دعت «الهيئة المدنية لحرية الاختيار» المشنوق الى الاستقالة، وعُلم أن الخطوة المقبلة هي اصدار وثائق ولادة من دون قيد طائفي. بينما، هددت هيئة العلماء المسلمين بـ«تحمّل ردات الفعل»
إيفا الشوفي - الاخبار
في ظل التطرف الديني المسيطر على المنطقة، وتطوّر أساليب العنف المستخدمة باسم الدين، قررت هيئة العلماء المسلمين أن تنتفض على ما يحصل. لا يمكن إطلاقاً «للهيئة وجمهورها وجميع المسلمين والشرفاء ان يقفوا مكتوفي الأيدي أمام مثل هكذا خطيئة كبرى ترتكب بحقهم»، وأمام «جريمة انتهاك لحرمة الأسرة»، وفق ما يقوله بيان الهيئة. تحرّكت الهيئة لتواجه المطالبين بالزواج المدني في لبنان، داعيةً «القيادات السياسية والدينية ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى رفض طرح موضوع الزواج المدني الاختياري على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء».
اعتمدت نبرة عالية فحذرت «من الاستمرار في طرح قضايا استفزازية تمس بالأسس والركائز الدينية»، مهددةً بـ»تحمّل ردات الفعل على كافة المستويات والأصعدة (...) فما لم يؤخذ في زمن ضعف المرجعية لن يؤخذ الآن». لم تُعر «الهيئة المدنية لحرّية الاختيار» في مؤتمرها الصحافي أمس بيان هيئة العلماء المسلمين أي أهمية، مشيرةً إلى أنهم لا يمثلون أحداً، وأن المعركة الحالية ليست إثبات قانونية الزواج المدني للدخول في نقاش معهم، بل تنفيذ إجراءات تسجيل العقود وفقا للقانون اللبناني. صعّدت «الهيئة المدنية» هجومها على وزير الداخلية نهاد المشنوق، لافتةً إلى أنه «إذا كانت قبرص قريبة فبيت الوزير أقرب». طالبت بصراحة المشنوق بالرحيل، «فإذا وجد المشنوق بينه وبين تطبيق القانون عائقاً أو تضارباً، لسبب ولاء ما أو وعد ما أو ارتهان ما فما عليه سوى أنْ يرحل»، متهمةً المشنوق «بالجهل بالقانون والحماقة»؛ كذلك توعدت وزير الداخلية والمديرة العامة للأحوال الشخصية سوزان الخوري بالتوجه إلى المحاكم «لتقديم جرائمكم المشهودة لا لإثبات قانونيّة عقود الزواج المدنيّ، وسوف نذهب كذلك إلى الهيئات التأديبيّة». لن تقتصر المواجهة بين الهيئة المدنية والمشنوق على المحاكم والردود بحسب ما كشفت مصادر لـ»الأخبار»، إنما ستتجه قريباً إلى الإعلان عن خطوة جديدة مكمّلة لخطوتي شطب القيد الطائفي وإبرام عقد زواج مدني على الأراضي اللبنانية. الخطوة المقبلة تتعلّق باصدار وثيقة الولادة، أي تثبيت حق من شطب قيده الطائفي في الحصول على وثيقة ولادة جديدة لا تذكر قيده الطائفي، في «معركة تحرر اللبنانيين» كما سماها الباحث القانوني طلال الحسيني. من جهتها، لم تكتفِ هيئة العلماء المسلمين بالدعوة إلى رفض توقيع العقود، بل صوّبت سهامها باتجاه الذين يعرقلون مصالح رجال الدين، إذ ترى أن كتاب العدل «الذين يُقْدمون على توثيق عقود الزواج المدنية يخالفون أحكام القانون الرقم 337 الذي يتناول أصول ممارسة كتابة العدل»، وبالتالي تجب الملاحقة القضائية والتأديبية، إلا أن الكاتب العدل جوزيف بشارة، الذي كان أول من ابرم عقد زواج مدني في لبنان، أكّد انه «يحق لكاتب العدل ان يصدق جميع الاسناد التي لا تخالف القانون والنظام العام، وهذا العقد وفق القانون والقرار 60 ل.ر لايخالف النظام العام، لان الزواج المدني لا يمس بالنظام وهناك احكام قضائية واعتراف بالزواج المدني المبرم في الخارج». رد الحسيني على حجج الوزير المشنوق، مؤكداً أنه ليس شرطاً في شرعيّة الأحكام والعقود في هذا المجال وجود قانون بإجراء تشريعيّ عاديّ. كذلك فإنّ مقارنة العقود الدينيّة بالعقود المدنيّة ليست لمصلحة العقود الدينية. فالعقود المدنيّة تستند في إمكانها إلى نصّ قانوني هو نفسه النص الذي يمنح الطوائف ومحاكمها الاعتراف القانونيّ والصلاحيات، وهو النص الذي يعيّن الإمكان الوحيد لانعقاد الزواج بين غير التابعين لطائفة تاريخيّة أو عاديّة، أي الصيغة المدنية، مُحيلاً إلى أحكام القانون المدنيّ الذي هو القانون المدني الفرنسي. والصيغة المدنية هي الصيغة الوحيدة التي تراعي الدستور اللبناني مراعاة خالصة.