مرفوضة TVA زيادة الـ

زيادة الـ TVA مرفوضة

نقابات العمّال والأساتذة تهدّد بمواجهة الحكومة في الشارع

320 ألف لبناني يعيشون في فقر مدقع (أرشيف ــ مروان طحطح)320 ألف لبناني يعيشون في فقر مدقع (أرشيف ــ مروان طحطح)أعلن سياسيون ونقابيون وممثلون عن هيئات اقتصادية واجتماعية رفضهم لأي خطوة حكومية ترمي إلى زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وهدد بعضهم بمواجهة هذه الخطوة في الشارع، ولا سيما أن الدراسات السابقة كانت قد بيّنت أن زيادة هذه الضريبة إلى 15% ستؤدّي إلى زيادة نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى من 30% حالياً إلى 50% على أقل تقدير

الاتصالات السياسية الجارية من أجل التوافق على زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10% إلى 15%، أثارت موجة من الاعتراضات نظراً إلى ما ستتركه هذه الخطوة من آثار سلبية كبيرة على أوضاع الأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل، ولا سيما أن الدراسات السابقة التي أجريت بعد مؤتمر باريس 3، بيّنت أن هذه الآثار لا تنحصر بمستوى معيشة الأسر، بل ستطال النشاط الاقتصادي عموماً، على عكس ما تعتقده وزيرة المال وبعض أركان الطبقة السياسية، ممن أعطوا الضوء الأخضر للسير بهذا الاتجاه.

زيادة الفقر

وكانت الجامعة الأميركية في بيروت قد أعدّت في العام الماضي، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية، تحليلاً ميكرو اقتصادياً على تأثير رفع الضريبة على القيمة المضافة على الفقر والمساواة في لبنان، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنقطتين مئويّتين، أي من 10% إلى 12%، ستؤدي إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي لدى الأسر الفقيرة بنسبة 11%، وترتفع هذه النسبة إلى 19% لدى الأسر الغنية. أما زيادة الضريبة إلى 15% فستؤدي إلى المزيد من الانخفاض في الإنفاق الاستهلاكي لكل الأسر، وهذا ما يدفع بجمعيات التجّار والصناعيين إلى الانضمام إلى معارضي مثل هذه الزيادة، باعتبار أنها ستؤثر على أعمالهم. وبناءً على هذا التحليل، فإن نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى (2.4 دولار في اليوم) سترتفع من 8% حالياً إلى 10% إذا ما ارتفعت الضريبة على القيمة المضافة إلى 12%، وستبلغ 16% إذا ارتفعت الضريبة إلى 15%، أما نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى (4 دولارات في اليوم) فمن المتوقع أن ترتفع من 28% حالياً إلى 35% و47% إذا رُفعت الضريبة على القيمة المضافة إلى 12% و15% على التوالي. وتجزم هذه الدراسة بأن الزيادة على الضريبة على القيمة المضافة سيكون لها أثر سلبي أكبر على وضع الأسر المتوسطة، وتلك التي تعيش فوق خط الفقر مباشرة، إذ إن نسبة الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى في لبنان، والتي تقدر حالياً بنحو30% من اللبنانيين قد ترتفع إلى 35% و50% إذا ما ارتفعت نسبة الضريبة على القيمة المضافة إلى 12% و15% على التوالي. وتوصي الدراسة بعدم إحداث أي زيادة على الضريبة في الظروف الراهنة، إلا في حال تنفيذ إجراءات تستهدف الفقراء والفئات المهمّشة، كما توصي بحذف منتجات الرفاهية من لائحة المنتجات المعفاة من الضريبة، والبحث في استراتيجيات لخفض كلفة بعض المنتجات الاستهلاكية ـــــ مثل المواصلات ـــــ التي تستهلك حصة كبيرة من دخل الأسر الفقيرة. الجدير بالإشارة أن الضريبة على القيمة المضافة، قبل زيادتها، تمثّل أكثر من ثلث الإيرادات الضريبية في الموازنة، بحسب أرقام عام 2009، وهي تعدّ مصدر الدخل الأول للخزينة العامّة، وتجسّد بذلك المثال الأوضح على عدم عدالة النظام الضريبي وسياسة إعادة التوزيع العكسية، أي من الفقراء إلى الأغنياء.

جنبلاط يعترض

انطلاقاً من هذه المعطيات، رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أن زيادة الضريبة على القيمة المضافة، إذا تمّت، فإنها تؤكد عدم وجود أي رغبة حقيقية بإعادة النظر بالفلسفة الضريبية بما يحقق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، وقال، في مقاله الأسبوعي في مجلّة «الأنباء»، إن المطلوب في هذا الوقت أن تحافظ الدولة على دورها ووظيفتها في رعاية المواطنين وتحسين ظروف معيشتهم. ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب نضال طعمة، في مداخلة هاتفية مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أمس، «أن قرار رفع الـTVA إلى 15% هو قرار غير شعبي أبداً. وإذا حصل، يجب أن يكون في مقابل زيادة الخدمات المقدمة من الحكومة إلى المواطنين».

النقابات العمّالية

وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أن النقابات العمّالية ستواجه أي زيادة على الرسوم والضرائب غير المباشرة في الشارع، معتبراً أن هذا الأمر «ليس مزحة»، بل هو رسالة يجب أن يفهمها من بيدهم الأمر. وقال إن الاتحاد العمّالي لديه موقف واضح من الضريبة على القيمة المضافة، ولن يقف موقف المتفرج إزاء أي خطوة جديدة يمكن أن تهدد لقمة عيش الفقراء والعمال ذوي الدخل المحدود، منتقداً الإصرار على هذا النوع من السياسات الضرائبية، التي تغالي في إرساء نظام ضريبي غير عادل، يرتكز على جباية الضرائب ممن لا يملكون ليعيد توزيعها، عبر خدمة الدين العام، على الأثرياء وأصحاب الامتيازات والاحتكارات والريعيين. وأعلن الأمين العام لجبهة التحرر العمالي، عصمت عبد الصمد، رفضه أي زيادة ضريبية تطال الفقراء في ظل هذه الظروف الراهنة، وأشار إلى وجود مصادر أخرى مهمّة لتمويل الخزينة غير الفئات الشعبية، التي لم تعد قادرة على تحمّل المزيد من الأعباء. وجزم عبد الصمد بأن جميع النقابات ستتوحد في مواجهة زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وقال «سنخوض تحرّكات شعبية مع كل القوى النقابية والتيارات السياسية لإجهاض مثل هذا النهج الذي جرّبناه سابقاً، وأوصلنا إلى الوضع المعيشي السيئ». وأضاف: «كنا ننتظر من حكومة الاتحاد الوطني تقديمات اجتماعية وجهداً ملموساً للبحث عن مصادر أخرى لزيادة الإيرادات، فعندما قرأنا البيان الوزاري اعتقدنا أن هناك توجهاً جديداً من الحكومة، لكن تبيّن الآن أن بيانها الوزاري كان إعلامياً فقط... وما يدلّنا أكثر على استمرار النهج الخاطئ هو ما نراه في مجلس النواب، إذ تتجه لجنة الإدارة والعدل إلى إقرار مشروع قانون يرمي إلى طرد المستأجرين وتشريدهم على نحو منظّم ومشرّع، على الرغم من أنهم من الفئات الشعبية ومن دون إيجاد أي بديل».

الأساتذة والمعلّمون

وأعلن رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنّا غريب أن روابط الأساتذة والمعلمين ترفض رفضاً قاطعاً كل البنود والمشاريع الواردة في برنامج باريس ـــ 3، التي تطال حقوق العمال والموظفين والأجراء وأصحاب الدخل المحدود، بما فيها زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وقال «موقفنا من هذه القضية ثابت، ولذلك نرفض أي زيادة ضريبية مطروحة الآن، وندعو كل الهيئات إلى تحمّل مسؤولياتها وتوحيد الحركة النقابية لمواجهة هذه المشاريع». ورأى غريب أن البحث عن مصادر التمويل لا يكون في جيوب الفقراء الخالية، والتي لم يعد بإمكانها التحمل، بل يجب البحث في المكان المناسب، «فقد اقترحنا خفض الفائدة بنسبة 1% أو 2%، إذ إن هذا الإجراء كاف لتمويل جزء من العجز في الموازنة، كما طالبنا بوضع ضريبة تصاعدية على كبار المتموّلين في البلد وأصحاب الشركات الكبرى... ولذلك نقول اليوم: كفى ضرائب غير مباشرة».

جمعية المستهلك

وقال رئيس جمعية المستهلك زهير برو، إن زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15% تعدّ من أسوأ الوسائل المتّبعة لرمي أعباء الدين العام في وجه المستهلك، داعياً الحكومة إلى الاجتماع ومراجعة السياسات الضريبية المتبعة في اتجاه إيجاد توازن عادل بين المكلّفين وفق حجم الدخل ومصادره، داعياً إلى خفض الأعباء غير المبررة على الخلوي والبنزين وغيرها من السلع والخدمات الأساسية، ولفت إلى ضرورة ربط هذه المراجعة بخطة اقتصادية مستقبلية لكي تعلم كل فئة اجتماعية ما هي الأعباء التي ستوضع على عاتقها، وذلك انطلاقاً من سؤال على الوزراء أن يطرحوه على أنفسهم، وهو «هل يجب أن يتحمّل المستهلكون من أصحاب الدخل المحدود والفقراء الأعباء الضريبية المرتفعة دائماً؟».

نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى سترتفع من %30 من اللبنانيين حالياً إلى 50 % إذا ارتفعت نسبة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 %

وأشار برو إلى أن السياسة الضريبية والمالية المتبعة منذ انتهاء الحرب الأهلية مستمرة على الرغم من أنها أثبتت فشلها، ولا يمكن تحت مبرر السلم الأهلي والوحدة بين أطراف الطبقة السياسية ترك القضية الاقتصادية على حالها. وشدد برو على أن الضريبة على القيمة المضافة أدت إلى ارتفاع الأسعار حين تم فرضها، فيما هذه الضريبة التي تعتمدها جميع دول العالم تقابلها خدمات اجتماعية للمواطنين، صحية وتعليمية واجتماعية، وهذا غير موجود في لبنان، وبالتالي أصبحت هذه الضريبة ككرة الثلج، بحيث تنقل الأسعار من ارتفاع إلى ارتفاع في ظل انخفاض الأسعار عالمياً. وأكد برو أن الجمعية ضد زيادة الـTVA ولو نصف في المئة، وبدلاً من ذلك على الحكومة أن تتحرك في اتجاه إصدار قانون منع الاحتكار، داعياً الاتحاد العمالي العام وكل القوى السياسية والاجتماعية إلى رفض زيادة الـTVA ومنع رمي هذه الضريبة على كاهل الفقراء.

الهيئات الاقتصادية

ولفت رئيس جمعية تجار بيروت نديم عاصي إلى أن الزيادة العشوائية التي سيتم فرضها على الضريبة على القيمة المضافة لا يمكن أن يتحملها المواطنون وكذلك التجار والقطاع الخاص، رافضاً «الزيادة العشوائية لتمويل الهدر»، مشيراً إلى أنه لا يجب تحميل فرقاء الإنتاج والناس أعباء ضريبية إضافية من دون مقابل، وأشار إلى أنه حين فُرضت الـTVA تأثر القطاع التجاري في الفترة الأولى من التطبيق سلباً، معتبراً أن فرض زيادة إضافية على هذه الضريبة بصورة عشوائية مرفوض من قبل التجار، داعياً إلى تأمين مداخيل للخزينة عبر وقف الهدر وإعلان الإصلاح الجذري داخل المؤسسات العامة للبدء بعملية خفض الأعباء. وقال إن الجمعية دعت وزيرة المال إلى إلغاء رسم الإرث وتقويم خسائر الخزينة من هذا الإجراء لتعويضها من خلال مصادر أخرى. وقال نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، محمد لمع، إن الغرف التجارية هي، في المبدأ، ضد أي زيادة ضريبية، إلا أنه أشار إلى أن مسألة زيادة الضريبة على القيمة المضافة لم تُبحث مع ممثلي هذه الغرف، «فإذا استشارونا فسنوضح لهم موقفنا المعترض على الزيادة، لأن المستهلك سيتأثّر سلباً». (الأخبار)

5943 مليار ليرة

هي قيمة إيرادات الخزينة العامّة من 3 مصادر فقط، الضريبة على القيمة المضافة ورسوم البنزين والاتصالات، وتمثّل هذه المصادر أكثر من 47% من مجمل الإيرادات التي بلغت في العام الماضي نحو 12 ألفاً و705 مليارات ليرة.

ماذا عن ضريبة الفوائد؟

قالت مصادر مطّلعة إن بعض المسؤولين أبدوا تفهّماً لموقف حاكمية مصرف لبنان والمصارف المعترضة على زيادة الضريبة على ربح الفوائد من 5% إلى 10%، وقد يكون هذا التفهّم هو السبب الكامن وراء السعي إلى زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15% دفعة واحدة، بدلاً من زيادتها تدريجاً كما كان منصوصاً عليه في برنامج باريس 3، فالضريبة على ربح الفوائد أمّنت مداخيل للخزينة في العام الماضي بقيمة 558 مليار ليرة، وكانت سترتفع إلى أكثر من 760 مليار ليرة في حال زيادتها.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة