لا عودة إلى الوراء في سلسلة الرتب والرواتب. هذا ما تؤكده كل من هيئة التنسيق النقابية والنواب على حد سواء. الهيئة رفعت سقف المواجهة وأعلنت استمرارها في معركتها حتى إقرار الحقوق في السلسلة. أما النواب، فيطبخون صيغة تسوية لتمريرها كضرورة استثنائية، فهل يحدث ذلك قبل 7 حزيران؟
فاتن الحاج - الاخبار
ما بعد 7 حزيران ليس كما قبله. في ذاك اليوم، ستقاطع هيئة التنسيق النقابية الامتحانات الرسمية (أسئلة، مراقبة، أسس تصحيح وتصحيح) وستشل الإدارات العامة والوزارات، إلاّ إذا وافقت على صيغة ــ تسوية ستسعى الكتل النيابية إلى إنضاجها في الأيام المقبلة وإقرارها في الهيئة العامة للمجلس النيابي قبل هذا التاريخ. عندها، ستعلن الكتل استعدادها لحضور الجلسة التشريعية برغم إعلان البعض مقاطعتها المبدئية لها في ظل شغور موقع رئيس الجمهورية، تحت مبررات حصر التشريع بمسميات «الضرورة الاستثنائية القصوى وإعادة تكوين المؤسسات والمصلحة الوطنية العليا».
إلاّ أنّ النواب لن يدخلوا القاعة العامة، كما تقول مصادر المتابعين للاتصالات بين الكتل، إلاّ بعد ضمان عدم الانقسام على أي من البنود المتصلة بالسلسلة وضرائبها وبعد الاتفاق المسبق على كل المواد العالقة، ولا سيما درجات المعلمين وجداول الرواتب للمعلمين والموظفين والعسكريين وإعادة توزيع الزيادات تحت السقف المالي لكلفة السلسلة. وكانت قد نشطت في الأيام الماضية اتصالات حثيثة، وعقد لقاء أول من أمس بين أعضاء اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة النائب جورج عدوان مع وزير المال علي حسن خليل. الأخير جزم في دردشة مع الصحافيين بأنّه «لا عودة إلى الوراء، لا إلى اللجان المشتركة ولا إلى اللجنة الفرعية، لأنّ المشروع أصبح في الهيئة العامة وقطع شوطاً كبيراً في إقرار الكثير من المواد». في المقابل، لا يزال حزب الله ينأى بنفسه عن هذه الاتصالات بين الكتل، على قاعدة «التمسك الجذري بضرورة إقرار الحقوق الكاملة، بعيداً من أية تسويات». أما إذا حصلت التسوية، فيمكن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب المتابعين، أن يحدد موعداً للجلسة المقبلة قبل 10 حزيران، وهو الموعد الذي أرجئت إليه الجلسة بسبب تعطيل النصاب أمس.
إذا نجحت التسوية فسيدعو بري إلى جلسة قبل 10 حزيران وفي السياق، تعهد عدوان في مؤتمر صحافي مشترك مع النائب غازي يوسف التزام إقرار السلسلة في إطار توازن دقيق وشفاف بين الضرورات الاجتماعية وحماية الاقتصاد والاستقرار من جهة أخرى. لا مشكلة في إقرار السلسلة في المجلس كما قال لأننا «سنعتبرها من الاستثناءات الضرورية لتأمين الاستقرار، شرط التوصل إلى تفاهم بين كل الأفرقاء». ورأى أنّنا «في 14 آذار إلى جانب المطالب الاجتماعية، والشغور من مسؤولية النواب الذين لم يحضروا الجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية». أما هيئة التنسيق، فقد ردّت على هذه المساعي «التسووية» بما جاء على لسان رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب في الاعتصام الذي نفذته الهيئة أمس أمام وزارة التربية، حين قال: «عندما يتذرعون بأنّهم لا يعقدون جلسة إلاّ إذا اتفقوا على أرقام السلسلة، يوجهون إلينا رسالة مفادها: عندما نختلف ندفعكم الثمن، وعندما نتفق نتفق عليكم، وفي الحالتين نضربكم». وجدد غريب الموقف الذي أعلنته هيئة التنسيق في اللقاء النقابي التضامني، أول من أمس، من أنّها «تحاصِر ولا تحاصر وهي ثابتة على مواقفها والزمن آت، فنحن لا نتسلى ولم نكن نلعب بالشوارع لمدة 3 سنوات». أما القرار، فستتخذه الجمعيات العمومية، ولا قرارات من فوق، على حد تعبيره. وقال: «إن أردتم أن تسموها حركة تمرد، فسموها ما شئتم، فنحن لن نتراجع». وتعقد الهيئة اجتماعاً لوجستياً، عند الثالثة من بعد ظهر اليوم، في مقر روابط التعليم الرسمي للتباحث في الاستعدادات للخطوة التصعيدية، و«كل الكلام على الإفادات سيكون مردوداً، إذ لن تكون هناك مساومة على الشهادة اللبنانية، لأنّها جزء من السيادة الوطنية»، كما قال غريب لـ «الأخبار». وفي اجتماعها السابق، رفضت الهيئة مشروع اللجنة النيابية الفرعية الثانية «الهادف إلى تصفية ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية على كل المستويات، لكونه يمثل عدواناً على الحقوق، ولا سيما لجهة النسب المئوية المهينة المقترحة لتصحيح جداول السلسلة». كذلك يمثل المشروع، بحسب بيان الهيئة، انقلاباَ على نظام الوظيفة العامة عبر وقف التوظيف، وإمرار مشروع التعاقد الوظيفي وضرب نظام التقاعد والتدرج وقيمة الدرجة ونسبتها وحقوق المتقاعدين، ونسف نظام التقديمات الاجتماعية في صناديق التعاضد تحت غطاء توحيدها على السقوف الدنيا. ومن مساوئ المشروع، بحسب الهيئة، ضرب الحقوق المكتسبة للأساتذة والمعلمين التي حققوها بنضالاتهم منذ عشرات السنين، لقاء الزيادة في ساعات عملهم، كما يفرض على الموظفين الإداريين زيادة في دوام العمل من دون مقابل، ويفرض ضرائب على المواطنين الفقراء توازي 50 إلى 60% من إيرادات الضرائب المقترحة. باختصار، ما تريده الهيئة هو إعطاء نسبة زيادة واحدة للقطاعات كافة بحسب نسبة التضخم 121% على أساس الجداول الواردة في القانونين 661 /1996 و717/1998، وعلى كامل السلسلة، مع مفعول رجعي من 1/7/2012، تبعاً للاتفاق مع الحكومة السابقة وأسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، وهذا يستوجب الآتي: ـ أن تكون نسبة الدرجة إلى الراتب موحدة في جميع القطاعات وتعادل 5% من الراتب ـ أن يستفيد المتقاعدون من أي زيادة تصيب العاملين في الخدمة تطبيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية. ـ أن يستفيد المتعاقدون بزيادة تساوي نسبة الزيادة التي ينالها الذين في الملاك. إلى ذلك، نجح إضراب موظفي الإدارة العامة يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين في شل الوزارات العامة. وسأل رئيس رابطة الموظفين محمود حيدر: «ألم تكفهم 3 سنوات من التمحيص والدرس من لجنة حكومية إلى لجنة نيابية، حتى عادوا اليوم للمطالبة بلجنة جديدة لدرس السلسلة؟»، واصفا الأمر بـ «فصل من الفصول الجديدة لمسرحية، ودلالة على أنهم لا يريدون إعطاءنا حقوقنا ولا يريدون تصحيح رواتبنا». في الواقع، فإنّ وزير التربية الياس بو صعب سيكون صلة الوصل بين روابط المعلمين وما يحدث من مساع تسووية بين الكتل النيابية، لكونه يشارك في اللقاءات، لكن بو صعب حرص في مؤتمره الصحافي أمس على القول إن الامتحانات الرسمية ستجرى في مواعيدها، إذ تبدأ الشهادة المتوسطة تبدأ السبت في 7 حزيران وتنتهي الأربعاء 11 حزيران، فيما تبدأ الثانوية العامة بفرعي العلوم العامة وعلوم الحياة في 13 حزيران، فيما يبدأ فرعا الاجتماع والاقتصاد في 20 حزيران. الوزير بدا مراهناً على حل الأزمة بنجاح التوافق بين الكتل السياسية خارج المجلس النيابي قبل 7 حزيران، باعتبار السلسلة مصلحة وطنية، مناشداً جميع الكتل اعطاءها الأهمية القصوى، لأننا في حال عدم إقرارها، وفي حال عدم عودة هيئة التنسيق عن موقفها، ستدخل البلاد في أزمة، وسندخل في شهر رمضان، ولا وقت لنراهن عليه»