ثلاث وستون عاماً مرت على المهزلة التاريخية التي ارتكبت بحق شعبنا العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً. ثلاث وستون عاماً والأمل المعتصر داخلنا يكبر ويتفجر، 15 أيار 2011 تحرر الأمل وتوجهت العيون والقلوب إلى الحدود الممنوعة، إلى الأرض الممنوعة وهتفت الحناجر "الشعب يريد العودة الى فلسطين".إن ما حصل في هذا التاريخ، لهو أكبر مثال حي على تصميم الشعوب التواقة لحريتها، والقادرة على الفعل التاريخي العظيم. لقد أثبت الشعب الفلسطيني حقه بأرضه عندما تعمدت أرض مارون الراس بدمائه ودماء إخوانه من اللبنانيين والعرب الذين أبوا إلا أن يشاركوا في صنع هذه الملحمة الإنسانية البطولية. ثلاث وستون عاماً ولم يسقط حق العودة، الحلم بفلسطين الحبيبة، أثبت شعبنا في هذا اليوم قدرته على محو فكرة أن الجيل الأول يموت والثاني ينسى، فأغلب الدماء التي سالت يوم المسيرة كانت من جيل يرى فلسطين من الحدود وعبر الاسلاك الشائكة لاول مرة، فما كان منه إلا أن عبر عن حنينه وغضبه بمحاولة الدخول إلى فلسطين.إن إحياء ذكرى النكبة هذا العام والذي تجلى بهذه المسيرات التاريخية، إنما يؤسس لمرحلة جديدة قديمة، عنوانها تمسك اللاجئين الفلسطينيين بحقهم بالعودة الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 48 ورفضهم التنازل عنها مهما طالت سنوات اللجوء والشتات. وقد أتت مسيرة العودة في دول الجوار الفلسطيني لتتكامل مع فجر جديد من الثورات العربية وتحديداً في مصر وتونس لتؤكد توق الشارع العربي الى الحرية والى فلسطين رغم محاولات التدخل والاستثمار وإحباط النجاحات المحققة من قبل الادراة الاميركية وحلفئها الاوروبيين.كما أكدت هذه المسيرة أن الفلسطينيين في لبنان، وبعكس كل محاولات التخويف والاستغلال السياسي اللبناني الداخلي، مصممون على العودة الى أرضهم مهما طال الزمان، وأن إعطاءهم الحقوق المدنية في لبنان هو حق لهم وواجب على الدولة اللبنانية، وهذا الحق لا يؤثر على عزيمتهم على العودة كما يدعي المزايدون. إننا كمنظمات يسارية لبنانية وفلسطينية نؤكد مطالبتنا المتكررة بمنح الفلسطينيين حقوقهم المدنية في لبنان بعيداً عن النزاعات السياسية اللبنانية الداخلية.آن الأوان للعودة إلى الثوابت الوطنية وعلى رأسها تحرير كامل التراب الوطني، فالدماء التي روت أرض مارون الراس تحتم علينا إجراء مراجعة شاملة ودقيقة فذكرى النكبة هذه السنة ليست مجرد وقفة لإحياء ذكرى، بل يجب أن تكون مراجعة شاملة لكل مشروعنا الوطني، وصولا الى اعادة صياغة هذا المشروع بالاستناد الى الحقائق التاريخية، والى الايمان بقدرة الشعوب على هزيمة الظلم والاحتلال، واستناد الى ما انجزته ثورتنا من بلورة لهويتنا الوطنية، وما قطعته من شوط في غمار المعركة التي هي لابد طويلة.نطالب بوضع استراتيجية كفاحية وسياسية وطنية شاملة، وبإعادة بناء وتفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية على اسس ديمقراطية وبالاستناد الى انتخابات ديمقراطية وفقا لنظام التمثيل النسبي الكامل، وبناء مقاومتنا الوطنية على قاعدة الاجماع الوطني، غير مرتهنة بالاملاءات الخاريجية، ومستندة الى اهداف شعبنا ونضاله من اجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير والدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وتحرير الاسرى وحق شعبنا في المقاومة بكل اشكالها.نعاهد الشهداء محمد ابوشلّيح، محمد صالح، عبد الرحمن صبحة، عماد أبوشقرا، محمود سالم، خليل أحمد والجرحى أن نبقى على العهد وأن لا نستكين حتى نرى رايات فلسطين ترفرف عالياً فوق أرض فلسطين وتحت سماء فلسطين.إن المنظمات اليسارية اللبنانية والفلسطينية تلتقي اليوم لتشكل إطاراً من العمل المشترك والتفاعل والتكامل فيما بينها لتكون انطلاقتها المتجددة من خلال إضاءة الشموع لشهداء وجرحى مسيرة العودة مارون الراس وبعدها المهرجان التكريمي في مخيم شاتيلا السبت القادم وصولاً الى سلسلة من الفعاليات والنشاطات المستقبلية المرتبطة بالقضية الاساسية – القضية الفلسطينية.المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والحرية لأسرى الحريةالمنظمات الشبابية اليسارية الفلسطينية واللبنانيةبيروت 1/6/2011