى صلحة تفتح أفقاً للحل».وحول الخيارات المتاحة للخروج من الازمة الحالية، شدد جنبلاط على أنه لم يلمس حتى الساعة مسعى جدياً يمكن أن يؤدي الى نجاح مناقصة بيروت والضواحي، التي تحتاج الى مطمر خارج نطاقها، والى تقدم العارضين للمناقصة. ولم يستبعد جنبلاط أن يعاد طرح مسألة التمديد القصير جداً لمطمر الناعمة لفترة أشهر، لكنه ربط النقاش حول هذه المسألة الحساسة في حال فشل خيار الانتقال الى المواقع المؤقتة التي تقترحها وزارة البيئة، وبالتوصل الى تسوية في موضوع المناقصات، ودون ذلك فإن الطريق الى مطمر الناعمة ــ عين درافيل ستبقى مقفلة.
وحول مسألة خيار إنشاء حاجز بحري وردم الشاطئ في خلدة، أعلن جنبلاط أنه يتفهّم رفض العديد من المكونات السياسية لهذا الطرح، مشيراً الى أنه تلقى تقريراً من مصلحة الطيران المدني تفيد باستحالة إقامة منشأة للنفايات بالقرب من المطار، لأن ذلك يؤثر في سلامة الطيران بفعل تكاثر الطيور «الجامعة للنفايات» في أجواء المكب الملاصق لمدرج المطار من الجهة الغربية.ميدانياً، ومن مفرق الجية الى مفرق برجا تجمع عشرات الشبان قاطعين الطريق، ما أدى الى زحمة سير خانقة وعلقت مئات السيارات في الزحام، وأبدى المواطنين تذمرهم من قطع الطريق أمامهم، معتبرين أنهم «غير مسؤولين» عن فشل الحكومة. في المقابل، حاول بعض الشبان، ممن قطعوا الطريق، التواصل مع العالقين في سياراتهم شارحين لهم وجهات نظرهم ومخاوفهم البيئية والصحية من خطة سلام.وقال سائق شاحنة تابعة لـ«شركة العرب» لـ«الأخبار»: هجم عليّ أكثر من خمسين شاباً غاضباً وصادروا المفاتيح، وشتموا صاحب الشركة ومنعوني من إكمال طريقي. كذلك، أفرغ المعتصمون شاحنات محملة بالردميات والحجارة، كانوا قد استقدموها، وسط الاوتوستراد الساحلي في الجية على المسربين، مؤكدين استمرار الاعتصام حتى عودة الحكومة عن قرارها بنقل النفايات إلى منطقة إقليم الخروب.وأكد رئيس بلدية الجية جورج قزي لـ»الأخبار»، أثناء مشاركته في قطع الطريق، أن الاتجاه هو لقطع الطريق الدولية حتى ساعات المساء، ثم ينتقل المعتصمون الى الطرقات الفرعية منعاً لدخول أي شاحنة الى الاقليم، مجدداً رفض بلديات المنطقة بشكل قاطع أي تسوية حول الموضوع. الرفض المطلق لدخول الشاحنات عبّر عنه أيضاً رئيس بلدية بعاصير أمين القعقور الذي عبّر عن غضبه من التسوية التي يحاولون تمريرها على حساب صحة أهل الاقليم الذين دفعوا منذ ربع قرن ضريبة تلوث معمل الجية الحراري ومعمل الاسمنت في سبلين واليوم يريدون تحميلهم تلوث النفايات.
وعقد اجتماع طارئ في وزارة الداخلية، بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ورؤساء اتحاد بلديات إقليم الخروب، لبحث أزمة النفايات، في حضور وزيري البيئة محمد المشنوق والزراعة اكرم شهيب والنائب علاء الدين ترو، والأمين العام لتيار «المستقبل» احمد الحريري.وقال وزير الداخلية: «كان اجتماعاً جدياً وضرورياً، ولو انه أتى متأخراً، مع رؤساء اتحاد بلديات اقليم الخروب. أكدت لهم باسم الحكومة انه لا ولن يحصل أي شيء في الاقليم بشأن المطامر أو المحارق أو أي امر له علاقة بالنفايات من دون موافقة اهل الاقليم او رضاهم، وهذا أمر محسوم ولا ينبغي لاحد ان يستغله في السياسة ويضعه على الطرقات في وجه الناس، لأن وضع هذا الأمر في وجه الناس يشكل ظلماً لهم لا يقبله أهل الاقليم ولا المظلومون ولا الحكومة».وبعد الاجتماع اعلن رئيس بلدية شحيم محمد منصور، ان مسالة نقل النفايات الى الاقليم ستبحث في جلسات لاحقة مخصصة لنقاش هذا الموضوع. بدوره أكد رئيس بلدية برجا نشأت حمية ورئيس بلدية جدرا الأب جوزيف القزي، ان وزير الداخلية «تعهد بعدم نقل أي نفايات إلى الإقليم، ما دام الأهالي يرفضون هذا الأمر».
وأعلنا ان اتحاد البلديات سيعقد اجتماعاً اليوم لمتابعة التطورات.وعلمت «الاخبار» ان المشنوق عرض ان تدفع الدولة للبلديات مبالغ مالية مقابل السماح بوصول النفايات الى سبلين.وفي جبل لبنان، ورغم المسعى الذي أعلن عنه الرئيس سلام لنقل النفايات الى عقارات حدّدها رؤساء اتحادات البلديات، ضمن تسوية شارك فيها رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل، علمت «الأخبار» أن هذه التسوية لم تبصر النور حتى مساء أمس. وأكد الناشط البيئي بيار أبي شاهين أن شاحنات في الظلام أفرغت نفايات من المنصورية والرابية على الاوتوستراد في نطاق بلدية كفريا، ما استدعى تدخل رئيس البلدية لنقلها الى مكب كفريا. وأكد أبي شاهين أن هذا العمل اللصوصي مرفوض وسنواجهه في حال تكرر من قبل أي بلديةوفي صور، حذر رئيس اتحاد بلديات قضاء صور عبدالمحسن الحسيني من «تهريب شاحنات محملة بالنفايات آتية من بيروت الى مكب راس العين جنوب مدينة صور، في محاولة للتخلص من الازمة القائمة في بيروت وضواحيها على حساب المناطق». وهدّد «بمنع وقطع الطريق على هذه الشاحنات وحجزها».
وكانت شائعات انتشرت في النبطية تتحدث عن اقتراح لطمر كميات من النفايات في مزرعة بصفور التابعة عقارياً لبلدة أنصار. وفي اتصال «الأخبار» برئيس بلدية أنصار صلاح عاصي، نفى ما تردد، مشيراً إلى أن المزرعة ملكية خاصة تابعة للطبيب علي غندور الذي يستقبل شاحنات تفرغ سماداً عضوياً ناتجاً من إعادة تدوير النفايات لاستخدامه في الزراعة.ومن زغرتا شدد رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض على أن «كل بلدات قضاء زغرتا ــ الزاوية خط أحمر».وتجمع شبان من بلدات عكارية عدة وسط ساحة حلبا الرئيسية، بشكل سلمي ومن دون ان يقطعوا الطريق، استعداداً لمنع نقل النفايات إلى عكار.وفي البقاع (أسامة القادري) إثر تصريح لوزير البيئة، تحرك أهالي بلدة برالياس والبلدية ونفذوا اعتصاماً على الطريق الدولية، رافضين تصدير النفايات اليهم، تحت عنوان أن البقاع يكفيه ما يعانيه من تفاقم في تلوث نهر الليطاني وما يعانونه من نفاياتهم وسمومها جراء احتراقها بين الحين والحين.
هذا ما جناه نظامنا علينا. أزمة نفايات متكررة تحدث كلما آن أوان تمديد عقود المطامر السامة أو عقود الشركة المحتكرة لملف النفايات بأسعار خيالية.ورغم أن الشركة لا تقوم بالمطلوب منها لجهة إعادة التدوير والتسبيخ، تتقاضی لقاء الجمع والطمر مبالغ طائلة تعتبر من الأعلی في العالم وذلك علی حساب ميزانيات البلديات الفارغة. وفي حين صارت الدول الكبری تستورد النفايات لاستخراج الغاز منها وتوليد الكهرباء، ما زالت دولتنا ترمي نفاياتها أمراضاً سرطانية في صدور المواطنين.
وبعدما دفع أهل الإقليم والشحار فاتورة مطمر الناعمة من صحتهم وحياتهم طوال سنوات طويلة، ومثلهم أهل الشمال والجنوب والبقاع القاطنين قرب المطامر العشوائية، يدفع كل اللبنانيون اليوم وخاصة أبناء المدن فاتورة فشل النظام الذريع وهو الذي باتت رائحته تزكم الأنوف مثل رائحة النفايات المنتشرة في الشوارع.
مع كل تمديد تحدثوا عن خطط تطلب وقتاً لإقامة معامل الفرز وإعادة التدوير، وكانت النتيجة كذباً وذراً للرماد وللنفايات في العيون. لقد شبعنا تسويفاً ومماحكة.
هذه الأزمة ليست أزمتنا. إنها أزمة النظام الذي يجب أن يتحمل مسؤوليتها وحده، وهذا النظام يتجسد بالسلطة السياسية الحاكمة في الحكومة والمجلس وفي السلطة الاقتصادية المكملة الموجودة في المصارف والشركات الاحتكارية والعقارية وفي سوليدير وأخواتها.هؤلاء هم سبب العلة التي نعيشها منذ عقود حيث تتجلى أزمات نظامهم وتنعكس علينا معاناة في الكهرباء والمياه والنفايات والفساد وارتفاع معدلات الجريمة وفي الفقر المنتشر في كل الاتجاهات.
فليتحمل النظام إفرازات أعماله وممارساته وحدهفليغضب الناس في الشارع وتزداد أعمال الاحتجاج التي بدأت أمس في بيروتفلتجمع أكوام القمامة من شوارعنا وأحيائنا وتذهب إلى أبواب كل هؤلاء وليأكلوا حصرمهم وحدهم.
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانيالمكتب التنفيذي25 تموز 2015