Ihsan Masri

Ihsan Masri

في ذكرى استشهاد القائد الشيوعي الرفيق جورج حاوي

ولد حاوي في بتغرين في عام ۱٩٣٨

كان حاوي أحد أبرز قادة الاتّحاد الطلابي العام في أواخر الخمسينيّات وقد شارك في كلّ التحرّكات الجماهيريّة والمظاهرات والإضرابات وكان يقود معظمها، وبقي لفترة طويلة من الزمن مسؤولاً للّجنة العماليّة ـ النقابيّة.

سجن حاوي في عام ۱٩٦٤ لمدّة ۱٤ يوماً لدوره في إضراب عمّال الريجي مع رفيقه جورج بطل وبعض قادة نقابة عمّال الريجي.

اعتقل حاوي مع رفاق آخرين من قادة الأحزاب والقوى الوطنيّة إثر مظاهرة ٢٣ نيسان \ أبريل في عام ۱٩٦٩ الشهيرة نظراً لتأييدها للمقاومة الفلسطينيّة.

انتخب حاوي أواخر عام ۱٩٦٤ عضواً في اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي اللبناني، وكان أصغر أعضائها سنّاً، ولم يلبث أن أصبح عضواً في المكتب السياسي وعضواً في السكريتاريا في عام ۱٩٦٦.

انتخب حاوي أميناً عاماً مساعداً في أواسط السبعينات، ثمّ أميناً عاماً في المؤتمر الرابع للحزب في عام ۱٩٧٩ خلفاً لنقولا الشاوي، وكان ثاني أمين عام للحزب بعد انفصاله عن الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني، وظلّ في منصبه حتّى عام ۱٩٩٣.

انتخب حاوي رئيساً للمجلس الوطني للحزب في عام ۱٩٩٩، وظلّ في هذا الموقع حتّى أواخر عام ٢۰۰۰.

يعتبر حاوي أحد أبرز قادة الحركة الوطنيّة في لبنان، وقد انتخب نائباً لرئيس المجلس السياسي للحركة في تلك المرحلة.

برز دور حاوي الفعلي على ساحة الحياة السياسيّة اللبنانيّة والعربيّة والعالميّة إبّان احتلال جيش العدو الصهيوني للبنان في صيف عام ۱٩٨٢، حيث كان حاوي أوّل من أعلن إطلاق جبهة المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة (جمّول) من أجل مقاومة الإحتلال.

وقد خلف إعلان حاوي هذا، انتفاضة شعبيّة مسلّحة باسلة للشيوعيين والوطنيين اللبنانيين الذين همّوا لتلبية نداء المقاومة في بيروت وكافّة المناطق اللبنانيّة، والتي كانت نتيجتها دحر وطرد العدو بعدما نال هزيمة نكراء أخرجته من بيروت العاصمة راجياً المقاومين "أن يوقفوا إطلاق النار لأنهم مغادرون".

نعا حاوي خلال فترة قيادته للمقاومة الوطنيّة (جمّول) المئات من شهداء الجبهة وكان مع كلّ خطاب يزّف فيه نبأ استشهاد أحد الرفاق يدعو في ختامه الآخرين إلى مواصلة الفعل المقاوم لصد المشاريع الإستعماريّة ونيل الحريّة.

عرف عن الشهيد حاوي امتلاكه قدرة خطابيّة عالية تسودها الرسائل المحفّزة والدافعة التي تحثّ المقاومين إلى النضال والكفاح المستمر والمثابرة في تقديم التضحيات ولعلّ هذا ما أعطاه أهميّة ودور بارزين خلال فترة قيادته للعمل المقاوم . 

 استشهد الرفيق حاوي بتاريخ ٢۱ حزيران في عام ٢۰۰٥، بعدما اغتالته الأيادي السوداء التي تتمثّل بالقوى الظلاميّة والرجعيّة والإستعماوريّة، بسبب انتمائه وقناعاته وحسّه الوطني من جهة وبسبب دوره التاريخي في التصدّي والمواجهة وقيادة المقاومة الوطنيّة في وجه العدو الصهيوني.

حفلت مواقع التواصل الإجتماعي ومنذ البارحة بعرض لأبشع ما تراه الأعين من مشاهد كنا لنظن وللوهلة الأولى على أنها في بلد غير لبنان.

وسرعان ما ظهرت إلى العلن حقيقة ما جرى بالأمس في قلب العاصمة بيروت في وضح النهار وعلى مرمى حجر من مجلس النواب...

عناصر من الجيش لا تليق بهم البزة العسكرية، بهراواتهم وأحذيتهم وشتائمهم الذكورية المخجلة انهالوا ضربًا وركلاً على معتصمين ومعتصمات رفضًا لقانون الإنتخابات الجديد، ممن لهم الحق والحرية في التعبير بكفالة الدستور.

إن الصورة القاتمة التي لم نكن لنشهد عليها باتت واقعًا. نعم، وكما يقول المثل العامي « يلي ستحو ماتو». فعلام هذا الحقد الذي أُفرغ على شبّان وشابات عُزّل ركلاً وضربًا دهسًا لكراماتهم؟ والصورة الأبشع كانت لعنصر من الجيش وهو يقوم بسحل فتاة من شعرها على الأرض جاءت لتمارس حقها احتجاجًا على ما يجري في أروقة المجلس، لنسمع ومن خلف إحدى الكاميرات شابة تقول بالفرنسية. «يضروبون النساء».

نعم هذه الصورة التي باتت على اليوتوب تدين المعتدين الذين إئتمنوا على حرية وسلامة هذا الشعب، فمن المسؤول ومن أعطى الأمر للقيام بهذا الحفل الهستيري المقزّز المهين بحق مدنيين جاؤوا ليعبروا عن امتعاضهم مم يحصل.

إن نقابة المحامين في بيروت، وإزاء الصورة البشعة التي شهدناها في الأمس، لا يسعها إلا أن تستنكر أشد الإستنكار وترفض ما حصل من اعتداء سافر على الكرامات طال مدنيين عُزّل. وقد شكّل نقيب المحامين لجنة قوامها مجموعة من المحامين المتطوعين لملاحقة ما حدث، مطالبًا بمعاقبة المسؤولين بعد تحقيقات شفافة دونما غطاء أو مواربة أو تستّر على أحد مهما علا شأنه. كما ويؤكد بأن كل بيان عبثي يصدر بتقاذف المسؤوليات سيكون لنقابة المحامين بمواجهته الرد المناسب.

ونقول للقيمين على من ارتكبوا هذه الهستيريا نريد تحديد المسؤوليات ومعاقبة المرتكبين... وقد أعذر من أنذر.

نقابة المحامين

بيروت ١٦ حزيران ٢٠١٧

بعد أزمة قطع الكهرباء عن كليات الجامعة اللبنانية وتخفيض الميزانية المخصصة لها، صدرت مذكرة عن رئيس الجامعة تفيد بمنع الطلاب من تسجيل اختصاصين في الوقت نفسه، مما يصنف في خانة الحد من طموحات الطالب الفقير وعائقًا أمام تحقيق أحلامه، ناهيكم عن واقع الجامعة المزري بدءًا بمناهج تعليمية بالية غير ملائمة لسوق العمل، وضعف بالتجهيزات وإهمال صيانتها وتهالك المنشآت والأصرحة التعليمية، إضافة إلى مجالس المحاصصات الحزبية الفاقدة للشرعية نتيجة تأجيل متعمد للانتخابات الطلابية.

يوم زار رئيس الجمهورية الجامعة اللبنانبة، أشاد رئيس الجامعة أمامه بخريجيها القدامى والجدد وبتعدد اختصاصاتهم. إنه المضحك المبكي، فها هو صاحب الشهادات الست، يحرم الطلاب من إحدى حقوقهم، بغياب أي حجة فعلية تدعم قراره. السبب الرئيسي، حسبما قيل، هو الشق المتعلق بانتخابات الجامعة، واللغط الذي سيحصل جراء ذكر الإختصاص في الإستمارة الإنتخابية والذي يجب أن ينحصر في اختصاص واحد. وقيل أيضًا أن هناك نقص في التغطية المالية من الدولة، و هو عذر أقبح من ذنب. أما فيما يخص حجة التمثل بفرنسا، التي لا تسمح للطلاب التسجيل بأكثر من اختصاص، فهي حجة باطلة وقائمة على معلومات عارية من الصحة، فنظام الجامعة في فرنسا يسمح للطالب بتعدد الاختصاصات. وإن كان علينا التمثل بفرنسا، فالأجدر بنا أن نحذو حذوهم في الأمور المتطورة التي تخص الأبحاث العلمية والمناهج التعليمية الحديثة. 

إننا في قسم الطلاب في اتحاد الشباب الديمقراطي، نرفض هذا القرار التعسفي ونؤكد على حق الطلاب بتسجيل ما يرغبون من اختصاصات في العام الدراسي نفسه. 

إن هذا القرار لن يمر وسنلجأ للقانون إذا ما استدعى الأمر، ولن يضيع حق وراءه مطالب.

الجامعة اللبنانية: ممنوع التسجيل في اختصاصين

-المدن

لن يسمح للطالب المسجل في الجامعة اللبنانية بالتسجيل في أكثر من اختصاص واحد في العام الدراسي ذاته. هذا قرار جديد اتخذه مجلس الجامعة ورئيسها فؤاد أيوب، بحجة "الإصلاح". واللافت أن القرارات المسماة إصلاحية بدأت من مكان غير متوقع، ومن الطلاب تحديداً، من دون الإلتفات إلى الواقع الذي يدفع هؤلاء إلى تحمل ضغوط التخصص في مجالين مختلفين.

يرجع الدكتور علي رمال، الناطق الإعلامي باسم رئاسة الجامعة، سبب اتخاذ القرار إلى منع احتكار طالب واحد عدة مقاعد دراسية على حساب طلاب آخرين، خصوصاً في الكليات التي يتطلب دخولها الخضوع إلى امتحان دخول.

ورمال، الذي لا يرى القرار ظالماً بحق الطلاب، يصفه بـ"القرار غير الشعبوي"، كما كل القرارات الإصلاحية. وهو يهدف إلى تطوير الجامعة وتفرغ كل طالب للاختصاص الذي يدرسه. ما سيرفع جودة التعليم والبحث العلمي، وفق تعبيره. ويشير رمال إلى أن هذا الاجراء لن يكون الوحيد، بل ستتبعه في الأشهر المقبلة قرارات أخرى على مستويات عدة، ستشمل الأساتذة والموظفين والطلاب. ويطمئن رمال الطلاب إلى أن هذه القرارات تهدف إلى تحقيق مصلحتهم، ويبشرهم بقرارات ستفرحهم.

أما الطلاب الذين يدرسون حالياً في أكثر من اختصاص، فالبت بأمرهم لم يحسم بعد، ولم يطرح موضوعهم أمام مجلس الجامعة. ويقول رمال إن الأمر سيترك إلى النقاش، وفي ضوء ذلك سيتخذ القرار بكيفية التعامل معهم، إن لجهة السماح لهم بإكمال التخصص في أكثر من مجال كونهم بدأوا به قبل اتخاذ القرار، أو لجهة تعليق انتسابهم في إحدى الكليات بانتظار إكمال التخصص الآخر، ليعودوا ويكملوا التخصص في المجال الثاني بعد التخرج.

من الناحية القانونية، يقول الرئيس سامي منصور، القاضي السابق في محكمة التمييز وعضو الشرف فيها حالياً، إن المبدأ الأساسي في القانون هو الحرية، والطالب حر في تقسيم وقته. أما منعه من التخصص في أكثر من مجال في العام الدراسي نفسه فيتناقض مع حريته. وهذا الأمر يتطلب نصاً خاصاً أو نصاً قانونياً، وليس مجرد قرار. وبما أن الجامعة اللبنانية إدارة رسمية، يمكن الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة لإبطاله.

ليست متعة

القرار، غير المتداول بعد، صدم كل من يوسف يوسف وإليدا شنتيري، اللذين يدرسان اختصاصين في الجامعة اللبنانية في الوقت نفسه. يوسف وشنتيري، وبعد استنكارهما القرار، تحدثا عن إضطرارهما إلى التخصص في مجالين بهدف تعزيز حظوظهما في الحصول على فرص عمل، خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وتضاؤل فرص العمل. فالتخصص في مجالين ليس متعة للطالب.

يتحدث يوسف عن احتمال اضطراره إلى متابعة أحد الاختصاصين في جامعة خاصة، في حال شمله القرار. وهو يتحدى هذا القرار باستعداده لإبراز علاماته أمام مجلس الجامعة للدلالة على أنه طالب مجتهد ويستحق المقعدين الدراسيين اللذين يشغلهما. وقد عبر وشنتيري عن استعدادهما لتقديم طعن في القرار والاعتراض عليه.

مرة جديدة تُسقط  السلطة السياسية على الشعب اللبناني قانوناً إنتخابياً مشوّهاً تسعى من خلاله الى إعادة إنتاج نفسها عبر سياسة تقسيم اللبنانيين ضمن دوائر مركبة وفق مصالحها.

ومرة جديدة تطرح قانوناً مخالفاً للدستور بعدم توحيد المعايير على مستوى الدوائر الإنتخابية وعدم تأمين صحة التمثيل السياسي للشعب اللبناني بفئاته كافة وفي مقدمهم من بلغ الثامنة عشرة من عمره.

ومرة جديدة سنقف في وجه هذا القانون الذي لا يراعي الوحدة الوطنية ولا يعيد الإعتبار الى مفهوم الهوية الوطنية والتمثيل العادل والمساواة بين أبناء الشعب إن كان من خلال ترسيخه الطائفية والمذهبية أو عدم إقرار الكوتا النسائية أو عبر سقف إنفاق   يؤمن لأصحاب المداخيل ورؤوس الأموال القدرة على خوض المعركة ودفع أموال طائلة في مقابل عدم قدرة ذوي الدخل المحدود وأصحاب البرامج والكفاءات على مجاراة المحادل المالية.

أمام هذا الواقع السلطوي الذي أثبت فشله وأورثنا دولة لا مكان فيها للمعايير السياسية والإنسانية والإقتصادية والإنمائية والإجتماعية .

 وبناء على توصية اللقاء التشاوري الوطني ندعوكم للمشاركة في التحرك الذي سينظم نهار غد الساعة الواحدة في ساحة رياض الصلح تزامناً مع إنعقاد جلسة مجلس النواب.

كتبت فاتن الحاج في جريدة الأخبار

بعد اجتماعات دامت أكثر من سنة ونصف، أبصرت مجموعة «من أجل جامعة وطنية مستقلة ومنتجة» النور. أفراد المجموعة هم أساتذة من كل الكليات والفروع، متفرغون، متعاقدون ومتقاعدون تداعوا لإيجاد صيغة جديدة للعمل سوياً على قضايا الجامعة المتعددة. لا يقدم هؤلاء الأساتذة أنفسهم إطاراً بديلاً عن رابطة الأساتذة المتفرغين، لكنهم، كما قالوا، سيسائلونها وسيضعونها أمام مسؤولياتها في فضح التدخلات والممارسات السياسية الخاطئة في الجامعة، والتصدي لها ولكل من يبدي المصالح الشخصية الخاصة على المصلحة الجامعة (تشكيل بعض اللجان البحثية والتقييمية النفعية مثالاً).

في نقاشاتهم المطولة، بحث أعضاء المجموعة دور الجامعة ووظيفتها وأنظمتها وقوانينها وعلاقتها بمؤسسات الدولة الأخرى وبتقدم المجتمع. كما تباحثوا في إيجاد الأطر التي تجعل منها الذراع اليمنى في كل المشاريع التنموية عبر الأخذ بنتائج أبحاثها، وفي رفد وزارة التخطيط بأساتذة باحثين من الجامعة اللبنانية.

«من أجل جامعة وطنية مستقلة ومنتجة»، هي، بحسب أعضائها، ملتقى لأساتذة حريصين على مصلحة الجامعة اللبنانية وتطويرها والدفاع عن كرامة أساتذتها؛ مع التأكيد على مراعاة خصوصية وفرادة كل أستاذ ضمن المجموعة، ولذلك لم تختر لها رئيساً.

وفي بيان أصدرته، أكدت المجموعة أنها اتفقت على العمل لتحقيق المبادئ والمسائل الآتية:

- استقلالية الجامعة واعادة الصلاحيات الأكاديمية والمالية والإدارية كاملة إلى مجالسها.

- تطبيق القوانين النافذة و تطويرها.

- اعتماد معيار الكفاءة العلمية الأكاديمية بعيداً من منطق المحاصصة والزبائنية والمصالح الشخصية.

- وحدة العمل النقابي واستقلاليته وتفعيل دور رابطة الأساتذة المتفرغين أكاديمياً ومطلبياً بعيداً من التدخلات السلطوية الحزبية والطائفية.

- الدفاع عن الحريات الأكاديمية.

- تشريع صيغة الاستاذ الباحث واستصدار قانون وطني للبحث العلمي.

- تفعيل مراكز الأبحاث والدراسات وتعميمها على الوحدات الجامعية كافة وتكوين فرق بحثية، ما يحول الهيئة التعليمية إلى جماعة علمية فاعلة ومنتجة

- بناء المجمعات في المناطق إضافة إلى تجهيز المباني ومكاتب الأساتذة والمختبرات والمكتبات بوسائل العمل الدراسي والبحثي الضرورية.

http://www.al-akhbar.com/node/278549

في قضايا التربية والسياسة التعليمية - مهدي عامل  

الجامعة لا تظهر كجوهر مفارق الا اذا نظر اليها من زاوية اجتماعية معينة هي زاوية الطبقة البرجوازية الحاكمة ولا تلعب دورها في خدمة هذه الطبقة الا من خلال اظهارها كجسم حيادي فوق الطبقات. فتحديدنا لدور الجامعة اللبنانية لا من مفهوم الجامعة بشكل عام بل من الواقع الإجتماعي والتاريخي الذي ينفتح عليه الوجود الإجتماعي لها في تطوره والذي هو حقل تطورها.

إن الجامعة اللبنانية فرضت على الطبقة البرجوازية ولكنها لاحقاً طوعتها لمصلحتها،  فهي حكماً تعكس في بنيتها أي بنية المجتمع التي تتطورت فيه. فالهدف من الجامعة أحقية الجماهير في التعليم المجاني وضرب للإحتكار الإستعماري للتعليم الجامعي وانشاؤها هو نصر للحركة الوطنية وهو نضال على الصعيد الثقافي ضد الإستعمار ومن أجل وضع الجامعة في خدمة مصالح الجماهير الشعبية.

إن الطبقة الحاكمة هي العدو الرئيسي لتطور الجامعة في أفقها الديمقراطي وفي مواجهتها من خلال تدمير دورها المتمثل في الدور التحرري.

هو الإنتقال من أجل تعليم وطني الى نضال من أجل ثقافة وطنية بشكل عام، فإن الطلاب في الجامعة اللبنانية هم من البرجوازية الصغيرة التي لا يمكن ان تكون طبقة ثورية انما طبقة تقدمية يمكن التحالف معها.

إن العلاقة بين الثقافة الوطنية والجامعة اللبنانية

في قوة الثقافة الوطنية هي في قوة الإستمرار في وجود الشخصية الوطنية نفسها، فكانت من الأسباب الرئيسية لفشل الإستعمار في محاولته السيطرة الدائمة على العالم ولنجاح الحركة التحررية في امكانيتها التاريخية.

فعلاقتنا بالثقافة الوطنية لا يمكن ان تنطلق اذن الا من ضرورة حاضرنا في صيرورته والتي هي الصمود في وجه الهجوم الإستعماري.

فلا بد من أن نضع الجامعة اللبنانية في افقها الوطني ليظهر دورها التحرري في تهيئة الإدوات الضرورية لتحقيق عملية انتاج الثقافة الوطنية. والأن الجامعة خاضعة لمصالح الطبقة الحاكمة الممثلة للإستمرار بالتالي الذي يريد ان يدمر ثقافتنا الوطنية (التي تنتجها جامعة بموقعها التحرري) فينتج ثقافة استعمارية مشوهة لعالمنا الوطني، بالتالي بناء ثقافة وطنية.

إن إنعدام دور الجامعة اللبنانية في انتاج ثقافة وطنية، عملياً في انها لا تنتج الثقافة بل تنقل ايديولوجية هي ايديولوجية استعمارية عملياً نراها تستورد البرامج التعليمية الفرنسية حرفياً مما يخلق ازمات تعليمية معقدة.

بالإضافة الى الصراع الطبقي في صفوف الطلاب فهم من هذا المجتمع يخرجون ولكن البرجوازية الحاكمة توهم الطلاب بأنها حريصة على تحقيق مطالبهم "المعقولة" أي التي لا تستلزم تحويلاً في البنية الإجتماعية مع أن الحل في هذا التحويل انتقال للوعي الطلابي منالوهم الطبقي هو أساس تحالف ضروري للطلاب مع باقي القوى المنتجة.

  

كتب عماد الدين رائف

شارك نحو عشرين ألف فتى وفتاة من دول مختلفة في "المهرجان العالمي التاسع عشر للشباب والطلاب" في مدينة سوتشي الروسية (بين 15 و21 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل). وقد يكون الوفد اللبناني إلى المهرجانكبيرًاجدًا، وفق المعايير الحالية لمفهوم "الكبير جدًا" بعد أكثر من ربع قرن على انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث تغطية المشاركة في المهرجان لا تتضمن بطاقة السفر، بل الإقامة في سوتشي. باب المشاركة المفتوح في لبنان أمام مختلف الطلاب والشباب، يمرّ عبر اللجنة الوطنية المعنيّة بالتحضير لمشاركة الوفد اللبناني، وهي تتألف بالضرورة من "اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني"، بصفته التنظيميّة فالمهرجان هو من تنظيم "اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي – الوفدي"، وكذلك بصفته يحتل اليوم منصب نائب رئيس الاتحاد العالمي، وإلى جانب الاتحاد، تنخرط في اللجنة الوطنية منظمات هي: الاتحاد العمالي العام، جمعية متخرجي جامعات ومعاهد الاتحاد السوفياتي في لبنان، اتحاد المقعدين اللبنانيين، ولجنة حقوق المرأة، إلى جانب المركز الثقافي الروسي التابع لمنظمة التعاون الروسية. 

وعندما علمت بانخراطي في اللجنة الوطنية المعنيّة بالتحضير للمشاركة، ومناقشة تفاصيل عديدة تتعلق بالمهرجان مع الرفيق أندريه المقداد، المنتدب من قبل منظمته لمنصب نائب رئيس "اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي"، أخذتني الذكريات بعيدًا، ليس إلى السنوات التي قضيتها في الاتحاد السوفياتي السابق، أو روسيا الاتحادية والجمهورية الأوكرانية، بل إلى ذكريات من الطفولة حين كان والدي يعرض ويستعرض أحيانًا مشاركته في مهرجان مشابه قبل ستة عقود من الزمن. حزنت لكون أولادي، إن شاركوا في المهرجان، إلى جانب عدد مئات اللبنانيين والعرب، لن يحظوا برؤية أوديسا أو كييف، حيث تقع أوكرانيا اليوم على الضفة الأخرى من الخريطة السياسية. 

"روسيا"، تلك الكلمة السحرية التي لطالما سمعتُها في طفولتي تخرج من بين شفتي والدي مصحوبة بالكثير من الشوق. "روسيا" عنت له أوديسا وكييف وموسكو، فكان، رحمه الله، ما إن يسمعها في نشرة أخبار حتى يستعيد نتف ذكرياته مع رفاقه في ربوع تلك المدن، حين استضافت موسكو "المهرجان العالمي السادس للشباب والطلاب" صيف العام 1957. ثم كان حين يسترسل في حديثه، يتحدث كيف استقبل الأمن العام اللبناني الوفد، على معبر العريضة الحدودي إثر عودته من اللاذقيّة، فكان من نصيب الشباب أن مزّق رجال أمن نظام شمعون جوازات سفرهم، ثم تعرّضوا للضرب المبرّح "أكلنا قتلة مرتّبة".. ربما كي يخرج رجال الأمن منهم شيوعيّتهم! لكن، لم تمض سنة حتى ثاروا في ما عُرف بثورة 1958، في وجه النظام والإقطاع وحلف بغداد وشمعون نفسه. 

كان أكثر حنينه في ذكرياته إلى الناس. انطلق مع رفاقه من بيروت إلى مرفأ اللاذقية حيث استقبلتهم الباخرة "غروزيا"، ثم إلى الإسكندرية، فأوديسا التي فُرشت ممرات مرفأها بالزهور، وزحف أهلها جميعهم ليستقبلوا الوافدين من كل بقاع الدنيا. وبعد أوديسا، كان السفر بالطائرة إلى كييف حيث "نزلنا في مطارها الواسع الحديث. وكان في استقبالنا، على الرغم من قلة عددنا، عدد كبير من الأهالي، قدموا لنا باقات الزهور مع ابتهاجهم العميق مصحوبًا بالتصفيق والهتاف للسلام والصداقة. ورددنا التحيّات والإعجاب يملأ نفوسنا.. وكانت قاعات المطار وجدرانه مزيّنة بأجمل اللوحات الفنيّة ولكل غرفة لوحات خاصة تناسبها فنيًّا وموضوعيًّا"... ثم إلى موسكو حيث الحدث الأهم، وحيث كان في انتظار المشاركين في المهرجان نحو سبعة ملايين مواطنًا سوفياتيًا يحملون الزهور. كان لتلك الصور المتناثرة المحفورة عميقاً في الذاكرة امتنانٌ خالص لشعوب الاتحاد السوفياتي.

