إيفا الشوفي - الاخبار
لليوم التاسع عشر على التوالي يستمر الموظف في وزارة الزراعة، د. علي برو، في اضرابه عن الطعام في ساحة رياض الصلح. الوضع لا يزال على حاله: فجوتان متقابلتان جرى «تشحيلهما» في «شجيرات» الساحة، برميل مياه خلف التمثال، وسرير حديدي على الجانب الأيسر. الفرق الوحيد هو اللافتة التي يحملها تمثال رياض الصلح، والتي تحسب عدد أيام الإضراب فتزيد رقماً يوماً بعد يوم. اعتاد برو المكان وتأقلم معه «أجلس في الفجوة اليسرى حتى الساعة الواحدة والنصف ظهراً، من ثم أنتقل إلى الفجوة اليمنى بحثاً عن الفيء».
الإضراب عن الطعام، الشمس الحارة، الغبار واللامبالاة التي واجهته بها قوى السلطة، لم تحبط من عزيمة الرجل الستيني، الذي شارف على التعاقد؛ بل على العكس زادت من إرادته وإصراره على الاستمرار. «نحن لها» يقول برو لعضو قيادة هيئة التنسيق النقابية حنا غريب، الذي شاركه في الاعتصام امس، «إذا المسؤولين ما حسّوا، الناس بيحسّوا وبيتحركوا». تحوّلت الدعوة التضامنية إلى «قعدة» بين برو والـ 15 موظفا، الذين حضروا ليتضامنوا معه. مثل جلسات الحكواتي يروي لهم خبريات حدثت معه «في اليوم العاشر ذهبت إلى خلف الساحة لأغتسل وأبدّل ثيابي. غبت 20 دقيقة وعندما عدت فوجئت بالدركي خلفي. أراد أن يرى إذا كنت بخير بينما فعليّاً كان يريد أن يعرف إذا كنت آكل خفيةً». شانتال عقل، موظفة في وزارة الصناعة، تتضامن مع برو على نحو شبه يومي وتؤمن بتحركه: «علي سيبقى هنا ولن يتراجع ومن الواضح أنه سيبقى طويلاً»، لكنها لا تؤمن بالطبقة الحاكمة «بلا إحساس ما عم تحكي مع بشر، لا نريد سلسلة، نريد كرامتنا». يُجمع المتضامنون على فساد هذه الطبقة، يقول الموظف في وزارة الشؤون الاجتماعية محمد قدوح إنّ «الطبقة السياسية ليس لها علاقة بالناس، بل تهتم فقط بمصالحها».
رئيس رابطة موظفي الادارة العامة محمود حيدر يشدّد على أهمية تحرك برو. يرى أنّ «المراهنة على اليأس والملل لن تنفع. نحن أبناء الدولة نتظاهر ضد الدولة!»، مستغرباً ما يجري الكلام عنه في ما يتعلق بعدم توافر آلية قانونية لدفع رواتب الموظفين، ما يزيد من هواجسهم. فرح أبي ناصيف، موظفة في وزارة الزراعة ايضا، أتت كي تتضامن مع زميلها علي برو، خطوة الإضراب عن الطعام نجحت في الكثير من الدول، ومثلت عامل ضغط على السلطة، لكن «في لبنان لن تؤدي إلى مكان»؛ هذه الخطوة تنجح فقط في الدول التي تحترم الإنسان. لم ينحصر المتضامنون في المستفيدين من إقرار السلسلة، بل حضر بعض الناشطين والطلاب الذين يرون في السلسلة قضية مواطنين لا موظفين. طالبة الحقوق لارا طالب تلفت إلى أنّ القضية اليوم هي مطلب علي برو، وغداً ستكون مطلب جميع الناس، «هي قضية احترام الإنسان والعيش الكريم». معركة برو انتقلت منذ اليوم الثالث عشر من المطالبة بإقرار السلسلة إلى المواطنية ومحاربة الفساد والهدر «نحن كمواطنين لدينا الكثير من الحقوق المغتصبة التي يجب استرجاعها». يتشبّث برو بتغييب المادة 13 من قانون المحاسبة العمومية، الذي فتح الباب أمام «مزاريب الهدر»، ولم يعد هناك أي ضبط لعملية الإنفاق وربط الاعتمادات، فأصبحت هناك مزاجية في الإنفاق. أحد مزاريب هذا الهدر وفق كلام برو هو المنظمات وجمعيات المجتمع المدني كمؤسسات وهيئات لا كأفراد «غياب هذه الجمعيات عن مطالب المواطنين الأساسية لتحسين العيش، دليل فاضح على تفريغ المجتمع المدني، وإقصائه عن الحياة المطلبية المحقة. هؤلاء يحصلون على أموال من الدولة، ولا يقومون بأي تحرك لخدمة المواطن». راهن الموظف المتفائل على «بقايا إنسانية لدى المسؤولين»، لكنّ ظنه خاب، فقرر أن يتوجه إلى الناس لعلّ معدته الخاوية تدفعهم كي يتحركوا وينفضوا عنهم غبار سنوات من الخضوع. خذلان الدولة والمجتمع المدني والطبقة الحاكمة للرجل الستيني كان متوقّعاً ولم يفاجئه. ورقته الوحيدة هي هيئة التنسيق النقابية، التي يعلّق عليها كل آماله. إضرابه عن الطعام متلازم مع ورقة التصحيح التي تضغط بها الهيئة حتى إقرار السلسلة، وهو على قناعة تامة بأنها لن تساوم في هذا الموضوع. الإرادة موجودة لدى علي برو، والمطالب الحقوقية تتزايد يوماً بعد يوم، ولامبالاة المسؤولين تتزايد معها. كان بدايةً يعدّ الأيام ثم انتقل إلى الأسابيع، أمّا اليوم، فمن الواضح أن عليه أن يبدأ بعدّ الأشهر، لأن الدولة صائمة عن التشريع وعن حقوق المواطن اللبناني. هكذا إذاً لن يُترك رياض الصلح وحيداً، على الأقل حتى نهاية هذا الشهر، فإمّا أن تُقرّ السلسلة، أو يُنقل علي برو إلى المستشفى.
