محمد بدير
دخلت وسائل الإعلام الإسرائيلية على خط السجال الداخلي اللبناني بشأن القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، فتنبأت بالتداعيات المحتملة وأهمها نشوء أزمة سياسية وتزايد الدعوات إلى تجريد حزب الله من سلاحه.يأتي الدخول الإعلامي هذا استكمالاً للمواقف التي سبق أن صدرت عن عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، والتي تمنّي القيادة الإسرائيلية النفس بها، وهذا ما قد يفسر الرغبة الإسرائيلية الدائمة في اقتحام الشأن اللبناني وصب الزيت على نار السجال فيه.وقدمت صحيفة هآرتس أمس قراءة للوضع اللبناني الراهن، في ظل السجال القائم بشأن المحكمة الدولية، فرأت أن الساحة اللبنانية تتجه نحو السخونة في أعقاب الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، الذي «شن فيه هجوماً عنيفاً على المدعي العام الدولي الذي يتوقع أن يحمّل حزب الله مسؤولية اغتيال» الرئيس رفيق الحريري.ورأت الصحفية أن لدى حزب الله أسباباً جيدة للخشية من القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، مشيرة إلى أنه قد يعني وضع نهاية للائتلاف الحكومي بين الحريري وحزب الله وسيجعل من الصعب على الحزب الحفاظ على تحالفه مع «الجنرال المسيحي ميشال عون». وتنبأت هآرتس بأن يواجه لبنان أزمة سياسية حادة، وخصوصاً في ظل ما رأت أنه وضع حرج للحزب على خلفية الانتخابات البلدية الأخيرة التي نجح فيها «بشق الأنفس». واسترسلت الصحيفة في تحليلها لتعقيدات الوضع الداخلي لحزب الله، فرأت أن «المشاكل» التي يواجهها تشمل «الانتقاد المتزايد في الفترة الأخيرة حيال التأثير الكبير للمنظمة الشيعية داخل الدولة وحيال نشاطها العسكري جنوب الليطاني الذي لا يتناقض مع القرار 1701 فحسب، وإنما من شأنه أيضاً أن يورّط لبنان بحرب أخرى مع إسرائيل رغم أن جراح الجولة السابقة قبل أربعة أعوام لم تندمل بعد».ولم تتحرج الصحيفة من حجز مكان لإسرائيل في سياق التضييق الذي يتعرض له حزب الله، فصرحت بأن «الحملة الإعلامية التي تشنها إسرائيل في الأشهر الماضية بدءاً من كشف مخازن السلاح التابعة للحزب في القرى الجنوبية، وصولاً إلى الكشف عن معلومات مفصلة حول مقارّه وخنادقه في بلدة الخيام، تحظى باهتمام كبير في لبنان وتثير القلق من مخططاته».
صدور معلومات بشأن تورط حزب الله سيحرج صداقة جنبلاط وتحالف عونوإذ أقرت الصحيفة بعدم وجود «قوة يمكن أن تمثّل تهديداً على حزب الله في لبنان من الناحية العسكرية»، رسمت ما يمكن وصفه بالخيار البديل من الخيار العسكري في مواجهة الحزب. وفي هذا السياق قالت إن «الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، تحول من عدو إلى حليف للحزب، والجنرال عون يمنحه الغطاء العلني في كل مناسبة، لكن في حال صدور معلومات تتضمن إثباتاً قاطعاً بشأن تورط الحزب في قتل الحريري، فإن هذا الدعم سوف يكون موضع شك، وستحل مكانه الدعوات المتزايدة لتفكيك سلاح الحزب الذي يعتبر الميليشيا المسلحة الأخيرة في الدولة».وتطرقت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي لما سمّته «العاصفة المشتدة» في لبنان على خلفية «الكشف اليومي» عن شبكات تجسس تعمل لحساب إسرائيل «كانت تتنصت تقريباً على كل الشبكة الخلوية والسلكية هناك».وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد تجاهلت ما يحدث في لبنان خلال الفترة الماضية، مكتفية بنقل موجز لأخبار كشف العملاء دون إيراد أي تعليق عليها. ورأى محلل الشؤون العربية في القناة، تسفي يحزقيلي، أن الاتهامات الحالية لإسرائيل هذه المرة ليست دون أساس «لأننا حين نشاهد كل التقارير الآتية من لبنان، فإن أي واحد يعرف أن هناك شيئاً ما». ورأى يحزقيلي أنه «ليس صدفة أن يسود صمت في إسرائيل» حيال ما يحصل في لبنان، مضيفاً: «في لبنان يقولون إن هذا الصمت مقصود، فهناك واقع وهناك شهادات، وهناك محاكمات، وهرب عبر الحدود». وفي تحليله لأسباب هذا الصمت الإسرائيلي، رأى يحزقيلي أن ذلك يعود «إما أننا لا نأخذ ما يقال في الصحافة العربية على محمل الجد، أو أن لدينا رقابة قوية».من جهة أخرى، تطرّقت الصحيفة إلى أداء قوات اليونيفيل في لبنان بمناسبة الذكرى الرابعة على عدوان تموز. ورأت أن إجراء تقويم لنشاطات القوات الدولية في هذا التوقيت بالذات قيمة خاصة «لأسباب عديدة، منها المعلومات المتداولة عن الانتشار الواسع لحزب الله، سواء على مستوى المقاتلين أو الوسائل القتالية، في منطقة جنوب الليطاني، إضافة إلى أسباب تتصل بالساحة الفلسطينية، وخاصة بعد المعلومات التي تحدثت عن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدم اقتراحاً يدعو إلى نشر قوات من الناتو أو بصيغة اليونيفيل، في المناطق التي سيخليها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. هذا الى جانب الحديث المتزايد عن الخروق المتواصلة للقرار 1701».ورأت الصحيفة أن هذا الأمر يفرض التوقف عند نقاط الضعف المتأصلة التي تعانيها قوات اليونيفيل، كي تكون ماثلة أمام صناع القرار في إسرائيل لدى دراسة اقتراح نشر قوة دولية في الضفة الغربية التي قد يخليها الجيش الإسرائيلي ضمن اتفاق دائم مع الفلسطينيين. وإذ رأت أن كلاً من الحكومة اللبنانية واليونيفيل ينفذان القرار 1701 على نحو جزئي جداً من الناحية العملانية، أكدت الصحيفة أن الهدوء النسبي السائد منذ نهاية الحرب في عام 2006 يعود الى توازن الردع القائم بين إسرائيل وحزب الله، لا الى نجاح الحكومة اللبنانية واليونيفيل في تنفيذ القرار الذي كان من المفترض أن يضع الأسس لمنع الانزلاق نحو حرب جديدة.