ضمن حملة "أنت بخطر" التي أطلقها منذ بضعة أسابيع، أقام اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني 4 اعتصامات في بيروت طرابلس وعالية وصيدا بشعارات موحدة أمام مراكز وزارة المالية ومكاتبها في المدن المذكورة، وكان موضوع الاعتصام لهذا الاسبوع متمحوراً حول الضمان الاجتماعي الرازح تحت عجز مالي كبير ولا يؤمن التقديمات الكافية والضرورية للعاملين والمتقاعدين والعاطلين عن العمل ما مع يرافق ذلك من هدر وفساد، وكذلك حول السياسة المالية والضريبية للدولة بشكل عام، التي تهمل حقوق المواطن في الطبابة والاستشفاء وتتقاعس عن تفعيل وتمويل شبكات الرعاية الاجتماعية العامة وعلى رأسها الضمان الاجتماعي.
وقد رفع المشاركون في الاعتصام شعارات كتب فيها: "الضمان الاجتماعي حق لكل مواطن ومقيم"، "أكثر من 50% من الشعب اللبناني مش مضمون.. والباقي مسجل وما بيستفيد"، "عجز الضمان الاجتماعي 700 مليار ليرة ومستحقاته لدى الدولة 1000 مليار"، "نعم لضمان اجتماعي يستفيد منه المسنون والعاطلون عن العمل"، "زعماء ومؤسسات الطوائق ليست ضماناً بديلاً"، "نعم لضمان الطبابة المحترمة لكل اللبنانيين" و "مصاري صندوق نهاية الخدمة... وينن؟"
كما ألقيت كلمة من اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في كل من هذه الاعتصامات، جاء فيها:
" أيها الأصدقاء والرفاق..
من دون أي مقدمات، أنت بخطر. الحالة الإقتصادية في إنهيار، والوضع المعيشي تخطى الحدود الحمراء، ووحش الغلاء يشق طريقه بكل نجاح ساحقا ً المداخيل المحدودة المتهاوية بفعل الضرائب. بإختصار، واقعنا متردي، حياتنا قلقة، مستقبلنا مهدد، نحن بخطر. ولا يوجد في لبنان أي شكل من أشكال التغطية الإجتماعية أو شبكات الأمان الإجتماعي. أما الملجأ الأخير لذوي الدخل المحدود وهو الضمان الإجتماعي، وبالرغم من أنه غير كاف ولا يلبي الطموحات، فأيضا ً بخطر.
وكما هو الحال مع هذه السلطة في مختلف المؤوسسات والقطاعات، فالسائد هو الهدر والفساد والسرقات. فتسيطر سياسات ٌ عشوائية لا مدروسة، تؤدي إلى شفير الهاوية. وهذا هو اليوم واقع الضمان الإجتماعي، الذي أنشئ عام 1963 بفعل نضالات العمال والموظفين في ذلك الوقت. وبالرغم من أن الضمان وتغطيته ليست بالكافية، إلا أن المستفيدين من الضمان والذين لا يتجاوز عددهم مليون و300 ألف لبناني مهددون بخسارة هذا الملجأ الذي يساهم إلى حد ٍ ما بالتخفيف من أعباء التكاليف الصحية.
لقد بلغ الوضع المالي في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الخط الأحمر. (هذا بإعتراف السلطات الرسمية وإدارة الضمان). فالإستدانة من أموال فرع نهاية الخدمة لتغطية العجز المتراكم في فرعي ضمان الأمومة والمرض والتعويضات العائلية قد تجاوز 700 مليار ليرة بنهاية سنة 2009. أي أن إدارة الضمان قد بدأت تتصرف بمدخرات اللبنانيين، بحقهم في تعويض نهاية الخدمة من أجل تغطية عجز ٍ متراكم. هذا العجز الذي بدأ بالظهور في الأرقام المالية للضمان منذ عام 2001. ولماذا ذلك العام بالتحديد؟ لأنه بذلك العام جرت المؤامرة بين ممثلي الحكومة وأرباب العمل في مجلس إدارة الصندوق. مؤامرة جرى تمريرها بحجة أن الضمان يحقق فائض مالي (وهو كان فائض صغير). فجرى تخفيض معدل الإشتراك لدى فرع المرض والأمومة من 15% إلى 9%. وتخفيض معدل معدل الإشتراك لدى فرع التعويضات العائلية من 15% إلى 6%. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الضمان يقع بعجز ٍ سنوي متراكم، عجز ٌ وصل إلى مرحلة ٍ يهدد بنية هذا الصندوق. بل أكثر من ذلك، فمقابل العجز المتراكم المذكور سابقا ً والذي تجاوز مبلغ 700 مليار ليرة، تتقاعس الحكومة عن إيفاء الصندوق الديون المستحقة عن إشتراكات موظفي القطاع العام التي تجاوزت الألف مليار. وهذا مؤشر على كيفية تعاطي السلطة مع هذا الملف، بالتآمر مع أرباب العمل بتخفيض الإشتراكات من دون الإكتراث بمصير هذا الصندوق. وحين أرادوا زيادة واردات صندوق الضمان، توجهوا إلى الطلاب، فرفعوا إشتراكاتهم من 90 ألف إلى 150 ألف ليرة. يحاولون تغطية جزء ً من العجز الناتج عن مؤامراتهم وهدرهم وسرقاتهم من جيوبنا، جيوب الطلاب.
إن المعطيات المالية المتكررة خلال السنوات الماضية في صندوق الضمان تؤكد إستمرار الإختلال في التوازن المالي. لذلك نطلب من الحكومة خطة فورية بهدف إستقرار الدورة المالية للصندوق، أن يتم رفع الإشتراكات في فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية، على أن يوازيها رفع الحد الأقصى للراتب الخاصع للإشتراك من مليون ونصف مليون ليرة إلى مليونين ونصف مليون ليرة.
ونطالب أيضا ً بوضع خطة طويلة الأجل، خطة لتغيير هيكلية الضمان. خطة لمعالجة واقع الطبابة والصحة في كل لبنان، كخدمة ٍ عامة من واجب الدولة تأمينها مقابل الضرائب التي تجبيها. خطة ٌ لا تربط بين تأمين حق الطبابة والإشتراكات في الضمان. بل تربط بين الضرائب المفروضة والخدمات العامة التي من الواجب تأمينها في المقابل. فمفهوم الضريبة هو إيرادات الدولة مقابل الخدمات التي تؤديها. وفي أولوية تلك الخدمات تأتي الصحة. فالضرائب تطال الجميع، ومقابل تلك الضرائب من حق الجميع، لبنانيين ومقيميين على الأراضي اللبنانية بالطبابة. فهل يعقل أن من يبلغ سن التقاعد، يلغى حقه بالإستفادة من الضمان الصحي؟ علما ً أن حاجته إلى الإستشفاء والطبابة تكبر مع التقدم في العمر، فنظام الرعاية الصحية للمسنون هو أولوية. وهل يعقل أن لا يستفيد من التغطية الصحية العاطلون عن العمل الذين بطبيعة الحال هم الأقل قدرة على تسديد تكاليف الإستشفاء. وأيضا ً من حق كل مقيم على الأراضي اللبنانية مهما كانت جنسيته أن يحصل على الرعاية الطبية اللازمة بما أنه خاضع لمختلف أنواع الضرائب. ومن الضروري مواكبة التطور الطبي، فتتم تغطية تكاليف العلاج التي يتبعها الطب الحديث التي بمعظمها غير مغطاة من الضمان. هذه بعض أوجه قصور الضمان بشكله الحالي، من هنا تأتي مطالبتنا بخطة ٍ لتغيير مفهوم الضمان، ضمن خطة صحة عامة شاملة تتعاطى مع الإنسان وحقه بالحياة اللائقة والكريمة. لا نطلب المستحيل، بل هي أبسط الحقوق، الصحة. أوقفوا معانتنا مع المستشفيات والأدوية ضمن خطة إنقاذ لواقع الصحة والطبابة.
يا شباب لبنان، هذه أبسط حقوقنا بالحياة مهددة. وعدم المبالاة وعدم الإكتراث هو ما تريده هذه الطبقة الحاكمة، لكي تكمل بنفس السياسات التي تضرب فيها كل يوم مكتسابتنا. لنعي مصالحنا، مصالح السواد الأكبر من الشعب. فلا صلاحيات رئيس الجمهورية سوف تقدم لنا شيء. ولا الوزير بالناقص أو بالزائد سيغير شيئا ً من واقعنا. وما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية، ماذا قدمت من أجل مصالحنا؟ أثبتت التجارب في لبنان والعالم أن مصالح الطبقات الشعبية لا تقدم كمنة ٍ من أحد، بل بوعينا لحقوقنا ومصالحنا والسعي خلفها في مختلف الوسائل هو الأمل الوحيد بحياة ٍ أفضل ومستقبل مشرق. فنحن كلنا مدعوون أن ننزع عنا قيود العجز واللامبالاة، وللناضل سوية ً من أجل مصالحنا نحن، لا خلافاتهم هم. "
وبعد أن تركزت حملة "أنت بخطر" في بيروت خلال الاسابيع الماضية، انتقلت هذا الاسبوع الى المناطق اللبنانية لإيصال الصوت عالياً من أجل شباب لبنان من كل مناطق لبنان، لعل آذان الحكومة الصماء تسمع أصوات معتصمي بيروت وطرابلس وعالية وصيدا فتلفت الى حقوقهم وواجباتها تجاههم.
وتستكمل الحملة بتحركات متشابهة ومتنوعة كل نهار سبت بعناوين اقتصادية واجتماعية ومطلبية متنوعة.