لماذا عماد مغنيّة؟

خالد صاغيةمنذ فترة غير قصيرة، بات يمكن إطلاق تسمية بلاد الضريحَيْن على لبنان. في قلب وسط بيروت، والمنطقة التي باتت تحت رحمة شركة «سوليدير» العقارية، يقبع ضريح الرئيس المغدور رفيق الحريري. وفي قلب الضاحية، معقل حزب اللّه، يقبع ضريح الحاج رضوان. لمكانَيْ الضريحين رمزيّتهما. كأنّ كلاً من الرجلين ترك ضريحه شاهداً على الحيّز الذي أسهم في صنعه أو إعادة تشكيله، أو كأنّ اغتيال الرجلين أثبت أنّه أعجز من أن يمحو آثارهما. وإذا كانت «سوليدير» هي طفلة الحريري (وشركته؟)، فإنّ المقاومة، التي تحوّلت الضاحية إلى عاصمتها، هي ابنة عماد مغنية (وابنة «أكثر من أب»).وإذا كانت الإدارة السوريّة للبلاد قد تمكّنت من تنظيم الخلاف بين مشروعَيْ المقاومة والإعمار، فإنّ ما جاء بعدها لم يترك مجالاً للشك في أنّ انقسام لبنان الأساسي بعد اتفاق الطائف تمحور حول هذين المشروعين.ولعلّ اختلاف زوّار الضريحين يجسّد هذا الانقسام، وهو انقسام سياسي لا يمكن إغفال بُعده الطائفي.عنوان الانقسام اليوم هو: المحكمة الدوليّة. وفي التسريبات عن القرار الظني المرجّح صدوره في الأشهر القليلة المقبلة، جرى التطرّق إلى احتمال اتّهام عناصر من حزب اللّه. وللتخفيف من وطأة اتّهام كهذا، سمّيت هذه العناصر «غير منضبطة». إلّا أنّ كلّ التسريبات لم تأتِ لا من قريب ولا بعيد على ذكر اسم عماد مغنيّة. ثمّة من قال إنّهم عناصر من حزب اللّه، وبالتالي حزب اللّه متّهم. وثمّة من قال إنّهم عناصر غير مرتبطين بالمركز. أمّا مغنيّة، فقصّة أخرى. فقد زُجّ باسم القائد العسكري للمقاومة، الذي قضى هو الآخر اغتيالاً، خلال العرض الذي قُدِّم إلى السيّد حسن نصر اللّه كي يقبل التضحية ببعض عناصره، وتحميل مسؤوليّة اغتيال الحريري لمغنيّة الذي لم يعد حيّاً كي يُحاكَم. وربّما لم يُفهم كيف يرفض نصر اللّه عرضاً «سخيّاً» كهذا.الواقع أنّ العرض أكثر إيذاءً من الاتهام نفسه. ففيما يرفض أصحاب العرض أيّ نقد، ولو صغيراً، لصاحب الضريح الأوّل، يريدون تحويل صاحب الضريح الثاني إلى سفّاح. إنّها حرب الأضرحة إذاً، وهي حرب أخطر ما فيها أنّها لا تُحسَم بالنقاط.
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة