Ihsan Masri

Ihsan Masri

شربل نحاس

منذ سنة، عقد المؤتمر الأول «لإنقاذ لبنان وإعادة تأسيس الدولة». أصدرت هيئة المتابعة التي نتجت منه، في هذه المناسبة، بياناً يذكّر بصحة المعاينة التي وضعها المؤتمر في حينه، بالنظر إلى ما حصل خلال السنة المنصرمة، وينبّه إلى خطورة التطورات الراهنة.

هذا البيان يعيد تثبيت المعاينة، وكذلك تشخيص خصائص المرحلة وتحديد سبل التعامل معها، لا لادعاء قدرة على التنبؤ، ولا لأن خطة العمل نجحت في التطبيق، وفق ما كان مأمولاً، بل لأن أية مناقشة جدية للتشخيص ولخطة العمل لم تحصل، ولا أي صيغة بديلة من النظام القائم مقنعة طرحت، ولأن الخصم مربك، ولأن البدائل التي يبتدعها شنيعة، والقوة تستمد من ضعف الخصم؛ ولأننا، إذا كنا ممانعين ومقاومين وتغييريين، فهذا يعني أن الخلل ذاتي، ويكمن في التشتت والتردد والاستكانة للهزيمة، مهما تكن منطلقاتنا الفكرية وتجاربنا السياسية، ولأن المكاشفة واجبة، أقله كي لا تضيع المسؤوليات ولا نتحول إلى متفرجين ومعلّقين.

المشهد اليوم

يبدأ المشهد اليوم من العراق: حيث تتظهر مفاعيل الخلطة الجهنمية بين العصبية والمال والدين، ويتوسع إلى مجمل الساحة العربية ثانياً، حيث الشعوب ترضح لخيار جهنمي أيضاً بين عسكر يقمع، وعصابات تستبيح، ونصل أخيراً إلى لبنان ... قد يظن البعض أن التطورات المأسوية التي تجتاح المنطقة لا تترك مجالاً لمسائلنا الداخلية. وأن أقصى مبتغانا النأي بالنفس، أو بالأحرى نأي دولتنا الافتراضية بنفسها عن المخاطر التي لم تعد تحيط بنا، بل اخترقت ثنايا مجتمعنا. رأيي عكس ذلك تماماً. نحن أقدر من غيرنا، وبالتالي علينا مسؤولية أكبر من غيرنا، على صياغة مشروع مجتمعي يسهم في إنقاذ مجتمعات المنطقة، وليس المجتمع اللبناني وحسب، من كوابيس الخلطات والخيارات الجهنمية التي استحكمت بها. في لبنان، بات انكشاف النظام السلطوي التحاصصي الذي يقدمه البعض وصفة للمنطقة بأسرها، كاملاً: في الأمن: كيف توقفت عمليات القتل والقتال فجأة، بعدما استفحلت هنا وهناك لسنتين كاملتين؟ هل لأننا شكلنا أمس قوى أمنية وجيشاً فوضعنا خططاً أمنية ناجعة، فاستسلم للقضاء عدد من مثيري الشغب، بينما اختفى آخرون ونسيناهم؟ أم لأن الذين كانوا يتولون تدبير عمليات القتل والقتال، ويذلّون رجال الأمن والجيش والقضاء قبل أي أحد آخر، توقفوا عن فعلتهم عندما جلسوا على طاولة مجلس الوزراء، أم لأن أسيادهم الذين كانوا يتولون تدبير عمليات القتل والقتال، أقلعوا عن فعلتهم بعدما أجلسوهم عليها؟ وماذا عن الضحايا؟ تجاه الخارج: يصرح الساسة اللبنانيون علناً بأنهم ينتظرون، لانتخاب رئيس للجمهورية، التوافق الخارجي. أليس هذا إقراراً يتخطى القبول بالعجز ليحاكي الخيانة الوطنية؟ ضمن المؤسسات، من المجلس النيابي إلى الحكومة: يتركز النقاش بحجج دستورية وعرفية متخبطة، حول ابتداع صيغ تسمح بتنظيم حقوق النقض المتبادلة لزعامات الطوائف. ويدور النقاش ذاته بين المؤسسات، المجلس والحكومة والرئاسة، بعدما تخيل هؤلاء الزعماء أن كلاً منهم يملك مؤسسة من هذه المؤسسات، استقطاعاً، ويستقوي بحقوق مطلقة مزعومة، وكأنها من فعل إلهي. تعميم حقوق النقض المتقابلة وتنظيم ممارستها ليس حالة عرضية، بل هو صياغة لنظام سياسي جديد، لا علاقة له بنص الدستور. وهذا النظام لا يسمح باتخاذ أي قرار، لأن كل قرار لا بد من أن يزعج طرفاً من الأطراف، وإن بشكل نسبي. أي مسألة تستدعي بالتالي إما وصاية خارجية ينصاع لها الجميع، وإما تشكيلة تضم منافع للجميع وجوائز ترضية، أي تعميماً للمحاصصة والصفقات، فلا يعترض أحد، ويصبح التوافق غطاءً لتدمير أي حق يضمنه قانون أو دستور، ولا عجب بالتالي أن تنتفي إمكانية التعايش مع أي قيد قد ينقلب على واضعيه، وأبرزها وجود موازنة وحسابات. ونحن نشهد بالفعل خلال الشهرين الأخيرين، تكاثراً مريباً للصفقات، سواء تلك التي أنجزت أو التي تلك يجري التحضير لها على قدم وساق، دون أي خجل من الانقلاب في المواقف التي طالما صورت على أنها مبدئية. نعم، النظام، أو شبه النظام الموروث من الطائف مات ودفن، ونحن نعبر مرحلة انتقالية، وقد بدأت تظهر معالم نظام جديد وقبيح. لكن ساحات مواجهة لا تزالت مفتوحة. خلال السنة المنصرمة، خضنا مواجهات في ساحات متعددة، لكن المواجهات لم تأت بالنتائج المأمولة لأن خوضها كان إفرادياً، والأطراف والشخصيات التي ساهمت في المؤتمر التأسيسي لم تشارك بالقدر الأدنى المفروض، وكثر المؤيدون والمناصرون، وحتى المزايدون، بينما بقي المواجهون قلة قليلة: في مجال الحريات الصحافية، حصلت اعتداءات على صحافيين، وإمعان في امتهان أصول مهنتهم، وارتهان متماد لابتزاز سلطات المال، وهضم لحقوق الإعلاميين الاجتماعية، لكن الهيئات النقابية المعوّل عليها بقيت خارج الصورة. في الجامعات، حصلت بعض التحركات، لكنها لم تتخطّ أطر الاعتراض على رفع الأقساط هنا وهناك، وبقيت التحركات محكومة بالعصبيات الفئوية، حتى بين مكونات مشاركة في المؤتمر، ولم تفلح الدعوات لاختراق حالات الفصل العنصري والطبقي بين الجامعات والإقطاعات الطائفية في الجامعة اللبنانية، عبر العمل الطلابي، لطرح المسائل الكبرى المتعلقة بالثقافة الوطنية، وبالكفاءة العلمية، وبفرص العمل. وفي مجال الحريات النقابية، حصلت مواجهات بارزة. منها معركة عمال متعهدي كهرباء لبنان الذين تلكأ أصحاب الشركات (المدعومون سياسياً)، التي عملوا فيها لعشر سنوات أو لعشرين سنة والتي أعارتهم إلى المؤسسة، عن تسجيلهم في الضمان الاجتماعي. ومنها بشكل خاص معركة عمال شركة سبينيس التي يديرها البريطاني مايكل رايت، وهو الذي لم يحز إجازة عمل لسنوات، وراح لما احتج العمال على حرمانهم من تصحيح الأجور القانوني ومن التصريح عنهم للضمان الاجتماعي وأسسوا نقابة للدفاع عن حقوقهم، يرهبهم ويخيّرهم بين حريتهم المكفولة في الدستور والمعاهدات الدولية ولقمة عيشهم، فيرغمهم على الانسحاب من نقابتهم، وإن لم ينصاعوا يصرفهم من العمل، ووزارة العمل تتفرج، بينما ضجت المحافل العمالية الدولية بحالتهم، ولم يحرك أطراف المؤتمر قدراتهم لفرض استمرار حيوية النقابة من ضمن المؤسسة كي لا تقتصر على بضعة أبطال من العمال المصروفين. وفي مجال القضاء، وعلى الرغم من نشاط مركز ومن بروز بضع حالات مشرقة بين القضاة، لم تتشكل حالة عامة تعيد القضاء إلى موقعه، نصيراً للحق. وكان لمحكمة المطبوعات بضعة أحكام حوّلتها، في الواقع، من نصير للحريات، إلى أداة لقمعها: قاضية أدى تحقيق صحافي إلى إدانتها من قبل مجلس القضاء الأعلى ربحت دعوى قدح وذم «بكرامتها» ضد الصحافي الذي كتب التحقيق؛ ووزير فند تقرير لديوان المحاسبة مخالفاته المالية ربح دعوى قدح وذم «بكرامته» ضد الصحافية التي أوردت مقتطفات من تقرير ديوان المحاسبة؛ والبريطاني مايكل رايت ربح دعوى قدح وذم «بكرامته» ضد من شهّر بأفعاله ووصف عمله الترهيبي بما هو واقعياً. في كل هذه الحالات، استأجر المرتكبون محامين يدافعون عن «كراماتهم»، وهؤلاء يقفون أمام الكاميرات ليتكلموا على مآثرهم في الدفاع عن الحريات. ضمن هذا المشهد المحزن، استثناء لافت، هو الذي دفعني الى مصارحة اللبنانيين اليوم من خلال هذا المؤتمر الصحافي: تحرك هيئة التنسيق النقابية.

موقعنا من هيئة التنسيق النقابية

هيئة التنسيق النقابية حركة نقابية فعلية تشكلت خلال العقدين الماضيين، في مسار معاكس تماماً لمسار تدمير الحركة النقابية التاريخية الذي أوصل الاتحاد العمالي العام إلى الحالة المخجلة التي بات عليها، مستحقاً استبدال اسمه باتحاد العمالة العام. ولعل تحسس وجهائه لخزيهم هو الذي دفع ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وسليم جريصاتي إلى منح غسان غصن وسام العمل الذهبي في مشهد مضحك مبك. حركة هيئة التنسيق النقابية ولّدت، من رحم نضالها، مجموعة قيادات وكوادر هم من صلب تحركنا. وقد حققوا إنجازاً تاريخياً، فبنوا حركة نقابية ديموقراطية ومستقلة، فتخطّوا العصبيات الطائفية والمناورات، وتغلبوا على اليأس في مواجهة فاق عمرها ثلاثين شهراً، وشملت إضرابات لم يشهد لبنان لها مثيلاً، وتظاهرات واعتصامات، وانتزعوا حق حرية العمل النقابي في الدولة، وفرضوا على مجلس الوزراء ومجلس النواب التفاوض مع الهيئة وعقد الاتفاقات معها وطلب تقديم المذكرات إليها. قياديو هيئة التنسيق النقابية، ولا سيما حنا غريب ومحمود حيدر، بعدما استحصل أولهما من هيئات رابطة التعليم الثانوي على توصية بتحويلها إلى نقابة، وبعدما حصل ثانيهما على موافقة الجمعية العامة لرابطتها على تعديل نظامها الداخلي لتصبح نقابة موظفي الإدارة العامة، هما من رموز إنقاذ لبنان وإعادة تأسيس الدولة. ولمن يسأل مشككاً ومتفرجاً عن كيفية تكوين الهيئة الدستورية الانتقالية التي دعا إليها المؤتمر، نقول: حنا ومحمود هما دون شك عضوان في الهيئة التأسيسية، وقد اكتسبا شرعيتهما من نضال هيئة التنسيق. باقي أعضاء هيئة التنسيق مدعوون للقيام بالخطوات ذاتها. لحنا غريب الذي ربما استاء من ملاحطات أدليت بها وبعض الرفاق حول الموقف الذي اتخذه عندما طالبه مجلس النواب بتقديم الاعتذار لأن بعض أعضائه ورئيسه اعتبروا أنه مسّ «كرامتهم» من خلال تصاريح أدلى بها عن «الحرامية»، فدخل بشروحات وتفسيرات. إذا كان قد اعتبر أن كرامته قد مسّت، أقول أمام الملأ إنني أعتذر منه، لأنه صاحب كرامة استحقها من نضاله. إنما نعم يبقى لدينا ملاحظات، وهي تنطلق من الحرص على الانتصار، ولذلك هي ضرورية، فكلنا نخطئ ونتعلم. وتضييع أي فرصة للتغيير خطأ تاريخي.

معالم المواجهة

هيئة التنسيق ظاهرة جديدة، لا بل ظاهرة غير متوقعة، وهي جديدة وغير متوقعة للجميع: هي كذلك طبعاً في أعين السياسيين والمتسلطين الذين لم يفهموا طبيعة هيئة التنسيق وحراكها. وكيف نلومهم وقد تعوّدوا على الاتحاد العمالي الطيّع: قُم فيقوم، نَم فينام؟ لكنها جديدة وغير متوقعة أيضاً في أعين قادة هيئة التنسيق وكوادرها، الذين لم يدركوا، أو لم يدرك العديد منهم، أن لا نية لدى السلطة للإقرار بحقهم، في حين أنهم باتوا يمسكون بالقرار وبالمبادرة، ليس فقط على الصعيد الاجتماعي بل على الصعيد الوطني أيضاً. المشهد الذي أنتجه حراك هيئة التنسيق يشبه المشهد العربي العام، حيث لم تدرك المعارضات أنها ملزمة بصياغة مشروع سياسي واقتصادي ومؤسسي، بينما لم تدرك السلطات القائمة أن أدواتها المعهودة لم تعد قادرة على التعامل مع متغيرات المجتمع، الجديدة وغير المتوقعة للاثنين معاً. الأمثولة البارزة التي فرضت تجربة ثلاثين شهراً استخلاصها أن مجالات العمل المطلبي والتحركات الضاغطة قد استنفدت. لا يجوز أن تعتبر عشرات القرارات والاتفاقات وألوف المواقف بمثابة لا شيء؛ ولا ألا تغيّر الإضرابات والتظاهرات والاعتصامات شيئاً وكأنها لم تحصل، من دون استخلاص العبرة. العمل المطلبي والضغط من خلال الإضراب يفترضان أن المضربين، إذ يخسرون دخلهم وسبل معيشتهم خلال الإضراب، يجعلون صاحب المؤسسة يخسر، فيجسدون حقيقة المصالح المشتركة بين الطرفين، ويلزمون صاحب المؤسسة بالتنازل عن موقع القرار الذي يعتبر أنه يتمتع به في الأيام العادية، فيتفاوض معهم حول إعادة توزيع الناتج بين أجور للعمل وأرباح لرأس المال. عندما نتكلم على تحرك مطلبي في إطار الدولة، يجب ألا ننسى أن السلطة السياسية، نواباً وحكومة، ليسوا أصحاب الدولة، الدولة هي ملك المواطنين، هم ليسوا إلا وكلاء عن المواطنين، مجلس إدارة يمثل المالكين. ومن يتضرر من إضراب الموظفين هم المواطنون. ما تبيّن من التجربة أن الوكيل لم يكترث بتضرر مصالح موكليه، لا بل إنه واجه المضربين باستعداده لتصفية المؤسسة، أي الدولة، طبعاً بعدما استهلك حيل المماطلة والدجل والمراوغة. هذا الموقف يعني ببساطة أن الوكيل، أي الطاقم السياسي، خان الأمانة والتزم بمصالح بعض زبائن الدولة، مضاربي المال والعقارات، ليس على حساب الموظفين، بل على حساب المواطنين، والموظفون مواطنون هم أيضاً. هذا يعني أن ممثلي المواطنين فقدوا شرعيتهم التمثيلية. هذا ما حققته وما كشفته هيئة التنسيق. فقدان شرعية الوكيل يحتم على الموظف أن ينقل جهده وتركيزه من الضغط على الوكيل الخائن إلى مخاطبة أصحاب الشأن الحقيقيين مباشرة، أي المواطنين، وإلى ابتداع صيغة مؤسسية بديلة من الوكالة الشكلية التي انكشف سقوطها. هذا يعني الانتقال من الموقف المطلبي إلى مواجهة مؤسسية مع كل النظام الذي يفصل بين مصالح الناس وتمثيلهم السياسي. أيّ وسائل يلجأ إليها الوكلاء فاقدو الشرعية، للاستمرار بالمناورة بعدما استهلكوا وسائل التهويل والمماطلة والمحاججات حول الأرقام وغيرها؟ يمكن التعرف إلى وسيلتين، ويجب التنبه إلى كليهما. خطة دفاعهم الأولى هي التطويق. هدفها إرهاق هيئة التنسيق ودفعها إلى خفض سقف مطالبها، بمعزل عن مهماتها الوطنية. هذه الخطة هي التي طغت على المشهد خلال الأشهر الستة الأخيرة، بعد صدور تقرير لجنة إبراهيم كنعان النيابية. جندت مواقع الهيمنة الطبقية قواها الطائفية المساندة لتحمل إقرار «سلسلة الرتب والرواتب» تبعات هائلة: إقرار السلسلة سوف يرفع الأسعار ويزيد البطالة ويرفع أقساط المدارس على الأهالي ويرفع الفوائد على المقترضين ويخفض الفوائد التي يقبضها صغار المودعين ويزيد عجز المالية العامة ويستنفد احتياطي مصرف لبنان ويطيح سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار الأميركي ... كل ذلك لإرضاء نزوات مجموعة من الموظفين الفاسدين والمعلمين التنابل، فينبري السياسيون النبلاء للدفاع عن عموم الناس ويضعون محاربة الفساد و«إصلاح الإدارة» فوق كل اعتبار. أعطت هذه الحملة المسعورة التي لم تتردد في التزوير المفضوح والابتزاز العلني ثمارها. فبدت هيئة التنسيق مطوقة، ولولا انفضاح رياء السياسيين لكانت الخطة قد نجحت واضطرت هيئة التنسيق إلى التراجع. الرد على محاولات التطويق يكون أولاً بالانطلاق من أن لا سلسلة ولا إصلاح إدارياً، بل مجرد تصحيح للأجور تأخر ثماني عشرة سنة، ونسبته حتى 2012 بلغت 121%، وتبلغ حتى اليوم 130%. مجرد القبول بذلك يعني تنازلاً عن كل الفترة الماضية. تقوم هيئة التنسيق بإعلان أن أي قرار يتخذ بشأن السلسلة سوف يقارن بهذا الحق المطلق، وأي نقص مرفوض إلا بشرط. الشرط أنه، مقابل كل ليرة يتنازل عنها الموظفون من حقهم، يتنازل في مقابلها أصحاب المصارف عن ليرة ثانية، ويتنازل أصحاب الودائع المصرفية الكبرى عن ليرة ثالثة، ويتنازل تجار الأراضي عن ليرة رابعة، ويصرف مجموع المبالغ المتساوية الأربعة لصالح اللبنانيين في مجالين: أولاً، تأمين التغطية الصحية الشاملة للبنانيين المقيمين، وبالتالي تحويل اشتراكات أصحاب العمل في صندوق المرض والأمومة إلى زيادة على الأجور؛ وثانياً، تعميم التعليم الرسمي ولا سيما في مرحلة الحضانة، وإرساء صيغة تعاقدية مع المدارس الخاصة التي تلتزم كلياً بالمنهج الرسمي، وتقلع عن أي نظام أو إجراءات تعليمية تتناقض والثقافة الوطنية وتعزز الغرائز الطائفية، وتمتنع عن تحقيق الأرباح، وتؤمن نتائج في الامتحانات العامة لا تقل عن نتائج التعليم الرسمي، لتغطية جزء من أقساط تلاميذها، إما نقداً وإما بانتداب أساتذة من التعليم الرسمي إليها، فتلغى بدعة المدارس المجانية وتسقط مبررات المنح التعليمية. عندها سوف يرى اللبنانيون من هو الحريص فعلاً على مصالحهم، ومن هو الذي يخدم مصالح المضاربين. لكن خطة دفاعهم الثانية قد تكون أدهى، وهي الاستيعاب، هدفها استعادة الشرعية المفقودة لرموز السلطة أو لبعضهم، ولو بدفع ثمن يتمثل بتلبية جزئية للمطالب المادية، من خلال سعيهم لأخذ وكالة من هيئة التنسيق للتفريط بدورها، مع مطالبتهم بالشكر والتأييد لأنهم انتقلوا من قمع الحقوق بالكامل والإخلال بواجبات مواقعهم، إلى التظاهر بالدفاع عن بعض الحقوق والقيام ببعض الواجبات، بعد سبات طال ثماني عشرة سنة. الرد على محاولات الاستيعاب يكون بنقل المواجهة من الحيز المطلبي إلى الساحة الوطنية والمؤسسية، وبتثبيت الوقع الفعلي لميزان القوى المعبر عن الشرعية المكتسبة. من الإشارات إلى هذه الخطة، الحرص التافه والفارغ على الكرامات والسعي المسرحي لتسجيل انتصارات مفتعلة على هيئة التنسيق، مع ادعاء مناصرة مطالبها. لا شكر يستحق لمن انتقل من تقصير بنسبة مئة في المئة طوال عشرين عاماً إلى تطويق يتضمن أكل خمسين في المئة من الحقوق، ومئة في المئة من آمال التغيير. ولم يعد خافياً على أحد مدى التناغم والتكامل بين رواد التطويق والاستيعاب.

