حرقة قلب.. يا فلسطين - خضر سلامة

أريد ثقباً في الجدار.. أنام فيه بسلامٍ اذا ما عاد يهوشع مرةً أخرى ليتلو وعد الخراب على أريحا.. على الضفة.. على غزّة.. أريد ثقباً أعلق فيه خارطة فلسطين من البحر الى البحر.. من النحر الى النحر.. لأهرب من حدود ال67أريد حفرةً على قياس الجرح، تتسع لغضب محمود درويش من مَن اتهمه بوأد فلسطين اذا ما غنى لشعبه المصادر في حيفا.. ولم يتهم من سحب سكيناً على شعبه في غزة والضفة.. أريد حفرةأريد حفرة.. أخبأ فيها وجهي من عار الاعتدال العربي اذا ما توكلوا على امريكا، وعار التطرف العربي اذا ما توكلوا على الله..أريد كتاب تاريخٍ وخريطة، لأقنع العرب أننا عبرنا يوما خط بارليف وجعلناه رماداً، وأن معركة الكرامة جعلت التوراة خرافة.. وأن وادي الحجير جعل الاسطورة عجيناً.. أريد كتاباً، لأعلم العرب قراءة التاريخ دون يأس.. دون أدعيةٍ وخرافات..أريد قلماً، لأعلّم منظمة التحرير أن الشاعر فدائي، وأن الرسام فدائي.. لأعلم التكفيريين أيضاً ان القلم اذا ما غاب، غابت البندقية، وأن الحبر اذا ما جف.. جفت القضية.. أريد قلماً يرفض ويكتب، ليقنعهم أن فلسطين لن تكون مملكةً هاشميةً أخرى، وأن فلسطين لن تكون إمارة غبارٍ لطالبان جديدةٍ أيضاً.أريد مظاهرةً هادرة، أستعيرها من ستينات القرن الماضي، من شوارع الجزائر وبيروت ودمشق، مظاهرة على وزن الصرخة، على وزن الألم، على وزن الغضب بوجه شهيد، تخرج دون أن تؤمَر بالخروج، تخرج دون أن تدخل في حسابات الفرس والروم.. أريد مظاهرة.وأريد بندقية، تخرج من حنجرة أم كلثوم، تخرج من مزهرية فيروز، من عود مارسيل.. اريد بندقية اقنع بها العالم أننا سنقاتل في فلسطين من أجل فلسطين لا من أجل الآخرين.. أريد بندقية لأقنع الزيتون أننا نكره آبائنا الذين غدروا بنا في ايلول الاسود في الأردن، وفي كامب دايفيد بمصر، وفي تل الزعتر وحرب المخيمات بلبنان... أريد أن أتوب للماضي عن بشاعة اليوم.. عن ظلام الغد..أريد قهوة أمي بلون الدم اليوم، لأذكر اسرائيل بالعالم المشتعل تحت أقدام شتاتها في السبعينات اذا ما غضب العرب.. بالسفارات المحروقة، بالطيارات المخطوفة.. بالشهداء المزروعين رعباً على جيفة نجمة داوود.أريد قنبلةأريد حزاماً ينسف الأسماء العبرية في قرى حيفا.. والاسماء العربية في وثائق السلام والاستسلام.أريد قضيتي القديمة التي أضعتها.. وندمت.. وندمنا... أريد قضيةً تكون قضية وطنية، قومية، أممية.. ولا تكون خبراً عاجلاً ولا شفقةً.أريد حجراً، يخرج من يدٍ مقطوعة.. ليُفهم قصص التوراة أن الجثث تخرج غاضبةً في بلاد العرب... وأن الطيارات الحربية قد تكسر زيتونة.. قد تكسر نخلة.. لكنها لن تكسر شعباً.. لن تكسر طفلاً لا زال يتعلم ما طعم الثورة في الزيت الفلسطيني... أريد أن أفهم الأسفار أن الدبابة قد تهدم خيمةً، لكنها لن تهدم المخيّم.. لن تهدم الموج.. والموج قادم.. والموج قادم، ولو بعد حين.أريد أن أطرد الأنبياء من أرضي... وأطرد الصحابة.. أريد أن أسمي فلسطين ديناً جديداً.. عمره ستين عاماً.. عمره مليون شهيدا.. عمره مئتي مليون جائعاً للموت.. للثأر..أريد غضباً بلونٍ آخر..أريد غضباً.
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة