محمود أحمدي نجاد في لبنان: زيارة بالتوقيت الهجري

أهم ما في زيارته، على ما يؤكد عارفوه، زيارته لرجال المهدي، المستشهدين منهم والأحياء (أرشيف ـــ أ ف ب)أهم ما في زيارته، على ما يؤكد عارفوه، زيارته لرجال المهدي، المستشهدين منهم والأحياء (أرشيف ـــ أ ف ب) محمود أحمدي نجاد في لبنان غداً. زيارة متعددة الأبعاد تستهدف إخراج لبنان من المزاد الإقليمي والدولي، وتوقيع مجموعة اتفاقات تعزز روابطه مع «المشرق الجديد» الذي يبنى حالياً. ورغم الحرص الإيراني على التأكيد أنها زيارة رئيس دولة لدولة صديقة، إلا أن شخصية الرئيس الضيف المثيرة للجدل ستبقى هي المهيمنة

إيلي شلهوب لبنان على موعد رسمي غداً مع زيارة يعتزم القيام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لـ«بيروت العاصمة» و«ضاحية الصمود» و«جنوب المقاومة». في العنوان، هي زيارة رسمية يقوم بها رئيس دولة لدولة صديقة. لكنها في المضمون متعددة الجوانب. زيارة تحمل أبعاداً استراتيجية تتجاوز جدول أعمالها المعلن، وهدفه تعزيز العلاقات الثنائية عبر اتفاقيات قد يصل عديدها إلى ثمانٍ أو حتى 12 اتفاقية. هذا في الخلفية. أما في الجوهر، فلعل أهم استهدافات الزيارة ونتائجها، وفقاً لمصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران، أنّ «لبنان من بعدها لن يبقى في المزاد الإقليمي والدولي». استنتاج لم يخرج من الفراغ. فهذا جزء من عملية إقامة «المشرق الجديد» الذي يريد القيّمون عليه أن يكون لبنان «جزءاً أساسياً منه». والحديث هنا عن شبكة العلاقات الاقتصادية والتجارية والتنموية، التي بدأت تربط إيران وسوريا وتركيا عبر المعاهدات الثنائية. شبكة، لبنان في طريقه إلى أن يكون طرفاً فيها، هي الردّ المنظم على نظرية الفوضى الخلاقة التي سعى الأميركيون خلال مرحلة من المراحل إلى تطبيقها في المنطقة، على ما تفيد مصادر قريبة من أكثر من عاصمة إقليمية. ويضيف العارفون بشؤون طهران وشجونها أن زيارة نجاد هذه تعدّ جزءاً مكملاً للمشهد الدمشقي الذي جمع الرئيس الإيراني بنظيره السوري ومعهما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. رسالة إلى الأميركيين والإسرائيليين أن «نجمكم قد أفل وحان وقت الرحيل. نحن أصحاب هذه الدار والقادرون على إدارتها». استثمار مؤجل لانتصار تموز الذي «لولاه لما أمكن عقد هذه الاتفاقيات» يريد من خلاله الإيرانيون القول «نقدم في الحرب والسلم. نحن رجال الحرب ورجال البناء. نحن أيضاً من محبّي الحياة». زيارة يريد من خلالها نجاد القول «مهلاً. أنا رئيس إيران، لكنني أيضاً مهندس، قادر على بناء الجسور والطرق والجامعات وتخطيط المدن. مدني ولكنني لست مثلكم. أنا أعمل بالتوقيت الهجري. أنا مسلم مشرقي، ولست غربياً حداثوياً». ومع ذلك، يبقى مكمن أهمية الزيارة في طبيعة الضيف الزائر. ليس في كونه رئيساً لإيران، تلك الدولة التي دعمت لبنان ومقاومته بكل غال ونفيس، بل في كونه رئيساً ليس كجميع أسلافه، على الأقل الأقربين منهم، سواء تحدثنا عن محمد خاتمي الإصلاحي الداعي إلى حوار الحضارات، أو حتى أكبر هاشمي رفسنجاني البراغماتي المعتدل. هو ليس واحداً منهم. لا ينتمي حتى إلى الطبقة التي تحكم إيران. هو «رجل من جنس الناس»، على ما أعلن يوم ترشح للانتخابات في عام 2005. لا ينتمي إلى أي حزب، وبالتالي «ليس مديناً لأحد» في وصوله إلى منصبه. كذلك فإنه لا ينتمي إلى أي من العائلات الإيرانية المعروفة. ابن حداد درس الهندسة وكافح إلى أن فاز برئاسة بلدية طهران. هو ابن دولة المرشد، تلك البنية الاجتماعية الاقتصادية العسكرية التي تُعرف باسم «الحرس الثوري» والتي حضنته وحملته إلى كرسي الرئاسة. هذا في الأوليات، في الشكل والإطار. أما في المضمون، فتلك حكاية أخرى. وأهم ما في هذا المضمون، أن نجاد صاحب تفسير خاص للمدرسة المهدوية.

خريطة طريق

يزاوج بين الإسلام وإيران ويؤمن بقيامتين لا تنفصل الواحدة منهما عن الأخرى

الفكر المهدوي عامة منتشر في إيران، بل في الفكر الشيعي المعاصر كله تقريباً. مدارسه متعددة، وهي تتحرك ضمن حدّين. هناك دعاة المهدوية السلبية، أو من يعرفون بالحجّتيين الذين ينتظرون ظهور المهدي من دون القيام بأي دور في هذا السياق. وعند حصول هذا الظهور، يصبحون من أنصاره. وهناك دعاة المهدوية الإيجابية، التي أرسى أسسها الإمام الخميني، وتقوم على ضرورة أن يفعل المؤمن كل ما طلبه منه الأنبياء والأئمة والأولياء في إطار إسلام ثوري يستهدف بناء الدولة الإسلامية. محمود أحمدي نجاد هو «الرجل الوحيد تقريباً»، على ما يفيد العارفون، الذي «تشعر بأن لديه خريطة طريق لظهور المهدي». هو ليس فقط مؤمناً بنظرية الإمام الخميني بشأن الانتظار الإيجابي، بل يعمل «مصدّقاً معتقداً مقتنعاً» بأنه كلما أنجز خطوة في طريق بناء الدولة المهدوية العالمية، سرّع في ظهور المهدي. بل هو مصرّ على أن يوحي بحتمية ذلك. من هنا يصبح حديثه وإصراره على مجموعة من المطالب والشعارات مفهوماً: إيران دولة عظمى. إيران تريد حصتها من إدارة العالم. إيران موجودة في كل مكان. إيران مؤثرة في كل القارات... كلها عبارات قد يراها الآخر عبثية، أو في الحد الأدنى حلماً بعيد المنال. لكنها في نظر نجاد جزء من برنامج رؤيوي يعتقد جازماً أنه كلما حقق بنداً من بنوده اقترب ظهور «الإمام المنتظر». هو مقتنع بأن هذه هي الحقيقة، وكل ما عداها هو الحلم.

أبعاد مهدويّة

زيارة نجاد للبنان تأتي كجزء من هذه الرؤية ـــــ المهمّة. تعزيز العلاقات الثنائية وتوقيع الاتفاقات، بنظره، أمران ثانويان، على ما يفيد عارفوه. تحصيل حاصل، سواء حضر إلى لبنان أو لم يفعل. أمور دنيوية من مهمة الوزراء والمديرين العامين والفنيين. بالنسبة إليه، أهم ما في زيارته تلك، على ما يؤكد المطّلعون على طريقة تفكيره ووجدانياته، زيارته لـ«رجال المهدي»، المستشهدين منهم والأحياء. يريد أن يتقرّب إليهم. أن يشمّ رائحتهم. أن يتبرك بهم. أن يلمسهم عن قرب.

توقيت هجري

معروف عن نجاد أنه يفكر في الزمن الهجري (المشرقي الإسلامي) لا الزمن الميلادي (الغربي الحداثوي). هو مدرك تماماً أن الحداثة تخترق جميع المجتمعات الإسلامية، عن طريق العولمة ووسائل الاتصال وغيرها. لكنه يعتقد أن الحداثة الغربية من الهشاشة بمكان أنه قادر على اختراقها وإقامة حداثته الإسلامية الخاصة به. يعتقد أن أسوار الحداثة الغربية تنهار أمام مشروعه الذي يمضي قدماً. ليس في ذلك رفض للمعاصرة، على ما يعتقد، بل تطويع لها كي تصبح في خدمة الإسلام، وتوظيفها في زمن هجري خاص به.

مكسّر الأصنام؟

يرى نجاد أن الغرب والحركة الصهيونية فرضت على العالم مجموعة من التابوهات أشبه بأصنام ممنوع المساس بها. ويقول إن على الدول المتحررة أن تتجمع وتشيع ثقافة عدم التعهد بالتزامات تحرمها عليها ثقافاتها الخاصة وهويتها الوطنية. ولا يتورّع عن وضع كلّ من المجتمع الدولي ومعايير حقوق الإنسان والأمم المتحدة وأسلحة الدمار الشامل وما إلى ذلك ضمن هذه التابوهات. ولعلّ أبرز هذه «التابوهات» إثارةً للجدل، ذاك المتعلق بالمحرقة النازية، التي شكّك فيها مرّات ومرّات من دون أن يرفّ له جفن، لا بل أقام مؤتمرات دولية في طهران لنفي وجودها! يمارس نجاد أيضاً ما يعدّه أشبه بـ«كيّ وعي مضاد». فهو يرى أن إسرائيل والحركة الصهيونية عملتا، على مدى عقود، على كيّ وعي أبناء هذا الشرق الحزين وإيهامهم بأن إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة وأن جيشها لا يقهر وأن وجودها بات حقيقة مسلماً بها ما عاد أحد يجرؤ على مناقشتها. من هنا كان تركيزه على مقولة «إزالة إسرائيل عن الخريطة» إلى أن تحولت إلى بند من بنود النقاش على الساحة الدولية. ويعتقد الرئيس الإيراني بضرورة نقل الهجوم إلى ساحة الخصم. يرفض أن يكون المشرقي المسلم في موقع الدفاع، بل يسعى إلى وضع الغرب في هذا الموضع. من هنا تأتي إثارته لمسألة مسؤولية الولايات المتحدة عن هجمات 11 أيلول، وغيرها كثير على قاعدة «تتهمني بانتهاك حقوق الإنسان وأتهمك بانتهاك حقوق الإنسان. تتهمني بقمع الحريات وأتهمك بقمع الحريات وما إلى ذلك». لكنّ استراتيجيّته هذه، وما يراه حرباً على التابوهات، تنقلب أحياناً استعراضاً لا يستفزّ الغرب وحده، بل معظم دول العالم. ولا يزال تصريحه من نيويورك عام 2007 الذي ينفي فيه وجود مثليّين في إيران، يثير حملات إعلاميّة مستنكرة.

أنا ونفسه عليه

وفي السياق، يعتقد نجاد بأن الغرب لا بد من أن ينسحب ويتراجع عندما تتعامل معه بتكتيك حافة الهاوية. يقول إنّ عليك أن تلقّن نفسك والخصم أنك أقوى منه، فتكون قد كسبت نصف المعركة. ويستند نجاد إلى قول للإمام علي، ردّاً على سؤال عن كيفية تحقيقه للانتصارات: أنا ونفسه عليه، فنكون اثنين ضد واحد. ويرى نجاد أن الآخر حكمنا بالتلقين والإيحاء وكيّ الوعي والمعادلات الوهمية التي تحوّلت إلى شيء مادي ملموس، وأن الحل بالتعامل مع هذا الآخر من الند للند ما سيدفع به إلى التراجع.

ولائيّة واعية

علاقة نجاد بالمرشد علي خامنئي يمكن تصنيفها بأنها علاقة ولائية واعية لا عمياء. يعتقد نجاد بأن المؤمنين الحقيقيين بالولي الفقيه يجب أن يكونوا أصحاب رأي لا أن يسيروا خلفه على غير بيّنة، على أن تبقى الكلمة الفصل بيد المرشد. أي صاحب رأي مطيع. وهو في ذلك يشبه رفسنجاني كثيراً، لكن مع فارقين: الأول، هو أن نجاد جاء من خارج المنظومة المؤسساتية التقليدية. والثاني، هو أن نجاد (هو الرئيس الوحيد الذي جاء بـ) لا جدول أعمال خاصاً به، بل أجندته هي نفسها أجندة المرشد. وصدف أن طريقة تنفيذه لهذه الأجندة كانت مريحة جداً لخامنئي. هو يعمل على الطريقة الإسلامية «الأفقية» (على نسق الولاة) لا الطريقة الغربية القائمة على الهرمية، التي اعتمدها الرؤساء السابقون الذين أقاموا تراتبية بالغة التعقيد ورثوها من عهود ما قبل الثورة. قيامتان... قيامة واحدة يزاوج نجاد بين الإسلام وإيران، ويؤمن بقيامتين لا تنفصل الواحدة منهما عن الأخرى. هو يدرك وجود نظريات متعددة في هذا الشأن: هناك المدرسة الإسلامية الصرف التي تقول بالقيامة الدينية. وهناك المدرسة القومية الصرف التي تقول بالقيامة القومية. وهناك مدارس تغلّب واحدة من هاتين القيامتين على الأخرى. غير أن نجاد يرى أن كل هذه المدارس غير حقيقية. هو يؤمن بقيامة واحدة من شقين متساويين في الأهمية: الدين والقومية. يقول بعدم إمكان فصل الإسلام عن إيران ولا إيران عن الإسلام.

مع المجموعة لا الفرد

لا يؤمن نجاد بكونه رئيس جمهورية يعاونه وزراء، بل يرى نفسه أقرب إلى أمير مجموعة يعمل بعضها مع بعض بتجانس وانسجام كاملين. حلقات مترابطة في ما بينها في إطار سلسلة لا يمكن فصل عراها. إن حصل وشذّ أحدهم عن المجموعة، في خططه أو إجراءاته أو سلوكه، فعليه أن يتركها فوراً، أن يستقيل من مجلس الوزراء، مهما كانت أخلاقه حميدة أو على علاقة جيدة بالرئيس. الحل على طريقة «نبقى أصدقاء لكن كل واحد في طريقه». من هنا، لا يؤمن نجاد بوجود وزير فاشل ووزير ناجح. يقول بمجموعة فاشلة أو مجموعة ناجحة. كذلك فإنه لا يؤمن بالمهمات المنفصلة. هو يحترم الاختصاص. لكنه يرى وجود مساحة مشتركة حيث الكل يتدخل في الكل. نظريته في الإدارة أقرب إلى نظرية «التسيير الذاتي». يعتقد بأن على المجتمع أن يسيّر ذاته بذاته من دون أن يلقي بكاهله على الدولة. من هنا، على جميع طبقات الشعب وفئاته المشاركة في تسيير شؤون الدولة من خلال دفع الضرائب وتحمّل الأعباء معاً على قاعدة الكل حسب قدرته. ومن هنا أيضاً، القول بضرورة رفع الدعم عن السلع والاستعاضة عنها بمساعدات نقدية مباشرة، لكل حسب حاجته. ولعل نجاد الرئيس الوحيد الذي تجرّأ على السير بمشروع رفع الدعم، الذي بدأ العمل به، بعدما فُتحت حسابات مصرفية لكل أفراد الشعب الإيراني الذي قُسّم إلى 10 فئات، من الأكثر عوزاً إلى الأكثر تخمة، سيخصص لكل منها كمية من الدعم المالي النقدي شهرياً. نظرية تتوافق مع الاتجاه العام للدولة، حيث رفع مجلس تشخيص مصلحة النظام مشروعاً بتخصيص 65 في المئة من المشاريع والمؤسسات العامة، فرفع النسبة المرشد علي خامنئي، في إشارة بخط يده على المشروع، إلى 85 في المئة.

إصلاحي... على طريقته

يرى نجاد أنه جاء ثائراً على وضع يجد أنه أصبح مترهلاً ومستسلماً لظروف الحصار الدولي. يتعامل معه كأنه حقيقة قائمة لا يمكن مقاومتها، بل يتعايش معها. وهو يمكن تصنيفه على هذا النحو من واقع أنه جاء متمرداً على الأحزاب الحاكمة وواقع احتكار السلطة من اليمين المحافظ واليسار الإصلاحي. لكن أبرز تجليات هذا المنحى عنده يظهر في موقفه من مسألة الشباب والحريات الاجتماعية. يعتقد نجاد أن هذه القضية ليست أمنية أو إرشادية أو وعظية، بل مسألة ثقافية. يقول عن النظام إنه إذا نجح في إشاعة ثقافة المصالحة الوطنية العامة بين الذات الفردية والذات الجمعية، فعندها لا يعود هناك من معنى لاستخدام القوة عن طريق مثيلات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». منحى لا ينفي واقع أنّ منظمات حقوق الإنسان الدولية توجّه أقسى الانتقادات لإيران في شأن «انتهاكاتها للحريات العامة والحقوق الأساسية للإنسان».

السفارة الأميركيّة تحذّر رعاياها

قبل يوم من زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، لبيروت، خرجت السفارة الأميركيّة في بيروت عن صمتها، ودعت رعاياها في لبنان إلى «توخي الحذر» خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني، محذّرة من إمكان حدوث أعمال عنف خلال الزيارة. وأبلغت السفارة الأميركيّة في بيان أرسل إلى المواطنين الأميركيين عبر البريد الإلكتروني، أن «السفارة تذكّر المواطنين الأميركيين بأن تجمّعات سلميّة يمكن أن تتطوّر إلى عنف وأن يمتدّ ذلك إلى أحياء مجاورة، حتى من دون إنذار مسبق»، في عبارة توحي بأن هناك من يعرف أن شيئاً ما سيحصل. وحثّت السفارة «المواطنين الأميركيين من الزوار والمقيمين في لبنان على توخي الحذر ومتابعة التقارير الإخباريّة وتفادي التجمّعات الكبيرة». ونصحتهم بأن «يأخذوا في الاعتبار سلامتهم قبل اختيار زيارة مواقع تجمعات شعبيّة، أو أماكن فيها عادة عدد كبير من الأشخاص». وأكّدت السفارة أنه يجب «توقّع حصول تجمعات شعبيّة (خلال زيارة نجاد) وعرقلة في حركة المرور، وخصوصاً في وسط بيروت والمنطقة المحيطة بمطار بيروت الدولي وجنوب لبنان». إلى تحذير السفارة الأميركيّة، الذي وصفه بعض السياسيين «بالمشبوه»، فإن التصريحات السياسيّة كانت مرحّبة بزيارة نجاد؛ فقد قال رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل إن «نجاد يأتي بدعوة رسمية، ويهمّنا أن يكون لبنان على تواصل مع المحيط بسبب العلاقة بين بعض الفئات اللبنانيّة والخارج، لكن نتمنى من إيران أن تؤدي دوراً بحجمها، لا أن تنزل إلى التفاصيل والأزقة اللبنانيّة، ونطالبها بتعزيز الحوار والمصالحة اللبنانيّة والعمل من أجل كل لبنان، لأن هذا من شيم الكبار». وقد عقد رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان سلسلة اجتماعات أمس مع عدد من معاونيه لوضع اللمسات والترتيبات الأخيرة على برنامج الزيارة التي تبدأ يوم الأربعاء وتستمر ثلاثة أيام. كذلك عُقد في وزارة الخارجية والمغتربين اجتماع بين الجانبين اللبناني والإيراني، تحضيراً للاتفاقيات المزمع توقيعها. ورأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن زيارة نجاد تعبير عن الصداقة والدعم للبنان مقاومةً وجيشاً وشعباً ومؤسسات، وهذه الدعوة «جاءت بناءً على طلب من رئيس الجمهورية»، ما يعني برأيه، أن لبنان يرغب في زيارة الرئيس الصديق له، لتمتين العلاقات والصلات بين لبنان والجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة. و«الكل يعلم خدمات إيران في لبنان، والأعمال الصالحة التي قامت بها إيران في لبنان ولم تطلب شيئاً مقابلها. فهي عملت في البناء والإعمار والطرق، والآن قدمت عرضاً للمساعدة في معالجة مشكلة الكهرباء والماء بمقدار 450 مليون دولار، وسننتظر لنرى كيف سيتعامل لبنان مع هذا العرض السخي الذي قدمته إيران. وقبل ذلك قال إن إيران مستعدة لتسليح الجيش اللبناني إذا طلب ذلك، وبالتالي هناك عروض إيرانيّة ليس وراءها أي شرط أو طلب». وقال قاسم إن ما لفته هو أن الصراخ الكثير الذي علا ضد الزيارة من أميركا وأوروبا وإسرائيل والبعض الآخر من هنا وهناك «دليل على أن هذه الزيارة أهمّ بكثير مما كنا نعتقد، فعادةً الصراخ يكون ضد المهمّين، لا ضدّ من ليس له وزن، وهذا دليل على أن للزيارة منافع كثيرة تعود على لبنان». وسأل قاسم: «هل تلاحظون تدخّل العالم في شؤوننا في لبنان؟ أصبحوا يريدون أن يناقشوا الزيارات، وإذا أردنا أن نتسلح من مكان ما يعارضون، لا تريدون أن تسلّحوا ولا تريدون لغيركم أن يتسلّح، لماذا؟ لا تدعمون ولا تريدون لأحد غيركم أن يدعم؟». بدوره، رأى وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي، أن زيارة نجاد للبنان تصبّ في إطار تعزيز العلاقات مع جميع الدول الصديقة أو الشقيقة، لأنه «ليس لدينا دولة عدوة إلا إسرائيل». وأكّد أنه «يحق للرئيس الإيراني الاتصال بمن يشاء وبأيّ فريق، ضمن القوانين اللبنانية، فنحن دولة ديموقراطية تحترم الحريات، ويحق له أن يزور أي منطقة في لبنان». وإذ رحب النائب السابق أسامة سعد بالزيارة، أعرب عن شكره وتقديره «للمواقف السياسيّة الحازمة التي تقفها إيران إلى جانب لبنان وسيادته واستقلاله في مواجهة التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية، وللمساعدات التي قدمتها لإعادة بناء ما دمرته إسرائيل خلال عدوان تموز 2006». ودعا سعد الحكومة إلى الموافقة على العرض الإيراني للمساعدة في إصلاح قطاع الكهرباء وتسليح الجيش. كذلك رحّبت جبهة العمل الإسلامي ولقاء أحزاب 8 آذار بالزيارة. ميدانياً، أعلنت العلاقات الإعلاميّة في «حزب الله» أن الاستعدادات اللوجستيّة لاستقبال الرئيس نجاد شارفت على الاكتمال، ولا سيما في الضاحية الجنوبية. أمّا المناطق الجنوبيّة، فإنها تعيش أجواء استقبال نجاد، حيث أقيمت الورش الإعلانية التي تعمل بكثافة لطباعة اللافتات المرحّبة بالضيف والرايات اللبنانيّة والإيرانيّة وأعلام حزب الله وحركة أمل.

عدد الثلاثاء ١٢ تشرين الأول ٢٠١٠ |
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة