ظهر التحقيق الأولي لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الاعتداء على أسطول الحريّة الذي كان متجهاً إلى قطاع غزّة. التقرير حاول أن يكون متوازناً عبر الإقرار بأخطاء، من دون تحميل مسؤوليات إلا للأتراك على سفينة «مرمرة» الذين قال إنهم «باشروا بإطلاق النار»
مهدي السيّد - جريدة الأخبارعرض اللواء احتياط غيورا آيلند، رئيس لجنة الفحص العسكرية لأحداث أسطول الحرية، النتائج غير السرية لعمل لجنته في مؤتمر صحافي عقد بعد ظهر أمس، أجمل فيه أهم الخلاصات التي تضمنها التقرير الذي رفعته اللجنة إلى رئيس الأركان غابي أشكنازي. وفيما خلا التقرير من توصيات شخصية بحق كبار الضباط الإسرائيليين، أشار إلى ارتكاب المستويات العليا في الجيش الإسرائيلي عدداً من الأخطاء، وبرأ ساحتها من وجود نقاط خلل أو إهمال جوهرية في عملها.وقال آيلند، خلال مؤتمره الصحافي: «إن التحقيق الذي أجراه توصل إلى أنه من جهة أولى لم تكن هناك نقاط خلل أو إهمال في أي مجال جوهري، أثناء العملية المعقدة والمركبة. ومن جهة ثانية، كانت هناك أخطاء ارتُكبت في قرارات مختلفة، بينها أخطاء على مستويات عالية نسبياً، أدت إلى نتائج مخالفة للتوقعات».وبما أن الأمر يتعلق بلجنة عيّنها الجيش الإسرائيلي، لم تتطرق اللجنة إلى أداء المستوى السياسي ولا إلى النشاط السري الذي سبق تنفيذه الاعتداء على أسطول الحرية، وركزت عملها على الاستعدادات التي جرت لوقف إبحار الأسطول.ولم ينسب التقرير أي مسؤولية مباشرة إلى كبار القادة العسكريين الذين كانوا مسؤولين عن تنفيذ الاعتداء، على الرغم من اعتقاد آيلند أن «جزءاً من الأخطاء مرتبط بهم»، إذ رأى أن الأمر لا يتعلق بالنسبة إليه بحادث ينبع من خلل أو إهمال.وفي مقابل إبعاده لكأس الفشل المرة عن قادة جيش الاحتلال، حمّل آيلند الضحية مسؤولية جرائم الجلاد، فزعم في تقريره أنه تبين له، من خلال تحليل مجمل الأحداث التي جرت على ظهر السفينة «مرمرة»، أن «الأتراك هم من فتح النار أولاً».وكانت اللجنة قد تطرقت إلى فحص جملة من المواضيع، أولها الخيارات التي كانت متاحة أمام سلاح البحر الإسرائيلي لوقف سفن الأسطول. وتبين من تحقيقات لجة آيلند، أنه لم تكن لدى الجيش القدرة على وقف سفينة من نوع «مرمرة» بسبب حقيقة أن سلاح البحر الإسرائيلي لم يطور قدرات من هذا النوع.الموضوع الثاني الذي حققت فيه اللجنة هو جانب المعلومات الاستخبارية، فرأت أن الجيش اختار قراراً صائباً بعدم الاهتمام بمعلومات استخبارية عن تركيا ومنظمة «IHH»، لأن الأمر يتعلق بدولة صديقة وبمنظمة يوجد الكثير منها ولا تمثّل تهديداً لإسرائيل. ومع ذلك، رأى آيلند أن توتر العلاقة مع تركيا في الآونة الأخيرة كان يستلزم «مستوى فهم آخر واهتمام أعمق في الموضوع».وثمة موضوع آخر ومركزي ركزت عليه اللجنة، هو عملية السيطرة على السفينة. فقد أشار التقرير إلى أن سلاح البحر أعد نفسه فقط لاحتمال مواجهة معارضة معقولة مع ركاب السفينة لا لمواجهة عنيفة. ويعتقد آيلند، في تقريره، أنه كان يتعين على سلاح البحر أن يدرك أن الوضع الميداني لا يتلاءم مع تقديراته، وأن يتوقف لبرهة، وأن يفحص الرد بطريقة مدروسة تتلاءم مع الواقع.