والدة سهى بشارة: معتقل الذكريات

والدة سهى بشارة: معتقل الذكريات
08 Jun
2015

محمد همدر - الاخبار

 

ضمن «مهرجان الفيلم العربي القصير»، عرض «نادي لكلّ الناس» أخيراً شريط «الهمّة قوية» (17د) لناتالي ربيز (الجامعة اليسوعية IESAV). يصوّر الوثائقي القصير معاناة أمّ وزوجة، كان عليها تحمّل تبعات التزام زوجها السياسي واختيار ابنتها النضال من أجل قضيتها. تعود ربيز إلى عملية سهى بشارة عام 1988، من وجهة نظر والدتها نجاة. تشارك سهى في رواية ما جرى، لكن للأم قصة مختلفة. تعترف أنها كوالدة لم تسرّ حين سمعت بحدوث العملية. حينها اقتحم الإسرائيليون المنزل واعتقلوها في «معتقل الخيام» من دون أن تتمكن من رؤية ابنتها.

تدخل الكاميرا مع سهى ووالدتها الى ما تبقى من المعتقل لا لتذكر بطولة العملية، بل لتنكأ جرح الأم الذي سببه غياب سهى المعتقلة لعشر سنوات. تتذكر الوالدة تلك الفترة بحسرة ودموع، أما سهى فتبدو أكثر إصراراً: «المسؤول الأول هو الإسرائيلي الذي احتل ارضنا عام 1948». الوالد أبو عدنان (فوّاز بشارة) يردّ على أسئلة ناتالي باقتضاب، لا يميل إلى النقاش أو الرد على عتب زوجته، ما الذي جناه من سنوات النضال في الحزب الشيوعي؟ لم يكلّف الرفاق أنفسهم حتى بالاتصال حين دخل المستشفى. يظهر على فواز بشارة تعب التقدم في السنّ، إلا أنه يبتسم حين تطلب منه الحديث عن عملية سهى، ليعترف دامعاً بأن للمجهود الذي بذلته نجاة، الفضل الأكبر في تحرير ابنتهما. رصدت ناتالي العلاقة بين الشخصيات الثلاث في منزلهم الأول في قرية دير ميماس. تنقلت الكاميرا بين الوجوه الثلاثة وبين أجوبتهم. في الظاهر تبدو نجاة الأقوى والأكثر حضوراً في أرجاء المنزل، لكنها تبقى الأكثر تأثراً بما جرى. ربيز التي تخرج عملها الوثائقي الأول، تطرح أسئلة عادية في البداية، «من هي سهى بشارة؟ ماذا فعلت؟»، تحاول هزّ تلك الأشجار الضخمة الصامتة، لتحصل على أجوبتها، قبل الدخول في المواضيع الأكثر عمقاً. المفارقة الأخرى، التي تكشف عنها المخرجة لاحقاً، أنها كانت أنها تحاور جدّيها. ناتالي ابنة شقيقة سهى بشارة، شاهدة قريبة على ذلك الألم الذي يبدو انه لم ينته بخروج سهى من المعتقل عام 1998. هذا واضح حين تحاول المخرجة تهدئة جدتها التي تتذكر يوم تحرير سهى بدموع. تقول ناتالي لـ «الأخبار» إنها في البداية أرادت صنع فيلم عن جدتها نجاة، الوحيدة التي لم تعبر عن ما جرى معها، فيما نشرت سهى ووالدها تجربتيهما. نجاة كانت دائماً تبكي وتحكي لحفيدتها مأساتها، من دون أن تفهم هذه الأخيرة شيئاً، إلى أن قررت أن تفهم أكثر من خلال الفيلم.

الأكثر قراءة