تقوم السلطات الكويتية بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الناشطين السياسيين وتسجنهم تحت حجج واحكام واهية وكيدية وكان آخرهم المناضلون ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺒﺮاك وﺳﻌﺪ ﻃﺎﻣﻲ وﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﺮداس وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺰرﯾﻖ ﺗﺤﺖ ذرﯾﻌﺔ اساءة استخدام اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻻستبداد والبطشفي هذا الاطار يؤكد الاتحاد على تضامنه الكامل مع التيار التقدمي الكويتي ونؤيد ما قاله الرفاق "أنّ ﻧﻀﺎل اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﻮﯾﺘﻲ وﻗﻮاﻩ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ واﻟﺘﻘﺪﻣﯿﺔ ﺿﺪ ﺳﻄﻮة اﻟﻔﺎﺳﺪ وﻟﻠﺘﺼﺪي ﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺣﻠﻔﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﻲ اﻟﻤﻜﻮّن ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺸﯿﻮخ واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﯿﯿﻦ إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻧﻀﺎل ﺷﺎق ﯾﺘﻄﻠّﺐ ﻣﺜﺎﺑﺮة وﻧَﻔَﺴﺎً ﻃﻮﯾﻼً وإدارة ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ واﻋﯿﺔ وﻣﻨﻈﻤﺔ وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎدة اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ، وﯾﺘﻄﻠّﺐ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺗﻨﻈﯿﻤﺎً ﻟﻠﺼﻔﻮف وﺗﻌﺒﺌﺔ ﻟﻠﻘﻮى وﺗﻨﺴﯿﻘﺎً ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻟﺸﺒﺎﺑﯿﺔ ذات اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ ،واﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ واﻟﺘﻘﺪﻣﯿﺔ وﻧﺒﺬاً ﻟﻠﺸﻌﺎرات اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ اﻟﻤﻔﺮﻗﺔ ﻟﻠﺼﻔﻮفكما ندعو المنظمات العربية والدولية الصديقة إلى التضامن مع المناضلين الكويتيين والالتفاف حولهم ورفع الضغط السياسي والاعلامي على السلطات الكويتية من اجل اطلاق سراحهم فورا دون قيد او شرطاتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانيبيروت ٥ تموز 2014
عماد الزغبي - السفير
18 يوماً مرّت على إضراب الدكتور علي برو الموظف في وزارة الزراعة عن الطعام. 18 يوماً خصمت من إجازاته السنوية، ولم يتفقده أحد من الصليب الأحمر، أو من هيئات المجتمع المدني. 18 يوماً ترك ابن الثالثة والستين من العمر، من دون خيمة، تقيه أشعة الشمس، ووحيدا من دون أي رعاية من وزارة الشؤون الاجتماعية، لتتفقد وضعه واعتباره نازحاً، أو لاجئاً، أو طفلاً مشرداً. دخل برو اليوم الـ19 في «معركة الأمعاء الخاوية» ولم تسأل عنه وزارة الصحة، ولم ترسل طبيباً لأخذ ضغط دمه. وحدهم الأصدقاء والزملاء يتناوبون على زيارته، و«هيئة التنسيق النقابية» اعتمدت ساحة رياض الصلح، ساحة للاعتصام الدائم منذ الرابعة من بعد ظهر كل يوم. يأسف برو للحال التي وصلنا إليها، ويسأل عن هيئات المجتمع، وسبب غيابها عن الاهتمام بهذا الموضوع الإنساني، وينفي أن تكون أي جمعية قد زارته، «لم تزرني لا جمعيات ولا هيئات مدنية ولا حتى جمعية الرفق بالحيوان...». يحاول برو ضبط غضبه، لكنه يتمثل بـ«حنظلة»، تمكنت من أن أثبت أنني في عمر 63 سنة أستطيع تحمل أشعة الشمس الحارقة، وأن أستمر في المطالبة بحقي بسلسلة رتب ورواتب عادلة، وارتقيت إلى مصاف المواطنة بعد 18 يوماً من الإضراب عن الطعام. حوّل برو معركته ضد الظلم والفساد، «ارتقيت إلى المواطنة، وأصبحت أطالب بحقي كمواطن، والسلسلة من ضمن الحقوق». يرفض برو التلهي بما يقال هنا وهناك، «يريدون تحويل الأنظار إلى مواقع أخرى وإلى قضايا لا تؤدي الغاية منها، بل مواضع تطيل عمر القضية والمطالب المشروعة». ويعتبر أن الحل الأمثل لوقف الهدر في إدارات الدولة، هو في تطبيق المادة 13 من قانون المحاسبة العمومية، والتي تنص على: «يضع كل وزير قبل نهاية شهر أيار من كل سنة مشروعاً بنفقات وزارته عن السنة التالية ويرسله مشفوعاً بالمستندات والإحصاءات اللازمة لتبرير اعتماد من الاعتمادات المطلوبة، وفقا للأصول..». ويشير إلى أن هذه المادة مغيبة في جميع الوزارات، وأن نفقات الاعتمادات التي تقر هي مزاجية. ويلفت إلى أنه يحارب منذ نحو عشر سنوات، عندما رفض بصفته رئيس مصلحة، أول مرة مناقصة بملياري ليرة، لعدم مطابقتها المادة 13، وقال: «أجريت دراسة ميدانية، وتبين لي أنها غير ذات جدوى، وقيمتها كبيرة، وبرغم رفضي لها، وافق عليها الوزير ونفذت». ينتقد برو ما وصلت إليه الأمور لجهة فرض مشروعي القانون 10415 و10416 المتعلقين بتأمين سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات الضريبية، ويعتبر أن ربط المشروعين خطأ قانوني، «ما علاقة تأمين الأموال بإعطاء السلسلة؟». يضيف: «كأنهم يفترضون أنهم أمام موازنة خاصة أو استثنائية أو ملحقة، وهذه الحال لا تنطبق على الوضع القائم، كون ذلك يحتاج إلى قانون خاص، وفي حال الإصرار، على المسؤولين فصل المشروعين عن الموازنة العامة، فكيف نضع مشروع قانون يؤمن إيرادات لمشروع آخر، ومن ثم نعود وندخل الاثنين على الموازنة العامة؟». يشدد برو على ضرورة تطبيق المادة 13، لجهة تحسين الجباية وترشيد الإنفاق، رافعاً شعار «حنظلة» في وجه «من خدرنا وكلسنا (من كلس) وثلجنا ونحن تحت أشعة الشمس». وقال: «أدير ظهر كما يفعل حنظلة وأتوجه إلى الصامتين على الظلم والفساد والمتكلسين».
فاتن الحاج - الاخبار
المادة 13 من قانون المحاسبة العمومية تدخل عنصراً إضافياً في اعتصام الموظف في وزارة الزراعة د. علي برو، المضرب عن الطعام منذ 18 يوماً. يعلق برو أسفل تمثال رياض الصلح لافتة تشير إلى المادة وقد وضعت جنباً إلى جنب مع روزنامة أيام الاعتصام و«حنظلة» الذي يدير ظهره للصامتين عن الظلم والفساد. ما هي هذه المادة وما علاقتها بحراك برو؟
تنص المادة على الآتي: «يضع كل وزير قبل نهاية شهر أيار من السنة مشروعاً بنفقات وزارته عن السنة التالية ويرسله إلى وزير المالية، مشفوعاً بالمستندات والإحصاءات والإيضاحات اللازمة لتبرير كل اعتماد من الاعتمادات المطلوبة، وذلك وفقاً لأصول يحددها وزير المال». هذه المادة مغيبة، وبتغييبها يُفتح باب الهدر على مصراعيه، هذا ما فهمه برو لدى تسلمه رئاسة مصلحة البستنة والمحاصيل الحقلية في عام 2000، إذ إنّ «النفقات في وزارتي على الأقل لا تستند إلى إحصاءات وأرقام». وفي عام 2005، طبق برو بنفسه المادة 13 بإجراء دراسة وإحصاءات ميدانية لمشروع كان قد رفض التوقيع عليه «لأنّ النفقة غير مبررة، وبالتالي لا يجب أن يفتح لها اعتماد»، فكانت النتيجة أن عوقب ومرّت المناقصة من دون دراسة وإحصاءات، ولا يزال هذا الوضع قائماً إلى الآن. يبدو برو مقتنعاً بأنّ حُسن تطبيق المادة 13 يموّل سلسلة رتب ورواتب وأكثر، ومن شأنه تحسين مداخيل الدولة وخفض الدين العام.
برو يطمح إلى أن تكون هذه المادة عنواناً أساسياً تستند إليه هيئة التنسيق النقابية في معركة سلسلة الرواتب، بما أنّ الهيئة ستنفذ اعتباراً من الرابعة من بعد ظهر اليوم الاثنين، برنامج اعتصامات يومية وتضامنية معه. في الواقع، تندرج هذه الاعتصامات اليومية ضمن روزنامة تحركات حددتها هيئة التنسيق للأسبوع الجاري، إلى جانب الاستمرار بمقاطعة أسس التصحيح والتصحيح في الامتحانات الرسمية. وتتضمن روزنامة التحركات: ــ عقد مؤتمر صحافي عند الثانية عشرة ظهر غد الثلاثاء، في مقر روابط التعليم الرسمي. ــ تنفيذ اعتصام مركزي لمدة 24 ساعة (ليل – نهار) أمام وزارة التربية، بمشاركة ممثلين عن مجالس الأهل والطلاب ابتداءً من الحادية عشرة من قبل الظهر بعد غد الأربعاء، على أن يكون هذا الاعتصام مقدمة لاعتصامات مشابهة في باقي الوزارات. ــ تنفيذ الإضراب العام الشامل في جميع الوزارات والإدارات العامة وفي السرايا الحكومية في المحافظات والأقضية وفي المؤسسات العامة والبلديات، بعد غد الأربعاء. ــ تنظيم لجان متابعة مع مجالس الأهل وممثلي الطلاب من أجل حشد الجهود وتوحيد الطاقات لإقرار الحقوق في السلسلة وإعطاء الشهادة الرسمية. الهيئة رأت في بيان أصدرته أنّ عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب وغيرها من الملفات الاجتماعية والمعيشية التي تهم المواطنين، يخدم سياسة توتير الأوضاع العامة في البلاد على كل الصعد، ويهدف إلى ضرب هيئة التنسيق وروحية نضالها النقابي الموحَّد للبنانيين حول قضاياهم المعيشية، لمصلحة دعم التطرف والانقسامات الطائفية والمذهبية في البلاد. برأي الهيئة، تتجلى مظاهر تصفية ما بقي من دولة الرعاية الاجتماعية في البنود الواردة في مشروع السلسلة التي لا تلتف على موجبات تصحيح الرواتب بنسبة التضخم 121% كحد أدنى فحسب، بل تلغي نظام الوظيفة العامة والانتقال بها إلى نظام التعاقد الوظيفي بالكامل. كذلك إنّ إدارة الظهر لمطالب هيئة التنسيق ولتحركها تفضح، بحسب الهيئة، طبيعة القيمين على أخذ القرار وتعريهم على حقيقتهم أمام الرأي العام، حيث لم يعد ينفع معهم التلطي خلف حجج واهية، أقلها الدعوة لاتفاق سلطوي – مالي مسبق على حساب الموظفين. وأكدت الهيئة أهمية توسيع التواصل مع مجالس الأهل والطلاب من أجل إفشال محاولة المسؤولين وضع الأهالي والطلاب في مواجهة الأساتذة والمعلمين. وهنا تسعى الهيئة، كما قالت، إلى توفير احتضان الرأي العام والأهل والطلاب للتحرك الذي سيستمر باستمرار مماطلة وتعنت المسؤولين وإمعانهم في التهرب من إقرار حقوق الموظفين وضرب الشهادة الرسمية، وفي فرض الضرائب على الفقراء، ورفضهم تمويل السلسلة من الهدر والفساد والريوع المصرفية والعقارية والأملاك البحرية. وهي لا تزال تأمل تجميع وتنظيم القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة المباشرة في الحفاظ على الإدارة العامة والتعليم الرسمي وتعزيزه كماً ونوعاً كأحد الحقوق المكتسبة التي حققتها الحركة النقابية عبر تاريخها ويراد تصفيته. أما رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي فقد استهجنت، في بيان أصدرته أمس، عدم إعطاء الحقوق وإقرار السلسلة حتى الآن، و«كأن فشل المسؤولين في انتخاب رئيس للجمهورية تتحمل مسؤوليته هيئة التنسيق والأهالي وطلاب الشهادات الرسمية».
ماذا يعني ان ينتفض الشعب مرة ثالثة؟ الجميع يسأل لكن لا جواب واضح، والكل على الاطلاق ينتظر بفارغ الصبر ان تشتعل المواجهات اكثر، لكن لا أحد يقولها علناً، لماذا؟ لان اصواتاً من حيث يقف العدو تردد «على الفلسطيني دائماً ان يخشى ما قد يفقده». وماذا بقي لنفقده؟ الحقيقة لا شيء! خسرنا كل شيء، مسبقاً الارض، السُلطة الفعلية وحتى لقمة العيش، يحافظون لنا على فتات يمنعنا من الموت أو... الثورة
شمس الجليل منذ ان استوطنوا ارضنا كانت قطعان المستوطنين تسلب وتنهب وتخرّب وتضرب وتقتل. لم يتغير هذا يوماً. لكن هذه المرة كانت مختلفة، كان القتل وحشياً والحقد الذي دفعهم لحرق محمد ابو خضير حيّاً ـ وهو لم يتجاوز 16 من عمره ـ أكثر من ان يتزحلق عن اذاننا، واشتعلت القدس غضباً؛ اشتعلت بهم يريدون الانتقام والدم، واشتعلت بنا نحمي ما تبقى منا وما تبقى لنا! من الصعب ان نبدأ من نقطة محددة بعينها لنحدد سبب الاحتقان والغضب الذي ما لبث ان انفجر مجدداً في وجه الاحتلال، لكن الاكيد ان استشهاد الفتى محمد ابو خضير من القدس كان شرارة اشعلت القدس والضفة وأراضي 48 من جديد!
كل الصور عادت من الانتفاضة الثانية كأنها تستأنف حديثاً قطع فيما مضى. المواجهات، الغضب المنطلق من القدس لينتشر شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، الجو المحتقن بالحقد المكبوت «عليهم» وبكاء الامهات بصمت على محمد. في الانتفاضة الثانية بكوا على «محمد» آخر كان محمد الدرّة. كنا صغارا حينها ولم نسمع التهديد شخصيا، لكننا هذه المرة نتلقاه بأنفسنا: تهديدات للطلاب العرب بالقتل تصلهم بشتى الطرق، قطعان المستوطنين تدخل القرى والمدن العربية داخل الخط الاخضر في محاولات متكررة لخطف الاطفال والاعتداء على السكان العرب. ماذا بقي لنا لنخسره؟ ابت روح محمد، الفتى المقدسي، ان تغادر فلسطين، ظلّت تحوم بين ازقة القرى والمدن الفلسطينية لتجمع اهلها اخوة في الدم؛ الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعة العبرية (وهم من مناطق 48) اصطفوا طوابير للتبرع بالدم ومساعدة الاطباء حين اعلن مشفى «المقاصد» في القدس الشرقية حاجته للدم ولمتطوعين اثر المواجهات التي لم تتوقف والجرحى والمصابين الذين لم يتوقف تدفقهم، ايضا تدفق المتطوعين من الطلاب والسكان لم يتوقف. وفي الداخل، انتفض المثلث كذلك، لمن لا يعرف ما هو المثلث، فهو اسم اطلق على تجمع كبير لمدن وقرى عربية في الداخل المحتل (6 مدن رئيسية و21 قرية)، تقع في مركز البلاد غرب الضفة الغربية، وسابقاً لم يكن يفصل المثلث عن الضفة الغربية شيء، اما الان فيفصل جدار الحقد الصهيوني بين الام وابنتها اذا تزوجت في الجهة المقابلة! في لحظة ما، تقسمت الى لحظات كثر، اشتعل المثلث كذلك، وانضم الى القدس والضفة وغزة التي امطرت مستوطنات الجنوب سيولاً من صواريخ استجدى الاحتلال توقفها. ومن المثلث خرج الناس في «رهط» جنوباً الى «طرعان» شمالاً.
