كامل جابر استبق الشيخ حسين علي أيوب، إمام بلدة حاروف في محافظة النبطية، تسلّم المجلس البلدي الجديد مهماته، بتفجير نقاش بشأن «وضع الأصنام في بلدة أمّ العلماء». هكذا، دعا الشيخ المقرّب من حركة أمل، في خطبة ألقاها منذ نحو أسبوع، إلى تحطيم «الأصنام التي صنعتها البلدية السابقة وتركتها»، منتقداً «عدم تسمية الشوارع في البلدة بأسماء إسلامية، أو بأسماء من خدموا الإسلام». هذا الكلام أثار بلبلة في صفوف أبناء البلدة، وقد عمد عدد منهم إلى توزيع بيان ليليّ، ردّ فيه على خطبة الشيخ بعبارة «اقطعوا لسان البوم والغراب، حاروف ليست قندهار...». لكن سرعان ما سُحب البيان من التداول، تفادياً لأيّة ردّات فعل، من دون التأكّد من هوية القوى التي عملت على ذلك، والتي تردّد أنها حزب الله. وتبيّن أنّ المقصود بالأصنام هي تلك المجسّمات التي اتخذ المجلس البلدي السابق في حاروف، برئاسة الطبيب أحمد عياش، قراراً بوضعها في شوارع البلدة، ومنها ما يجسّد بطولات المقاومة، وجداريات تحمل توقيع «حنظلة»، وتعليقات للفنان الكاريكاتوري الراحل ناجي العلي، إضافةً إلى تسمية بعض شوارع البلدة بأسماء مبدعين، كابن حاروف المفكّر حسن حمدان، المعروف باسم مهدي عامل، وشاعر الأغنية الشعبية عبد الجليل وهبي. ومن منبر مسجد البلدة، وجّه أيوب رسالة تحمل صيغة كلامه الذي عاد وأكّده في حديث لـ«الأخبار». كما قال إنّه ينتظر «الاجتماع الأول للمجلس البلدي الجديد، ليكون قرار إزاحة هذه الأصنام من مدخل بلدة حاروف، أمّ 18 عالماً، البند الأول على جدول أعماله». وإذا لم يُتّخذ القرار قريباً، يعلن الشيخ أيوب أنّه «سيحطّم هذه الأصنام بيده تماماً كما فعل النبي إبراهيم»، على حد تعبيره، وخصوصاً أنّه كان قد أبلغ بذلك المسؤولين في حزب الله وحركة أمل. ويلفت الشيخ إلى أنّه سيفعل ذلك «للدفاع عن بلدة الشهداء وعزّة الإسلام والعرب».
يستدرك: «حاروف بلدة الإسلام والعلماء والأدباء وليست بلدة الأصنام، ونحن كمؤمنين أُمرنا بأن نحطّم كل الأصنام، البشرية منها والحجرية». وينتقد الشيخ أيوب ما سمّاه علمانية الرئيس السابق لبلدية حاروف «التي يريد أن يتباهى بها أمامنا». يقول بثقة: «نؤيّد العلمانيين إذا كانوا بشراً، ولسنا معهم إذا كانوا بقراً، وهذا الكلام أقوله عبر مئذنة المسجد التي يصل صوتها إلى كل الجوار». وبينما ينفي أيوب أنه دعا إلى إزالة اسم الشهيد مهدي عامل عن شارعه، واضعاً ذلك في خانة «الحرتقات التي ينسجها بعض المغرضين»، يؤكّد أنه طالب «بتسمية الشوارع بأسماء إسلامية، وأسماء أشخاص خدموا الإسلام». أما رئيس البلدية الجديد حسن حرقوص، فيصف ما يشاع بالحرتقات، فيما يبدو، كما قال لـ«الاخبار»، حريصاً على البدء من حيث انتهى المجلس البلدي القديم. ويعلّق على الضجة التي أثارها أيوب بالقول: «لا يوافق أيٌّ من أعضاء المجلس البلدي الحالي على إزالة اسم المفكّر مهدي عامل، عن أحد شوارع البلدة، فالشهيد ابن بلدتنا، وله تاريخ حافل في عالم الفكر والأدب، ولن نقدِم على نسف ما قامت به البلدية السابقة». ويشدّد حرقوص على «أننا سنحترم آراء الجميع وكل القيادات، ومنهم إمام البلدة». من جهته، يشير الرئيس السابق لبلدية حاروف أحمد عياش إلى أنّ قرار وضع المجسّمات عند مدخل البلدة لا يعدو كونه مبادرة تكريميّة للمقاومة. يضيف: «حين أردنا أن نزيّن جدران البلدة لم نجد أفضل من رسم جداريّتين للفنان ناجي العلي، تستحضران المقاومة، وتعكسان موقفاً واضحاً من العدو الإسرائيلي». أما ما فعلته البلدية بالنسبة إلى مهدي عامل، فكان تسمية الشارع الذي يسكنه أهله منذ عشرات السنوات باسمه. ويُدرِج عيّاش إنجازات بلديته في خانة نشر الوعي الثقافي، مستغرباً كيف «نسعى إلى دفع حاروف باتجاه جعلها بلدة نموذجية، فيما يروّج أعداء الثقافة لثقافة طالبان»، خالصاً إلى القول: «حاروف ليست قندهار». وبعيداً عن بلدية حاروف، لم يُخفِ عياش استياءه من إقصاء المتعلّمين في الوسط الشيعي عن المجالس البلدية الجديدة.