اعتبر محللون انه حتى قبل انطلاق المفاوضات المباشرة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فان الخلافات بينهما كبيرة حول تمديد قرار تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والذي ينتهي في 26 أيلول الحالي، فنتنياهو رفض تمديد القرار، فيما اعتبر عباس أن المفاوضات ستتعرض إلى ضربة قوية إذا تواصل الاستيطان.
ولا تزال المستوطنات تشكل العقبة الأساسية بوجه المفاوضات. كيف يمكن لنتنياهو مخاطبة اليمين الإسرائيلي، الذي يدعم المستوطنات بقوة، ويتمتع بنفوذ سياسي يفوق ما كان عليه في العام 2000؟ وهل سيستطيع هو أو حكومته بحث موضوع الاستيطان في أي مفاوضات؟
لا فرصة للسلام
يقول أستاذ الدراسات العربية في جامعة كولومبيا رشيد الخالدي «إذا قبلت إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما بخرافة أن تفكيك المستوطنات مستحيل بالنسبة لإسرائيل، فلن يكون هناك احتمال للسلام. إن المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، ولكن تم تدليل المستوطنين لأكثر من 40 عاما، ويتم التسامح مع عنفهم المتواصل ضد الفلسطينيين».
ويضيف الخالدي، مؤلف كتاب «الهوية الفلسطينية: بناء الوعي الوطني المعاصر»، إن «السلام يعتمد على تصحيح الحكومة الإسرائيلية المشكلة التي خلقتها هي وأسلافها، بالرغم من أن المشروع الاستيطاني لطالما كان إستراتيجية إسرائيل منذ انطلاق الاحتلال، وهو أمر ساعدت كل الحكومات الإسرائيلية في توسيعه».
ويضيف الخالدي «من البداية، كان المشروع هو استعمار الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها. وكما قال (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق) ارييل شارون في العام 1998: على كل شخص التحرك والمسارعة للسيطرة بقدر ما يستطيع على قمم التلال لتوسيع المستوطنات، لأن كل شيء نستولي عليه الآن سيبقى لنا، وكل شيء لا ننتزعه سيذهب لهم».
ويتابع «اليوم، يوجد حوالى 500 ألف مستوطن غير شرعي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. والولايات المتحدة تعترض بشكل خجول وفي المناسبات. هذا الموقف المتردد، بالإضافة إلى التمويلات المعفية من الضرائب، تصنف كمشاركة في جريمة توسيع المستوطنات إلى 40 ضعفا عن ما كانت عليه في العام 1972».
ويوضح الخالدي أن «الولايات المتحدة وإسرائيل تطالبان الفلسطينيين باستخدام كل شيء قد يؤدي إلى حرب أهلية (ضمنها التعذيب والقمع) لحماية امن إسرائيل، وفي الوقت ذاته فان قادة أميركا فشلوا في الطلب من إسرائيل مواجهة فرانكنشتاين الذي خلقته». ويقول «في حين قد تقاوم أقلية من المستوطنين أي اتفاق سلام يتطلب رحيلهم، فان العديد منهم انتقلوا إلى هناك بسبب الدعم الحكومي السخي، وهؤلاء قد يتركون (المستوطنات) إذا قدمت لهم حوافز مناسبة. يمكن للولايات المتحدة تحويل جزء من المساعدة العسكرية السنوية البالغة 3 مليارات دولار لنقل المستوطنين إلى داخل حدود إسرائيل». ويضيف «طالما أن نتنياهو فشل في إبعاد نفسه عن قادة المستوطنين، ضمنهم وزير خارجيته (افيغدور ليبرمان)، والولايات المتحدة مترددة حيال هذه القضية، فان السلام بعيد المنال».
الدعم الأميركي للاحتلال
ورأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط في «مؤسسة أميركا الجديدة» أمجد عطا الله أن «المفاوضات التي تجري للتوصل إلى اتفاق الدولتين، تقوم بين الليبراليين الإسرائيليين والفلسطينيين القوميين، وفي جوهرها إيمان إسرائيلي بان الطريقة الوحيدة للإبقاء على دولة يهودية ديموقراطية هي فصل إسرائيل عن العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة».
ويوضح أن «كل مفاوضات السلام حول كيفية إنهاء الاحتلال تحولت في النهاية إلى محادثات حول كيف يمكن لإسرائيل الحفاظ على اكبر حجم ممكن من الأراضي بأقل عدد من العرب. في المفاوضات السابقة لم يتم بحث القلق حول حقوق الفلسطينيين أو شرعية الاحتلال كما تم بحث الموضوع الديموغرافي»، مشيرا إلى أن «المستوطنين والمتشددين يعتبرون أن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة هي جزء من إسرائيل، بغض النظر عما قد تظهره خرائط وزارة الخارجية الأميركية».
ويقول عطا الله «قد يجادل كثيرون بان نتنياهو براغماتي، وهو قد يكون كذلك، ولكن البراغماتية في داخله تعتقد انه طالما أن الولايات المتحدة تؤمن الدعم للاستيطان، فانه لن يحتاج أبدا إلى دخول معركة مع اليمين الإسرائيلي حول هذا الموضوع».
كذلك، أشارت الباحثة في معهد «كارنيغي» ميشيل دون، إلى المأزق الذي ينتظر نتنياهو خصوصا ان عليه التعامل مع المستوطنين على تنوعهم
.