عماد الزغبي -السفير
يبدي رئيس «رابطة اساتذة التعليم الثانوي» السابق حنا غريب، تخوفه على مستقبل الرابطة، بعدما تجمعت أحزاب السلطة في لائحةٍ واحدة، معتبراً أن ما جرى كان مخططاً ومعداً مسبقاً لإزاحة التيار النقابي المستقل والتنازل عن حقوق الاساتذة، وهو الذي مثل طيلة ثلاث سنوات من النضال خشبة الخلاص لهذه الفئة من الناس. ويرى في حديث لـ «السفير» أن القوى السياسية المختلفة تجمعت ضده لأنه دافع عن ذوي الدخل المحدود. وقال: «من المؤكد أنه تمت إزاحتي لأني لم أكن عضواً عادياً، ومن يدافع عن حقوق الناس لا يهمه أحد إنما يعمل باستقلالية بعيداً عن حيتان المال والطغاة». تابع غريب: «أبعدوني لأني رفضت البصم على سلسلة رتب ورواتب «مسخ» ودفعت الثمن لأني لم أبصم على ما قاموا به في السلسلة من ضرب لحقوق الناس». ويسأل: «ما قيمة المناصب إذا لم نخدم الناس الذين وضعوا ثقتهم بنا؟». ويبدي تخوفه من أن تقدم هذه القوى التي فازت في الانتخابات، على ضرب الحقوق المكتسبة للمعلمين والموظفين خصوصاً بعد الاملاءات الأخيرة لصندوق النقد الدولي وضرورة إقرار مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب المشوهة، وما تضمنته من بنود باريس ثلاثة المفخخة والتي ستشكل مصيبة كبيرة في ما لو أقرت. يعود غريب إلى عشية اليوم الأخير للمفاوضات في مقر «التيار الوطني الحر» مع مسؤولي المكاتب التربوية الحزبية (الجمعة الماضي)، قارئاً في نتائج الانتخابات التي جرت الأحد الماضي، ليقول: «الطرح الذي طرحته في المفاوضات مع المكاتب التربوية، لم يأت من فراغ، وله اساس على الأرض، وعندما كنت أشدد على ضرورة إشراك المستقلين في المفاوضات، كنت أجابه بالرفض، وانه لا يوجد مستقلون، غير أن الانتخابات أكدت وجودهم، بدليل أن لائحة «الحفاظ على الحقوق وموقع الأستاذ الثانوي» مؤلفة من 13 مرشحاً، وضمت أربعة مرشحين للحزب الشيوعي وتسعة مستقلين، استطاعوا أن يحصلوا على معدل أصوات بلغ 44 في المئة من عدد الناخبين في مجلس المندوبين المؤلف من 541 مندوباً، وبحساب صغير، يحق لهذه النسبة نيل ثمانية مقاعد من أصل 18، «هؤلاء كنت أطالب بتمثيلهم، إلا أنهم لم يعترفوا بالواقع، وأصرّوا على حصر المفاوضات في ما بينهم». ولفت إلى أن المشكلة كانت في تسمية المستقلين «عندما يسمى حزبٌ مستقلاً لا يعود مستقلاً، لأنه يصبح محسوباً على من سماه، وكان من الأفضل مفاوضة المستقلين للوقوف على رأيهم، احتراماً لهم، غير أنهم رفضوا». تابع: «أدخلوا صيغة اثنين لكل حزب، وطرحت في المقابل المناصفة بين المستقلين والحزبيين فرفضوا، طرحنا توزيع المسؤوليات، ومن يريد الترشح للرئاسة، لكنهم أصرّوا على التوافق الجزئي.. حاولت تخفيف الخسائر، ليتبين أنهم سبق واتفقوا على موضوع الرئاسة، ما أدى إلى تركيب لائحة». ورداً على القول أن مقعداً شاغراً ترك له في اللائحة، يقول غريب: «نسبة الأصوات التي حصلت عليها لائحتنا (44 في المئة من المقترعين)، تدل على أن نبض أساتذة التعليم الثانوي أظهر وجود وعي نقابي.. وأتوجه بالتحية لهم لأنهم، قد أكدوا صحة طرحي». ولجهة الأسباب التي دفعته لطرح نفسه للرئاسة يجيب: «لم يأت الطرح من فراغ، كون المستقلين القوة الناخبة الأولى، وحتى وهي منفردة، وأثبتت الأرض خلاف ما تكلمت عنه الأحزاب، على الرغم من تجمع قوى الثامن والرابع عشر من آذار ومعهم عدد من الأحزاب في لائحة واحدة». وقال: «ما يشرفنا أننا واجهنا القوى السياسية التي لم تدفع حقوقنا، وهذا شرف لي، لأنني رفضت البصم على ضرب الحقوق». ورأى أن الأحزاب فرضت هيمنتها ونقلت موقع الرابطة، من الموقع النقابي المستقل، إلى المهيمن عليها، وما لم يستطيعوا أخذه بالتحرك النضالي في الشارع، سعوا إليه من خلال الانتخابات. واعتبر أن الرابطة أصبحت ممسوكة من قبل السلطة. مبدياً تخوفه على الرابطة، لانتقال قرارها إلى السلطة السياسية. وقال: «ثلاث سنوات ونحن في الشوارع من اجل المحافظة على الموقع الوظيفي للأستاذ الثانوي في مشروع سلسلة الرتب والرواتب كحق مكتسب مكرس بقوانين منذ نصف قرن. وإلغاء المواد القانونية اللاإصلاحية المطروحة مع السلسلة كوقف التوظيف وتطبيق التعاقد الوظيفي وخفض تقديمات نظام التقاعد وخفض المنح بأنواعها ومساهمات الدولة للطبابة والاستشفاء في الصناديق الضامنة وتهميش دور وصلاحيات أجهزة الرقابة. وتعزيز الوحدة النقابية للرابطة. وحماية استقلالية الرابطة وقرارها النقابي المستقل، ولم نترك أي عمل نقابي إلا وقمنا به، وكان الأعضاء يطرحون على أحزابهم المطالب، من دون نتيجة، أما الآن فقد أصبحت الرؤية أوضح». وأكد غريب أنه على الهيئة الجديدة للرابطة متابعة المسيرة، «لأنني لم اسلم رابطة مستسلمة، ولا متخلية عن الحقوق، بل اسلم رابطة هي رأس حربة في المواجهة، وصلت إلى مكان لم تصل إليه في تاريخها النقابي». وأمل أن تتابع القيادة الجديدة المسيرة، انطلاقاً من الموقف الذي وصلنا إليه، أي لا تفريط بموقع الأستاذ الثانوي ولا بحقوقه، وبردم الهوة مع الأستاذ الجامعي، ومواجهة بنود باريس3، حتى لا تأتي سلسلة مشوهة، كما يسعى إليها «البنك الدولي» من خلال إيهام الناس أنهم يريدون إعطاء سلسلة، بعدما ضربت الحقوق فيها، بل من اجل جمع الضرائب وفرضها على الناس».
محفوض: «التنسيق» مستمرة
أكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض أن «العمل النقابي بطبيعته هو عمل معارض وما من عمل نقابي موال، وبمجرد أن تحاول السلطة السياسية وضع يدها على العمل النقابي يسقط هذا العمل، ونصبح كالاتحاد العمالي العام هيكلاً فارغاً لا قيمة له ولا ينطق باسم أحد». وقال: «لا نريد أن يعتقد أحد من السياسيين أن ما حصل من تغيير بالأمس في رابطة التعليم الثانوي سيؤثر على هيئة التنسيق النقابية. أولاً هيئة التنسيق مستمرة في تحركها والسلسلة حق الناس، سلسلة تحفظ حقوق الجميع وسنحصل عليها. والنقطة الثانية أن القرار المستقل لهيئة التنسيق أهم من قرار السلسلة وإذا أعتقد البعض أنه سيسرق قرار الهيئة فهو مخطئ لأنها مستمرة في التحرك وفي قرار مستقل والسلسلة هي العنوان الأساسي الذي سنحصل عليه في الأسابيع المقبلة». وشدد محفوض بعد جمعية عامة للمعلمين في مقر فرع الشمال أن «هيئة التنسيق كسبت ثقة الناس لأنها كانت تنطق بوجعهم، وكانت مستقلة ولم ترضخ لأي ضغط من أي طرف سياسي في البلد». ولفت إلى أن «الجمعيات ستعقد في المحافظات للتشاور في الخطوات المقبلة كي لا تذهب هيئة التنسيق الى خطوات تجهلونها». وأعتبر أنه مع الإيجابية أن يبدأ العام الدراسي بشكل طبيعي و»الإفساح في المجال للسلطة السياسية والتشريعية للتشريع من دون ضغط الشارع، لم نقابل بأي مؤشر إيجابي من السلطة السياسية التي تقول دائماً لا تشريع تحت ضغط الإضرابات، لكن ماذا فعلت هذه السلطة؟ لقد وضعت السلسلة على الرف ومددت لنفسها بخمس دقائق وعالجت موضوع النفايات بخمس جلسات وتركت السلسلة التي تهم مليون لبناني رغم قولهم أنها من حقنا ولم يقرّوها. أمامنا أسبوعان أو ثلاثة أسابيع وسنضع خطة تحرك، ومن هنا نطالب الرئيس نبيه بري بإعادة السلسلة الى اللجان المشتركة لبحثها كي نجنب البلد أي خضة أمنية».
أسئلة
ما إن هدأت «عاصفة» انتخابات «رابطة التعليم الثانوي» حتى بدأت ردود فعل الأساتذة بالظهور، وتحديداً على موقع الرابطة، رداً على تحالف الأحزاب «لإبعاد حنا غريب عن الرابطة». كتبت المعلمة لينا كروم: «وداعاً للعمل النقابي». وسأل مصطفى حمزة: «ماذا يمكن تسمية اللائحة التي قامت على المحاصصة بين الأحزاب، وليس على إرادة المعلمين، لائحة الإرادة الشعبية؟ إنها لا تمثل السلطة بل المغتصبين لها». وسأل عمر ديب: «شو يللي ممكن يوحِّد القومي والكتائب، حزب الله والقوات، الاشتراكي والعوني؟ وأجاب: «أكيد حنا غريب». وعبّر عدد من الأساتذة عن انزعاجهـــــم، وآخـــرين عن استـــيائهم مما وصلت إلــــيه الأمور، وحاول البعض الدفــــــاع غـــير أن الردود عليهم كانت عنيفة.
"الاشتراكي": انتخابات ديموقراطية
حيّت مفوضية التربية والتعليم في "الحزب التقدمي الاشتراكي"، في بيان، الأساتذة الثانويين "لخوضهم معركة انتخابية ديموقراطية أثبتوا من خلالها تحليهم بالمسؤولية الوطنية والمهنية والأخلاقية. وأكدوا أنهم يشكلون مثالاً يحتذى في الممارسة النقابية المسؤولة". ورأت أن "الحفاظ على المكتسبات النقابية التي حصلت في المرحلة السابقة واستكمالها هو مسؤولية تتطلب تضافر الجهود كلها". ودعت إلى "تحقيق التكامل بين المعركة المطلبية المحقة والنضال النقابي من أجل إصلاح حقيقي وشامل في مختلف القطاعات".