اما حيث لم يخرج الناس بعد، فهناك شعور خفي بالعار، لماذا لم نخرج بعد؟ يتساءلون، يحرضون بعضهم، يصنعون الخطط للمواجهة من دون التعرض للاعتقال ويرصون الصفوف. يجهزون لجو شبيه بالذي كان خلال الانتفاضة الثانية ويستخلصون العبر. جميعنا نريد انتفاضة ثالثة، الكل يردد اليوم: «اذا ما خربت ما بتعمر»! والحقد الصهيوني الذي يدفع الاف المستوطنين للشوارع وهم يرددون «الموت للعرب»، هذا الحقد الذي يجعلهم يحاولون اختطاف الاطفال مرة بعد مرة، الحقد نفسه الذي يدفع الاف الجنود لإغراق شبكات التواصل بصورهم وهم يطالبون بالثأر والانتقام من العرب، هو نفسه المغذي لثورتنا، هو نفسه الذي يدفعنا هنا لمقاومة المحتل والسعي للانتصار عليه، فالحرب الان حرب بقاء! فجأة تقف وحدك عارياً امام حقيقة «زملائك»: بالعمل، الدراسة، جيرانك (اذا كنت تسكن احدى المدن المختلطة)؛ تصلك من حيث لا تدري التهديدات، تهددك باسرتك، بابنائك، بمستقبلك، باملاكك... كنت تعرف انهم لا يحبونك، وانت لم تحبهم يوماً كذلك، لكنك لم تكن تعرف انه من الممكن ان ينفجر حقدهم جماعياً هكذا، وقحا هكذا في لحظة واحدة. وهم يسترخصون دمك، انت بنظرهم مجرد «نفس» في جسد ولست «روحاً طاهرة» مثلهم، هكذا تنظر اليك تعاليمهم، هكذا يعبئون رؤوس اطفالهم المجرمين منذ الصغر؛ لأنك لست منهم، فانت لا تختلف عن الحيوانات، وهم وحدهم «البشر». تتذكر تعطشهم للدماء، وتحمد الربّ كثيرا انك لست مثلهم! كل ما حولنا يعمل لمصلحة اندلاع انتفاضة ثالثة؛ اسرائيل فقدت «شرعيتها» بضرب غزة، وفقدت السيطرة على الوضع الداخلي (حتى الان على الاقل)، وحتى ان احكمت السيطرة، فان سعار المستوطنين وتعطشهم للدماء يجعل من المستحيل ان يتوقف فلسطيني عن القتال، ليحمي ابناءه واهله، لأننا ان اردنا ان نلخص السعار الصهيوني تجاه الفلسطينيين فيمكننا ان نشرحه بكلمتين: تعطش للدماء. وان اردنا ان نسهب يمكننا ان نقول من دون مبالغة ان التهديد وصل كل بيت عربي في فلسطين التاريخية، ولأنه لم يعد لدنيا ما نخسره الا حياتنا، فإننا لا بد ان نحيا ونحن ندافع عن انفسنا واهلنا او نهلك دون ذلك! لم يحتج الامر في نهاية المطاف لأية دعوة او صفحة فيسبوك او «ستاتس»، كل ما احتاجه ان تستيقظ فينا فطرة الفدائي، تلك الفطرة التي تجمعنا اخوة في الدم والوطن المسبي، وتجعلنا مهما طال علينا الظلم، نصطف طوابير لمساعدة من هُدمت بيوتهم. عندما رأينا قتلنا بوحشية مجدداً (يقال ان الانتفاضة الاولى ايضا اندلعت بسبب عملية انتقام قام بها مستوطن بحق فلسطينيين في قطاع غزة)، عندما حُرمنا من دخول الاقصى مجدداً (الانتفاضة الثانية اندلعت بسبب دخول شارون الى الاقصى)، عندها لم يعد لدينا ما نخسره! غير ان الجواب النهائي ان كانت تلك الانتفاضة الثالثة ستتم ام لا يجيب عليه الشارع وحده، والشباب الذين يواجهون الرصاص الحي والمطاطي بصدور عارية، ويردون على قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بمفرقعات الافراح والزجاجات الحارقة، فان لم يستمع الشباب الى «الاصوات» النشاز التي تدعو «لعدم الانجرار نحو العنف» او تلك التي تدعو الى «التعايش المشترك»، او التي «تلوم الفلسطينيين على ما حدث فهم من خطفوا المستوطنين اولا»، او تلك التي تحبط من عزيمتهم بالقول «ان الشعب غير جاهز لانتفاضة ثالثة»، او «ان الثمن الذي سندفعه سيكون باهظا»، او «ان الشارع الفلسطيني اليوم لا يشكل بيئة حاضنة لمواجهة كهذه لأنه ركن الى السلم طويلا ولان القيادات متخاذلة»، ان لم يستمعوا لكل هذه الاصوات وعملوا بفطرتهم السليمة وحدها، متسائلين سؤالا او اثنين؛ ماذا بقي لدينا لنخسر؟ هل ستحتلنا «اسرائيل» مثلا؟ سيعرفون الاجابة وسيجيدون الرد.
الصورة للفتى المقدسي طارق أبو خضير ابن عم الشهيد محمد الذي أحرقه المستوطنون الإسرائيليون حيًّا، وكان شرارة الأحداث الأخيرة. برغم ما هو ظاهر على وجه طارق بسبب التعذيب والضرب الوحشي على يد الشرطة الإسرائيلية، فإن ما أنقذ حياته هو «جواز سفره الأميركي»! وكان الفتى قد خرج في المسيرات المحتجة على استشهاد ابن عمه قبل أن تعتدي الشرطة عليه مع أنه كان فاقد الوعي. أمس، أفرج عنه بالتزامن مع استنكار أميركي لاعتقاله لكنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية، كما فرضت كفالة مالية باهظة على ذويه.
فاتن الحاج - الاخبار
لم يخرج الأهالي والطلاب بعفوية إلى لقاءات هيئة التنسيق النقابية، أمس، ما ينبئ بأنّ الطريق ليست سالكة نحو تحالف اجتماعي يؤمن أوسع ضغط ممكن على قوى السلطة السياسية لإقرار حقوق 120 ألف عائلة في سلسلة الرواتب وحقوق الطلاب بنيل شهاداتهم الرسمية. لم يكن الاستقطاب «نوعياً» بحجم ملف حيوي مستمر منذ 3 سنوات.
حتى الحضور الرمزي للقوى السياسية المنضوية في هيئة التنسيق بدأ يتلاشى هو الآخر في التحركات الأخيرة، وكأنّ ثمة تواطؤاً بين هذه القوى داخل الهيئة وخارجها. ومع ذلك، فإنّ رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب تمنى على الأهالي أن نكون «صوتاً واحداً في وجه المسؤولين لنطالبهم بالحل بما أنهم أصحاب القرار». ليس لدى أصحاب القرار أي معطيات جديدة ونهائية، وإن تسربت معلومات عن إمكان التوافق بينهم على خفض أرقام السلسلة بنسبة 10% وتقسيطها على ثلاث سنوات وزيادة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) بنسبة 1%، ما يطرح السؤال عما إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال فعلاً متمسكاً برفض TVA وما هو الضغط الذي يمارسه حالياً على الطرف الآخر في هذا الشأن؟ ولماذا تسريب التقسيط والخفض ما دام عضو كتلته وزير المال علي حسن خليل يقر بأن التغطية المالية لسلسلة الرواتب متوفرة؟ المحاولات مستمرة لإحداث خرق يحتاج الى تجاوب من كتلة تيار المستقبل، هذا ما قاله النائب ابراهيم كنعان بعد زيارته بري. وذكّر بأن 850 ملياراً تدفع اليوم غلاء معيشة من دون واردات، وبالتالي يمكن أن ينخفض العجز، وسينخفض في حال إقرار السلسلة مع وارداتها بقيمة 600 مليار أو 700 مليار. وإذا كان خليل لا يزال ينتظر جواباً على طرحه بموافقة هيئة التنسيق على أخذ نسبة مئوية محددة تكون دفعة من الحقوق وربط النزاع على الحقوق الأخرى، فإنّ أعضاء الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة رفضوا في اجتماعهم، أمس، التداول في طروحات «تعيدنا 3 سنوات إلى الوراء»، وإن كانت هيئة التنسيق لم تتبنّ أياً منها. برأي الموظفين، لا مانع من قبول السلسلة التي أعدّتها اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة النائب جورج عدوان مع زيادة 6 درجات لكل القطاعات الوظيفية. وقالوا إنّهم سيضعون هذا الطرح على طاولة هيئة التنسيق.
لقاءات الهيئة مع الأهالي والطلاب في بيروت والمناطق حضرها ممثلون عن لجنة حقوق المرأة اللبنانية. تؤكد رئيسة اللجنة عزة الحر مروة ضرورة الضغط باتجاه توسيع إطار هيئة التنسيق لتحويل قضية السلسلة إلى قضية وطنية عامة «على قاعدة أن الحفاظ على كرامة المواطن تجعله يقوم بواجبات المواطنة». أما اللقاء فقد أوصى بالتجمع، يوم الأربعاء المقبل في وزارة التربية. وتألفت لجنة متابعة من مجالس الأهل وهيئة التنسيق ستجتمع الاثنين المقبل، في مقر روابط التعليم الرسمي. وكان غريب قد وصف اللقاء بـ«النوعي الأول»، مشيراً إلى أننا «استنفدنا كل الوسائل، من إضرابات وتظاهرات واعتصامات. وفي كل مرة كنا نتراجع وتجرى الامتحانات والتصحيح لأنو ما حدا بيكسرنا إلا ولادنا، وإذا أردنا أن نتنازل فسنتنازل لهم وليس لحيتان المال». وقال إنّ «الطبقة السياسية تريد ضرب هيئة التنسيق بعدما جسدت الوحدة الوطنية، وتريد تقوية التطرف»، رافضاً «إعطاء الإفادات، فالشهادة الرسمية خط أحمر تماماً مثل الحقوق، ويسوانا ما يسواكم». ثم استدرك: «هم المسؤولون لا يريدون الاستثمار في التعليم، فهذا قطاع غير منتج لهم. لا يريدون تقاعداً ولا ضماناً ولا صحة، أما نحن أولاد التعليم الرسمي والعسكر والموظفين فلا نريد سلسلة إذا كانت على حساب الفقراء». وكان لافتاً ما قاله رئيس مجلس الأهل في ثانوية جميل الرواس الرسمية للبنين سعيد اللحام لجهة عرقلة بناء رابطة لمجالس الأهل في كل الثانويات منذ 3 سنوات. وأوضح أنّه «عندما بدأ الحديث بمطلب السلسلة وقفنا إلى جانب المعلمين، وعندما وعدت الدولة بإقرارها ضغطنا على الأساتذة كي يجروا الامتحانات ويراقبوا ويصدروا النتائج. وكل ذلك حصل على أساس الوعود التي لم تنفذ حتى الآن، لكن لحد هون وبس، فالثالثة ثابتة، فقد لدغنا من الجحر مرتين». الأهم سؤاله: «ماذا تبقّى من هذه الدولة؟»، يجيب: «لا ماء، لا كهرباء، لا طبابة، لا مستشفيات حكومية، فاتورة الهاتف الأغلى في العالم، وها قد جاء دور التعليم لأنّهم يريدون هدم الدولة كلها». أما الطالبة مريم اسماعيل من ثانوية العلامة صبحي المحمصاني الرسمية فقالت إنّ «وقوفنا الى جانبكم في مطالبكم المشروعة يعني أننا مع الحق، وما يعانيه الطلاب اليوم من تأخير للتصحيح لا يتحمل مسؤوليته الأساتذة، بل الدولة والمجلس النيابي»، مطالبة الأساتذة بالاستمرار في تحركهم «الذي سيضمن لنا أن نجد وطناً نستثمر فيه شهاداتنا بعد الحصول عليها». هيئات التنسيق في النبطية والجنوب والشمال والبقاع وجبل لبنان توافقت مع الأهالي على تفعيل مشاركتهم في التحركات المقبلة من خلال لجان متابعة، ولا سيما مع المديرين.
محمد نزال - الاخبار
لا يزال في لبنان من يؤمن بأن «الحراك المدني» قادر على التغيير. هذا ما يُفهم من المؤتمر الذي عقده، أمس، ناشطون في قصر الأونيسكو - بيروت. من هم هؤلاء الذين بدا خطابهم السلمي، وخاصة هذه الأيام، خارج الإطار؟ هم مجموعة شبّان، ظهروا قبل نحو عام، مع إعلان مجلس النواب التمديد لنفسه، وذلك بعد الفشل في إقرار قانون انتخابات جديد. هؤلاء الشبّان ديمقراطيون جداً، هذا ما يقولونه، وهم يؤمنون أن محاسبة المسؤولين لا يمكن أن تحصل إلا عبر صناديق الاقتراع.
إذاً، لقد حرمهم المسؤولون، قبل سنة، فرصة محاسبتهم من خلال حرمانهم «حق الاقتراع». من هذا المنطلق نادوا يومها بـ«عدم شرعية المجلس الحالي». اليوم عادوا إلى نشاطهم، وعنوانهم كما في العام الماضي: «الحراك المدني للمحاسبة». تحركوا بعدما «بدأت الطبقة السياسية نفسها بالتسويق للتمديد مرى أخرى». تسألهم: على فرض صدّق الناس، أو بعض الناس، أنكم قادرون على فعل شيء، أي شيء، لكن هل أنتم تصدقون أنفسكم فعلاً؟ هل أنتم جديّون في قناعتكم لناحية التغيير، في هذه البلاد، بالطرق السلمية والمدنية؟ «نعم، نحن جديّون»... هذا ما تقوله يارا نصار، مديرة الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات. وتضيف في حديثها مع «الأخبار» على هامش المؤتمر: «كيف تتوقع منّا أن نُحاسب المسؤولين؟ ليس أمامنا سوى الانتخابات، مع قانون عادل، يتيح للناس محاسبة كل من قصّر أو أخطأ من النواب. سوف يتصاعد تحركنا كلما اقتربنا من المهل القانونية للانتخابات. تحركنا لم يأخذ حقه سابقاً، ربما بسبب الأوضاع الأمنية في لبنان والدول المجاورة، لكننا سنقوم بما علينا». قبل أكثر من سنة، نفّذ هؤلاء الناشطون العديد من التحركات الاحتجاجية، ثم غابوا عن المشهد تماماً، قبل أن يعودوا الآن إلى الظهور. لاحقاً ربما يمدد مجلس النواب لنفسه، مرى أخرى، وسينزل هؤلاء إلى الشارع، مرة أخرى، ثم يمكن أن يغيبوا عن المشهد مرة أخرى، وهكذا. هم يدركون ذلك، ويعرفون أن ليس بإمكانهم العمل خارج الإطار «السلمي» و«المدني». عندما توجّه السؤال إلى يارا نصّار، عما يمكن فعله إذا ظلوا يهتفون اعتراضاً، بينما النواب والمسؤولون يستمعون إليهم، يستمعون وحسب، من دون ان يتغيّر شيء، تجيب: «هذا صحيح، وهذا ما حصل سابقاً ربما، لهذا سيكون لدينا تحركات مفاجئة وجديدة، لن نكشف عنها الآن، لكن في حينه ستظهر. لا بد من شيء جديد لإعادة تسليط الضوء على التحرّك وعلى ما تفعله الطبقة السياسية في الوقت نفسه». كان لافتاً أن المؤتمر، أمس، لم يستمر أكثر من ربع ساعة، إذ اكتفى القيمون عليه بإذاعة البيان الذي وزع لاحقاً على الإعلاميين. تقول زينة الأعور، المسؤولة الإعلامية في الحراك، إنه حصل اجتماع خاص بالناشطين قبل بدء المؤتمر الصحافي، و«اتفقنا فيه على خطة العمل اللاحقة، لقد مضى 11 شهراً على تمديد النواب لأنفسهم، بحجة أنهم يريدون وضع قانون انتخاب جديد، وهذا ما لم يفعلوه، الآن لديهم فرصة حتى منتصف آب لفعل ذلك. على كل حال ستتصاعد تحركاتنا، ونتمنى تفاعل المواطنين معنا، وسوف ننشر برنامج تحركاتنا على صفحتنا على موقع فيسبوك، وصفحتنا الأخرى على موقع تويتر أيضاً». حسناً، على فرض حصول الانتخابات، أي عدم التمديد، لكن في ظل قانون انتخابي غير عادل، قانون يعيد انتاج الطبقة السياسية نفسها حكماً، فما الفائدة وما العمل عندها؟ تجيب نصّار: «صحيح، ولهذا جعلنا عنوان تحركنا: إجراء انتخابات وفق قانون جديد». هذا القانون المطموح إليه يلخصه ما جاء في البيان الصادر عن الحراك: «هل لديكم الجرأة على الذهاب إلى انتخابات بقانون يعتمد النظام النسبي في ظل دوائر موسعة؟». ويدعو البيان المواطنين والمواطنات إلى «المشاركة الكثيفة في هذه الحملة الوطنية، عبر الانخراط في سلسلة التحركات السلمية التي ستنطلق في بيروت، وستمتد لتشمل كافة المناطق. نحن هنا اليوم لنطلق حملة وطنية عنوانها: إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد النظام النسبي، تجرى الانتخابات النيابة على أساسه، في موعدها، مع اعتماد كافة الاصلاحات». ربما لن يتوقف أحد من المسؤولين أمام مؤتمرات كهذه، أو حتى تحركات على الأرض، وربما يكون من حق البعض ألا يعوّل على ما جُرّب سابقاً من دون جدوى، لكن في نهاية الأمر ثمة من لا يريد أن يصمت، يريد أن يصرخ حتى ولو علم بأنه غير قادر على فعل أكثر من ذلك، بغض النظر عن دوافعه إلى الصراخ. ذات يوم، في تاريخ العرب، قيل لأحد الخلفاء إن جماعة من الناس تثير القلاقل ضدك، فماذا أنت فاعل؟ سألهم: هل فعلوا شيئاً سوى الكلام؟ فأجابوه: لا. عندها قال: إذاً دعوهم، أنحول دون الناس وألسنتهم؟
عطا الله السليم - السفير
بعد نحو أربعة أعوام على بدء أحداث الربيع العربي، تداعت حدود الدول المركزية العربية التي تموضعت جغرافياً بعد اتفاق «سايكس - بيكو» الشهير. في الأصل، لم تعرف الشعوب العربية مخاضاً لولادة كياناتها السياسية ولم تشهد تفاعلاً حضارياً وثقافياً بين مكوّناتها الدينية والطائفية والعشائرية والاثنية، على عكس ما شهدته البلاد الاوروبية التي اتحدت بعد أعوام من الصراع المتعدد الأوجه بين الكنيسة والتيار المدني، الذي أسس لثقافة سياسية قائمة على مدنية العلاقات وضرورة العقد الاجتماعي كإطار ناظم للعلاقة بين المواطن والدولة وبين التيارات الدينية نفسها، تحديداً الكاثوليك من جهة والبروتستنات، بوصفهم يمثلون حركة إصلاحية من جهةٍ أخرى. دار هذا الصراع منذ القرون الوسطى وصولاً الى الثورة الفرنسية العام 1789 التي اعتبرت آنذاك فاتحة عهد أوروبا الحديثة، ثمّ تلاها توحيد ألمانيا في عهد بسمارك العام 1871. اقتنعت المكونات المختلفة للشعوب الاوروبية بأن ما يحميها هو كيانها السياسي القائم على الحقوق المدنية، وعلى عقد اجتماعي يضمن للجميع حقوق المواطنة، بغض النظر عن الانتماء الديني أو الايديولوجي، وظهر في القرن الثامن عشر ما عرف بالقاموس السياسي بـ«الدولة - الامّة» the nation state. أما الشعوب العربية، فلم تشهد تفاعلاً على هذا المستوى. اذ إن منطقتنا وقعت تحت رحم ثقل الاحتلال العثماني، وبعد الحرب العالمية الاولى ورثت الدول الاستعمارية الصاعدة آنذاك، أي فرنسا وبريطانيا، هذا الدور. فعملت على القاعدة المعروفة «فرّق تسد» بين طوائف عدّة مختلفة الحجم والدور والتأثير، ولم تعرف الدولة تأسيساً رسمياً إلا بعدما نالت هذه الدول استقلالاً رسميا أيضاً. وفي حقبة ما بعد الاستقلال التي كان يؤمل أن تكون مساحة حوار وصراع، تمكنت البورجوزيات العربية المرتبطة عضوياً بالاستعمار، من اختزال المشهد العربي. تجلّى هذا الامر في انقلابات عسكرية حدثت في حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن. لقد ولدت الدولة المركزية العربية بفعل إسقاطي، من فوق الى تحت، بدلاً من أن تنشئ الكيانات السياسية من خلال مسار متعرج تتداخل في تحديده مكونات الشعوب العربية المختلفة، ولم توجد الدساتير في العالم العربيّ لانّ الانظمة صادرت حقوق المواطنين بفعل المقولة السائدة آنذاك: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». أسست هذه الممارسة السياسية الإقصائية لعهد من الديكتاتورية تحكّم برقاب الناس وألغى كل ما يمت بصلة للحرية، وترافق مع تضييق أمني واستخباراتي على حرياتهم السياسية والنقابية والإعلامية. نشأت الكيانات السياسية العربية بفعل قوّة الاستعمار أولاً وبفعل الديكتاتورية ثانياً، والتي سقطت بعدما أحرق البوعزيزي جسده، وهو ما يبرهن على مدى ضعفها وهشاشتها في الأساس. وكان الاستعمار قد ترك لنا مشاكل عديدة جرّاء التقسيم الجغرافي للمنطقة، لا سيما مسألة الأقليات. فلم تحل مسألة الأكراد في العراق وسوريا، ولا مسألة الامازيغ في المغرب والجزائر، ولا القبائل الليبية التي اتحدت طوعاً في المملكة الليبية المتحدة بعد اكتشاف النفط، قبل أن يحدث انقلاب عسكري فرض اتحادها بالقوة، وهو ما يفسر انفراط عقد الدولة المركزية سريعاً بعد الثورة التي أطاحت معمر القذافي في آذار العام 2011. أمّا اليمن، فقد عرف نزاعاً بين شماله وجنوبه انتهى بتوحيد البلاد العام 1990، فيما ظلت البلاد أسيرة الصراعات الجهوية والقبلية في ظلّ دعم خليجي لنظام علي عبدالله صالح منذ مجيئه للحكم وحتى موعد رحيله. ثمة كيانات عربية خارج نادي «الربيع العربي» شهدت أنظمة عسكرية ودولاً هشة وغلبة الطابع الميليشياوي وانتشار الفساد بكـل أنواعـه، كالسودان والصومال وجزر القمر، وقد صنفت تلك الدول في عداد «الدول الفاشلة» في أدبيات الأمم المتحدة. باختصار، شعوب المنطقة العربية هي جماعات جُمّعت على عجل، وأُسقطت عليها دول مركزية باصطناع، لانّ عملية الاندماج والتفاعل الضروريين لولادة هذه الدول لم تحدث أبداً، وهذا ما يفسّر عملية القطع التاريخي لمسار نشوء الدولة وتطوّرها في العالم العربي. يستغرب بعض الكتّاب والباحثين كيف انفرط عقد الدولة الليبية سريعاً بعد الثورة، وكيف انقسم اليمن الى أقاليم، وكيف أصبحت سوريا ساحةً للجهاد العالمي، وكيف انقسم السودان (قبل «الربيع العربي»)، وكيف تمددت «داعش» في سوريا والعراق وستتمدد أكثر - وفق خريطتها - الى خمس دول عربية مركزية أخرى. ويجهل حقيقة أن الشعوب العربية الآن ليست بصدد التفكك disintegration، ذلك أنها لم تعرف عملية التوحد بين مكوناتها المختلفة integration في الأصل. ويبدو أن الربيع العربي بصدد تغيير الجغرافيا السياسية في المنطقة، وهو ما سيولّد حراكاً على أكثر من مستوى، خصوصاً على صعيد خيارات الكتلتين الأساسيتين في المنطقة أي السنّة والشيعة. لقد أنهى «الربيع العربي» «سايكس بيكو»، ولكن ليس بالوحدة العربية بل بنقيضها. ولعلّ تنبؤ وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسينجر بأن المنطقة ستشهد حرب المئة عام بين السنّة والشيعة على غرار حرب المئة عام بين الكاثوليك والبروتستانت هو تنبؤ صحيح نشهد وقائعه اليوم.