ما العمل؟

الامتحانات للتلاميذ حصلت في 2012 و2013، وعلى دورتين في كل مرة، ولشهادتي البريفيه والبكالوريا، فنجح من نجح ورسب من رسب، وحصلت نصف امتحانات في 2014، في سياق مسرحية لم نفهمها. أما امتحانات مسؤولي الدولة فقد جرت لعشرين مرة، بدورات استلحاقية متتالية، لمختلف الشهادات، شهادة رئيس جمهورية، وشهادة رئيس حكومة، وشهادة وزير، وشهادة رئيس مجلس نيابي، وشهادة نائب، ولم ينجح أحد. لم يرسبوا بالعلامات، بل رسبوا لأنهم لم يحضروا يوم الامتحان، ولأنهم لم يحصلوا على إفادة المدرسة حيث لم يقوموا بفروضهم خلال الدراسة، ولأنهم غشوا خلال الامتحان، غشوا من انتدبهم وانقلبوا على مواقفهم المبدئية والمعلنة تكراراً. ميشال سليمان اعتبر أن مخالفة القانون إذا استمرت عشر سنوات تصبح أمراً واقعاً وعرفاً مستقراً يضيع معهما الحق، نأسف لعدم التمديد لإنجازاته؛ نجيب ميقاتي غاب مع كتلته عن الجلسة لأنه ضد إقرار السلسلة التي أحالتها حكومة نجيب ميقاتي واعتبرتها أهم إنجازاتها؛ نبيه بري انتصر بعد تأخر قارب عقدين لحقوق الموظفين المحرومين من حقوقهم، من باب استيعاب حركتهم، إنما بعدما رعى غسان غصن وأعوانه، وحشر الأزلام، ومرر التسويات؛ التيار الوطني الحر حقق المستحيل فأبرأ من هدم الدولة وقوّض أسس الانتظام في المجتمع؛ حزب الله اعتبر أن تحرير الأرض أمر منفصل عن تحرير المواطن من الذل؛ وليد جنبلاط صرف التقدمية والاشتراكية كتلة نضال للدفاع عن المصارف؛ لعل فؤاد السنيورة كان الأكثر انسجاماً مع نفسه، وإن لم ينسجم مع بهية الحريري. ولعله يريد مقايضة إمرار سلسلة مشوّهة بإمرار قانون للإيجارات عبر تعرجات المجلس الدستوري غير المفهومة. قانون يضرب المالكين والمستأجرين، ويفسح المجال رحباً أمام مضاربي العقارات والمصارف لاستباحة ما تبقى من بيروت. العمل المطلوب بات يقضي بالتوجه إلى الغالبية من اللبنانيين الذين لا يزالون يتعلقون بزعماء طوائفهم بسؤال كل منهم: أين أنت يا مناصر زعيم الطائفة فلان من خيانة زعيمك لك، في مقابل ولائه الكامل لسلطة المال وإيعازات السفراء؟ هل لاحظت اختفاء أصحاب الرساميل عن الساحة والشاشات لاطمئنانهم إلى من تولى المقاولة عنهم؟ والتوجه إلى القلة من أصحاب الرساميل والمواقع الذين يعلمون علم اليقين ما آلت إليه مصائر الاقتصاد والمجتمع، كي يتجرأوا ويرفعوا صوتهم في وجه الريعيين وأرباب الصفقات، ليقولوا أن لنا مصلحة في زيادة القوة الشرائية للبنانيين ولنا مصلحة في دولة فاعلة ولا يزال لنا أمل في المستقبل، ولم نقبل بتقاسم تركة مجتمع واقتصاد يحتضران. كي لا نكون ظالمين، اثنان يستحقان ربما شهادة من درجة نائب: إبراهيم كنعان وجورج عدوان. إبراهيم كنعان لما صرح «أن المسألة لا تدور حول الأرقام، بل تطال موقع الدولة والنموذج الاجتماعي للبلد»؛ وجورج عدوان لما صرح «أن المسألة تعني الانتقال بالبلد من صراع العصبيات إلى الصراع الطبقي»، وهو ما يقلقه طبعاً. وعليه، ندعو هيئة التنسيق النقابية إلى الإقدام على خطوتين: إعلان تحول روابطها إلى نقابات، وإنشاء الاتحاد العام للعاملين والموظفين في لبنان ودعوة سائر النقابات الحقيقية للانضمام إليه، وتشكيل ثلاث وحدات ضمن الاتحاد: تعنى الأولى باقتراح السياسات والقوانين والأنظمة، والثانية بالتثقيف والتدريب، والثالثة بالتفتيش وتلقي الشكاوى وملاحقة حالات الفساد. تنظيم انتخاب من الشعب، في المدارس وتحت إشراف المعلمين والموظفين، كما تحصل كل الانتخابات أصلاً، لرئيس انتقالي للجمهورية على دورتين، لفك أسر اللبنانيين جميعاً بعدما أخذوا رهائن للنظام المسيء المتهالك، وليس لفك أسر التلاميذ حصراً من استحقاق الامتحانات، على أن يقوم هذا الرئيس بمواكبة المرحلة الانتقالية لا كما تسير في تنظيم الفيتوات وبانتظار تشكل وصاية خارجية متجددة، بل وفق البرنامج الإنقاذي الموضوع في المؤتمر والمذكور في البيان، أي لبناء دولة، ودولة عن جد، لا منتدى لممثلي الدول الخارجية وللطوائف، أي برعايته تشكل هيئة تأسيسية انتقالية تضع إعلاناً دستورياً يسمح بإجراء انتخابات لمجلس نيابي تأسيسي، يضع بدوره دستوراً جديداً للبلاد فيتم إقراره بالاستفتاء العام. عدم التقاط فرصة التغيير مسؤوليّة تاريخيّة.

بيان ألقاه الوزير السابق شربل نحاس في المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الخميس في 12 حزيران 2012 في قاعة نقابة الصحافة في بيروت.

عماد الزغبي - السفير

أمام المخاطر المحدقة بموضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب، جراء ما يتم تناقله عشية انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم، وأنها ستكون كسابقاتها، واستدراكاً لتداعيات هذه المخاطر، عقدت «هيئة التنسيق النقابية» مؤتمراً صحافياً أمس، لتأكيد المؤكد، ولتكرر موقفها مما يجري، ولتحميل المسؤولية لكل من يقف ويعرقل إقرار الحقوق في السلسلة بـ«ذرائع مختلفة». وحذرت من أي اتفاق قد يحصل بين ممثلي الكتل النيابية على حساب الحقوق. وأبقت الهيئة على خطواتها في الاستمرار بالإضراب ومقاطعة أسس التصحيح والتصحيح، ودعت هيئاتها للاجتماع اليوم من أجل دراسة المستجدات واتخاذ الموقف المناسب حيال التحرك وتصعيده في ضوء ما سينتج من الجلسة النيابية اليوم. ويقوم وفد من الهيئة عند الساعة العاشرة من صباح اليوم بتسليم النواب في مبنى البرلمان مذكرة تؤكد التمسك بالحقوق. وأعلن رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب باسم هيئة التنسيق، تمسك الهيئة الكامل بالحفاظ على الحقوق وتركيب جداول أرقام السلسلة، وفق بنود الكتاب الذي سلّمته الهيئة إلى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، عطفاً على مذكرة الهيئة المرفوعة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وإلى النواب في الثامن من أيار الماضي، مجددة تمسكها بها بنداً بنداً وككل لا يتجزأ. وأوضح: «حقوقنا لا تخضع للتفاوض ولا للمساومة عليها من أحد، وما يجري من اتصالات بين ممثلي الكتل النيابية لا يلزمنا بشيء، فهي تجري بغيابنا، فحتى تاريخه لم نتلق جواباً من مسؤول حول مذكرتنا وكتابنا». ورفض رفضاً باتاً أي توافق نيابي على حساب أصحاب حقوق كل القطاعات ومن دون استثناء، وهي تتمثل بـ«إعطاء نسبة زيادة واحدة للقطاعات كافة بحسب نسبة التضخم 121 في المئة حداً أدنى، على أساس الجداول الواردة في القانونين 661 /1996 و717/1998 وعلى كامل السلسلة، أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية من دون تقسيط وخفض وتجزئة وبمفعول رجعي اعتبارا من الأول من تموز 2012 وفق الاتفاقات مع الحكومة السابقة. (تحسم نسب الزيادات التي أعطيت عامي 2008 و2012 من الـ121 في المئة). وفي الحفاظ على الفارق بين بداية راتب الأستاذ الثانوي وبداية راتب الأستاذ الجامعي المعيد البالغ تاريخياً 6 درجات، والذي أصبح هوة سحيقة تصل إلى 54 درجة، أي 108 سنوات خدمة أي ما يعادل 54 درجة: 22 درجة = سلسلتين + 4 درجات (باعتبار أن كل سلسلة تساوي 22 درجة). الحفاظ على خصوصية كل قطاع وعلى حقوقه المكتسبة المكرَسة في قوانين (زيادة ساعات العمل من دون مقابل - الأعمال الإضافية الغرامات تعويضات أعمال اللجان - شروط الدخول إلى الوظيفة...) وإلغاء زيادة دوام العمل في الإدارات العامة. ووضع معيار علمي وعادل وثابت للفوارق بين جميع الفئات الوظيفية. وتوحيد نسبة الدرجة من أساس الراتب في جداول رواتب الفئات الوظيفية كافة (5 في المئة). وتعديل قيمة الدرجة لأفراد الهيئة التعليمية بوتيرة أسرع». وشدد غريب على ضرورة أن «يستفيد المتقاعدون والمتعاقدون والأجراء والمياومون والعاملون بالساعة، بذات نسبة الزيادة التي تصيب العاملين في الخدمة تطبيقاً لمبدأ العدالة والمساواة، ورفع الغبن اللاحق عن الأساتذة والمعلمين المتقاعدين بإفادتهم من الدرجات ونسبة الزيادة عينها ومن الدرجات أسوة بالداخلين في الملاك». عقدت المكاتب التربوية للأحزاب (14 ممثلاً عن قوى 8 و14 آذار)، لقاءً تضامنياً مع هيئة التنسيق، عصر أمس، في «قصر الأونيسكو»، دعماً لمواقف وحقوق الهيئة لإقرار السلسلة. ونظراً لغياب الإعلام، تحوّل اللقاء إلى اجتماع، تقدم فيه د. عماد سماحة باقتراح، أن يُصار إلى تشكيل لجنة لصوغ مشروع بيان ختامي، يتضمن التضامن مع هيئة التنسيق، ورفض التعاقد الوظيفي، وتأييد هيئة التنسيق، في تحركها المستقبلي. اعتصام وكانت الهيئة قد نفذت اعتصاماً قبل ظهر أمس، أمام «مجلس الخدمة المدنية» في فردان، لم يكن مختلفاً في رفع الشعارات المطلبية لرابطة الإدارة العامة وموظفيها ومتعاقديها ومياوميها وأجرائها والأساتذة ومعلمي القطاع العام، إلا أنه كان مختلفاً من ناحية عدم مشاركة موظفي مجلس الخدمة تلبية لقرار رئيسة المجلس الجديدة القاضية فاطمة الصايغ، وإقفال الباب الرئيس للمبنى في ظل حراسة مشددة لقوى الأمن الداخلي، ما دفع بعضو هيئة التنسيق حنا غريب الى الاعتراض على إقفال الباب، مطالباً القوى المولجة بحراسة المبنى بفتحه قائلا: «لا نقبل إقفال الأبواب في وجهنا بهذه الطريقة، فهم ليسوا أفضل من كل الوزارات»، واعدا بعدم دخول المعتصمين إليه، ما دفع بالقوى الأمنية الى فتح أبواب المبنى. حمل المعتصمون لافتات شددت على إقرار الحقوق كاملة، ودعت إلى رفض أي سلسلة مشوّهة وأي بنود تخريبية فيها، ورفض أي زيادة على ضريبة الـTVA أو أي ضريبة تحمّل ذوي لدخل المحدود والفقراء أعباء جديدة. بدأ الاعتصام بكلمة لعضو هيئة التنسيق وليد الشعار وجهها الى موظفي مجلس وإدارتها قائلا: «هنا بيت الموظفين، هنا رأس الهرم الوظيفي في لبنان ونحن ندافع عن هذا الهرم لأنه الحصن المنيع للإدارة ونعوّل عليه للمحافظة على الوظيفة العامة». وقال عضو الهيئة الموظف في وزارة الأشغال وليد جعجع: «إذا أراد الموظف أن يعيش بكرامة فلا بد أن يستجيب له التشريع». ووجهت المفتشة الإدارية نوال ناصر تحية نقابية الى الزملاء في أجهزة الرقابة في الإدارات العامة، ولا سيما في مجلس الخدمة المدنية «الذين لم يشاركوا معنا». وشدد رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر على «الدور الطليعي لأجهزة الرقابة في القطاع العام، وعلى رأسها مجلس الخدمة المدنية، الذي كان وما زال وسيبقى الحصن المنيع وخط الدفاع الاول عن الوظيفة العامة واستمراريتها وديمومتها». وأعلن غريب أن «هدف الاعتصام أمام رأس الإدارة العامة الوظيفية والمؤسسة الأولى الإدارية في الدولة، هو الانتصار لوظيفة المجلس ودوره في الحفاظ عليها». وقال: «نريد إعادة الدور الأساسي لأجهزة الرقابة ومجلس الخدمة، نريد كف يد السياسة والمحاصصة والمحسوبيات والواسطة على القرار الإداري وعلى حرمة الوظيفة العامة». ودعا عضو هيئة التنسيق عدنان برجي مجلس النواب الى «استرداد مفتاح السلسلة من يد شخص أو فئة في لبنان، راكم على الدولة 65 مليار دولار، وفشل في مشروعه الاقتصادي لأنه قام على الاقتصاد الريعي لا الإنتاجي».

بسام القنطار - الاخبار

 

 

جنيف | اختارت وزارة الخارجية اللبنانية أن تنأى بنفسها عن ملف الأسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبد الله. فقضيته التي طرحت أمس على جدول أعمال مؤتمر حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف، اقتصرت على جهود المنظمات غير الحكومية، حيث نظم مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب ندوة عن قضيته.

 

كان يفترض، بناءً على طلب تقدمت به الحملة الدولية لإطلاق سراح عبدالله إلى وزير الخارجية جبران باسيل، أن تثير بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة قضية عبدالله والتذكير بتعهد الحكومة اللبنانية ترحيله إلى لبنان فور إطلاق سراحه، لكن مكتب باسيل في بيروت لم يعط تعليماته لمكتب جنيف بأن يثير هذا الموضوع. ما يعني تخلياً لبنانياً رسمياً عن هذا المواطن، ربما إرضاءً للإدارة الفرنسية، من باب الاستحقاق الرئاسي. من باريس حضر إلى جنيف محامي عبد الله جون لوى شالانسيه، الذي توكل عنه بعد وفاة محاميه الشهير جاك فرجيس العام الماضي. شالانسيه قال لـ«الأخبار» إن الطلب التاسع للإفراج المشروط الذي تقدم به الى المحكمة المختصة في آذار الماضي سيُنظَر فيه منتصف شهر ايلول المقبل، لكنه أشار الى ان ردود طرف الادعاء المدني الاميركي على هذا الطلب لا تبشر بالخير. وبحسب كتاب رسمي تقدم به محامي الادعاء الاميركي جورج كيجمن الى القاضي الناظر في الملف، تبين ان الأخير كرر اعتراضه على الافراج عن عبد الله «رغم مرور ثلاثين عاماً على اعتقاله». ويمثل كيجمن في القضية زوجة الملحق العسكري الأميركي في باريس، تشارلز روبرت راي، والقنصل العام السابق للولايات المتحدة في ستراسبورغ، روبرت هوم، اضافة الى الحكومة الاميركية واطراف اخرى في الادعاء المدني. وأكد شالانسيه ضرورة تفعيل حملات التضامن مع عبد الله، ولا سيما في لبنان، لافتاً الى ان الولايات المتحدة الاميركية لم توقف ضغوطها من أجل بقائه في السجن. بدوره أكد الوزير السابق عصام نعمان، أن من مراجعة ملف عبد الله يتضح أنه استجوب وحكم عليه على اساس النيات وليس الافعال، ودونما ادلة قاطعة، وان الولايات المتحدة الأميركية ضغطت على فرنسا من أجل عدم الافراج عنه. ولفت الى ان استمرار احتجاز عبد الله رغم توافر الاحكام المؤيدة للافراج عنه، هو تعذيب محض. الأمين العام لمركز الخيام لتاهيل ضحايا التعذيب محمد صفا، جدد المطالبة بالإفراج الفوري عن عبد الله وضمان ترحيله الى لبنان من دون إبطاء، الأمر الذي يستوجب متابعة جادة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي والمقررين الخاصين المعنيين. واضاف صفا: «ان اتهام عبد الله بقتل دبلوماسي اميركي لا يعطي الولايات المتحدة الاميركية الحق بتعطيل القرارات القضائية الفرنسية اكثر من مرة». واعلن صفا ان مركز الخيام سيعمل مع جميع الأليات الخاصة المعنية بحقوق الانسان في الأمم المتحدة، من اجل الضغط للافراج عن عبد الله. الفنانة اللبنانية ليديا كنعان دعت الى توحيد الجهود لمواجهة الظلم اللاحق بحق كل الذين اعلنوا مقاومتهم للظلم، والذين اعتبروا خطرين لانهم شكلوا مصدر الهام وفخر لكل الساعين من أجل الحرية. ممثل اتحاد الحقوقيين العرب في جنيف الياس خوري، أعلن ان الحكومة الفرنسية تقول إن اطلاق سراح عبد الله يشكل خطراً، في وقت تقدم فيه الدعم اللامحدود للارهاب الذي يستشري في الدول العربية. ولفت الى ان استمرار احتجاز عبد الله سببه سياسي وليس قانونياً.

