بين أرث مهدي عامل وحاملي شعار التحرر الوطني اليوم

بين أرث مهدي عامل وحاملي شعار التحرر الوطني اليوم
20 May
2014

بقلم الرفيق حسن صبرا 

بين الحاضر والماضي لا بد من تمرحل للتاريخ، بين أزمات الحاضر لا بد من دولة طائفية تلوح في الافق أو لاحت منذ عقود، بين كل التناقضات الحاصلة والتي ستحصل وفي زحمة المجازر المتنوعة يبقى مهدي عامل حاضراً بيننا يراقص الكلمات لتتمايل باتجاهالحلول

سنوات كثيرة مضت على رحيل الشهيد حسن حمدان "مهدي عامل" وما زلنا كما نحن تحكمنا وتتحكم بنا أنماط الإنتاج ذاتها، نظن أن التغيير قادم بعد ربيع عربي ما، في دول تابعة بكل مكوناتها ، لكن الربيع لن يكتمل والثورات باتت إنتفاضات غير ناضجة فيتحول التغيير الى أزمات تتحكم بها المفاهيم المسيطرة والمتخلفة طبعاً وتتراكم تلك المشاكل فنكتشف أننا أدوات لذات الإستعمار على مر العصور، والبديل يبقى تلك المعرفة التي أنتجها مهدي تحت شعار التحرر الوطني، فالتحررالوطني اليوم بات في خبر كان نتيجة سلوك المتحدثين بإسمه أو المستأثرين بتلك الشعارات، فلا يكف هؤلاء عن طرح المبادرات واللقاءات الإنقاذية من وجهة نظرهم، مبادرة من أجل قانون إنتخاب، لقاء من أجل السلم الأهلي، جبهة عمالية في سبيل...، فتمر السنوات على المبادرات من دون لقاءات أو تطور على طريق التغيير، فالتغيير بحاجة لتراكم من النضالات والوعي يبدأ بالطبقة العاملة والنقابات ويستمر بتحرير الشعوب من كولونياليتها ويمر على التحالفات السياسية والإجتماعية على قاعدة مصلحة الشعوب، هذا ما تعلمناه من مهدي "فالخمول النضالي" يولِّد تشويهاً لمنطق الكفاح من أجل التغيير، وطبعاً هنا نقصد معظم قوى اليسارالمتحكمة في القرار، فالظاهر أصبح واضحاً من خلال ما ذكرنا، أما المضمون فيكون أسوء وهنا تكمن الصعوبة في تشكيل إطار حقيقي مواجه، فالتحالفات أساس في التغيير فإذا لم تتكتل تلك القوى الرافضة للسائد من تبعية لن نستطيع فتح ثغرة في تلك المنظومة المسيطرة، فكيف إذا كانت تلك القوى الوطنية الداعية للتغيير تتصارع في ما بينها ؟

من يطَّلع على فكر مهدي وعلى ما قدم لنا من كتابات يدرك مدى الوعي والنضوج في تفكيك تلك الإشكاليات التي نعيشها دوماً والباقية في قلب الحدث المتحكم بحركتنا منذ عقود، فلم يكن هدف مهدي نقل تجربة الإتحاد السوفياتي أو تجارب ماركسية أخرى الى بلادنا فكان يعلم جيداً أن بنيتنا الإجتماعية مختلفة تماماً عن تلك التجارب الحاصلة، ومن ذلك المفهوم إنطلق مهدي نحو بحث فعلي وحقيقي في سبيل إنتاج المعرفة من اجل التغيير. بحث مهدي في تاريخنا وحاضرنا في صراعاتنا في حروبنا وغيرهم، فلم يجد نظاماً رأسمالياً كباقي الدول الرأسمالية وكان ذلك بفعل الإستعمار والحروب والتقسيم فتغيرت وإنتهت ادوات الإنتاج التي كانت قائمة حتى أصبح ينطبق علينا تعريف "الرأسمالية التابعة أو الكولونيالية". كما إستطاع مهدي عامل، إيجاد فرق كبير بين الطبقة العاملة عندنا وبين الطبقة العاملة في الغرب فالعمال في اوروبا مثلاً يناضلون من خلال النقابات، يراكمون، فيصلوا الى مجتمع شبه إشتراكي، اما نحن فعلينا تخطي حواجز عديدة نتيجة وجود ثغرات أنتجتها التبعية، فالبرجوازية تتلطى خلف الطائفية لتحقيق مصالحها فينشغل العمال عن همومهم الحقيقية لتضيع البوصلة في صراعات وهمية وبالرغم من وهميتها تنتج الحروب فالتخلف الإجتماعي والثقافي لنبقى في دائرة عدم التطور. ومن هنا وفي ظل السائد من فساد ورجعية، حدد مهدي عامل أشكال التصدي لتلك المنظومة وبشكل ممنهج وذلك من خلال عملية التحرر الوطني في مختلف القضايا كانت إجتماعية أو أقتصادية سياسية وثقافية طبعاً، واليوم وفي ذكرى الرحيل والإغتيال نتطلع بكل مسؤولية إلى ذلك الأرث العظيم طامحين بخلق حركة تحرر حقيقية ليست كسولة، مختلفة عن الموجود تنهض بمستقبلنا نحو قوى وطنية غير مرتهنة تبحث وتطور وتكمل مشروع مهدي. "وأما غير المنتجين، القابعين في قبحهم، فهم الأسياد بأنظمتهم. وأما هدم الأنظمة، فهو مهمة الثورة في كل آن"

 

الأكثر قراءة