الجبهة الطلابية الوطنية: الجامعة جامعتنا

«الجبهة الطلابية الوطنية»، إطار طلابي جديد يبصر النور هذا الأسبوع من أجل حماية الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي. مَن تضم هذه الجبهة، وما هي أهدافها، ومَن يدعمها؟ وما هي آليات عملها التي تمنع سقوطها في فخ التجارب السابقة؟

فاتن الحاج

غياب العمل الطلابي في الجامعة اللبنانية لأكثر من 30 عاماً جعل الكلام على تأسيس أي حراك جديد أقرب إلى الحلم. كل التجارب السابقة التي ظهرت يميناً ويساراً وانطفأت بعد حين، لم تفلح في حماية حقوق الطلاب ومطالبهم الأكاديمية والاجتماعية، ولم تُخرج المؤسسة الوطنية من الفساد والمحاصصات السياسية والمذهبية. أما الأحزاب على اختلاف انتماءاتها، فقد استأثرت على مدى عقود بعمل المجالس الطلابية من دون أن تطرح برنامجاً واحداً يلامس هموم من تمثلهم، بل انكفأ الطلاب ومجموعاتهم السياسية كلياً عن الانخراط في الشأن العام والدفاع عن القضايا الوطنية. الحجة التي كانت تساق في كل مرّة تفشل فيها محاولة جمع الطلاب حول قضاياهم، أن شباب اليوم ليسوا مثل شباب سبعينيات القرن الماضي والظروف التي كوّنت الوعي السياسي والنقابي لطلاب الأمس انتفت حالياً. ما الذي تغيّر الآن؟ وعلى ماذا يعوّل أصحاب «الجبهة الطلابية الوطنية»، وهو إطار طلابي جديد سيخرج إلى العلن في 10 الجاري، في نجاح حركتهم؟

تطرح الجبهة نفسها إطاراً يرفع شعار «جامعة جامعتنا»، وهي «تضم مجموعة من الأفراد والقوى الطلابية والشبابية الديموقراطية الوطنية لتعزيز التعليم الرسمي دوراً ومضموناً وحماية الجامعة اللبنانية، بعيداً من الانقسام والتشرذم على الصعيدين الطلابي والوطني». أما الأفراد فهم الطلاب «المستقلون» أو الأكثرية الصامتة في الجامعة الوطنية، بحسب توصيف مسؤول قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني أدهم السيد. والقوى الطلابية تضم إلى القطاع اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، كفاح الطلبة وهو الإطار الطلابي لحزب البعث العراقي، وطلاب حركة الشعب والتنظيم الشعبي الناصري. كل هذه القوى تلتقي في ظروف موضوعية، كما يسميها السيد. ففي السنتين الماضيتين، بدأت مشاورات بين الأحزاب والمنظمات الشبابية اللبنانية بكل تشعباتها باتجاه إعادة إطلاق العمل السياسي داخل الجامعة، المتوقف منذ 24 أيار 2006، يوم أصدر الرئيس السابق للجامعة د. زهير شكر قراراً منع بموجبه إقامة النشاطات السياسية، وألغيت في وقت لاحق الانتخابات الطلابية ليجدد رؤساء الهيئات والمجالس لأنفسهم مع كل سنة أكاديمية. ويوضح أن «المشاورات جرت تحت مظلة رئاسة الجامعة، وقد عقدت جلسات عدة بهدف التوصل إلى خلاصات بشأن الاستحقاق الانتخابي من جهة، ووضع قانون جديد للاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية من جهة أخرى. النسبية هي ما توصلت إليه القوى، وإن اختلفت على نسب التمثيل والدوائر الانتخابية». هذا التواصل بين القوى تعزز في المؤتمر الذي نظمه كفاح الطلبة في أواخر العام الدراسي الماضي وخرج بتوصيات شكّلت برنامج عمل الجبهة. يبدو أصحاب الجبهة مقتنعين بأنّ هيمنة الأحزاب هي أحد الأسباب الرئيسية لفشل العمل الطلابي. «لا نريد حركة طلابية ذات صبغة سياسية تديرها منظمات شبابية تابعة لأحزاب»، يقول السيد. الجبهة تعد الطلاب بمقاربة قضاياهم مباشرة، إذ ينتظر أن تنظم قريباً ندوة علمية تتناول المناهج التعليمية ومراكز البحث العلمي، بمشاركة باحثين من الجامعة وخارجها. ويقول السيد إنّ الجبهة شكلت لجاناً في كل كليات الجامعة ستكون نواة تأسيسية لمؤتمرها الأول في أواخر العام الدراسي الحالي. هذه اللجان ستعمل تحت سقف الجبهة، لكن باستقلالية تسمح لها بحرية صياغة برنامجها الخاص في كل كلية تبعاً لخصوصية هذه الكلية وحاجات الطلاب فيها. اللافت أنّ السيد متفائل بصياغة هذا التحالف بين القوى المذكورة، بل يذهب في التفاؤل إلى حد القول إنّ «الإحباط سيكون خارج قاموسنا وممنوع أن ينتهي العام الدراسي من دون إحياء الاتحاد الوطني». لكن مِن «يللا تنبني الجامعة اللبنانية»، وهو الشعار الذي رفعه الطلاب في 25 نيسان 1966، إلى «يللا تنحمي الجامعة اللبنانية»، وهو شعار الجبهة الجديدة، مضى وقت طويل وطرأت تطورات كثيرة على الجامعة الوطنية، إن لجهة تزايد عدد كلياتها ومعاهدها وفروعها التي لامست اليوم 46 فرعاً منتشرة في كل أنحاء لبنان، أو لجهة تغيير مناهجها ومشاكل تطبيق النظام التعليمي المعروف بـ «أل. أم. دي» وأبحاثها. يدرك جورج عازار من حركة الشعب أنّ المهمة ليست بهذا اليسر، لذا فهو يسميه امتحاناً للأحزاب العلمانية لإثبات قدرتها على نسج تحالف جبهوي تذوب فيه الفوارق بينها، بعدما فشلت في التغيير في مرحلة سابقة. هو على الأقل اكتشف أنّ العلاقة بين طلاب قوى الجبهة باتت أمتن بعد أكثر من 15 اجتماعاً عقدت في هذا الإطار «أصبح لدينا قناعة بأنّ إدارة أزمة الجامعة لا تضطلع بها تحالفات تكتيكية بين الأحزاب»، يقول. لكن ما الفرق بين عناوينكم وشعارات المرحلة السابقة؟ يجيب واصف الحركة من كفاح الطلبة بأنّ «جبهتنا هذه المرة تستهدف العمل الجماعي لإيجاد حركة طلابية مفصولة عن الانقسام السياسي، بالاستناد إلى الدور التاريخي لهذه الحركة». للمستقلين حصة الأسد، تقول مروى شعبان، وهي طالبة في كلية الصيدلة. شعبان تعرفت إلى شباب الجبهة من خلال برنامج إذاعي بعنوان «الجامعة اللبنانية» قدمته العام الماضي على صوت الشعب. وهي تبدو مقتنعة بأنّ الجبهة ستكون الإطار الذي سيسمح لها بممارسة العمل الطلابي من دون دعم سياسي، وهو «أمر كان يتعذر عليّ بسبب البلطجة السياسية في الجامعة». في مسودة برنامج عمل الجبهة تأكيد استقلالية الجامعة وإقامة مدينة مركزية جامعة في كل محافظة وتعزيز التعليم الرسمي بإيجاد ميزانية كافية له ورفع مساهمة الدولة تدريجاً في تمويل الجامعة اللبنانية، أي حصتها من إجمالي الموازنة العامة، من أقل من 2% كما هي اليوم إلى ما بين 2.5 و 3% كما هي عليه في البلدان المشابهة للبنان. وتؤكد الجبهة أهمية تعديل المناهج التعليمية بما يتناسب مع المعايير الأكاديمية والعلمية المتطورة للطالب وحاجة البلاد وسوق العمل. وتدعو إلى تأسيس بند للأبحاث (ومراكز البحث) في موازنة الجامعة، ورفع حصته إلى 15% من الموازنة السنوية، والمساعدة على إيجاد تمويل خارجي، اعتماداً على اتفاقات التعاون مع الجامعات والمراكز العالمية. على الصعيد الوطني، تركز الجبهة على النضال لتغيير النظام الطائفي ومشاركة الطلاب في كل المطالب الوطنية والمعيشية وإعادة الربط بين الحركة الطلابية والشعبية. ولا تنسى الجبهة المطالبة بوضع نظام واضح لتقويم أداء الهيئة التعليمية وإعادة النظر في قانون التفرغ (رقم 6/70) لجهة تأمين قيام الأستاذ بواجباته وتوفير الجامعة لحقوقه باعتباره صاحب مهنة ذات أصول متعارف عليها.

مجتمع واقتصاد

العدد ٢١٢٤ الثلاثاء ٨ تشرين الأول ٢٠١٣

آخر تعديل على Wednesday, 09 October 2013 13:15

الأكثر قراءة