عناصر مشتركة بين الحركة الاحتجاجية التي عمت شوارع نيويورك عام 2011 والانتفاضتين المصرية والتونسية، إلتقطها المفكّر الأميركي في «احتلّوا: تأمّلات في الحرب الطبقية والتمرد والتضامن» (2012). صدرت نسخته العربيّة أخيراً عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» (ترجمة أنطوان باسيل)

يزن الحاج- الاخبار

ليس ثمة مهرب من تشومسكي. لا يمكنك الانتهاء من قراءة كتاب جديد له من دون أن تكون دوّنت ملاحظاتك، الداعمة أو الانتقادية. في جعبة قارئ تشومسكي أمران مهمان: ورقة لتسجيل الملاحظات، ودهشة لنشاط هذا الرجل الذي لا يتعب. بدأ نوام تشومسكي (1928) النصف الثاني من عقده التاسع من دون أن يحس هو، أو متابعوه، أو حتى منتقدوه، بوطأة الزمن. نسف الزمن وإعادة خلق زمن جديد، هما الفكرتان الجوهريّتان في كتابه «احتلّوا: تأمّلات في الحرب الطبقية والتمرد والتضامن» (2012) الذي صدرت نسخته العربيّة أخيراً عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» (ترجمة أنطوان باسيل).

تنطلق رسالة الكتيب (الأول ضمن سلسلة لكتّاب عدة عن حركة «احتلّوا وول ستريت») من محاور عدة لتلتقي ضمن العنوان الفرعي، ثم تفترق لتلتقي عند نقطة البداية، مع العنوان الرئيسي. يبدأ الإهداء بـ«الأبطال» الثمانين للحركة الذين اعتُقلوا في 2 أيلول (سبتمبر) 2011، وينتهي بتمرّد الأزهار التي تتضاعف يومياً وصولاً إلى لحظة الإثمار/ الثورة. سيُدرك القارئ العربي لهذا الكتاب بأنّ حركة «احتلّوا» لا تختلف كثيراً (رغم عدم تطابقها كذلك) عن الانتفاضات العربية. الحرب الطبقيّة، والتمرد، والتضامن هي عناصر كانت موجودة بالضرورة، بصرف النظر عن نسبتها المختلفة، في كلّ انتفاضة وتمرّد منذ الأزمة المالية عام 2008. وليست مصادفة أن نجد أنّ تفجّر هذه الأزمة المالية تزامناً مع اندلاع الحركات الاحتجاجية، ومع إعادة قراءة الرجل الذي كاد يصبح منسيّاً في «زمن الرأسماليّة»، أي كارل ماركس. كانت الأعوام الستة الأخيرة مناسبة لإحياء ذكرى ماركس في كتب مهمة (لم يُترجم أيّ منها إلى العربيّة)، لسلافوي جيجك وتيري إيغلتون وفريدريك جيمسون وديفيد هارفي وألان باديو وإريك هوبزباوم وغيرهم.

 

في هذا الكتاب، نجد ذكرى رائد آخر للتمرد، هو هوارد زن (1922 ــ 2010). يبدو الرجل كأنّه العرّاب الخفي لحركة «احتلّوا، التي أعادت روح «الثورة اليومية» إلى شوارع أميركا. زمن الستينيّات يعود مجدداً. الضحية ليست مختلفة بقدر كبير عن ضحية اليوم، فالقاتل والجلاد هو ذاته. ثمة فوارق بلا شك لم يركّز فيها تشومسكي في كتابه، لكنّه مضى ليؤكّد المعادلة ذاتها، لكن بمقارنة أكثر وضوحاً مع «الكساد الاقتصاديّ العظيم» في عشرينيّات القرن العشرين. يؤكّد أنّ «شعور العجز واليأس» هو الجديد في روح الشعب الذي أدمن حلم «السعي إلى السعادة». وهذا الأمر الجديد هو السبب الأساسي للتمرد ولهذه الحركة التي بدأت باحتلال الميادين ومضت بثقة لاحتلال أكثر أهميّة، هو احتلال العناوين والسرديّات واللغة، الذي سيشكّل، بحسب محرر الكتاب غريغ روجييرو، «انتصاراً بالضرورة في تحويل أيّ شيء آخر». مع ذلك، فإنّ روح اليأس ليست جديدة، كما يؤكد تشومسكي. هذا الكابوس المالي كان متوقعاً منذ أيام الاقتصاديّين الكلاسيكيين. هذا التفاوت الاجتماعي بين الـ 99% المسحوقين والنخبة المالية التي لا تصل نسبتها إلى 1% رغم تحكّمها بكل مفاصل الاقتصاد (يتحكّم بدوره بمفاصل السياسة والعسكرة والتشريعات)، بات أمراً ملحوظاً بشدة وفق آخر الاستطلاعات التي تشير إلى نسبة هائلة (66%) ممّن يعتقدون بوجود نزاعات «شديدة» أو «شديدة جداً» بين الأغنياء والفقراء. الزمن اختلف منذ الستينيات إلى اليوم، فالتظاهرات التي كانت تُفَض بالقوة في بوسطن الليبراليّة، على أيدي الطلاب أنفسهم، أيام حرب فيتنام، أصبحت خبراً شبه يوميّ في معظم المناطق الأميركية. لم يعد الحديث عن التفاوت والصراع الطبقي أمراً غريباً أو تهمة في البلد الذي كان كارثياً منذ عقود، فالضحايا أنهوا سباتهم، وانتفضوا. ينتقل تشومسكي إلى مقارنة مهمة بين الحركة والانتفاضتين المصرية والتونسية. يؤكّد أنّ الحركات العمالية هي ما تفتقر إليه الحركة، بينما كانت في شمال أفريقيا في قلب الانتفاضات. هناك ترابط وثيق بين الانتفاضات والنضالات العمالية. لذا لا بد من تطوّر الحركة إلى النضال اليومي في الشوارع والمعامل وبين الناس. ليس للنخبة المثقفة دور سوى النصيحة. أما باقي العمل، فهو واقع على كاهل المناضلين في الشارع. هذا ما يراه تشومسكي الذي يحرص في الكتاب على نفي أيّ شخصنة للحركة، وعلى مواجهة أي محاولة لاختزالها، ولو كان التوصيف هو «الفوضويّة»، وهي العقيدة الأقرب إلى تشومسكي الذي يبدو ضمنياً متفقاً من حيث المبدأ على أن «احتلّوا» أقرب إلى «الفوضويّة»، وإن كان حذراً ودقيقاً في توضيح أنّ «الفوضويّة» ليست جامدة، بل تتسع لتعريفات كثيرة. المهم ألا تخضع الحركة للشخصنة أو للزعامة، حتى زعامة المناضلين. وتبدو ذكرى هوارد زن هنا شديدة الحضور. تشومسكي يخطب في المنتفضين في محاضرة لذكرى زن، وهذه الروح النضالية هي روح زن، وهذه الجموع هي التي كان زن يؤكّد دوماً أنّها المحرك الفعلي للتاريخ، وهي من ستعيد كتابته. ليست المقارنة بين «احتلوا» وانتفاضتي تونس ومصر الأمر الوحيد الذي يمكن للقارئ العربي استخلاصه من الكتاب. ثمة خيوط خفية أخرى لجدالات نظرية لا تقل أهميّة، لعلها أكثر أهميّة في السياق العربي، لا سيما ما يختص بقضية الاصطلاحات. ما الاختلافات بين «الثورة» و«الانتفاضة» و«التمرّد»؟ أليست «الهبّة» هي الاصطلاح الأقرب إلى ما يحدث عربياً؟ وما دور المثقفين في هذه «الهبّات»؟ الأسئلة ستبقى معلّقة في انتظار الإطار النظري الذي سيكون دعامةً لفكر جديد في زمن جديد.

على خط موازٍ للمفاوضات المتجددة بين الكتل النيابية عشية الجلسة التشريعية، رفعت أمس هيئة التنسيق النقابية كتاباً خطياً إلى وزير التربية، يتضمن ثوابتها بشأن سلسلة الرواتب، ولاءاتها الثلاث: لا تقسيط، لا خفض، لا تجزئة

فاتن الحاج - الاخبار

مع بداية الأسبوع الجاري، عادت عجلة اللقاءات والاتصالات لتدور مجدداً، في محاولة لردم الاختلافات بين القوى السياسية، بشأن كلفة سلسلة الرتب والرواتب وإيراداتها. وعلى مسافة ثلاثة أيام من الجلسة التشريعية المقررة الخميس المقبل، لا خيارات نهائية واضحة، والأمر لا يتعدى حتى الآن طرح الأفكار ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية.

في ما يخص خيارات الإيرادات، ينحصر التداول خلال الجولة الجديدة من المفاوضات في نقاط محددة منها: زيادة الضريبة على القيمة المضافة الـ(TVA) بنسبة 1% على كل السلع والمواد، أو 15 % على سلع الكماليات، زيادة الرسم الجمركي، تسوية مخالفات البناء، البناء الأخضر المستدام، وتعرفة الكهرباء. أما بالنسبة إلى النفقات، أو الكلفة، فيتركز النقاش حول جداول الأرقام، وعن أي سلسلة نتكلم، درجات المعلمين، زيادات العسكريين، وحقوق المتقاعدين. تحت هذه العناوين، يستكمل أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان مسعاه «التوفيقي»، بالتنسيق مع وزير المال علي حسن خليل، ووزير التربية الياس بو صعب. للغاية، التقى كنعان أمس النائب بهية الحريري، والنائب جمال جراح، وسيلتقي عند الثانية عشرة والنصف من ظهر اليوم وفدا من نواب كتلة الوفاء للمقاومة، على أن يعود كل النواب للتشاور مع كتلهم، بهدف التوافق على الصيغة التسووية.

 

ومع أنّ المفاوضين ينفون أن تكون الطبخة قد استوت بعد، فإنّ هناك خيارين يطرحان بقوة، إما خفض أرقام السلسلة بنسبة 10 % من أجل المطابقة بين النفقات والإيرادات، أو زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1% على السلع، إلاّ أنّ هيئة التنسيق النقابية ترفض الطرحين، ولا سيما زيادة ضرائب الاستهلاك، وقد أبلغت أمس وزير التربية ذلك، بل إنّها سلمته كتاباً خطياً يتضمن ثوابتها لجهة تركيب أرقام جداول السلسلة، عطفاً على مذكرتها النقابية المرفوعة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري والنواب بتاريخ 8/5/2014. أما ثوابت الهيئة، فهي: - إعطاء نسبة زيادة اجور واحدة للقطاعات كافة بحسب نسبة التضخم 121% كحد أدنى، على أساس الجداول الواردة في القانونين 661 /1996 و717/1998 وعلى كامل السلسلة، أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، من دون تقسيط وخفض وتجزئة وبمفعول رجعي ابتداءً من 1/7/2012، وفق الاتفاقات مع الحكومة السابقة. (تحسم نسب الزيادات التي أعطيت عامي 2008 و2012 من الـ 121%). ــ الحفاظ على الفارق بين بداية راتب الأستاذ الثانوي وبداية راتب الأستاذ الجامعي المعيد البالغة تاريخياً 6 درجات، بعدما اصبحت 54 درجة. ـ الحفاظ على خصوصية كل قطاع وعلى حقوقه المكتسبة المكرَسة في قوانين، تطبيقا للمبدأ القائل، لا عمل دون أجر: (زيادة في ساعات العمل، الأعمال الإضافية، الغرامات، تعويضات أعمال اللجان، شروط دخول الوظيفة). ـ وضع معيار علمي وعادل وثابت للفوارق بين جميع الفئات الوظيفية. ــ توحيد نسبة الدرجة من أساس الراتب في جداول رواتب الفئات الوظيفية كافة (5%). ـ تعديل قيمة الدرجة لأفراد الهيئة التعليمية بوتيرة أسرع، لأن سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بهم طويلة، لكثرة عدد درجاتها البالغة 46 درجة، التي تزيد على ضعفي عدد درجات السلاسل العادية الـ 22، حيث يدفع ثمن ذلك الأستاذ الثانوي على نحو خاص. أما في مواد القانون، فتدعو الهيئة إلى أن يستفيد المتقاعدون والمتعاقدون والأجراء والمياومون والعاملون بالساعة، بنسبة الزيادة نفسها التي تصيب العاملين في الخدمة تطبيقاً لمبدأ العدالة والمساواة. لا تقسيط، لا خفض، لا تجزئة، بهذه اللاءات الثلاث، اختتم رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب اللقاء مع بو صعب. الأخير جدد القول إنّه سيكون صوت الأساتذة في المناقشات التي تجري بشأن المطالب العالقة، وسيطالب بكل حقوقهم المتوقفة منذ 3 سنوات. وأكد بوضوح أنّه «لن يكون هناك تصحيح للامتحانات الرسمية من دون موافقة هيئة التنسيق، ليس لدي النية بذلك، ولا حتى القدرة، ولست بوارد محاولة الالتفاف على ذلك». أضاف: «من المستحيل أن نمضي في التصحيح من دون إقرار السلسلة، وأي محاولة للضغط بهذا الاتجاه ستكون فاشلة، فهناك مليون و50 مسابقة تحتاج إلى التصحيح في البريفيه، والثانوية العامة بفروعها الأربعة، و350 ألف مسابقة في التعليم المهني، الذي انطلقت امتحاناته أمس». التواصل بين القوى السياسية يجري على مدار اللحظة، بحسب تعبير بو صعب. وقد كشف أنّه اجتمع في اليومين الأخيرين بالرئيسين نبيه بري وميشال عون ووزير المال، وتواصل بصورة خاصة مع رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة. وبدا وزير التربية منتشياً بكلام السنيورة، معتبراً اياه مفصلاً أساسياً على طريق التسوية، ومما قاله «بعد كل اللي صار، ستكون هناك ظلامة إذا ما منعطي السلسلة، لكنني ملتزم بإقرار سلسلة عادلة، تكون مبالغها محمولة، كي لا تكون شيكاً بلا رصيد، وإيراداتها مؤمنة». يعقب بو صعب: «نحن نفهم العدالة بإعطاء الحقوق لأصحابها، ونريد أن نوازنها مع الإيرادات لتمويل السلسلة». ونقل الوزير عن السنيورة جوابه له عن سؤاله «ما إذا كنا سنشهد حلاً الخميس»، بأن «كتلة المستقبل تعمل ليل نهار من أجل ذلك، والنقاش مستمر، ولم يعد الأمر ما إذا كنا نريد سلسلة أم لا نريدها، بل كيف ووفق أي مبادئ». واطمأن بو صعب، كما قال، من سلام إلى أنّ حل أزمة الحكومة بات على السكة، وقد أخذ بشائر، بحسب تعبيره، بجلسة ستعقد هذا الأسبوع، حيث سيكون ملف الجامعة اللبنانية في رأس الأولويات. هذا على مستوى المشاورات السياسية، أما على مستوى التحرك الميداني لهيئة التنسيق وإضراب الإدارة العامة، فكان لافتاً أمس أن تلتقي رئيس مجلس الخدمة المدنية فاطمة عويدات رابطة موظفي الإدارة العامة، وتتمنى عليها تعليق اعتصامها الذي كان مقرراً الأربعاء أمام مقر المجلس. ومع أنّ الرابطة حددت أهداف الاعتصام بأنّه محاولة للقول إننا «نريد تفعيل دور المجلس، ونرفض التعاقد الوظيفي ووقف التوظيف»، فقد نقلت مصادر من الرابطة أن عويدات ترى أن التحرك موجه ضد المجلس نفسه. أما الرابطة، فقد ردت بأنّ لديها آلياتها النقابية في تحديد التحرك والرجوع عنه، وأنّها لا تستطيع أن تعطيها جواباً عن ذلك قبل العودة إلى مجالس المندوبين والجمعيات العمومية، وحتى ذلك الحين سيبقى التحرك قائماً. وكانت الرابطة قد نفذت أمس اعتصاماً أمام وزارة العدل، من دون موظفي الوزارة، الذين منعوا من المشاركة بموجب تعميم شفهي ينذرهم من العواقب في حال الانضمام إلى الاعتصام. الأخير كان هزيلاً ولا يتناسب مع محتوى الخطاب، الذي القاه رئيس الرابطة محمود حيدر، والداعي الى الانتقال بحراك هيئة التنسيق من العنوان النقابي المرتبط بالسلسلة، إلى العنوان الوطني المتصل بالفراغ في رئاسة الجمهورية والتشريع.

عقدت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين اجتماعاً طارئاً لها صباح أمس لوضع خطوات التحرك ضد المهزلة المستمرة في إطلاق سراح العملاء الخطرين دون سبب أو وازع وطني، وأصدرت ما يأتي: ■ إن ما حصل من إطلاق سراح للعميل منصور دياب، لهو صفعة جديدة لأمن الوطن والمواطنين، وهو استهزاء بعقيدة الجيش التي تعتبر الكيان الإسرائيلي عدواً، ولا سيما أن منصور كان رئيس مدرسة القوات الخاصة.

