الأساتذة موحّدون: نكون أو لا نكون

لم يعترف وزير التربية حسن منيمنة بحق الأساتذة الثانويين والمهنيين بالدرجات السبع، لكن الأساتذة استطاعوا أن ينتزعوا منه استعداده لنقل حقهم إلى مجلس الوزراء، فبادروا إلى حسن نية بتعليق مقاطعة التصحيح في البريفيه فقط

فاتن الحاج لم تغيّر مفاوضات اليومين الماضيين بين وزير التربية وروابط الأساتذة والمعلمين في التعليم الرسمي ونقابتهم في التعليم الخاص بشأن استعادة الحق المكتسب بالدرجات السبع، في المشهد التربوي النقابي. هكذا، خرج أساتذة لبنان تماماً كما كانوا منذ اليوم الأول للتحرك النقابي موحدين، في وقت رمى فيه وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة الكرة في ملعب الحكومة، واعداً بنقل المطلب من دون أن يعترف بأحقيته. hanna-gharibأما ما سيقوله الوزير على طاولة مجلس الوزراء، فهو الآتي: «ما يطالب به الأساتذة ليس حقاً مكتسباً باعتبار أنّ الـ60% التي يتحدثون عنها دُمجت في صلب الراتب، لكن لو كان لهم هذا الحق، تكون لهم الدرجات السبع». مبادرة استقبلتها الروابط ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة بحسن نية وإيجابية على قاعدة إنهاء الامتحانات الرسمية بنجاح، فأعلنت، في مؤتمر صحافي عقدته، أمس، تعليق مقاطعة وضع أسس التصحيح والتصحيح لامتحانات الشهادة المتوسطة. لكن الروابط لوّحت بالعودة إلى المقاطعة مجدداً ما لم يقرّ مجلس الوزراء «حقنا المهدور قبل موعد وضع أسس التصحيح والتصحيح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة (البكالوريا)». وبالتعامل الإيجابي مع المبادرة، يقطع النقابيون الطريق أمام البازار السياسي الذي نشط في الآونة الأخيرة ليساوم على الدرجات، «فإما أن نكون أصحاب حق، وهذا ما نؤمن به، فننال الدرجات السبع أو أنّنا لسنا أصحاب حق، كما يعتقد الوزير، فلا نأخذ شيئاً»، يقول لـ«الأخبار» حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي.

ماذا جرى أولاً في مكتب وزير التربية؟ في مفاوضات اليوم الثاني، استعجل الوزير الحل قائلاً: «خلينا نخلص من هيدي الدوامة اللي مش عم تنتهي». هكذا، لم يكن منيمنة مستعداً لخوض نقاشات عقيمة، على خلفية أنّ هناك «موقفين مختلفين لكلا الطرفين ولن يتراجع أيّ منهما عن موقفه، وبالتالي لا جدوى من النقاش في الموضوع». وقال: «هل هناك إمكانيّة للحلول؟ لقد تقدمنا بحل يتمثل بالدرجات الأربع إلى مجلس الوزراء، وأريد تعليقكم عليه، وأتمنى عليكم المشاركة في أسس التصحيح والتصحيح وأن تقوموا بمبادرة إيجابية في هذا الإطار». هنا، أصرّ حنا غريب على العودة إلى الأرقام التي أوردتها مطالعة المستشار القانوني لوزير التربية القاضي سميح مداح التي تمنع على الأساتذة حقهم بالدرجات السبع. وسأل غريب الوزير: «هل صححتم أرقام المطالعة؟»، متمنياً عليه نقل وجهة نظر الروابط إلى مجلس الوزراء. وأكد غريب «أن الهيئات النقابية مسؤولة، ولا أحد أكثر منا حريص على مصلحة الطلاب». أما الحسابات المصححة لحسابات المطالعة التي قدمتها رابطتا أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي، مستندتين فيها إلى القانون 87/45: إعطاء 50% للأساتذة دون خمس سنوات خدمة (الباقي: 50% ــ 25% (حصل عليها الأساتذة في عام 2000 وفق القانون 148) = 25%، فإذا كانت نسبة الدرجة: 3.8% يصبح عدد الدرجات: 25% ÷ 3.8% = 6.5 درجات. وبالنسبة إلى الأساتذة فوق 5 سنوات خدمة يعطيهم القانون: 60% (الباقي: 60% - 25%= 35%، أما نسبة الدرجة فتبلغ 4%، وبالتالي فعدد الدرجات= 35% ÷ 4% = 8.75 درجات). وبناءً على ذلك، فالأساتذة يطالبون بحقهم الذي هو على الأقل 7 درجات. ومع ذلك، بدا لافتاً ما أدلى به وزير التربية بعيد الاجتماع حين سئل: «هل نُطمئن الأهالي إلى أنّ التصحيح سيحدث فعلاً؟»، أجاب: «التصحيح سينجز بأي طريقة كانت!». ماذا يعني ذلك؟ وهل صحيح أنّ وزارة التربية بادرت فور إعلان روابط الأساتذة والمعلمين مقاطعة التصحيح في الامتحانات الرسمية إلى الاتصال بكل المدارس الخاصة المجانية وغير المجانية والمؤسسات التربوية، مطالبة إياها بإرسال مصححين في الشهادة المتوسطة (البريفيه) من حملة الإجازات التعليمية، علماً بأنّ من بين هؤلاء من يدرّس الصفين الأول والثاني ابتدائي، ما يعطي فرصة لكل راسب في الامتحانات لأن يرفع دعوى يشكك فيها بصدقية الشهادة؟ فالأصول تقتضي أن يكون المصحح معلماً في صف الشهادة الذي يدرّس فيه، وأكثر من ذلك يجب أن يكون معلماً في الصف في السنة الدراسية التي يصحح فيها، ويكون قد مضى على تعليمه هذا الصف سنوات عدة. وبعد اللقاء الصباحي في مكتب الوزير، اجتمعت الروابط في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي لبحث نتائج الحوار مع منيمنة، ثم أعلنت في المؤتمر الصحافي الذي عقدته بعد ساعتين ونصف موقفها المشترك الذي وقّعته كل من رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان، رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي، نقابة المعلمين في لبنان والمجلس المركزي لرابطات المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي. وتلا غريب الحيثيات التي قادت إلى اتخاذ موقف العودة عن المقاطعة، ومنها «الوعد الذي قطعه وزير التربية بنقل حقنا بالدرجات السبع إلى مجلس الوزراء مجتمعاً لاتخاذ الموقف المناسب بخصوصها، عدم إقرار المجلس مشروعي القانونين اللذين رفعهما وزير التربية بالدرجات الثلاث والدرجات الأربع ـــــ بناءً على رغبتنا ـــــ متمنّياً على الوزير استكمال الحوار مع روابط الأساتذة، ما اعتبرناه إشارة ايجابية من مجلس الوزراء مجتمعاً، الإفساح في المجال أمام مجلس الوزراء مجتمعاً لدراسة الأرقام الصحيحة لحقّنا وإقرارها وفقاً لذلك، وتقدير مواقف الرؤساء الثلاثة والوزراء والقوى والهيئات والفاعليات والمكاتب التربوية التي وقفت إلى جانبنا ودعمت تحرّكنا وحقنا، إتاحة الفرصة للحوار ليأخذ مداه لوصول المساعي والمبادرات إلى حل نهائي يعيد حقنا المهدور، والثناء على موقف الأساتذة والمعلمين الرائع الذي تجلّى في وحدتهم وتماسكهم والتفافهم حول أدواتهم النقابية والتزامهم الأطر الديموقراطية والممارسة النقابيّة المشروعة للتعبير عن حقوقهم ومطالبهم». وأعلن غريب إبقاء اجتماعات روابط الأساتذة والمعلمين ونقابة المعلمين في لبنان مفتوحة لمتابعة المستجدات واتخاذ الموقف المناسب في ضوئها. ولم يكد المؤتمر الصحافي ينتهي، حتى أصدر المدير العام للتربية، رئيس اللجان الفاحصة، فادي يرق، البرنامج الجديد المكثّف لوضع أسس التصحيح لمسابقات الشهادة المتوسطة، حدد فيه المواعيد على الشكل الآتي: ـــــ السبت 12 حزيران (اليوم): رياضيات (8.00 ـــــ 10.00 ) وفيزياء (10.30ـــــ12.30)، في قاعة المسرح في مبنى قصر الأونيسكو. جغرافيا (8.00 ـــــ 10.00)، لغة فرنسية (10.30ـــــ12.30 )، لغة إنكليزية (13.00ـــــ14.30 )، تاريخ (15.00 ـــــ16.30) وتربية (17.00ـــــ18.30 )، في الطبقة الثانية عشرة في مبنى وزارة التربية والتعليم العالي. ـــــ الاثنين 14 حزيران المقبل: علوم الحياة والأرض (9.00ـــــ 11.00)، كيمياء (11.30ـــــ13.30)، ولغة عربية (14.00ـــــ16.00).