تركتْ تلك الذكريات صوراً ضبابية متفرقة لديّ، إلى أن توجّهت للدراسة الجامعية في روسيا، حيث التقيت بكثيرين من أفراد الشعب الذي حطّم الفاشية وفتح أبواب السلام أمام شعوب الأرض... واكتمل المشهد حين شرعتُ في إعداد برنامج "حديث روسيا" قبل سنوات، وكنت في سباق أسبوعي مع الزمن لاختيار مواضيع الحلقات. ومن محاسن ذلك، عملية البحث المستمرة عن كلّ ما كان قد كتب عن شعوب الاتحاد السوفياتي في أبواب الثقافة المتفرقة. ولعل أغلى ما وقفت عليه نسخة قديمة أوراقها مصفرّة، غير مقصوصة الملازم، من كتاب "زهرة وحمامة في موسكو"، الذي يحتوي على توثيق رحلة الوفد اللبناني إلى ذلك المهرجان الشبابي، وهو بقلم الفنان التشكيلي اللبناني ناظم إيراني، الذي سحرته موسكو، فرجع إليها طالباً، ثم كان في عداد مؤسسي "جمعية متخرجي جامعات ومعاهد الاتحاد السوفياتي في لبنان"، وعضو هيئتها التأسيسية. الكتاب الصادر في شباط 1958، جاء خالياً من الصور البلاغية والتكلّف الأدبي، مشهدياً صادقاً، وكأن كاتبه يسابق ذاكرته.. وكذلك كانت نتف ذكريات أبي حيث كان يحاول ألا ينسى شيئاً مما رآه أو سمعه خلال بضعة عشر يوماً قضاها مع رفاقه بين أناس حمل عشقهم معه إلى آخر يوم في حياته.

 

http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=561430&r=0

 

شهيد الحزب الشيوعي اللبناني – السوري والحركة الشيوعية العربية

القائد الأول فرج الله الحلو 1906 – 1959

مواليد حصرايل قضاء جبيل – جبل لبنان عام 1906 

 

  تلقى علومه الأولى في مدرسة القرية، بعدها انتقل إلى حمص ليكمل دراسته في المدرسة الإنجيلية، وهناك تعرّف على كلمة شيوعي من ناصر الحدة، عاد إلى بلدته وأسس مع فؤاد الشمالي منظمة حزبية وكانت الأولى في منطقة جبيل، سافر عام 1933 إلى الإتحاد السوفياتي لدراسة الماركسية اللينينية، بعد عودته عقد مؤتمر للفلاحين في جبل لبنان، ترشح إلى الإنتخابات النيابية عام 1937 بعد أن أصبح الحزب علنياً، اعتقلته قوات الإحتلال الفرنسي عام 1939 وأُطلق سراحه عام 1941، اعتُقِل أثناء سفره إلى سوريا في حزيران 1959 واستشهد اثر التعذيب الوحشي الذي تعرّض له ولم يعترف عن أسماء رفاقه في سوريا، حيث كان قراراً مصرياً سورياً بتصفية الحركة الشيوعية في المنطقة، استشهد القائد الأول فرج الله الحلو بتاريخ 25 حزيران 1959 وذُوّب جسده بالأسيد وأُحرِقت جثته لإخفاء الجريمة البشعة.

قائد شيوعي عربي بارز قتل على يدي جلّاديه وذوّبوا جسده بالأسيد. لبناني الجنسية، كان قائد بارز في الحزب الشيوعي اللبناني السوري وما زال رمزاً للشيوعيين السوريين واللبنانيين حتى بعد انفصال الحزب الشيوعي اللبناني عن الحزب الشيوعي السوري.

من المعروف على أثر الوحدة بين سورية ومصر رفض الحزب الشيوعي حل نفسه وقدم ما يسمى وثيقة المبادرات العشرة والتي رُفضت، وفي مهمة سرية كان فيها بدمشق قام أحد العملاء المخبرين بتبليغ السلطات عنه فتم القبض عليه ووُضع تحت التعذيب لكي يعترف بأسماء القيادات الموجودة ومات تحت التعذيب قبل أن يحصلوا منه على أي من المعلومات ومن ثم ذُوّب جسده بالآسيد.

أشيد له تمثال في بلدته حصرايل على يد الفنان الروسي ليف ألكسندروف لإحياء ذكراه.

https://mlcplb.wordpress.com/2016/08/08/%D9%81%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%88/

 

كتب ألكسندر عمّار في النداء

مهدي عامل؛ أو لم تعدنا بأن البحث لن ينتهي...؟

ترجّل مهدي عامل (حسن حمدان) عن صهوة الفكر، حينما مشى أعزلاً في شارع الجزائر في مدينته بيروت التي أحبَّها، غير عابئ بتهديدات القوى "الظلامية" التي أباحت سفك دمه و"حلّلته". مضى، في مثل هذه الأيام الربيعية منذ ثلاثين عاماً خلت، متابعاً أعماله ونشاطاته اليومية كالمعتاد، متأبطاً أوراقه وملفاته، مواجهاً بصدره العاري رصاصات كواتم الصوت. هكذا رحل عنا المفكر ــ المناضل في الثامن عشر من أيار سنة1987، أما حوائط بيروت وأسوار مبانيها فما زالت، حتى يومنا هذا، تذكّر كل مارٍّ بشوارعها وأزقّتها بعبارته الشهيرة التي كتبها في مواجهة الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982: "لست مهزوماً ما دمت تقاوم".

فلماذا، إذن، اغتيل مهدي عامل؟ تراه من يكون، حتى تتم تصفيته الجسدية والسياسية؟ وفيما تكمن أهميته كي يطاله هذا الغدر الحاقد؟

صحيح أن مهدي عامل، بشخصيته الفذّة وخصاله الفريدة، كان إنساناً متعدد الجوانب؛ فهو أستاذ مواد الفلسفة والسياسة والمنهجيات في الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية؛ وهو المناضل النقابي في رابطة الأساتذة المتفرغين والناشط في سبيل "ديمقراطية التعليم"؛ وهو الكاتب والمفكر والشاعر والمساهم في النشاطات الفكرية ضمن أهم الأطر والجمعيات الثقافية؛ وهو، قبل هذا وذاك، كان منتمياً إلى الحزب الشيوعي اللبناني وعضواً قيادياً في لجنته المركزية. لكن ما يميِّز مهدي عامل، ويُكسبه دلالة خاصة، كونه أول من تجرأ على الخوض في "مخاطرة" تطوير النظرية الماركسية بما يتناسب مع واقعنا الاجتماعي المتمايز. فأصبح، بذلك، أول منظّر ماركسي في تاريخ الحزب.

انطلق مهدي عامل في تحليل وحدة النظام الرأسمالي العالمي مستنداً إلى إعمال منطق "الاختلاف"، بدلاً من اعتماد منطق "التماثل" الهيجلي. فاعتبر أن نمط الإنتاج الرأسمالي "الكوني" يتألف من بنيتين اجتماعيتين متمايزتين نوعياً، هما: البنية الإمبريالية، من ناحية؛ وتلك الكولونيالية التي تربطها علاقة تبعية بنيوية بالأولى، من الناحية المقابلة. فوجد أن أساس وحدة هاتين البنيتين يتمثل في علاقة السيطرة التي تحدّد آليات تطورهما المتفاوت. واستنتج مهدي عامل من ذلك، بأن "الكوني لا ينوجد في التاريخ إلاّ مميزاً". وإذ هو أراد أن يرى "بعين الماركسية ومفاهيمها النظرية إلى واقع مجتمعاتنا العربية"، فقد رفض كل "تكرار فارغ للمفاهيم" وأي اسقاطات نظرية على الواقع من خلال اجترار "قوالب فكرية جاهزة متكوِّنة".

إذن، يكمن عنصر الجدّة في طرح مهدي عامل، في نقضه منهج "تطبيق" النظرية الماركسية المتكوِّنة على واقعنا الاجتماعي. إنما أكد، في المقابل، أن "عملية إنتاج المعرفة العلمية بهذا الواقع هي عملية تمييز كونية المفاهيم الماركسية". بهذا المعنى، تصبح الممارسة النظرية البروليتارية (بل وإنتاج هذه النظرية)، بالنسبة لمهدي عامل، عملية "إعادة إنتاج النظرية الماركسية اللينينية"، أي "إنتاج معرفة هذا الشكل التاريخي المحدد الذي تتميز فيه كونية النظرية الماركسية اللينينية في بنية اجتماعية محددة". بل ذهب مهدي أبعد من ذلك، حينما أوضح "أن وضع فكرنا الماركسي المتكوِّن موضع التساؤل هو الطريق الوحيد لتكوُّن فكرنا الماركسي".

لذلك، آثر مهدي عامل أن يبدأ إنتاجه المعرفي بنقد ماركس، أو بشكل أدق، عبر نقد مفهوم ماركس حول الكولونيالية. فتحوَّل المسار النظري في فكر مهدي عنه لدى ماركس عندما اختلفت منطلقات البحث لدى كل منهما، فتعاكست اتجاهاته. ويوضح مهدي ذلك بقوله: "أن ماركس يبحث في الكولونيالية من وجهة نظر الرأسمالية. أما نحن، فلا بدّ لنا أن نعالج المشكلة من وجهة نظر مختلفة تماماً، أي من وجهة نظر الكولونيالية لا الرأسمالية".

وفي هذا السياق، كان مهدي عامل قد حدّد الهدف المزدوج لأبحاثه، حيث يتمثل أولهما في صياغة "أبجدية المادية التاريخية في حركة التحرر الوطني"، بينما يكمن الثاني في مقاربة "حركة التحرر الوطني من موقع طبقي بروليتاري". وبهذا المعنى، سعى مهدي عامل إلى تطوير المنهج المادي التاريخي من خلال تجديد مفهوم حركة التحرر الوطني. 

وفي المحصّلة، توصل مهدي عامل إلى الخلاصات التالية:

1-   إن الصراع الوطني ضد الاستعمار، هو في ذاته، صراع طبقي، أو الشكل التاريخي المتميِّز للصراع الطبقي في المجتمعات الكولونيالية. فلا يمكن للصراع الوطني إلاّ أن يكون، في هذه البنية، صراعاً طبقياً، كما لا يمكن للصراع الطبقي إلاّ أن يكون وطنياً؛

2-    إن الثورة الاشتراكية ــ في المجتمعات الكولونيالية ــ هي ثورة على البنية الاجتماعية الكولونيالية، لذلك، كان بين الثورة التحررية والثورة الاشتراكية تماثلاً بنيوياً في منطقهما الداخلي نفسه، أي أن هاتين الثورتين هما في الحقيقة ثورة واحدة. 

يتبدى لنا، أن من شروط تحقق هذه الثورة (المزدوجة) لدى مهدي عامل، ذلك "التلازم في حركة التحرر الوطني بين العداء للإمبريالية والعداء للرأسمالية". فلقد انتقد مهدي بشدة ممارسة الطبقة البرجوازية الصغيرة، ومنطق فكرها "القومي" أيضاً، بسبب من فصلها التعسفي ما بين الصراع الذي خاضته ضد الإمبريالية وبين مهمة القطع البنيوي مع الرأسمالية (أو البنية الاجتماعية الكولونيالية). والواقع أن الطبقة البرجوازية الصغيرة التي قادت حركة التحرر الوطني العربية ــ في ظروف تاريخية محددة ــ نجحت في "استبدال" الطبقة البرجوازية الكولونيالية في موقع السيطرة الطبقية. وهي، بالتالي، أعادت إنتاج طبقة برجوازية كولونيالية متجددة، لعجزها عن القطع مع البنية الاجتماعية الكولونيالية. فاقتنع مهدي عامل أن "الدور التاريخي للطبقة العاملة من حيث هي الطبقة المهيمنة النقيض، يكمن في ضرورة اعطائها التناقض الوطني حلّه الوحيد بتحويلها بنية علاقات الإنتاج الكولونيالية" في مجرى صراعها ضد الإمبريالية، وكسرها لعلاقة التبعية مع هذه الأخيرة، عبر تحقيقها الثورة الاشتراكية.

هكذا، ساهم مهدي عامل في إضفاء البُعد النظري على ممارسة الحزب السياسية، كما اجتهد للارتقاء بممارسات الحزب النضالية، لأول مرة، إلى مستوى ممارسة الصراع الطبقي على المستوى النظري بالتحديد.

واللافت في الأمر، أن مساهمة مهدي عامل النظرية ــ منذ ما ينوف عن العقود الثلاثة المنصرمة ــ أعطتنا مؤشرات هامة حول مآل حركة التحرر الوطني العربية في راهنيتها. فقد حذّر مهدي من بلوغ حركة التحرر الوطني مرحلتها "الحاسمة"، لكونها تحديداً "مرحلة الأزمة في قيادة البرجوازية الكولونيالية المتجددة لهذه الحركة". وهذا ما شهدناه بالضبط منذ أواخر عام 2010. وكان قد دعا الطبقة العاملة وحزبها الثوري، منذ أمد بعيد، كي تتوثب لقيادة التحالف الطبقي النقيض.

أما وقد تفجرت الأزمة الثورية في 2010-2011، وسط ذهول أحزاب الطبقة العاملة العربية المعنية، وتردد العديد منها تجاه المشاركة في الحركة الجماهيرية العربية أو تلكؤ بعضها الآخر عن قيادتها، فقد أضاعت كل فرص نجاح تحقيق كامل أهداف المرحلة الأولى من الثورات الديمقراطية في العالم العربي. بل، على العكس من ذلك، سادت في السنوات اللاحقة، شيئاً فشيئاً، مختلف أنواع الثورات المضادة، منها ما استطاع المحافظة على مواقع السلطة وتثبيت أسس النظام الحاكم؛ ومنها ما أطلق العنان لأبشع صنوف الرجعية (ما قبل الرأسمالية)؛ ومنها الآخر ما تمكن من إعلاء شأن العلاقات ما دون الدولتية، كمثل الطائفية والمذهبية والإثنية والعشائرية وسواها، حتى باتت عدد من الدول العربية مهددة بالتقسيم والتفتيت. كما تمثلت الثورة المضادة في استشراس التدخلات الخارجية (الإقليمية والدولية) وانتشار القواعد العسكرية الأجنبية، وفي إطلاق العنان للأطماع والسياسات الصهيونية في المنطقة.

 

مرّت سنوات طويلة على ما يشبه الوصية التي تركها لنا مهدي عامل، عندما كتب يقول: "فلا ننسى... أن عملية إنتاج النظرية الماركسية هي عملية مستمرة باستمرار الحركة الثورية نفسها... إنها عملية إعادة إنتاجها متجددة بتجدد الشروط التاريخية الخاصة بتحقق السيرورة الثورية". ما أحوجنا اليوم، يا مهدي عامل، إلى "الورشة الفكرية" التي لطالما دعوتنا إليها في كتاباتك وحثيتنا علىالقيام بها. وها أنك رحلت قبل أن يتحقق مشروعك،الذي يحمل في طياته سرّ اغتيالك. أولم تعدنا في حياتك بأن "البحث لن ينتهي"؟.

http://www.lcparty.org/index.php?option=app_content&view=article&id=13299%3A2017-05-19-22-18-36&Itemid=1

الأكثر قراءة