■ إن إطلاق سراح منصور تحت ذريعة مرض زوجته، كما ذكرت إحدى الصحف، لهو عذر أقبح من ذنب. ■ إن ما يجري من إطلاق سراح للعملاء، بدءاً من العميل فايز كرم، حتى منصور دياب، يبعث الارتياب في النفوس من وجود مخطط تطبيعي مع العدو الإسرائيلي، وخاصة بعد ترويج فكرة «الجار الإسرائيلي وتضييف الشاي في ثكنة مرجعيون»، ومن ثم الزيارة الأخيرة التي قامت بها إحدى المرجعيات لفلسطين المحتلة وتبنيها للعملاء الفارين ووصفهم بالضحايا. ■ إننا نرى أن إطلاق سراح العملاء أصبح وسيلة للتوزير بعد مكافأة رئيس جمهورية سابق بتوزير قاضية الرأفة بالعملاء. ■ من اللافت للنظر أننا لم نسمع يوماً بأن قاضياً خفف حكماً عن محكوم جنائي لسبب إنساني مقنع، إلا العملاء فإننا نجد التسابق على إطلاق سراحهم وتبرئتهم واستقبالهم كأبطال. ■ إننا ندعو القوى السياسية المختلفة على الساحة اللبنانية إلى التنبه لخطورة هذه الخطوات التي تشجع التعامل مع العدو الصهيوني. ■ إننا نناشد القوى السياسية جمعاء الترفع عن النكايات السياسية والوقوف وقفة واحدة بوجه ما يخطط لوطننا لبنان من ذوبان في المشروع الصهيوني ومعاداة لقوى المقاومة رأفة بأبنائنا. وأخيراً نؤكد أن العميل لا دين له ولا طائفة ولا مذهب سوى الخيانة والخيانة فقط. هيئة ممثلي الأسرى والمحررين

انطلقت، أمس الأول، في سانتا كروز في بوليفيا أعمال قمة "مجموعة الـ77 زائدا الصين" تحت شعار "اقامة نظام عالمي جديد"، وعلى جدول اعمالها تعزيز البنية المؤسسية لهذه المجموعة غير المتجانسة من الدول، ودعم التنمية الاقتصادية عبر التعاون جنوب - جنوب. وصودف عقد هذه القمة في الذكرى الخمسين لقيام هذه المجموعة التي تأسست في 1964 في جنيف من 77 دولة وباتت تضم اليوم 134 دولة أي حوالى ثلثي أعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة. وسبق الافتتاح الرسمي للقمة تجمع في استاد في سانتا كروز شارك فيه آلاف الأشخاص، بينهم نقابيون وممثلون عن مجموعات السكان الأصليين وكذلك ايضاً مجموعات تراثية. وأمام مضيف القمة الرئيس البوليفي ايفو موراليس، القى رئيس الاكوادور رافاييل كوريا، أحد اعمدة اليسار الراديكالي في أميركا اللاتينية، كلمة دعا فيها الى الوحدة وانتقد محاولة "الانتهاء من الحكومات التقدمية والوطنية". من جهته دعا الرئيس الكوبي راوول كاسترو، الدول المشاركة في القمة الى الدفاع عن فنزويلا. وقال "بدفاعنا عن فنزويلا انما ندافع عن بوليفيا وسائر أميركا خاصتنا". أما الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو فقال: "نحن نواجه مؤامرة ترمي الى تقسيم وطننا، وترمي الى اغراقه في العنف، وترمي الى تبرير تدخل دولي في شؤونه، وكل هذا بهدف الاستيلاء على أكبر احتياطي نفطي في العالم"، داعيا الى قيام "نظام اقتصادي عالمي جديد". (أ ف ب) - السفير

 

اضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للإقرار، بعد يومين من اختفاء ثلاثة شبان إسرائيليين قرب الخليل، بأن حركة حماس تقف خلف اختطافهم.وتراجع نتنياهو بذلك عن الاتهام العمومي للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بالمسؤولية عن عملية الاختطاف، وعن إعادتهم إلى أهلهم سالمين. لكن أصابع الاتهام الإسرائيلية، سواء للسلطة الفلسطينية أم لحماس، لم تقنع الكثير من الإسرائيليين، الذين يعتقدون أن المسؤول الحقيقي عن الاختطاف هو جمود عملية التسوية من ناحية والقوات الإسرائيلية التي جرت العملية تحت نظرها من ناحية ثانية.ويهرع كثيرون للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة سبب إخفاق الشرطة الإسرائيلية في إطلاع أجهزة الأمن الأخرى على عملية الاختطاف، رغم قيام أحد المختطفين بالإبلاغ شخصيا عن ذلك للشرطة.وأعلن نتنياهو، في مستهل اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن إسرائيل تعتقد أن حماس أو إحدى الخلايا الإسلامية المرتبطة بها هي المسؤولة عن اختطاف المستوطنين الثلاثة قرب غوش عتسيون.وجاء هذا الإعلان بعد أن شرعت قوات الاحتلال بتنفيذ أوسع حملة اعتقال ضد عناصر حماس و«الجهاد الإسلامي» بحثا عن أية معلومات قد تقود إلى وضع اليد على المستوطنين. وفي هذا الإطار تم اعتقال أكثر من مئة من كبار نشطاء هذين التنظيمين المعروفين بنشاطهما السياسي أو النقابي.ولاحظت مصادر إسرائيلية أن الغاية من الاعتقال، خصوصا الضغط على حماس وقيادتها، حققت بعض جوانبها عبر تنصل غالبية المتحدثين باسم حماس من المسؤولية عن العملية، بل أن بعض المسؤولين في الحركة أصبحوا يتحدثون عن أن الاختطاف مجرد رواية إسرائيلية لم تتأكد بعد، ويمكن أنها تستهدف حكومة الوفاق الفلسطينية. كما أن بعض المتحدثين بلسان حماس طالبوا إسرائيل بالكشف عن براهينها، إن كانت تملك دلائل على تورط الحركة في العملية. ولكن الهدف الأساس من الاعتقالات الواسعة، خصوصا الحصول على معلومات من المستويات الميدانية، لا يبدو أنه تحقق. فالمؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعلون ورئيس الأركان بني غانتس لم يعط أي انطباع بوجود طرف خيط.ومن الجائز أن عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة أربكت دفعة واحدة كل الأطراف. فالحكومة اليمينية الإسرائيلية التي طالما انتهجت سياسة «القامة المنتصبة»، ومررت قبل أيام مشروعا يكبل يد أي حكومة في أي عملية تبادل أسرى، تجد نفسها مضطرة لانتهاج سياسة تصعيدية، ليس هذا هو الوقت المناسب إقليميا ودوليا لها. كما أن هذه العملية أظهرت أن حالة الاستعداد القصوى والتحذيرات الدائمة لمواجهة عمليات الاختطاف لم تجد نفعا.ولإخفاء الحرج الذي أصاب جهاز «الشاباك» يشيع المقربون منه في وسائل الإعلام أن هذا الجهاز بات يعرف كيف يعيد رسم صورة الأحداث قبل الاختطاف، من مكان وقوعه إلى مكان حرق السيارة المستخدمة. ويوضح مراسلون أن جهدا هائلا تجتمع فيه المعلومات الميدانية والاستخبارية من العملاء ومن أجهزة الرصد والتنصت الالكتروني ومن كاميرات المراقبة لرسم الصورة كاملة، لكن عملية إخفاء الحرج الكبرى هي الجارية سياسيا، عبر حملة إشراك الجمهور الإسرائيلي بأسره في عملية البحث والصلاة من أجل المستوطنين المفقودين، على أمل أن يبعد ذلك خطر الاتهام المباشر للحكومة بالمسؤولية عن الاختطاف.ورغم إعلان القادة الإسرائيليين أنهم ينطلقون في بحثهم المكثف عن المستوطنين الثلاثة من قاعدة أنهم أحياء، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن المعلومات المتوفرة حتى الآن، إضافة إلى دروس الماضي في الضفة الغربية، لا تبقي مجالا كبيرا للتفاؤل بشأن مصيرهم، فتاريخ عمليات الاختطاف في الضفة الغربية يشهد على أنها أمام واحد من خيارين: إحباطها قبل أن تقع أو العثور على المختطفين ضحايا بعد ذلك.ورغم أن الجيش الإسرائيلي تعامل مع الاختطاف على أنه جرى في منطقة محددة، وزج بآلاف الجنود في تلك المنطقة لمنع احتمال نقل المختطفين إلى غزة أو سيناء أو الأردن، فإنه حاول من خلال علاقات مع كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية تأكيد منع هذا الاحتمال. ومعروف أن السلطة الفلسطينية وثقت تنسيقها الأمني مع إسرائيل لتجاوز هذه الأزمة من ناحية، ولمنع إسرائيل من استغلالها ضد «حكومة الوحدة» من ناحية ثانية. وربما أن هذا كان السبب وراء عودة إسرائيل رسميا إلى اتهام حماس بالوقوف خلف العملية.وفي كل حال فإن اختطاف المستوطنين وضع السلطة الفلسطينية أمام مأزق خطير. فمن ناحية كان وقع الاختطاف فائق الإيجابية في الشارع الفلسطيني، خصوصا أنه تم على خلفية إضراب الأسرى الإداريين. ومعروف أن مسألة المعتقلين تشكل مركز توحيد فلسطيني بارزا، حيث يندر أن تخلو عائلة من وجود أسير من أبنائها، فضلا عن التضامن الوطني العام معهم. ومن ناحية أخرى فإن التعاطف مع عملية اختطاف المستوطنين جاء تنفيسا عن حقد يكنه الفلسطينيون للمستوطنين، خصوصا من طلاب المدارس الدينية ممن يعربدون في القرى والبلدات باسم جماعة «شارة ثمن» لتخريب الممتلكات والمزروعات.وقد ردت السلطة الفلسطينية على اتهامات إسرائيل لها بأن العملية جرت في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية التامة، وأن الاتهام يجب أن يوجه للجيش وللحكومة الإسرائيليين. لكن نتنياهو، في مؤتمر صحافي، شدد على أن الذنب في عمليات من هذا النوع يقع على عاتق الجهة المسؤولة عن المنطقة التي انطلق منها منفذو عملية الاختطاف. ولهذا فإن عمليات التفتيش حتى في المنطقة «أ» تتم من بيت إلى بيت، وعلى نطاق واسع، خصوصا في منطقة دورا في جوار الخليل.في كل حال، بدأت مرحلة توجيه الاتهامات بالاتساع في إسرائيل. فـ«الشاباك» الذي كثيرا ما ادعى قدرته على توقع الأحداث والتحذير منها وإحباطها قبل وقوعها وإفشالها إذا ما بدأت، يجد نفسه اليوم في موضع الاتهام. ويطرح كثيرون أسئلة ثاقبة عن إخفاق الشرطة و«الشاباك» والجيش فضلا عن إخفاق الحكومة الإسرائيلية نفسها، وهذا ما دفع معلقا سياسيا كبيرا، مثل شمعون شيفر في «يديعوت احرونوت»، للتساؤل عن مدى حماقة من يعتقد أن أناسا تحت الاحتلال يمكنهم أن يسكنوا ويهدأوا ويقبلوا بإملاءات الاحتلال.وفي كل حال ولمنع تصاعد الخلاف الداخلي في إسرائيل جراء هذه العملية والاتهامات المتبادلة، طلب نتنياهو من وزرائه الكف عن إطلاق التصريحات بهذا الشأن. وقد فرضت السلطات الإسرائيلية حصارا على منطقة الخليل وقيودا على باقي مناطق الضفة الغربية، كما أن طائراتها هاجمت عدة مواقع للمقاومة في قطاع غزة، ما ادى إلى جرح امرأة.عموما غدا أساس الجهد الإسرائيلي للعثور على المختطفين استخباريا، بسبب الاعتقاد بأن عملية الاختطاف خُطط لها جيدا وبمهنية كبيرة. وحسب مصادر التقدير، فان مخططي الاختطاف كانوا يعرفون جيدا تحقيقات الجيش والمخابرات الإسرائيلية، وتمكنوا من تفادي الأخطاء التي تؤدي إلى القبض عليهم بسرعة. والتقدير هو أن هذه منظمة صغيرة وسرية لا تحدث ضجيجا ولا تدير مفاوضات.عموما يشعر إسرائيليون كثر بالخجل بسبب العملية. وقال ضابط رفيع المستوى «القول إن العنوان كان مكتوبا على الحائط هو أمر مهين. فقد صرخنا في كل مكان أن احذروا».

 

حلمي موسى السفير - 16 حزيران 2014

نبيه عواضة - السفير

بدت أجسادهم نحيلة وهم يجولون باحات المعتقل المدمر. استجمع الأسرى المحررون ما علق في بالهم من ذكريات عن سنوات قضوها خلف القضبان ليرووها لبعضهم البعض بسرد لا يخلو من الفكاهة، على الرغم من المرارة. عدد منهم اصطحب معه أطفاله شارحاً لهم عن كل سجّان وجلاد وقد عُلّقت أسماؤهم على لوحة مدخل المعتقل، ملبين دعوة هيئة ممثلي الأسرى للاعتصام في معتقل الخيام احتجاجاً على تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي بشأن اعتبار عملاء لحد ضحايا. وهو أمر رأى فيه الأسرى المحررون إهانة لعذاباتهم وسني أسرهم، وتبرئة لمن ارتكب الجرائم وقد صدرت بحقه أحكام غيابية عن المحكمة العسكرية في بيروت وصل بعضها الإعدام. الاعتصام الذي شارك فيه أسرى من عدد من الأحزاب، لا سيما من «الشيوعي» و«حزب الله» و«حركة أمل»، أقيم قرب عمود التعذيب الشهير في المعتقل، حيث استشهد عدد من زملائهم وهم معلقون عليه، من بينهم علي حمزة الذي استشهد جراء البرد الشديد بعد أن ظل ليلة كاملة معلقا به وهو عارٍ تماماً. تحلق في المكان عدد من الأسرى من مختلف التنظيمات والقرى، وتحدث باسمهم المحرر أنور ياسين، مشدداً على ضرورة أن يتراجع الراعي عن تصريحاته وأن يترك أمر البت بملفاتهم للقضاء اللبناني، فهو «الجهة الصالحة لإعلان الإدانة أو البراءة». ثم كانت كلمة لرئيس جمعية مناهضة التطبيع مع إسرائيل الدكتور عبد الملك سكرية، أشار فيها إلى أن القانون اللبناني الذي يحظر على أي فرد، سواء كان شخصاً عادياً ام معنوياً، من زيارة أراضي العدو، معتبراً أن ما صدر من تصريحات بشأن العملاء يمثل سابقة خطيرة. حمل المحررون لائحة بأسماء العملاء الذين فروا إلى فلسطين المحتلة. نظر إليها المحرر ابراهيم كلش ثم سأل زميله السابق في الزنزانة احمد طالب: «إذا كان هؤلاء ضحايا، فمن نكون نحن؟». سؤال برسم كل معني بملف الأسرى والشهداء.

 

وضع «المؤتمر الوطني لانقاذ لبنان وإعادة تأسيس الدولة» خريطة طريق إنقاذية تقوم على أساس «تشكيل هيئة انتقالية موقتة تتمثل فيها مختلف فئات الشعب اللبناني، تضع إعلاناً دستورياً من أجل إدارة المرحلة الانتقالية، ثم تحضر لإجراء انتخابات نيابية وفق قانون للانتخابات يرتكز على الأسس والقواعد الآتية: المواطنة ولبنان دائرة انتخابية واحدة، اعتماد النظام النسبي، تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة، اعتبار مجلس النواب الجديد هيئة تأسيسية، وضع دستور يجري إقراره بالاستفتاء الشعبي». وكانت لجنة المتابعة لـ«المؤتمر» عقدت مؤتمراً صحافياً، في نقابة الصحافة في حضور الوزير السابق شربل نحاس، النائب السابق نجاح واكيم، الامين العام لـ«لحزب الشيوعي» خالد حدادة وعضو «هيئة التنسيق النقابية» محمد قاسم واعضاء المؤتمر . بعد النشيد الوطني، اعتبر نقيب الصحافة محمد البعلبكي أن «برنامج المؤتمر الوطني يشكل خريطة طريق لاعادة بناء الدولة». ثم دعا نحاس إلى «اقامة هيئة تأسيسية تبادر لانشاء دستور جديد لانقاذ البلد من خلال اعادة تأسيس الدولة»، معتبرا «اننا دخلنا مرحلة انتقالية». كما دعا «هيئة التنسيق النقابية» الى ان «تتحول الى نقابة تضم كل العمال». ورأى «المؤتمر» في بيان له أنّ «القراءة الموضوعية للصراع الدولي ـ الإقليمي المحتدم في هذه المنطقة لا تترك أي مجال للظن بإمكانية حصول توافق يخرج الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية كافة من مأزقها الراهن، وبالتالي فإن صورة المرحلة المقبلة سوف تكون على النحو الآتي: فراغ متماد في سدة الرئاسة، نزاع يتخذ أشكالاً طائفية بغيضة حول صلاحيات الحكومة، خاصة لجهة أهليتها لملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وسقوط البرلمان في حالة غيبوبة كاملة، لا تستطيع أطراف السلطة السياسية، بتواطئها المعهود وتوافقاتها السخيفة، انتشاله من هذه الحالة». ولفت إلى أنّه «مع ازدياد حدة الخطاب الطائفي، خصوصاً حول صلاحيات الحكومة وأهلية مجلس النواب للتشريع في غياب رئاسة الجمهورية، فإن شرارة واحدة، لا يدري أحد كيف ولماذا ومتى تنطلق، سوف تكون كافية لإحراق لبنان بأخضره ويابسه». واعتبر «أن لبنان يندفع أو يُدفع بقوة وبسرعة لإعلانه دولة فاشلة مع ما يترتب على هذا الإعلان من نتائج أبرزها: ـ إن الغالبية الساحقة من الأسر التي يتلقى معيلوها أجورهم من العمل في لبنان وبالعملة الوطنية، لا سيما العاملين في الدولة وفي المؤسسات التابعة لها، معرضة لفقد مداخيلها ومدخراتها، مع ما يترتب على ذلك من كوارث اجتماعية. ـ إن يأس اللبنانيين من الركون إلى الدولة، بأجهزتها الإدارية والأمنية والقضائية، سوف يدفعهم أكثر فأكثر صوب الهجرة والاستزلام لقادة الطوائف والرضوخ لأصحاب المال والسلطة الفعلية. ـ إن سقوط الدولة اللبنانية إلى دولة فاشلة يحرم البلد من كل حصانة يوفرها له القانون الدولي والأمم المتحدة، ويفتح الأبواب للتدخلات الخارجية بأبشع أشكالها وأخطرها، إذ إنه يضع لبنان تحت وصاية مجلس الأمن الدولي». وأكد «الوقوف إلى جانب هيئة التنسيق النقابية في مطالبها المشروعة، ونقدر عالياً نضالاتها، نرد على هؤلاء بأن تأمين الواردات اللازمة لتغطية أكلاف السلسلة متاح من خلال فرض الضرائب على المداخيل الريعية التي تأكل نصف الناتج المحلي».

الأكثر قراءة