Hiba Awar

Hiba Awar

إستشهادكم لنحيا و يبقى الوطن في ذكرى إستشهاد الرفيق الشهيد فضل بسمه ، قام إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني (فرع البازورية) إضاءة شموع على أضرحة شهداء البازورية في حرب تموز :

الشهيد فضل بسمة

الشهيد أسعد سرور

الشهيد أسد حبس

الشهيد فوزي جفال

الشهيد هادي شبلي

الشهيد حسام قرعوني

الشهيدة نظيرة برو

الشهيدة زهرة قرعوني

إستشهادكم لنحيا و يبقى الوطن في ذكرى إستشهاد الرفيق الشهيد فضل بسمه ، اقام إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني (فرع البازورية) مباراة لكرة القدم بين فريق الشهيد فضل بسما وفريق الشهيد الرفيق هلال بواب على ملعب الكابتن نبيل جفال .و إنتهت المباراة بفوز فريق الشهيد الرفيق فضل بسمة بنتيجة ٨-٤. و قد قام إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني فرع البازورية بتقديم الكأس إلى الكابتن نبيل جفال تقديرا لجهوده .

مهى زراقط

وبعد شهرين ونصف شهر من الانتظار، خرج الدخان الأبيض من وزارة الداخلية، ووقّع الوزير مروان شربل على تسجيل عقد زواج نضال درويش وخلود سكرية المدني، ليفتح الباب أمام آلاف اللبنانيين الراغبين في الزواج مدنياً لتحقيق ذلك على أرض وطنهم.

الخبر السارّ أعلنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان على صفحته على موقع «تويتر» قرابة السابعة إلا ربعاً من مساء أمس، تلاه الوزير شربل قبل أن يدخل إلى اجتماع يغيب خلاله عن السمع.

لكن خلود ونضال كانا على علم بموافقة شربل على تسجيل عقد زواجهما منذ الساعة الحادية عشرة صباحاً. اتصل بهما رئيس المركز المدني للمبادرة الوطنية طلال الحسيني، وأبلغهما به. والأخير كان قد عرف من أحد الأشخاص، نقلاً عن شربل. واللافت أنه رغم معرفة أصحاب العلاقة بالأمر منذ الصباح، لم يعلنا عنه إعلامياً «كي لا يقال إننا نستغلّه وفضّلنا الانتظار، لنفاجأ بأن الرئيس هو من أعلنه» يقول الحسيني. وهذا أمر لا يخلو من دلالة، إذ يشير إلى رضى كلّ من الرئيس والوزير عن القرار، ورغبتهما في تبنّيه وإخراجه كإنجاز يقدّم إلى المواطنين.

إنجاز مضيء في ظلّ اليوميات السوداء التي يعيشها اللبنانيون على وقع الانقسام السياسي والطائفي الحاد الذي يعيشون في كنفه.

هي خطوة على طريق الدولة المدنية، يؤكد الحسيني. وفي حين يتحفظ عن ذكر الخطوات اللاحقة، يكشف عن وجود عشرات الشبان الراغبين في الزواج مدنياً «وكنا قد طلبنا منهم التريّث لنرى ما ستؤول إليه قضية زواج خلود ونضال، ليس لعدم ثقتنا بقانونيتها وإنما لمزيد من الوضوح».

ورداً على سؤال عن حيثيات قرار شربل، الذي احتاج إلى شهرين ونصف شهر من الوقت، يوضح الحسيني أن ما كان مطلوباً من وزير الداخلية هو التأكيد على قانونية الخطوة من حيث الشكل وليس الأساس، «لكنه توسّع كثيراً في البحث وبذل جهده في المعارضة طارحاً الكثير من التساؤلات المتعلقة بالاساس، ورغم ذلك حصل على إجابات تثبت قانونية العقد، ولم يكن أمامه إلا التوقيع».

وماذا عن الشروط التي وضعها شربل على العروسين، كعدم تغيير طائفتيهما والتزامهما اتباع قانون الاحوال الشخصية المعمول به في كل ما يتصل بمفاعيل هذا الزواج، كما نقل عنه، رأى الحسيني إن لا صلاحية لشربل لوضع الشروط لأن هذه امور تطال الأساس وتبحث في المحاكم.

أما العروسان، خلود ونضال، فقد توجها أمس، وفور تلقيهما الخبر، إلى مديرية الأحوال الشخصية للحصول على إفادة الزواج، وهناك تبلّغا بأنها ستحوّل إلى دائرة النفوس في الهرمل حيث يمكنهما الحصول عليها... «وعلى إخراج القيد العائلي» تقول خلود ضاحكة. العروس، التي تحمل طفلاً في أحشائها، باتت مطمئنة إلى مصيره، فخورة بزواج مدني «صنع في لبنان»..

الجمعة ٢٦ نيسان ٢٠١٣

فشلت محاولات ضرب الحريات النقابية بالضغط على مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس لصرف حنا غريب من ثانوية مار الياس بطينا الخاصة. فالقائد النقابي يعود اليوم إلى طلابه، بعد اتصال تلقاه أمس من مدير الثانوية يقول له فيه «نحن بانتظارك». وكانت البلاد قد ضجت في اليومين الأخيرين بخبر تعيين بديل دائم منه بحجة اختفائه شهراً ونيّف وعدم إعلام الإدارة بتغيبه. أما راتب الرجل فحجز في المدرسة ولم ينزل في المصرف كالعادة

فاتن الحاج

ليست القضية صرفاً تعسفياً بقدر ما هي انتقام من رمز نقابي ذنبه أنّه خرج إلى الشارع لحماية حقوق الناس. هذا ما قاله رفاق حنا غريب في ساحات النضال فور انتشار خبر الاستغناء عن خدماته في ثانوية مار الياس بطينا الخاصة. لكن إدارة الثانوية لم تتأخر في الاتصال بالقائد النقابي لتدعوه مجدداً إلى العودة إلى الصف بعدما ضجت البلاد في اليومين الأخيرين بالخبر.

لم يقرأ النقابيون السيناريو خارج إطار الهجمة المنظمة التي شنّتها الهيئات الاقتصادية واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ضد هيئة التنسيق النقابية منذ بدء معركتها المفتوحة من أجل انتزاع سلسلة رتب ورواتب جديدة.لا ينفصل القرار، برأيهم، عن هذا السياق، «فالمشكلة ليست بين أستاذ وإدارة مدرسة خاصة، بل بين رمز نقابي ومرجعيات اقتصادية وسياسية ودينية عليا تريد كسر رأس هيئة التنسيق على قاعدة: إذا كان رأس الحركة النقابية لا يستطيع أن يحمي نفسه فكيف سيحمي المعلمين؟». ببساطة، يرى النقابيون «أن أصحاب المدارس الخاصة يريدون توجيه ضربة لحراك استطاع أن يفك أسر ضغوط يمارسها هؤلاء على الأساتذة في لقمة عيشهم. يرغبون في ضرب الحريات النقابية في الصميم».الثابت أنّه ليس هناك كتاب رسمي بصرف غريب من الثانوية. لكن ماذا حدث فعلاً خلال المكالمة الهاتفية الأولى التي أجراها النقابي بمدير الثانوية ميشال بيطار، ليل 24ــ25 من الشهر الماضي، أي بعيد تعليق الإضراب المفتوح لهيئة التنسيق، بغية التشاور معه بشأن استئناف التدريس؟تقول مصادر مطلعة على الحكاية إنّ بيطار أبلغ القائد النقابي، بعد شكره على جهوده بانتزاع سلسلة الرتب والرواتب، قرار الاستغناء عن خدماته. تنقل المصادر ما حصل عندما سأل غريب المدير: «شو بدنا نعمل؟»، فأجابه الأخير: «ما في ضرورة تجي لأننا أمنّا أستاذة جديدة كبديل دائم وعليك خير للسنة الجايي». انتظر الرجل تسلّم كتاب رسمي في هذا الشأن، لكن ذلك لم يحصل قبل 30 الشهر الماضي، أي موعد قبض الراتب الشهري. بل إنّ المفارقة أنّ غريب لم يعثر على راتبه في المصرف بعد 20 عاماً من التعليم نسج خلالها علاقات متينة مع إدارة الثانوية وقدم فيها الكثير من التضحيات، على حد تعبير المصادر. أضافت الأخيرة: «لا أحد في لبنان لا يعرف أين كان حنا غريب خلال هذه الفترة. فهو خرج إلى الشارع ليحمي حقوق المعلمين في المدارس الرسمية والخاصة على حد سواء».أما بيطار، فيروي لـ«الأخبار» تفاصيل أخرى عن مضمون المكالمة. يقول إنه هنّأ غريب على الإنجاز الذي حققته هيئة التنسيق للمعلمين. ويقرّ بأنه قال له «صحيح أننا أمّنا أستاذة بديلة، لكننا ننتظر منك الحضور إلى الثانوية للتفاهم بشأن أيام الغياب منذ 19 شباط، لكن غريب لم يأت على دوامه، الأربعاء الماضي، أي في 27 شباط، مع العلم بأننا كنا ننتظره ولم نستغن عنه أبداً». نسأل: ماذا عن قطع الراتب الشهري؟ يجيب: «نحن لم نقطع الراتب، وهو موجود في الثانوية، وكان باستطاعته أن يحضر ويأخذه في أي وقت». يعني محجوز؟! يلفت بيطار إلى أنّ مثل هذه القضية لا تعالج على الهاتف، ولم تكن تحتاج إلى كل هذا السجال الإعلامي، «وكنت أتمنى أن أُسأل عن الموضوع قبل إثارته هنا وهناك، وخصوصاً أنّه ليس هناك كتاب رسمي بأي إجراء بحق الرجل».وفيما يشير نقيب المعلمين نعمة محفوض إلى أنّه هو من توسط لدى بيطار لعودة غريب، علمت «الأخبار» أنّ بريد مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس التي تنتمي إليها ثانوية مار الياس بطينا غصّ في اليومين الأخيرين بمطالبات فعاليات دينية أرثوذكسية متضامنة مع غريب بالعودة عن قرار الصرف. أما محفوض فيعلق: «غيمة صيف ومرت، ولا أحد يستطيع في هذا البلد أن يدق بقائد نقابي. لذا تم استدراك الموضوع». لكن نقيب المعلمين كان قد وصف، قبيل اتصال بيطار بغريب، الإجراء بأنّه «لا يمت إلى الأخلاق وإلى الوطنية بأي صلة، إذ ليس مقبولاً أن يكافأ من ضحّى في سبيل البلد على هذا النحو». ولفت إلى أن نقابة المعلمين طلبت من محاميها الوزير زياد بارود تسلّم القضية والدفاع عن غريب، إذ كان مقرراً أن يذهب الأخير إلى كاتب عدل صباح اليوم لتوكيل بارود، على أن تعقد هيئة التنسيق اجتماعاً، عند الرابعة من بعد الظهر، لاتخاذ موقف من قرار الصرف. لكن اتصال بيطار ألغى كل هذه الخطوات النقابية والقانونية.إلى ذلك، تدفقت التعليقات التضامنية مع غريب على مواقع التواصل الاجتماعي فوز انتشار الخبر، فيما لم يثر الرجل نفسه القضية، رغم مرور أكثر من أسبوع على المكالمة الهاتفية الأولى.لكن هيئة التنسيق ستكون بالمرصاد لأي إجراء من هذا القبيل، ولن تسكت عن الانتقام، بل ستستخدم، بحسب رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر، كل وسائل الضغط كي لا يتحول ما حصل إلى سابقة بحق أي معلم أو موظف. ويلوّح بأنّ الهيئة، كما فعلت مع الوزراء والمديرين العامين الذين حاولوا أن يتخذوا إجراءات بحق بعض الموظفين المشاركين في الإضراب المفتوح، ستشهّر بأي شخص أو جهة تتعرض لحقوق يكفلها الدستور. أما رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني إيلي خليفة، فرفض مثل هذا القرار جملة وتفصيلاً، مؤكداً أهمية حماية النقابيين. من جهته، رأى رئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي محمود أيوب أنّ الإضراب حق ديموقراطي مكفول في الدستور، ولن «نقبل بمثل هذا القرار وبمحاسبة أي نقابي».كذلك استنكرت «مصلحة العمال والموظفين» في القوات اللبنانية في بيان أصدرته أمس قرار الفصل لكون المدة التي تغيّب خلالها غريب عن مدرسته كانت مشمولة بإضراب هيئة التنسيق، لذا فغيابه عن العمل حق مشروع يكفله القانون. من هنا، فقرار الفصل هذا هو ضرب للحركة النقابية برمتها، التعليمية بشكل خاص والعماليّة بشكل عام.

الثلاثاء ٢ نيسان ٢٠١٣

تستعد الدوحة لاستضافة ما يمكن وصفه بـ«قمة فوضى بلاد الشام» غداً، في ظل انقسام في صفوف المعارضة، هو الأعمق منذ تشكلها برعاية خليجية غربية في محاولة لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ويأتي في ظل استعدادات لتعميم حال الفوضى بما يشمل لبنان والعراق والأردن. استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في لبنان ليست بعيدة عن هذا السياق، الذي يجهد لدفع بلاد الأرز إلى فتنة ترتدي لبوساً مذهبياً بما يغرقها في فوضى، الهدف الأساس منها إشغال حزب الله وتهديده ومحوره. كذلك الأمر بالنسبة إلى الضغوط الرامية إلى دفع الأردن إلى التورط المباشر بالأزمة السورية. خطوة لا شك في أنها ستنعكس سريعاً أزمة داخل المملكة، أقطابها جماعة الإخوان المسلمين والمجموعات الفلسطينية التي تدور في فلكها، والتي سترى في ذلك متنفساً لها لانتزاع مكاسب من النظام، حيث ستجد المؤسسات العسكرية والأمنية، ومعها التيارات السياسية القومية واليسارية، نفسها تنزلق في مواجهة مع التيارات الإسلامية من الممكن للمرء توقع كيف تبدأ، لكن من الصعب استشراف الطريقة التي ستنتهي فيها. حتى العراق، حيث تدفع تركيا ودول الخليج وخلفها القسم الأكبر من الغرب نحو فوضى تجهد سلطات بغداد ومن خلفها الحليف الإيراني لإبقائها مضبوطة، ليس في منأى عن جهود تسعير المواجهة. حكومة نوري المالكي تدرك جيداً البعد الداخلي للأزمة. لكنها في الوقت نفسه مقتنعة بهيمنة العامل الإقليمي: تحريك المناطق الغربية ليس سوى رسالة ابتزاز لطهران تضع عاصمة العباسيين في مقابل عاصمة الأمويين. زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري المفاجئة للعراق لافتة جداً في دلالاتها. تأكيده على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، رغم علمه بأن الحالة الأمنية المزرية في الأنبار ونينوى ليست بريئة.

كل ذلك يحصل، فيما المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي يواجه تحدياً قد يدفعه الى ترك مهمته، علماً بأن هناك اتصالات جارية معه من قبل الأميركيين والروس لإجل إقناعه بالبقاء لفترة إضافية، في وقت يجري فيه الإعداد لمعركة كبرى للسيطرة على شمال سوريا، على ما تفيد المعلومات التي تضيف إنه يجري العمل حالياً، بعد إطاحة رئيس الائتلاف الوطني المعارض، أحمد معاذ الخطيب، على تشكيل مجلس عسكري جديد يضع «الجيش الحر» والمجموعات الإسلامية تحت سيطرته، على أن يتبع مباشرة للأتراك والخليجيين.

ولا يمكن هنا المرور على استقالة الخطيب بوصفها حدثاً عابراً، وخاصة أن حيثياتها تبدو أكثر تعبيراً منها. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر واسعة الاطلاع أن الدافع الأساس لهذه الاستقالة، أو ما يعرف بالشعرة التي قصمت ظهر البعير، كان تشكيل «الحكومة المؤقتة» في خطوة اعتبرها الخطيب عملاً تقسيمياً. وأراد الخطيب، على ما تفيد المصادر، من خطوته تلك إحراج قطر عشية قمة الدوحة التي تريد تطويب مقعد سوريا في الجامعة لرئيس الحكومة السالفة الذكر، غسان هيتو. كما أراد التأكيد على أنه عصيّ عن تلقي الأوامر. ولعل خشيته الحارقة، هو الدمشقي الأصيل، مما ينتظر بلاده وعاصمتها خلال الأسابيع المقبلة من هول دموي، أدت دوراً كبيراً في قراره. يضاف إليه طبعاً سخطه وغضبه وتأثره باغتيال العلامة الإسلامي محمد سعيد البوطي، ورعبه من تفشي تنظيم «القاعدة» وأخواته من التنظيمات التكفيرية، وقلة حيل مجموعته (التي تتحلق حول السياسي والداعية الإسلامي عصام العطار الذي سبق أن شغل منصب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا)، أمام القيادة الحالية المتنفذة والمتشددة لـ«الإخوان».

ولا شك أيضاً في أن للخطيب حساباته السياسية، في مقدمها أن شعبيته في الشارع السني بنيت على ميله إلى التسوية لا إلى التصعيد واستمرار المواجهة المسلحة. وهو لا بد أنه يدرك أن المزاج العام للمدن السورية قد عيل صبره وبات يبحث عن خاتمة تضع حداً لمآسيه، ويشعر بأن الافتراق بين مزاجي الخارج والداخل يتسع باطراد. وعليه، تفيد المصادر بأن رغبة الخطيب في الخروج من معمعة السقوف العالية والتصعيد الفالت من عقاله على الأرجح كانت حاسمة في خياره الاستقالة، في محاولة للاستعداد لمرحلة آتية تصل معها الأطراف كلها إلى الاقتناع بالحاجة إلى... التسوية!

(الأخبار)

الاثنين ٢٥ آذار ٢٠١٣

بـ «بيريه» أخضر، أطلّ الفنان اللبناني على جمهوره في «مسرح الجنينة». سهرة ناجحة تميّزت بمزاج جيد وتفاعل الجمهور الذي راح يغني مع صاحب «بلا ولا شي»

أحمد ندا

القاهرة | على عكس التوقعات، جاءت حفلة زياد الرحباني ــ وزياد نفسه ــ خالية من السياسة والسياسيين أو أي شكل من أشكال التظاهر أو الاحتجاج. الحفلة التي أقيمت أول من أمس على «مسرح الجنينة»، مختتمةً الدورة الخامسة من «مهرجان القاهرة الدولي للجاز»، جاءت في ظروف أفضل بكثير من الحفلة السابقة التي قدّمها الفنان اللبناني في «ساقية الصاوي» عام 2010. امتدت الأمسية لثلاث ساعات تقريباً بمزاج جيد من الرحباني الذي ألقى بعض النكات تجاوباً مع جمهوره.

ظهر زياد على المسرح متأخراً نصف ساعة تقريباً؛ إذ كان يُفترض أن تبدأ الحفلة في التاسعة والنصف، لكنّ الجمهور لم يتذمر من هذا التأخر البسيط العائد إلى دواعٍ تنظيمية. بعدما سبقته الفرقة إلى المسرح، أطلّ زياد أخيراً بـ«بيريه» أخضر وحيّا جمهوره سريعاً، وبدأ العزف بمقدمة «لولا فسحة الأمل»، ثم أتبعها بمقطوعة «نوتة وحدة»، لتتوالى بعدها المقطوعات.

الجمهور راح يرفع صوته طالباً أغنيات «أنا مش كافر» و«عايشة وحدا بلاك»، و«بلا ولا شي»، فاستجاب زياد وغنى «أنا مش كافر» التي شاركه في تأديتها المطرب والملحّن المصري حازم شاهين، ما أشعل المسرح وسط تفاعل الجمهور الذي غنّى معه. بعد الأغنية، علق أحد الحاضرين وقال كلاماً عن محمد مرسي والأوضاع في مصر وبأنّ زياد «جاي سياحة» ولم ينجرف في الحديث السياسي. مع ذلك، لم يسلم الفنان اللبناني من تذمر الجمهور بسبب عدم غنائه ما يطلبه منه، فداعب الناس ممازحاً: «بعرف إنه في ناس قاطعة التيكيت عشان تسمع «أنا مش كافر» و«عايشة وحدا بلاك»، بس هو الإيفينت له علاقة بالجاز، فالناس تسمح لي مرّق كام قطعة جاز، ما رح أعزف «عايشة وحدا بلاك»، واللي يعرف يرجع التيكيت، يرجعه». بعد هذه المداعبة، توقّف التذمر واستمتع الحضور ببقية الفقرات.

شارك زياد في الغناء المطرب المصري هاني عادل الذي غنى معه «بصراحة»، ثم شاركه مرة أخرى في غناء «ما بتفيد»، إضافة إلى مشاركة لوريت حلو. وقد شارك أيضاً في الغناء كل من ستيفاني ستيفانو، ومنال سمعان، ومطربة برازيلية لبنانية تدعى نعيمة يزبك كانت تؤدي بعض الحركات الراقصة، وغنّت أيضاً «نسخة برتغالية» من أغنية «صباح ومسا». لم تغب عن زياد الحال التي تعيشها مصر. ألقى نكتة على ملابس نعيمة الزرقاء الأشبه ببدلة رقص قائلاً: «البنت والأزرق don’t mix» في إشارة إلى جملة الرئيس مرسي الشهيرة. بين الحين والآخر، كان يخرج بعض أعضاء الكورال لإلقاء بعض عباراته الشهيرة من برنامجه الإذاعي «العقل زينة» وبرامجه الإذاعية الأخرى. وعزف مجموعة من ألحانه الشهيرة مثل «صباح ومسا»، و«كيفك انت»، و«شو هالأيام»... لم يشتك أحد من الحضور من مشاكل تقنية على مستوى الصوت، أو من زياد بكل صخبه وضجيجه. غير أن الطقس الذي كان بارداً في المسرح المكشوف في «حديقة الأزهر» أتعب الجمهور والعازفين، وخصوصاً في الثلث الأخير من الحفلة. ختم زياد الحفلة بغناء «بلا ولا شي» بناءً على طلب الجمهور. وبعدما انتهى، داعب الجمهور ثانية قائلاً: «فينيتو... الحمد لله»

خصّص الإعلامي يسري فودة حلقة غداً الثلاثاء من برنامج «آخر كلام» (23:00) على قناة «أون. تي. في» لحوار خاص سجّله مع زياد الرحباني. امتد اللقاء قرابة ساعتين، وتناول مشوار الفنان الموسيقي وأبرز الأغنيات التي قدمها ومواقفه السياسية ورأيه في الأنظمة الإسلامية الحاكمة في مصر وتونس. وكان الرحباني قد تلقى العديد من العروض من القنوات المصرية الرئيسية، لكنّه فضل التسجيل مع قناة واحدة. وبحسب مسؤولين في ontv، لم يضع الرحباني أي شروط أو مقابل لقاء التسجيل.

الاثنين ٢٥ آذار ٢٠١٣

شربل نحاس

المشهد اليوم هو تهاوي النظام الذي تحكّم في البلد منذ استكمال انحلال الدولة، في الثمانينيات، عندما انهارت العملة الوطنية وتبددت قيمة الأجور والمدخرات، وتفككت الإدارات، وانقسم الجيش، واقتطعت الميليشيات أجزاءً من الوطن، حتى أتى اتفاق الطائف بترتيب دولي إقليمي، ليؤمن ائتلافها في صيغة بدلٍ عن دولة ضائعة، ومحتاجة إلى تحكيم خارجي دائم وحاسم. هدرت فرص سانحة بين عامي 1989 و1992 أولاً، بسبب التآمر، ثم عام 2005، عند خروج الجيش السوري، وعام 2009 مع حكومة الوحدة الوطنية، عن قلة جرأة أو معرفة.

هذا النظام بات عاجزاً عن أداء وظائفه اليومية، عاجزاً عن تعيين مسؤولين في المراكز الشاغرة، وعاجزاً عن معاقبة مرتكبين لمخالفات مشهودة، وعاجزاً عن إقرار موازنة وتقديم حساب. وهو عاجز عن إدارة الخلافات بين أركانه، فيستبد هذا بمجلس الوزراء ويعطل قراراته، ويخالف ذاك القوانين بمراسيم مزورة، وينام ذاك عن خرق الدستور، ويستعاض عن المرجعيات الدستورية بمزحة طاولة الحوار، وينتظر الجميع مؤتمرات في جنيف أو باريس أو الطائف أو الدوحة. هو نظام عاجز عن طمأنة الناس، فيبتدع أضحوكة نأي كل مسؤول بنفسه عن مسؤولياته، ويدوس هيبة الأمن والقضاء، ويترك الساحة لعصابات، بعضها يصول في المساحات العامة وبعضها يجول في المساحات الخاصة.ولا يخفي عجزَ النظام المطلق صياح بعض ديوكه على... كراسيهم العطرة.لكن تداعي النظام سمح بكشف مواقع السلطة الفعلية:جماعة المضاربين والمحتكرين يصرحون بأنهم يطاعون ولا يطيعون، ويكلفون مجلس الوزراء تسجيل إملاءاتهم فينصاع، والسفراء يُهبطون الوحي على قادة مزعومين فيبدلون مواقفهم الكيانية، ولا تُردّ للسفراء رغبة، ويتذرع القادة حيناً بجهلهم وكسلهم وتقصيرهم، ويراهنون حيناً على شطارتهم في الدجل والنكث بالوعود، فيغذون العصبية والخوف عند «شارعهم» وهم على قياس زواريب، وبقدر انبطاحهم أمام مرجعياتهم، يتجبّرون على الناس، فلا يصححون الأجور ولا يحيلون السلسلة، ويفاوضون المعتدين على السلم الأهلي، ولا يقرون قانوناً للانتخابات.باتت غاية النظام، منذ تعطله وانكشافه، كسبَ الوقت ليس إلا، وبات يتغذى، ليستمر، من نهش الدولة وهدم انتظامها، فراح يطيح تباعاً آليات الرقابة وهيبة القضاء ومنعة أجهزة الأمن والرعاية الاجتماعية والحريات، في أعين العاملين ضمن المؤسسات المعنية أولاً، ومن ثم في أعين المواطنين، وترك المجتمع بالتالي عارياً أعزل أمام مخاطر داهمة تهدد سلمه الأهلي.إلى من نتوجه بهذا الخطاب؟ إلى مواطنين واثقين بحقوقهم في دولة تضمنها؟ طبعاً لا، وإلا فما بلغت وقاحة الوقحاء هذا الدرك. إننا نخاطب أناساً تُركوا في مهبّ اليأس فلجأوا إلى حماية الطوائف وقادتها، وأوكلوا إليهم حمايتهم من بعضهم بعضاً والنيابة عنهم في مراهنات خارجية متأرجحة وملتبسة، وهم عن ذلك عاجزون أصلاً. هل هذا قدر لا يُردّ؟ هل نحن محكومون بأن نخاطب طوائف صماء، أم في لبنان شعب ومواطن يسمعاننا؟هل سأل النظام عن فلاحين هاجروا بمئات الآلاف من جبل لبنان وضاعوا في غياهب الدنيا، ثم هُجر من بقي منهم من غالبية المناطق بحكم مراهنات فاشلة، هل رأى فيهم موارنة أم مجرد فلاحين يبيعون رزقهم لدفع «الناولون» وشراء الفيزا؟ أين المارونية السياسية؟ هل سأل النظام عن تحويل شمال لبنان، بدءاً بعاصمته طرابلس، إلى صحراء اقتصادية وثقافية، تمزقها خطوط تماس بين الفقراء، هل رأى فيهم أهل سنة أم مجرد جموع يستأجرهم أصحاب المليارات، السنة طبعاً، في تظاهرات وانتخابات، فيمننونهم بمساعدة لإسكات المستشفى أو لشراء السلاح؟ أين الحريرية السياسية والاعتدال السني؟هل سأل النظام عن أناس تعرضوا للاحتلال، ولعمليات نزوح وهجرة ودمار دامت عقوداً، ليحشروا أزلاماً في الإدارات، مياومين وعمال متعهد؟ هل رأى فيهم شيعة ومقاومين أم مجرد وقود للارتقاء المستعجل في سلم المال والجاه؟ أين الصحوة الشيعية وحركات المحرومين؟واستطراداً، نسأل أرمن كيليكيا وسريان الجزيرة وأبناء فلسطين جميعَهم عن كلفة الركون إلى حمايات المجتمع الدولي المبجّل.لا، ليست الطوائف هي التي تعوق قيام الدولة، بل الاستغناء عن عناء إقامة الدولة هو الذي يدفع اللبنانيين الحيارى إلى إعادة إحياء الطوائف، سواءٌ بوصفها قنوات لتحصيل منافعَ لا يؤمنها لهم النظام، مقابل بيع ولائهم، أو بوصفها دروعاً للاحتماء من مخاوف حقيقية وموهومة، تغذيها العصبيات الطائفية قدر ما تدعي الحماية منها.تذكروا السبعينيات: أضرب التجار لإزاحة إميل بيطار لمّا أراد لجم احتكارات الدواء، فأزيح، وأضربوا لإبطال مرسوم إلياس سابا لحماية الصناعة، فأبطل، واغتيل معروف سعد، فانهارت الدولة بسبب انسداد أبواب التغيير الديمقراطي. ففتحت أبواب الجحيم، وانقاد الجميع إلى رهانات خارجية انتهت، مرحلياً، بتسويات خارجية أيضاً، فُرضت في الطائف ثم في الدوحة وغيرهما، وقد انهارت تباعاً. النأي بالنفس أكذوبة. لأن الدولة لا تنأى بنفسها عن المخاطر، بل دورها أن تحمي مواطنيها منها. دفن الرأس في الرمال لا يزيح الخطر، بل يتركه يتفاقم، فكيف إذا ترافق مع رهانات ملتوية حياله؟إن لم يكن الشعب طوائف بالضرورة، بل ضحية مستباحة بعد هدر أربعين سنة من تاريخه، وتبديدِ نصف قواهُ الحية قتلاً وهجرة، وتحطيم آماله، وتشويه تاريخه، ومحو ذاكرته وراء عفو يبقيه فريسة أحقاد يخجل منها ويخاف، فمن هو الخصم؟الخصم مجموعة من المقامرين الساعين إلى الصفقات، سواءٌ في السياسة أو في الاقتصاد، لا مواقف وسياسات عند هؤلاء ولا إنتاج وفرص عمل لائقة عند أولئك، بل متاجرة في الحالتين بالقلق وتصدير للشعب وبيع للأصول.

رسم ملامح مستقبل مختلف

ليس اليأس حتمياً، هناك مستقبل مختلف، وهو غير مصطنع، بل يبدأ، بكل بساطة، من استعادة أصول نشوء الدولة:ليست الدولة اللبنانية، على رغم ما ألحق بأنظمتها من تشويه وقضم، بنتيجة شواذات تجرأ النظام عليها ثم على قوننة بعضها، ليست ائتلاف طوائف، بل هي دولة مدنية بالكامل. هي الدولة المدنية العربية الوحيدة. الدولة هي التي تنشئ الطوائف بالقانون، لا العكس، والانتماء إلى طائفة ما عمل اختيار فردي، بحكم حرية الاعتقاد المطلقة. الدولة المدنية حاجة، ليس للبنان وحده، بل للمنطقة كلها، وبدل أن تصبح اللبننة عنواناً لتفتيت الدول، فإن لبنان قادر على أن يصالح مجتمعات المنطقة مع ذاتها ومع الحداثة، وله مسؤولية ومصلحة.ليست عدالة التمثيل وليس العيش المشترك بين طوائف، بل بين مواطنين، وإن أراد هذا أو ذاك حصر اقتراعه أو ترشحه في الإطار الطائفي، فليكن، لكن لا أحد يستطيع إلزام اللبنانيين بالاصطفاف في قطعان طائفية، وبحصر التمثيل السياسي فيها. كل تمديد لوكالة محدودة في الزمن باطل، وكل قانون يحصر التمثيل في مجموعات طائفية إكراهية باطل.انتظام أداء المسؤول شرط لشرعية توليه مسؤولياته. عدم إحالة السلسلة المقرة في مجلس الوزراء أفقد نجيب ميقاتي صفته الرسمية، عدم وضع موازنات وعدم تصحيح الأجور عن سنة 2012 أفقدا وزيري المال والعمل ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية مشروعيتهم، ليس في نظر «الهيئات» والسفارات ربما، إنما في معيار تصديق المواطن لمرجعية الدولة والقانون.

إزاحة العثرات وتظهير البديل

يعرف اللبنانيون أن توصيفنا واقعي، لكن يبقى لديهم سؤال وجيه: كيف السبيل إلى قلب ميزان القوى وكسر حاجزي الخوف واليأس؟الخصم أوهن من بيت العنكبوت. تكفي رؤية استماتتهم القلقة للاحتفاظ بكرسي وموقع هنا أو بحظوة هناك لدى أصحاب السلطة الفعلية، لكن العلة تكمن في ما تراكم لدى القوى الديمقراطية والليبرالية والقومية والاشتراكية جميعاً من عُقد وقيود وارتهانات خلال ليل الهزائم الطويل. قوى التغيير مقصرة، وقد انزلقت إلى التدجين والاستتباع، لكننا دخلنا في زمن تغيرات كبرى، في العالم، وفي المنطقة، وفي غليان يجتاح مجتمعنا ويجيّش شبابنا. وبات اليوم ممكناً وضرورياً استعادة التراث السياسي لهذا المجتمع، بروافده كافة، وتحريره من أسر الاتهامات والتخوين لإعادة إحياء العمل العام والثقة بجدواه، ولا سيما لدى الشباب. فكيف؟أولاً بفرض جدول أعمال متحرر من جدول أعمال النظام، وغير قابل للاختزال ضمنه. ليس المطلوب أخذ موقع في اللعبة، بل تغيير قواعد اللعبة. ولا يجري ذلك بالخطاب فقط، على أهمية تحرير الخطاب، بل بالنضال والمنازلة. أولوياتنا مختلفة عن أولويات النظام: إرغام الدولة على إنصاف هيئة التنسيق النقابية، وعلى حماية الحريات المدنية، سواء لمعلمي القطاع الخاص أو لعمال سبينيس والمطار أو لموظفي المصارف، وعلى استعادة الأملاك العامة، وعلى توفير التغطية الصحية، وعلى مجانية التعليم الأساسي، وعلى محاكمة الموقوفين، وعلى تسليح الجيش، إرغام الدولة على أن تكون دولة، ليستعيد المواطن شعوره بأنه مواطن.ثانياً باكتساب مواقع في معركة التغيير: من خلال دفن تركيبة اتحاد العمالة العام، وتحرير الإدارة العامة من الابتزاز، وإعادة الاعتزاز إلى القضاة والجنود والإداريين، فيبادرون إلى أداء أدوارهم دون توسل غطاء يعجز النظام العاري عن منحه لنفسه، وتثبيت الحريات الشخصية للأجراء والشباب والنساء والإعلاميين.ثالثاً برفع سقف المطالبة ليرفع المواطن رأسه: ليس الموضوع موضوع زواج مدني، بل استعادة المشروعية المدنية للدولة وللمواطنة، ليست المسألة مطالبة اجتماعية، بل فرضٌ لانتظام الدولة وللعدالة الضريبة، ليس الموضوع احترام شكليات المالية العامة، بل حشدٌ للموارد البشرية والمالية والطبيعية لخدمة المجتمع بأسره، لا حفنة من الانتهازيين.نعم، هناك مشروع بديل وهناك أيضاً مرجعية بديلة، لكن يجب أن نطورها، معاً، بالنضالات.ليست المسألة بين أطهار وأرجاس، بل قوامها أن مرحلة عمرها أربعون سنة تنتهي وأخرى يمكن بدؤها، ويجب بدؤها الآن، وتخطي ترسبات الماضي وجراحه، لأن مجتمعنا في خطر. الخطر حقيقي وداهم، النظام القبيح يتهاوى، فالمبادرة واجبة، والتغيير ممكن.(بيان سياسي ألقيَ باسم اللقاء التنسيقي للقوى الديمقراطية خلال تظاهرة لقوى ديمقراطية وعلمانية رفضاً لـمشاريع قوانين الانتخابات المذهبية، وحماية للسلم الأهلي، ودعماً لهيئة التنسيق النقابية)* وزير لبناني سابق

رأي العدد ١٩٥٤ الاربعاء ١٣ شباط ٢٠١٣

فرج الأعور

جاء الإضراب الحالي لأساتذة التعليم الرسمي وموظفي القطاع العام ليعطي بعض الأمل للناس الذين أحبطهم النعيق المذهبي المقيت الآتي من صوب كل المشتركين في الصراع الدائر حول قانون الانتخابات في البلد. فالإضراب المستمر منذ أكثر من أسبوعين، والتحركات اليومية المترافقة معه لمعلمي المدارس الرسمية لم يفقدا زخمهما حتى الآن برغم كل التجاهل والفوقية التي قابلهما بها رئيس الحكومة مند بدء التحرُّك حتى الآن. ويدل هذا الأمر على أنه ما زال بإمكان الناس في لبنان أن يحتشدوا حول أهداف غير مذهبية، وخاصّة إذا كان في هذه الأهداف مصلحة مباشرة لهم. وبالإمكان القول إن نجاح هذا التحرك، إذا قدّر له أن ينجح، والوصول إلى حد انتزاع حق المعلمين والموظفين بالرواتب العادلة، يمكن أن يمثل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل التي يتطلبها إصلاح النظام الحاكم في البلد. فانتزاع هذا الحق لا يمكن أن يكون إلا إذا أقدمت الحكومة على إدخال إصلاحات ولو جزئية على النظام الضريبي المفصّل على قياس تحالف بارونات الطوائف والمال المتحكّم في البلاد. ونجاح كهذا يمكن أن يعطي مثالاً ناصعاً على كيفية مواجهة الناس العاديين لهذا التحالف، وعلى قدرة هؤلاء الناس على كسر هذا التحالف وهزمه.

لكن هل من إمكانية حقيقية لنجاح هذا التحرك؟ ما حدث منذ بداية الإضراب حتى اليوم يعطي بعض الأمل. فمعلّمو المدارس الرسمية ما زالوا ينزلون يومياً إلى الشارع ويتنقلون باعتصامهم اليومي من وزارة إلى أخرى، مستفيدين من تضامن باقي موظفي القطاع العام معهم. وهم ما زالوا موحدين خلف قيادة «هيئة التنسيق النقابية»، التي أثبتت صدقيتها معهم في تحركاتها المطلبية على مدى السنوات الماضية. وقد أعطى هذا الأمر القدرة على الاستمرار في الإضراب والاعتصامات اليومية حتى بعد انهيار نقابة معلمي المدارس الخاصة تحت الضغوط السياسية وانسحابها من التحرك. وإذا تذكرنا أن التحركات المذكورة غير مموّلة من أي جهة طائفيّة في البلد، وأنّ المعلمين المثابرين على المشاركة في الاعتصامات اليومية يدفعون تكاليف مشاركتهم من جيوبهم الخاصة، يمكننا عندئذ أن نقدّر مدى التزام هؤلاء المعلمين بقضيتهم، ومدى ثقتهم بقيادتهم النقابية في الوقت نفسه.

لكن بالرغم من كل الإعجاب بالأساتذة وقيادتهم المناضلة فعلاً، علّمتنا التجارب في لبنان أن الانتصار في معركة، كالتي يخوضونها اليوم، ما زال على بعد مسافة غير قصيرة، يحتاج قطعها إلى الكثير من المتطلبات من المعلمين وموظفي القطاع العام وقيادة «هيئة التنسيق» على حدٍّ سواء.

فعند تقويم التحرك وحساب الربح والخسارة، يجب علينا عدم النسيان أن ملوك الطوائف لم يتدخلوا في الموضوع حتى الآن تدخلاً مباشراً، بل إن التحالف الطائفي المالي الحاكم ما زال يوكل أمر مواجهة التحرك إلى نجيب ميقاتي مدعوماً من بعض بارونات المال فقط، لكن بارونات المال هؤلاء، الذين نزلوا إلى الساحة بطريقة استعراضية سخيفة وسمجة (على طريقة «نُطاع ولا نطيع» الكاريكاتورية)، ليس لديهم سلطة مباشرة على «جماهير الطوائف»، وهم لا ينفعون بالتالي في محاولة الهيمنة على الأساتذة كي يمنعوهم من الاستمرار في المشاركة الفعّالة في الإضراب. وإذا لم يتمكن ميقاتي من مواجهة الموقف بواسطة دعم بارونات المال وحدهم، فإنه سيلجأ لا محالة إلى ملوك الطوائف على نحو مباشر. وملوك الطوائف، كما علّمتنا التجارب المريرة، وآخرها تجربة شربل نحاس في الحكومة، لا ينظرون إلى الأمور المطلبية وإعادة توزيع الثروة في البلاد إلا من خلال منظار الصفقات الطائفية. ولدى ميقاتي الآن الكثير ليبيعه في موسم قانون الانتخابات الحالل عندنا هذه الأيام.

من هنا يمكن القول، إن أولى متطلبات الانتصار في المعركة الحالية هي أن يبقى أساتذة المدارس الرسمية موحدين في موقعهم الحالي، وأن يقاوموا الإغراءات الطائفية للقفز إلى الضفة المعادية لهم ولمصالحهم المباشرة. أي بمعنى آخر أن لا يدَعوا أيّ مجال لملوك الطوائف للتعامل معهم «كجماهير طوائف» يمكنهم أن ينزلوهم إلى الشارع بأمر وأن يخرجوهم منه بأمر.

ومما لا شك فيه أن للقيادة النقابية لأساتذة التعليم الرسمي دوراً مفصلياً في إبقاء وحدة الأساتذة، ووعيهم لمصالحهم المباشرة مقابل الإغراءات الطائفية، وفي وصول الإضراب بالتالي إلى أهدافه المتوخاة. فالمحافظة على الأعصاب الباردة في قيادة الإضراب وفي حساب موازين القوى بوجه التحالف الحاكم، واعتماد الشفافية التامّة في التفاوض على مطالب الأساتذة والموظفين، يمثلان ضماناً بإمكانه إبقاء وحدة الصفوف. ويمكن عندئذٍ الكلام عن إمكانية تصعيد حقيقي بضمّ باقي موظفي القطاع العام إلى جميع فعاليات التحرّك وتطوير مشاركتهم الرمزية الحالية إلى مشاركة كاملة ودائمة تشلّ دوائر ووزارات الدولة على نحو فعلي.

في الحقيقة إنّ أمام القيادة النقابية لأساتذة التعليم الرسمي آفاق دورٍ وطني أكبر من المعركة الحالية بكثير. فإذا ما تمكنت هذه القيادة من الانتصار في الحصول على سلسلة عادلة للرتب والرواتب في القطاع العام، فإنها تكون قد أعطت مثالاً هائلاً وحافزاً مؤثراً جداً يمكن أن يُبنى عليه لخوض سلسلة من المعارك التالية للوصول إلى دولة الرعاية الاجتماعية بدل الدويلات الطائفية المتناحرة الموجودة لدينا حالياً.

هل في ما سبق إفراط في التفاؤل؟ ممكن، لكن من كان يحلم بهروب زين العابدين بن علي بطائرته إلى جدة، وبرؤية حسني مبارك ممدداً على سريره أمام المحكمة، قبل أن يوقد البوعزيزي نار الربيع العربي بجسده منذ سنتين؟

* كاتب لبناني

الاربعاء ١٣ شباط ٢٠١٣

نظّم الحزب الشيوعي والقوى الديموقراطية أمس تظاهرة انطلقت من البربير نحو ساحة رياض الصلح، رفضاً لـ«مشاريع قوانين الانتخابات المذهبية والطائفية، وحماية للسلم الأهلي والتغيير الديموقراطي، ودعماً لهيئة التنسيق النقابية».وأكد الوزير السابق شربل نحاس في كلمة له خلال الاعتصام في ساحة رياض الصلح «أن النظام اللبناني بات عاجزاً عن أداء وظائفه اليومية»، مشيراً إلى أن «هذا النظام عاجز عن القيام بتعيينات وبإقرار موازنة وإقرار حسابات، وعن إدارة الخلافات بين أركانه». وأكد أن «كل تمديد لولاية محصورة بوكالة زمنية باطل، وعدم إحالة سلسلة الرتب والرواتب المقرة في مجلس الوزراء إلى المجلس النيابي أفقد نجيب ميقاتي صفته الرسمية».

من ناحيته، أشار رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم إلى أن «لبنان يقف اليوم من جديد على شفير الهاوية ويدفع بقوة إلى أتون الحرب الأهلية»، مضيفاً إنه «منذ اتفاق الطائف كانوا يرفعون شعارات الوحدة في العلن ويغذّون العصبيّات في السر».

وأكد المنسق العام لـ«الحركة الوطنية» سايد فرنجية أن «الحكومة تمارس الخداع في كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا سيما موقفها الرافض لإحالة قرار سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي تحت ضغط صندوق النقد الدولي والهيئات الاقتصادية في لبنان».

بدوره، شدد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة على أن «كيان الدولة مهدد بالزوال بفضل ما ينتج النظام السياسي من أزمات»، معتبراً أنه «آن الأوان لإسقاط النظام الطائفي». وتوجه حدادة إلى الطبقة السياسية بالقول: «قوانينكم هي قوانين الحركة الصهيوينة».من جانبه، أكد رئيس نقابة الموظفين في الإدارات العامة محمود حيدر أن هيئة التنسيق النقابية تخوض معركة كل الفقراء وذوي الدخل المحدود في هذا البلد، مشيراً إلى أن الهيئة مستمرة في معركتها حتى النهاية.

(الأخبار)

الأكثر قراءة