AFP
تواجه حوالى مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم في بلاد الرافدين أوضاعاً اقتصادية واجتماعية مزرية، ولا تكفي الرواتب المتدنية جداً التي تخصصها الحكومة لإعالتهم، ما يدفع بعض الأرامل إلى دورات تأهيل تتولاها منظمات أهلية للحصول على عمل. وتقول مستشارة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة، سلمى جابو، إن «الجهاز المركزي للإحصاء يؤكد وجود حوالى مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم. ومشكلة الأرامل حلقة أساسية ضمن مصاعب اجتماعية تنامت في المجتمع بسبب الحروب وما تلاها من ظروف اقتصادية». ويبلغ عدد سكان العراق حوالى 30 مليون نسمة. وتحذر جابو الناشطة في الحركة النسائية من «التأثيرات السلبية لهذه الفئة على المجتمع، نظراً لتنامي أعدادها. فالأرامل فئة مسحوقة بسبب معاناتها الكبيرة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً». وتضيف أن «المشكلة بدأت بسبب الحروب التي خاضها العراق ثم تعاظمت بعد التغيير عام 2003 حتى يومنا هذا مع تصاعد العنف وازدياد حدة الصراع الطائفي». وتشير جابو إلى أن «الأرملة بعد خسارة معيلها تضطر إلى اللجوء لعائلتها التي تعاني هي الأخرى عوزاً مالياً ما يؤدي إلى ازدياد العنف ضدها أو إرسال أطفالها إلى العمل بدلاً من المدارس، أو قد تلجأ إلى بيع نفسها والتحول إلى عاهرة». وتتابع أن استقرار الوضع الاقتصادي للعائلة «ضروري جداً من أجل تربية الأطفال». وعن تأثير الأعراف الاجتماعية على وضع الأرملة، توضح جابو أن «هناك نظرة دونية بالنسبة للمرأة، حتى أن المرأة نفسها تعتقد أنها أقل شأناً من الرجل». وتضيف أن «المرأة تمثّل أكثر من نصف المجتمع، ما يعني أن عملية التنمية تعتمد اعتماداً كبيراً على النساء، وإلا فإن المجتمع سيتراجع كثيراً، فالنهوض بالمرأة وتأهيلها أمران ضروريان لمعالجة جميع الظواهر السيئة». وتؤكد جابو أن «وزارة العمل تقدم مساعدة مالية للأرملة لا تتجاوز 150 ألف دينار شهرياً (130 دولاراً) أي ما يكفي لسد بعض الثغر البسيطة. يجب أن يكون هناك تعاون بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني للارتقاء بمستواها التأهيلي للحصول على عمل». وفيما يقتصر دعم الدولة على تخصيص راتب شهري بسيط، تتولى بعض منظمات المجتمع المدني فتح مراكز لتدريب الأرامل إيماناً منها بأن دعمها اقتصادياً هو الحل الملائم لجميع مشاكلها. وتقول مسؤولة إدارة «مركز تدريب وتطوير الأرامل» في منطقة المسبح، وسط بغداد، سهير علي إن «غاية المركز تدريب الأرملة وتطويرها لكي تكون مؤهلة للعمل والاعتماد على نفسها اقتصادياً أولاً وقبل كل شيء». وتضيف «فتحنا ورشاً تدريبية في التمريض والكمبيوتر والخياطة واللغة في مركزنا. وتستفيد الأرملة من تعلم أحد هذه الاختصاصات للاعتماد على نفسها». وتمضي بالقول «يبلغ عدد المستفيدات 1850 أرملة يخضعن لدورات مدتها شهران تضم كل منها بين 40 إلى 50 متدربة يتلقين دروساً ثلاثة أيام في الأسبوع» لخمس ساعات. وتتقاضى الأرملة ستة آلاف دينار (5 دولارات) عن كل يوم تحضره ككلفة نقل نظراً للظروف الصعبة التي تعيشها. من جهتها، تقول الأرملة مها شاكر (26 عاماً) التي قضى زوجها إبان العنف الطائفي عام 2006 وعادت للعيش عند والدها «أشعر بالسعادة في المركز فهو الأمل الذي طالما تمنيته. لا أريد أن أكون عالة على أحد وأرغب في الخروج من العزلة التي أعيشها لأختلط بالآخرين». أما عبير سالم (28 عاماً)، فقد توفي زوجها العام الماضي في حادث سير تاركاً طفلين، وانتقلت للإقامة مع والدها ليصبح مسؤولاً عن إعالتها مع ولديها. وتقول «أنوي بعد إكمال الدورة أن أبدأ مشروعاً بسيطاً للخياطة في منزلي لأنني أفضل أن أكون قرب أطفالي. حلمي أن أعتمد على نفسي مادياً لأتمكن من إعالة أطفالي وأكون قوية أمامهم بدلاً من أن يروني عالة». بدورها، تقول شذى العامري (38 عاماً) الحائزة بكالوريوس في الكيمياء وترملت عام 2008 عندما قضى زوجها في تفجير تاركاً ثلاثة أولاد إن «المعاناة كبيرة. بعد أن أُنهي التأهيل سأحاول الحصول على عمل لأثبت لأولادي أنني لا أزال قوية». ضمياء قاسم (36 عاماً) وهي أم لثلاثة أولاد فقدت زوجها في تفجير عام 2005، ليس لها سوى منزل والدها لتلجأ إليه، تشرح معاناتها وتقول «أتمنى الاعتماد على نفسي لتلبية حاجات أولادي فكم رغبوا في أشياء لم يكن بمقدوري شراؤها وكنت أقضي الليل باكية». (أ ف ب)