امجد سمحان - السفير
انتقلت عربدة المستوطنين، مدفوعين بحملة كراهية واسعة تشنها السلطات والأحزاب الإسرائيلية، إلى مرحلة جديدة. فبعد عمليات إحراق أراضي الفلسطينيين ومنازلهم وتدمير المقابر التاريخية، تحت شعار "دفع الثمن"، تحولوا إلى القتل والتنكيل وحرق الأطفال، مثلما جرى مع جريمة قتل الفتى محمد أبو خضير والتنكيل بجثته، وذلك على الرغم من أكبر انتشار لقوات الاحتلال الإسرائيلية في أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، منذ عدوان "السور الواقي" قبل اكثر من عشرة اعوام. وتسببت الجريمة بحق محمد أبو خضير، الى جانب الاحتقان الفلسطيني المتصاعد بفعل ممارسات الاحتلال، في إشعال شرارات انتفاضة جديدة، بعد الهبة السريعة لأبناء القدس المحتلة وتهديد حركة "حماس" بجعل إسرائيل تدفع ثمن جريمة قتل الفتى أبو خضير على يد مستوطنين خطفوه من حي شعفاط في القدس الشرقية، وأحرقوا جثته لإخفاء معالم التنكيل بها. وفي محاولة لاحتواء التداعيات الداخلية والخارجية التي أثارتها جريمة المستوطنين، سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى إدانتها، وطلب من الوزراء التوقف عن إطلاق التهديدات ضد الفلسطينيين، بعدما صدرت مواقف دولية عدة تندد بما جرى. واضطرت الحكومة الأمنية المصغرة إلى مناقشة تطورات الوضع في القدس الشرقية بعد حدوث هبة فلسطينية تهدد بالتحول إلى انتفاضة جديدة. وكان الفلسطينيون استيقظوا أمس على وقع جريمة مروعة نفذها مستوطنون، خطفوا الفتى أبو خضير (16 عاماً)، ولم يكتفوا بقتله بل حرقوا الجثة أيضاً، في ما يبدو انه محاولة لإخفاء التنكيل بجثته. وفجّر الكشف عن الجريمة غضب سكان حي شعفاط في القدس الشرقية المحتلة، وانفجرت اشتباكات مع قوات الاحتلال، التي ردت بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع، ما أدى إلى إصابة العشرات بجروح. وقال شهود عيان لـ"السفير" إن مستوطنيْن اثنين اقتربا فجر أمس من الفتى محمد أبو خضير في حي شعفاط في القدس المحتلة، وخطفاه في سيارة من نوع "هيونداي". وفي وقت لاحق عثرت الشرطة الإسرائيلية على جثة محترقة في منطقة حرجية في القدس الغربية، تبين بعد الفحص أنها للفتى أبو خضير. وبعد العثور على جثة الفتى انتفض عشرات الشبان من حي شعفاط، واندلعت مواجهات مع الشرطة وجيش الاحتلال الإسرائيلي أسفرت عن إصابة 65 شخصاً جراء الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع. كما أصيب صحافيان فلسطينيان وصحافية إسرائيلية خلال المواجهات. وذكر موقع "عرب 48" أن المواجهات امتدت الى سلوات وبير أيوب وعين اللوزة في القدس، ما أدى بالإجمال الى إصابة 170 شخصاً. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إمكانية أن يكون مقتل الفتى جاء كهجوم انتقامي لمقتل ثلاثة مستوطنين ظلوا مفقودين منذ 12 حزيران الماضي بالقرب من منطقة حلحول قرب الخليل. وقال سعيد أبو خضير، احد أقارب الفتى، "لقد خطفوه وعذبوه ثم أحرقوا جثته بطريقة بشعة وغير إنسانية تدل على حقدهم وكراهيتهم". وأضاف "كان هناك تحريض مباشر بعد قصة المستوطنين الثلاثة لينتقموا ويقتلوا فلسطينيين، ونقول لهم هذا لن يرعبنا وسنبقى صامدين، وسنبقى في أرضنا مثل الشوكة في حلقكم". وتابع "حصلت محاولات أخرى أمس الأول من قبل مستوطنين لخطف أطفال من شعفاط وأماكن أخرى". وحمّلت عائلة أبو خضير شرطة الاحتلال الإسرائيلية مسؤولية الجريمة، مؤكدة أنها أبلغتها بعملية الخطف لحظة وقوعها، مشيرة إلى أنه يمكن التعرف على الخاطفين من خلال كاميرات المراقبة المنتشرة في المكان. وحمّل عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء توفيق الطيراوي حكومة نتنياهو وائتلافه اليميني المسؤولية "عن التطرف المجنون والإرهاب الممنهج الذي يتعرض له شعبنا من قبل الجنود والمستوطنين، والذي كان آخره حادثة اختطاف الطفل المقدسي". وانتقد ما أعلنته شرطة الاحتلال في القدس بأنها لا تؤكد بعد وقوف جماعات يهودية وراء عملية الاختطاف والقتل، معتبراً أنها "تتستر على الجريمة وتحمي المستوطنين عبر مصادرة الكاميرات التي رصدت عملية الاختطاف من المحال التجارية وغيرها في شارع شعفاط، في الوقت الذي شاهد فيه العديد من أبناء الحي عملية اختطاف الطفل أبو خضير وحاولوا اللحاق بسيارة المستوطنين الخاطفين التي غادرت المكان بسرعة". وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إدانة خطف وقتل أبو خضير وإنزال اشد العقاب بمرتكبي الجريمة. وسارع نتنياهو إلى إصدار بيان وصف فيه مقتل الفتى بالجريمة "الشنيعة"، مضيفاً أنه طلب من وزير الأمن الداخلي اسحق اهرونوفيتش "فتح تحقيق من اجل العثور بأسرع وقت ممكن على منفذي هذه الجريمة الشنيعة". واعتبر اهرونوفيتش انه من السابق لأوانه تحديد الدافع وراء قتل الفتى. وقال "نعلم أن فتى خطف على ما يبدو ونرى صلة بين الحادث والعثور على جثة. لا يزال الحادث قيد التحقيق في معامل البحث الجنائي ومن جانب محققين". وتوعدت "حماس"، في بيان، بأن إسرائيل "ستدفع ثمن جرائمها". وقالت، في بيان، "نوجه خطابنا للكيان الصهيوني وقيادته التي تتحمل المسؤولية المباشرة، إن شعبنا لن يمر على هذه الجريمة ولا كل جرائم القتل والحرق والتدمير التي يقوم بها قطيع مستوطنيه. ستدفعون ثمن كل هذه الجرائم". وطالب المتحدث باسم "حماس" سامي أبو زهري السلطة الفلسطينية "بوقف التنسيق الأمني الذي يوفر الحماية لهؤلاء المستوطنين حتى تتمكن المقاومة من القيام بدورها". وأطلقت المقاومة خمسة صواريخ من غزة على المستوطنات القريبة من القطاع. وعلمت "السفير" من مصادر فلسطينية أن القيادة الفلسطينية تجري اتصالات مع دول ومؤسسات مختلفة من أجل الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على الفلسطينيين، مرجحين التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب وقف العدوان، فيما اعتقلت قوات الاحتلال 40 فلسطينياً، أمس، خلال عمليات اقتحام لمدن رام الله ونابلس وبيت لحم، حيث وقعت مواجهات مع الشبان الفلسطينيين الذين تصدوا لها بالحجارة. وفي شمال الضفة الغربية، خُطت شعارات معادية للعرب بالعبرية تدعو "لانتقام اليهود" على حائط في قرية عقربا قرب نابلس. وكانت قوات الاحتلال هدمت منزل زياد عواد في قرية إذنا قرب الخليل، بتهمة قتله ضابطاً إسرائيلياً في نيسان الماضي. إدانات عربية ودولية وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في بيان، "مجلس الأمن والأمم المتحدة بالتحرك الفوري لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض يومياً لانتهاكات خطيرة"، فيما حذرت وزارة الخارجية المصرية من أن "استمرار تدهور الوضع الراهن، وما يحمل في طياته من مخاطر الانزلاق إلى حلقة مفرغة لا تنتهي من العنف يذهب ضحيتها مواطنون أبرياء، إنما يفرض الكف تماماً عن السياسات الاستفزازية كافة، وفي مقدمتها النشاط الاستيطاني وسياسة فرض الأمر الواقع". ودان البيت الأبيض مقتل أبو خضير. وقال المتحدث باسمه جوش إيرنيست "الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الممكنة القتل البشع للمراهق الفلسطيني محمد حسين أبو خضير.. وندعو حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع أجواء الانتقام والثأر". وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان، "لا توجد كلمات كافية للتعبير عن تعازينا للشعب الفلسطيني". وأضاف "من يقومون بأعمال انتقامية لا يحققون سوى زعزعة وضع متفجر ومشحون بالعواطف". وتابع "نحن ندعو الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية إلى اتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمنع وقوع أعمال عنف، ومحاكمة مرتكبيها". وذكر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "بأهمية أن يتحلى كل فرد بأكبر قدر من ضبط النفس، ويقوم بما هو ضروري لتفادي تصعيد خطير في أعمال العنف والردود الانتقامية"، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "لقد هالني مقتل الفتى الفلسطيني. إن خسارة أربعة فتيان هذا الأسبوع هو عامل تذكير مروع بأهمية التوصل إلى سلام دائم".
