مجموعات الحراك: لا ضمانة بتحقيق الوعود

مجموعات الحراك: لا ضمانة بتحقيق الوعود
01 Oct
2015

«العائق الوحيد، لم يكن عائقاً تقنياً، بل كان عائقاً سياسياً اجتماعياً يتمحور حول إمكانية إيجاد مخرج يبرر الطمر في المرحلة الانتقالية»، هكذا علّق أحد الخبراء المستقلين الذين شاركوا في المشاورات بين الحركة البيئية واللجنة الفنية برئاسة وزير الزراعة أكرم شهيّب، أول من أمس. نتائج هذه المشاورات لم توافق عليها مكوّنات الحراك أمس، التي أبدت امتعاضها من الإيحاء أن المشاورات كانت مع «أهل الحراك» وأن هدفها احتواء التحركات الاحتجاجية

 

هديل فرفور - الاخبار

 

أكدت غالبية المجموعات لـ «الأخبار» أن «الحركة البيئية» كانت «مفوّضة في طرح الشق التقني فقط» مع وزير الزراعة أكرم شهيب ولجنته، وبالتالي مهمتها تقتضي ـ بحسب المجموعات ـ عرض الخطة البديلة التي تبناها الحراك من دون أن يكون لهذا التفويض «بُعد» التشاور مع السلطة.

حرص المجموعات على حصر التفويض بالشق التقني، لم يكن خافياً على شهيب، الذي ارتأى أمس الأول أن «يجمّد» المشاورات مع الحركة البيئية بعد ساعة ونصف من انطلاقها إلى «حين الاستحصال على تفويض رسمي يخولها مناقشة الجوانب التقنية والمؤسسية»، وتم استئناف هذه المشاورات عند الساعة السابعة مساءً انطلاقاً من أن هناك ضرورة للحديث في الجانب «المؤسسي»، لا في الجانب التقني فقط، أي تناول مسائل من نوع: من يقوم بماذا؟ «الجانب المؤسسي» الذي تذرّع به شهيب ترجم، بحسب ما ورد في محضر المشاورات، عبر النقاش الذي بدأه عضو لجنة الخبراء (ممثل مجلس الإنماء والإعمار) إبراهيم شحرور المتمثّل بتحديد الجهة المخولة تنفيذ خطة الحراك بعد طلب كف يد مجلس الإنماء والإعمار، وتساؤله عن الجهة التي ستقوم بسحب النفايات من الشارع، في ظل إلغاء دور سوكلين. ما يعني فعلياً، النقاش حول دور «سوكلين» و»مجلس الإنماء والإعمار»، الذي يشكّل صلب التحرّكات المنددة بتمديد صلاحية هاتين الجهتين.

بحسب محضر المشاورات المذكورة بقيت أمور كثيرة عالقة، إلا أنه جرى «التوافق على إلغاء قرار رقم 1/2015 البند 6 المتعلّق بشركة رامبول وتقسيم لبنان إلى 6 مناطق خدماتية». وجرى التوافق أيضاً على «التخلي» عن استخدام مكب برج حمّود في المرحلة الانتقالية، مع التأكيد أن إعادة تأهيله هو من صلاحية البلدية. وكذلك اتُّفق، بحسب المحضر الذي نشرته جمعية لا فساد، على أن تجربة التخمير اللاهوائي لم تُختبر بعد ولم تحدد كلفتها ونتائجها وبالتالي «استبعاد اقتراح التخمير الهوائي واللاهوائي لعدم ملائمتهما». إضافة إلى الاتفاق على إشراك لجنة إقفال مطمر الناعمة في الإشراف على تنفيذ المرحلة القادمة. ولفت المحضر إلى «تفهم الحركة البيئية المفوضة من الحراك المدني الشعبي اقتراح خطة الوزير شهيب ولجنة الخبراء».

يؤكد أحد الخبراء المستقلين الذين كانوا حاضرين في الاجتماع، أن خيار التخمير غير الهوائي لم يُبت و»تُرك مفتوحاً»، لافتاً إلى «عدم وجود حل واحد ومطلق للأزمة، بل هناك حلول متعددة (بخلاف ما يجري تصويره على أن الطمر هو الحل الأوحد)، وبالتالي ثمة تناقض يثيره المحضر. وجاء في المحضر أن شهيب أكد أن «معظم المراسيم المتعلقة بتحرير الأموال أصبحت قيد الإنجاز (..) والجميع على علم بالخلاف بين وزارة الاتصالات والمالية حول أموال البلديات، أما في ما خص إلغاء الديون لكل البلديات، فيحتاج إلى قانون في مجلس النواب، ولكن هناك إجماع سياسي للمضي في هذا القرار». وجاء في المحضر نفسه، أن قرار مجلس الوزراء تبنى الخطة المقترحة كاملة بشقيها الانتقالي والمستدام، واعتبر شهيب أن الفصل بين المرحلة المستدامة والانتقالية هي «مقاربة خاطئة»، مشيراً إلى أن مقررات مجلس الوزراء ليست المعيار الوحيد لتقديم فعالية تطبيق الخطة «بدليل أن مجلس الوزراء سبق أن أدخل في مقرراته العديد من الخطط التي لم تُبصر النور»، ليربط الوزير في ما بعد تعهده الالتزام بكافة القرارات والمراسيم بـ «عمل مجلس الوزراء». وكانت مجموعات الحراك، قد وجدت، أمس، «الكثير من المغالطات التي يحتويها المحضر»، على حد تعبير الأمين العام لاتحاد الشباب الديمقراطي عمر ديب، ذلك أن «اعتماد صيغة التوافق مضللة، إذ إن الحراك مصر على مبدأ عدم التفاوض مع السلطة»، لافتاً إلى أن ما ورد في المحضر ليس إلا وعوداً غير مضمونة. لم يصدر عن المجموعات التي اجتمعت مرتين، أمس، ظهراً ومساءً، لمدة ساعتين ونصف في كل اجتماع، أي بيان، إلا أن أجواء النقاش تركّزت على «ضرورة ترجمة هذه الوعود عبر مراسيم ومقررات فعلية، خصوصاً في ما يتعلّق بتحرير أموال البلديات». يقول الناشط في حملة «الشعب يريد» هاشم عدنان، إن هناك محاولة كانت لاستدراج الحركة البيئية نحو وعود سياسية تفضي إلى إعادة فتح مطمر الناعمة، لافتاً إلى «أن الهمّ الأول للوزير شهيب هو إعادة فتح المطمر 7 أيام وفق ما يقتضي القرار الوزاري». في هذا الصدد يشير عدنان إلى أن «خيار التخمير غير الهوائي بقي مفتوحاً من دون بتّه»، ليُصار التركيز على خيار الطمر. يقول رئيس جمعية «غرين لاين»، وأحد الذين أسهموا بوضع الخطة البديلة علي درويش، إن قرار مجلس الوزراء لا يلحظ هذه التعديلات المطروحة، «ولا يشير إلى تبني الخطة والتعديلات المطروحة عليها»، وبالتالي إن الضمانة الفعلية مفقودة في ظل التعاطي مع سلطة فاقدة للثقة. ويضيف: الإيحاء أن عدم التجاوب مع ما تطرحه اللجنة أو أن معارضة القرار الوزاري تعرقل الحلول التي باتت ملحة في ظل «استحقاق» الشتاء أمر غير مقبول. يتساءل ديب: «هل علينا أن نثق بوعود لجنة كي تُبصر النور؟»، ويلفت إلى ضرورة تلمّس وعود جدّية تتجسّد أولاً بمراسيم تصدر لتحرير أموال البلديات. في ما يتعلّق بحملة إقفال مطمر الناعمة، يؤكد عدد من الناشطين أن الحملة «متعاونة مع الحراك وتقف إلى جانبه، وأبدت استعدادها التجاوب معه في حال التوصل إلى حل مرض للحراك»، وفي هذا الصدد، اقترح في اجتماع المجموعات المسائي، أمس، «تعهّد رئيس مجلس الوزراء تمام السلام الشخصي خلال مؤتمر صحافي بإقفال مطمر الناعمة في يومه الثامن». هل هذا يعني أن هناك احتمالاً لقبول إعادة فتح المطمر، «إذا ما أصدروا المراسيم المتعلقة بتحرير أموال البلديات، من الممكن أن نتعاون في هذا المجال»، كان جواب أحد الناشطين لافتاً إلى أن «الحراك سيبقى خلف الأهالي الذين لن يتخلفوا عنا بدورهم». يصرّ الناشط في حملة «بدنا نحاسب» علي حمّود على «رفض الحملة مبدأ التفاوض مع السلطة، ذلك أن النقاش سيتخذ الأسلوب الملتوي المعتاد الذي يُظهر أن السلطة تقدّم الحلول، في حين أنها ستستغل مبدأ التفاوض التقني لضرب الحراك السياسي». يشير حمود إلى هذا «المبدأ» ليخلص إلى أن «الإشكالية الكبيرة التي ظهرت أول من أمس (عقب انتهاء اللقاء المتأخر مع شهيب) تكمن في الإيحاء أن شهيب التقى بمكونات الحراك في الوقت الذي لم تلتق الحملة، كذلك جزء كبير من بقية المكونات، مع شهيب ولم تتفاوض معه». بالنسبة إلى الحملة، الخطة البديلة تبدأ بمحاسبة الفاسدين، من ثم يأتي الجانب التقني، «هم يريدون العكس، إلهاءنا بالجانب التقني وتهميش الجانب السياسي الذي يتجسّد بمحاسبة المسؤولين المتعاقبين». في الاجتماع الذي عقدته مجموعات الحراك والذي كان مواكباً لمشاورات الحركة البيئية مع شهيب، أول من أمس، كان هناك توجه واضح مفاده التفويض إلى الحركة البيئية «الجانب التقني» فقط، وفق ما يقول الناشط في حملة «جايي التغيير» حسّان زيتوني لـ»الأخبار»، لافتاً إلى أن هناك اتفاقاً كان سائداً يقضي بـ «عدم إعطاء تنازلات في ما خص اقتراحات الخطة البديلة».

الأكثر قراءة