وسارع أشكنازي، في أعقاب نشر التقرير، إلى تبنيه، وقال: «أتبنى أسس تحقيق الخبراء في حادث الأسطول والعبر الناجمة عنه». ووصفه بأنه «جذري ومهني».وجاء في بيان صادر عن الناطق العسكري الإسرائيلي أن أشكنازي «أصدر تعليمات لشعبة العمليات ولواء الإرشاد بأن تجمّع مجمل العبر الواردة في التقرير وبمتابعة تطبيقها برؤية واسعة في جميع الشعب في الجيش».على صعيد آخر، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أن اللورد البريطاني، دافيد ترمبل، الذي يعمل مراقباً في لجنة تيركل لفحص أحداث الأسطول، وقّع مقالاً نشر قبل بضعة أيام في صحيفة «وول ستريت جورنال» زعم فيه أن الأسطول كان «استفزازاً واضحاً». وتقدم خطوة ترمبل دليلاً إضافياً يطعن بنزاهته وحياديته وموضوعيته، ويكشف حقيقة الدور المناط بلجنة تيركل، والهدف الأساسي من تعيين مراقبين أجانب فيها.وجاء في المقال أن إسرائيل هي ديموقراطية غربية ودولة طبيعية اضطرت إلى التصدي لظروف غير طبيعية منذ قيامها. «أزمة الأسطول وفرت فرصة أخرى لمنتقدي إسرائيل لاستئناف صراعهم المجنون معها». وأضاف: «هذا حصل قبل أن تعرف حقائق الحدث المأساوي. الناس كانوا عميان عن الأسباب التي أجبرت إسرائيل على الرد على الاستفزاز الواضح للأسطول».وترمبل صديق مقرب من دوري غولد، مندوب إسرائيل السابق في الأمم المتحدة ومقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كذلك فإن ترمبل استضاف نتنياهو في 2007 في البرلمان البريطاني حيث ألقى نتنياهو هناك خطاباً ضد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وطالب بتقديمه إلى المحاكمة.إلى ذلك، ذكر موقع «يديعوت أحرونوت» أمس أن المسؤولين عن أجهزة الدعاية الإسرائيلية موجودون في حالة تأهب قصوى استعداداً لدفع أي ضرر إعلامي يمكن أن يلحق بإسرائيل جراء اعتراضها سفينة «الأمل» الليبية.وبحسب الموقع، فإن وزيري الدفاع والخارجية الإسرائيليين، إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان، يبذلان جهوداً لـ«بناء سور سياسي أمام السفينة مع كل من اليونان التي انطلقت السفينة من موانئها ومولدوفيا التي تحمل السفينة علمها، وكذلك مع مصر لاستقبالها في ميناء العريش».وأضاف الموقع أنه إذا فشلت محاولات منع السفينة من المضي في مسارها الأصلي، فإن الأجهزة الدعائية الإسرائيلية ستستعين بمنظومة إعلامية حديثة متصلة بالأقمار الاصطناعية لنقل الصور الإسرائيلية عن اعتراض السفينة إلى جميع أرجاء العالم بسرعة كبيرة و«عدم السماح لقناة الجزيرة وغيرها بالسيطرة على شاشات التلفزة والرأي العام». غير أن مصادر عسكرية أفادت «يديعوت» بأن البث من السفينة لن يكون مباشراً إلى وسائل الإعلام، بل سيمر أولاً في غرفة التحكم في هيئة الأركان.إلى ذلك، أكدت مؤسسة القذافي للتنمية أمس أن «الأمل» ستصل إلى وجهتها غداً الأربعاء.