بينما تناقش هيئة التنسيق النقابية خطوات تصعيدية تنفذها الأسبوع المقبل لإقرار الحقوق في سلسلة الرواتب، تجري محاولات للمساومة على الحقوق تحت عنوان الخروج من الأفق المسدود أمنياً وسياسياً
فاتن الحاج - الاخبار
في اليومين الأخيرين، ترددت معلومات عن فكرة غير رسمية طرحها وزير المال علي حسن خليل على هيئة التنسيق النقابية، تقضي بالتفاهم على زيادة معقولة تكون دفعة من الحقوق في سلسلة الرواتب، وتعطى بنسبة مئوية واحدة لكل القطاعات الوظيفية، ليجري بعد ذلك ربط النزاع على باقي الحقوق. وتقول المعلومات إنّ الوزير أوضح لوفد الهيئة أنّه طرح شخصي، ولم نتداول فيه ككتلة نيابية لا تزال تقف إلى جانب مطالب المعلمين والموظفين. ولم يتجاوز الاجتماع دردشة أفكار لم يلتزمها الوزير، ولم تلتزمها هيئة التنسيق، وإن قيل إنّ البعض أمهل الوزير 48 ساعة للتفكير فيها كصيغة تسوية للخروج من الأفق المسدود سياسياً وأمنياً. إلّا أن جواباً علنياً حاسماً خرج أمس على لسان رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، من على درج وزارة الاتصالات، وعلى بعد أمتار قليلة من مقر المجلس النيابي. قال غريب إنّ أي اتفاق قد يحصل بين رؤساء الكتل النيابية على حساب حقوق الأساتذة والمعلمين والموظفين مرفوض ولا يلزم هيئة التنسيق شيئاً.
رفض غريب تكرار سيناريو النقاشات السياسية التي سبقت الجلسة التشريعية الأخيرة على مستوى تحديد كلفة السلسلة بـ1900 مليار ليرة، وتقسيطها على 3 سنوات وخفض أرقامها 10% وبقاء زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1% نقطة عالقة. جزم بأننا «لسنا موافقين على صيغة خدوا هالقرشين ووزعوها بيناتكم»، مشيراً إلى أننا «نصر على الحقوق ثم الحقوق ثم الحقوق حتى الرمق الأخير، وقد باتت معروفة: السلسلة هيي هيي 121 بالمية حداً أدنى على أساس الراتب المعتمد في القانونين 661/1996 و717/ 1998، يحسم منها ما معدَله 45% دفعت عامي 2008 و2012 ودفع الباقي البالغ معدَله 75%». غريب كرر موقفه من أنّ المسألة لم تعد سلسلة رتب ورواتب، بل تجاوزت ذلك إلى مشروع تصفية الدولة وتفكيكها وبيعها خردة لحيتان المال. وسأل ما إذا كان الإصلاح يكمن في إعطاء إفادات وتسليم سلطة الدولة وسيادتها على شهاداتها الرسمية لشركات خاصة. ثم استدرك: «هذا ليس إصلاحاً، هذه سرقة للبلد وبيعه للخارج»، مطالباً بمسؤولين وطنيين يحمون الشعب اللبناني ووحدته «تماماً كما تفعل هيئة التنسيق كروح لوحدة هذا البلد وتضحياته». وذكر بأننا «ذاهبون غداً (اليوم) إلى صياغة تحالف اجتماعي مع المعنيين بالسلسلة»، ويقصد اللقاء مع الأهالي والطلاب، اليوم، والذين دعاهم إلى «الانضمام إلينا باعتبار ذلك أقصر طريق لتصعيد التحرك وفرض الحقوق في السلسلة والشهادة الرسمية».
على بعد أمتار قليلة وتحديداً في ساحة رياض الصلح، لم يظهر الموظف في وزارة الزراعة د. علي برو أقل صلابة. يقول إنّه بدأ أمس معركة جديدة ارتقى معها بإضرابه عن الطعام من المطالبة بالحقوق في سلسلة الرتب والرواتب إلى المطالبة بحقوقه كمواطن في محاربة الظلم والفساد. وخلال دقيقة واحدة خصصتها له وسائل الإعلام المرئية، توجه إلى الشعب اللبناني باقتضاب: «بدكن تسمعوني منيح، باسم الشرفاء غير الفاسدين في الإدارة العامة وضد الظلم والفساد، باق باق باق ونقطة على السطر». بعد 14 يوماً، لا تزال لهجة الصمود والتحدي تغالب برو، وخصوصاً حين لا يتردد في القول «كنت أعتقد أن سقف تحركي سيكون شهرين، لكن التعاطي اللامسؤول مع قضيتنا يعطيني زخماً إضافياً، هي مسألة عض أصابع ومنشوف مين بيصرخ قبل». برو كان يتحدث بعيد زيارة خاطفة قامت بها قيادة هيئة التنسيق للتضامن معه، بعدما حط تحركها في مكانين: وزارة الاقتصاد ووزارة الاتصالات. ومن واكب المحطتين أمكنه رصد المشاركة الهزيلة للموظفين فيهما، إلاّ أنّ ثمة معلومات تتردد عن تعرض بعض الموظفين الإداريين الناشطين في هيئة التنسيق لضغوط وتهديدات بلقمة عيشهم بهدف ثنيهم عن المشاركة في الإضراب، وإن كان موظفون قد أوضحوا لـ «الأخبار» أنّ وزير العمل اجتمع منذ نحو أسبوع بمديرين في وزارته، قائلاً لهم إنّ «تنفيذ الإضراب لن يأتي بنتيجة، ويجب علينا تسهيل أمور الناس، وخصوصاً أنّ وزارتنا تقع في منطقة خطرة ولا يجوز أن نحمّل الناس مخاطر الطرقات». في وزارات أخرى كان الضغط واضحاً لجهة تلقي الموظفين رسالة الكترونية من رؤسائهم تمنعهم من أن يخرجوا من العمل من دون إذن شرعي، وذلك تحت طائلة المسؤولية والطرد من العمل. ومن أمام وزارة الاقتصاد، رأى رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر أنّ السلسلة ستكون مدخلاً لمعركة واحدة مع جميع المواطنين ضد من نهب البلد، أي التحالف المالي والتجاري القابض على مقدرات الدولة والمتحكم في كل خيراتها. وأكد أنّ المسألة خرجت من نطاق الرواتب والدرجات إلى المجال الاجتماعي والنقابي والوطني «فهم منزعجون من هيئة التنسيق لأنّها تعبر عن الحق من دون أي تدخل سياسي من أحد». وكان لافتاً أن يصوّب مسؤول الدراسات في رابطة أساتذة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي سهامه باتجاه «نهج اقتصادي يمثله الرئيس فؤاد السنيورة، ولا يزال سائراً ويقضي بإفقار 200 ألف عائلة، مقابل تراكم دين بقيمة 65 مليار دولار، وخدمة دين6500 مليار ليرة». لم يغفل برجي القول إنّ «الكل مشاركون في هذا النهج وموافقون عليه، كذلك لم تبادر أي كتلة نيابية إلى الاتصال بكتلة نيابية أخرى حتى الآن لإقرار الحقوق في السلسلة». الاشمئزاز مما آل إليه ملف السلسلة انعكس في الاجتماع الذي عقدته هيئة التنسيق أمس، حيث قررت تنفيذ تجمع كبير، عند العاشرة من قبل ظهر الأربعاء المقبل، يشارك فيه الطلاب والأهالي في وزارة التربية. وطرح البعض أفكاراً لخطوات تصعيدية من دون أن تتخذ قرارات نهائية بشأنها منها تعطيل الاتصالات ووقف حركة الطيران.