وبرز، أمس، موقف للمكتب المركزي لأساتذة التعليم الثانوي الرسمي في تيار المستقبل أكد فيه «حرصه على وحدة الرابطة كأداة نقابية جامعة وأنّه جزء لا يتجزأ منها». وانتقد المكتب ما سماه «الخلل في مستوى الأداء في إدارة الحوار والنقاش مع وزير التربية بشأن المطالب، ما أدى إلى انزلاق قيادة الرابطة في فخ التجاذبات السياسية واستدرجت العروض لتدخلاتهم في شؤونها». ولفت بيان المكتب إلى أنّ «قيادة الرابطة أظهرت بدائية غير معهودة في تاريخ نضال الحركة المطلبية للأساتذة الثانويين، متجاهلة بديهيات العمل النقابي الذي يهدف إلى جمع أوسع قاعدة قطاعياً وشعبياً حول مطالبها، لكن النتائج التي حصلت كان تأليب الأهالي والطلاب والهيئات الأهلية ضد الأساتذة». وحمّل أساتذة المستقبل قيادة الرابطة المسؤولية كاملة للحالة التي وصل إليها التحرك وتشتيتها للإطار الجامع له نتيجة التشبث بعنوان واحد هو شعار «هذا المطلب أو لا شيء» عوضاً عن تطبيق المبدأ النقابي البديهي «خذ وطالب». وأعلن المكتب «تمسكه بالحقوق المكتسبة للأساتذة، وخصوصاً في ما يتعلق بساعات التناقص، وأن أيّ توافق يجري التوصل إليه مع الوزارة بالنسبة إلى الدرجات يجب أن تدخل في صلب الراتب واحتسابها اعتباراً من عام 2010». ورأى المكتب أن مشاريع القوانين المقترحة من وزير التربية تصلح منطلقاً لبناء قاعدة نقاش وحوار هادف ومسؤول يسهم في تحصيل المطالب المحقّة للأساتذة. ورفض تفرد قيادة الرابطة بأي اقتراح يقترحه الوزير قبل مناقشته وتقويمه من الجمعيات العمومية. وفي هذا المجال، أوضح مصدر في رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي أنّ «الجمعيات العمومية تتحكم بمسار العمل النقابي داخل الرابطة والتوصيات التي ترفعها مجالس المندوبين والجمعيات العمومية تصبح ملزمة للهيئة القيادية، فالجمعيات العمومية هي التي رفضت مشروعي القانونين المقدمين من وزير التربية إلى مجلس الوزراء. أما ممارسة الضغط ومن ثم تخفيفه فتدخل ضمن التكتيك النقابي وتستند إلى التفويض الذي حصلت عليه الهيئة الإدارية من الجمعيات العمومية نفسها لاتخاذ ما تراه مناسباً، وهو أسلوب تضيق به ذرعاً القوى التي تمارس العمل الديموقراطي، بل تفرض قراراتها فرضاً».

الدرجات الأربع ليست غلاء معيشة

حتى اللحظة الأخيرة، بقي وزير التربية حسن منيمنة متمسّكاً بمشروعَي القانونين اللذين رفعهما إلى مجلس الوزراء، إذ يعطي الأول «3 درجات استثنائية لأفراد الهيئة التعليمية في ملاك التعليم الرسمي في المرحلة الثانوية، ولأفراد الهيئة التعليمية عن الفئتين الثالثة والثانية في المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، لقاء تعديل أحكام التناقص التدريجي في ساعات التدريس الفعلية المطلوبة أسبوعياً من كل منهم». والمشروع الثاني ينص على «تعديل أحكام التناقص في ساعات التدريس لأساتذة التعليم الثانوي في القطاعين العام والخاص، وإعطائهم بدلاً مالياً لقاء هذا التعديل بما يوازي 4 درجات». لكنّ الأسباب الموجبة لكلا المشروعين ركّزت على التناقص، ولم تذكر غلاء المعيشة، أو تصحيح الأجور، كما حاول الوزير أن يصوّر الموضوع في معرض ردّه على سؤال: «على أيّ أساس اقترحتم للأساتذة الدرجات الأربع؟»، حيث أجاب: «رأينا أنّ الأساتذة في حاجة إلى زيادة أجور نتيجة الأوضاع الاقتصادية». هل يمكن أن يشمل غلاء المعيشة الأساتذة دون غيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى؟ كذلك، إنّ الأسباب الموجبة تتحدّث بشكل أو بآخر عن بدل زيادة عدد ساعات تدريس الأساتذة الثانويّين في الثانويات الرسمية، ما يؤكّد وجهة نظر الأساتذة بحقّهم وفق القانون 66/53 وتعديلاته، الذي لا تستطيع وزارة التربية أن تهرب منه.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة