رفضت هيئة التنسيق النقابية الصيغة التي توصلت إليها اللجنة النيابية ــ الحكومية في شأن سلسلة الرواتب ومصادر تمويلها، وقررت مكوّناتها العودة الى قواعدها لحشدها في الجولة الجديدة للمعركة المفتوحة، تحت عنوان «إسقاط الصيغة المسخ». في هذا الوقت تردد أن الرئيس نبيه بري سيدعو الى جلسة عامّة لمجلس النواب من أجل مناقشة هذه الصيغة في الأسبوع المقبل
فاتن الحاج - الاخبار
أنجزت اللجنة النيابية _ الحكومية صيغة جديدة لسلسلة الرتب والرواتب ومصادر تمويلها، وقد سلمها رئيس اللجنة النائب جورج عدوان، أمس، إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قالت مصادره إنه سيدعو الى جلسة نيابية عامّة في الأسبوع المقبل من أجل مناقشة هذه الصيغة وبتّها.
وبحسب التقرير، الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه، جرى خفض أرقام السلسلة الى 1806 مليارات ليرة، بالمقارنة مع 2403 مليارات ليرة في الصيغة التي توصلت إليها اللجان النيابية المشتركة، و1837 مليار ليرة في الصيغة التي أعدّتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة. وفي المقابل، قدّر التقرير قيمة الإيرادات المتوقعة من جراء الإجراءات الضريبية المقترحة بنحو 1740 مليار ليرة في عام 2015 (835.6 مليار ليرة في عام 2014). وبدا لافتاً المحافظة على اقتراح وزارة المال في شأن زيادة الاقتطاعات الضريبية من ربح الفوائد والمصارف، في حين جرى تعديل الصيغة السابقة لجهة فرض الضريبة على ربح البيوعات العقارية وفرض الغرامات على محتلي الأملاك العامّة.
موقف هيئة التنسيق
تتجه هيئة التنسيق النقابية إلى إعلان المعركة المفتوحة لإسقاط ما سمته «المشروع ـــ المسخ»، لكونه «يضرب الحقوق بدلاً من أن يعطيها ويأتي على حساب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود». في المبدأ، ترفض هيئة التنسيق معظم ما تضمنه تقرير اللجنة النيابية الحكومية المنبثقة عن الهيئة العامة للمجلس، وقد وصلتها نسخة منه، بعيد تسليمه إلى الأمين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر. لم تجتمع هيئة التنسيق أمس، كما كان مقرراً، لكن عكف كل من مكوناتها ابتداءً من بعد ظهر أمس على دراسة بنود التقرير ومشروعي قانوني السلسلة والمواد الضريبية وجداول الرواتب المرفقة، تمهيداً لبلورة موقف متكامل للهيئة ينتظر أن تعلنه في اجتماع تعقده غداً الأربعاء. وفي الانطباعات الأولية، ساد الذهول أوساط القادة النقابيين من «تقرير لا يعدو كونه باباً جديداً لتشليح الناس». قال هؤلاء إنّهم متمسكون بالتعديلات التي سبق أن قدموها ضمن مذكرة مطلبية لـ 128 نائباً. بالنسبة إليهم، باتت مناقشة أشكال التصعيد النقابي أمراً محتماً، في ضوء ما هو وارد في تقرير اللجنة النيابية، فـ«السلسلة تنتقل من لجنة إلى أخرى وتتغير من سيئ إلى أسوأ»، على حد تعبيرهم. وقد رأى البعض أن التقرير يفتح «حرباً» على أربع جبهات: الرواتب والأجور، نظام التقاعد، التقديمات الصحية والضرائب والرسوم. وبدا أن نسبة الزيادة للمعلمين من دون غلاء المعيشة لامست في أحسن الأحوال 13% بعد إلغاء الدرجات الست الاستثنائية. وبحسب التقرير، بقي أستاذ التعليم الثانوي يعيّن عند الدرجة 15 بدلاً من الدرجة 21، والمعلم المجاز في التعليم الأساسي عند الدرجة 9 بدلاً من 15، خلافاً لما كان وارداً في المشاريع السابقة. أما الزيادة للموظفين فراوحت بين الفئات الوظيفية على الشكل الآتي: الفئة الرابعة: 32%، الفئة الثالثة: 25%، الفئة الثانية: 42% والفئة الأولى: 60%، مع الأخذ في الاعتبار زيادة دوام العمل بنسبة 9.2%. ثمة رفض تام لمحاولات التقرير ضرب نظام التقاعد، والانقضاض على التقديمات الصحية من خلال طرح توحيد الصناديق الضامنة عند السقوف الدنيا، والانقلاب على التعليم الرسمي وتصفية القطاع العام وما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية عبر إمرار مقررات مؤتمر باريس 3 ومشاريع التعاقد الوظيفي ووقف التوظيف.
توصيات اللجنة العامة
اللجنة ألغت المفعول الرجعي، واقترحت أن ينفذ الدفع ابتداءً من 1/7/2014. وقالت إنّ تقريرها انطلق من ضرورة النظر إلى مسألة الدولة ودورها، ووجدت أن التحدي الأساسي الذي يواجه المهتمين بالشأن العام يكمن في إعادة الاعتبار لدينامية الإصلاح. ففي وقت يرى فيه التقرير أن هناك ضرورة لإعادة النظر في السلسلة لكون آخر تعديل جرى في عام 1998، يشير إلى أنّ حجم الإنفاق على موظفي القطاع العام تضاعف منذ 1998 حتى نهاية عام 2013 ما يقارب 3 أضعاف، إذ ارتفع من نحو 2100 مليار إلى 6100 مليار. هذه الزيادة في حجم القطاع العام لم تترافق، كما يقول التقرير، مع «إقرار إجراءات إصلاحية جذرية وإجراءات ضريبية نتيجة المزايدات السياسية». ولم ينس التأكيد أنّ هناك «ترابطاً وثيقاً بين زيادة الرواتب والإنتاجية والتضخم، فأي زيادة في الرواتب لا تترافق مع زيادة في الإنتاجية ستؤدي حتماً إلى آثار تضخمية وتراجع في القوة الشرائية والحد من تنافسية الاقتصاد». وطلبت اللجنة تكليف مكتب وزير التنمية الإدارية بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ووزارة المال بإجراء مسح شامل بأعداد الموظفين والمتعاقدين والمتعاملين بأي صفة كانت في الإدارات والمؤسسات العامة وتبيان الكلفة الحالية والمستقبلية، بما في ذلك فاتورة التقاعد لتقدير النفقات على الخزينة. كذلك اقترحت تكليف كل من وزارة التربية والتفتيش المركزي ووزارة المال بإعداد مسح بأعداد المعلمين والأساتذة والمتعاقدين بحسب كل اختصاص للهدف نفسه. ومن بنود «الإصلاح» معاودة درس عدد أيام العطل الرسمية بحيث لا تتجاوز 22 يوماً في السنة، وتكليف ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي بإجراء مسح شامل بأنواع التعويضات المختلفة، بما في ذلك اللجان الدائمة العاملة في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والمجالس والهيئات وكلفتها السنوية. وهنا تشترط اللجنة تحديد مجموع التعويضات والمكافآت التي يتقاضاها الموظف في الأسلاك المدنية والعسكرية والقضائية والتعليمية بما في ذلك الجامعة اللبنانية بـ 40 %من مجموع رواتبه الشهرية في السنة المالية نفسها. اللافت أن يطلب التقرير من الحكومة وضع نظام موحد للاستشفاء ومنح التعليم لجميع العاملين في القطاع العام، يطبق في تعاونية موظفي الدولة وصناديق تعاضد القضاة العدليين والشرعيين وأساتذة الجامعة اللبنانية وسائر الأسلاك العسكرية والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداته.
سلسلة الرواتب
وفي ما يأتي أبرز التعديلات التي أجرتها اللجنة النيابية على مشروع قانون السلسلة: ـ باب الرواتب والأجور: إلغاء الدرجات الاستثنائية للمعلمين والأساتذة في التعليم الأساسي والثانوي والمهني (تحفّظ النائب آلان عون على هذا البند)، إفادة موظفي الإدارات العامة من مشروع القانون من أحكام القانونين رقم 159 بتاريخ 17/8/2011 والرقم 223 بتاريخ 2/4/2012، إذ تنص المادة على: «يعطى موظفو الإدارات العامة من مختلف الفئات والرتب أربع درجات استثنائية موزعة كما يأتي: درجتان استثنائيتان اعتباراً من 1/1/2013 ودرجتان استثنائيتان اعتباراً من 1/1/2014، كما يعطون أقدمية سنة في تدرجهم. ويستثنى من ذلك الذين سبق أن استفادوا من أحكام القانونين المذكورين. أما المتعاقدون في التعليم الرسمي فأعطوا زيادة غلاء معيشة فقط، على أن تحدد أجرة الساعة بقرار مشترك يصدر عن وزير المال والوزير المختص بعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية. وأتت المادة التي تحافظ على وحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص ناقصة، إذ تنص على: «تسري أحكام هذا القانون على أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة الداخلين في الملاك»، من دون أن تذكر استفادة المتعاقدين بنسبة مئوية من هذه الزيادة بحسب ساعات عملهم. في باب أحكام خاصة: وقف التوظيف وخفض عدد دور المعلمين وتعديل العطلة القضائية لتصبح شهراً واحداً والأهم تعديل دوام العمل الرسمي في الإدارات ليصبح 35 ساعة بدلاً من 32، على الشكل الآتي: من الاثنين إلى الخميس: من الثامنة صباحاً حتى الرابعة بعد الظهر، والجمعة من الثامنة صباحاً حتى الحادية عشرة من قبل الظهر، على أن يكون السبت يوم عطلة. وتم اقتراح تعديل المادة 34 من نظام التقاعد والصرف من الخدمة على الشكل الآتي: «في حال وفاة أحد أفراد العائلة ممن يتقاضون معاشاً تقاعدياً، أو في حال قطع المعاش عن أحدهم، يقطع هذا المعاش نهائياً لمصلحة الخزينة اللبنانية».
الإجراءات الضريبية
تضمن التقرير 24 إجراءً ضريبياً جديداً، وقدّرت الإيرادات الإضافية المتوقعة بنحو 1740 مليار ليرة سنوياً (الجدول المرفق). أبرزها: - الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية: تركت اللجنة للهيئة العامّة أمر البتّ بين خيارات عدّة. إمّا زيادة الضريبة عموماً من 10% حالياً الى 11% (تحفّظ النائب سامر سعادة على هذا الخيار)، واعتبار الزيادة (1%) على فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات إيراداً للخزينة لا للبلديات. وإمّا زيادة الضريبة الى 15% على بعض السلع المختارة (الأجهزة الخلوية، المركبات البرية المستعملة والجديدة، المراكب البحرية للنزهة التي لا يزيد طولها على 15 متراً، وقطع الغيار العائدة لها، بالإضافة الى السلمون والكافيار)، وإمّا زيادة الرسم الجمركي بنسبة 5% على الأسماك المحضّرة والكافيار والقشريات والرخويات وأغذية الكلاب والقطط والألعاب النارية والفرو والقرميد والسيراميك والخزنات وأجهزة الهاتف وأجهزة شد الوجه وإزالة الشعر والجاكوزي والقداحات والدراجات النارية، وإمّا زيادة الرسم الجمركي عموماً بنسبة 1% على كل البنود التعريفية ما عدا الأدوية والمنتجات الصيدلانية والألبسة والحديد والصلب، وإمّا فرض الزيادة (1%) على كل البنود ما عدا الأدوية والألبسة. ووفقاً لتقرير اللجنة، يؤمن كل خيار من هذه الخيارات إيراداً إضافياً بقيمة 150 مليار ليرة في هذا العام ويرتفع الى 300 مليار ليرة في العام المقبل. - ضريبة الدخل: زيادة الضريبة النسبية على أرباح شركات الأموال (الشركات المغفلة، الشركات المحدودة المسؤولية، شركات التوصية) الى 17%. (تدرّ 20 مليار ليرة هذا العام و40 ملياراً في العام المقبل) - الضريبة على ربح الفوائد: زيادة هذه الضريبة من 5% الى 7%. وفي حالة المصارف والشركات، فقد جرى تبني اقتراح وزارة المال، إذ اقترحت اللجنة عدم حسم هذه الضريبة من قيمة ضريبة الأرباح المتوجبة على المؤسسات، وإنما اعتبارها من أعباء المؤسسة وتنزيلها من الإيرادات. (قدرت الإيرادات الإضافية من هذا الإجراء بنحو 120 مليار ليرة في هذا العام و410 مليارات في العام المقبل). - الضريبة على ربح التفرّغ العقاري: تجيز الصيغة المقترحة للمؤسسات الخاضعة للتكليف على أساس الربح الحقيقي تخمين ما لديها من عناصر أصول ثابتة كل 5 سنوات. وتقترح اللجنة إخضاع الفارق بين قيمة تخمين عناصر الأصول الثابتة وسعر الكلفة الأصلي لضريبة الدخل بنسبة 15%، إلا إذا استعمل هذا الفارق لتغطية خسائر لا تزال ظاهرة ومحددة في الميزانية، أو إذا بقي هذا الفارق مستقلاً في حساب خاص في كل جانبي الأصول والخصوم في الميزانية. وتُخضع هذه الصيغة لربح التحسين الناتج من تفرّغ كلي أو جزئي لضريبة الدخل بمعدّل 8% (مع بعض الاستثناءات). وتنص الصيغة أيضاً على إخضاع أرباح التفرّغ لضريبة بمعدّل 15% على الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الخاضعين لضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع أو المقدر، أو غير الخاضعين للضريبة على الدخل، أو الذين كانوا يتمتعون بإعفاءات دائمة أو خاصة أو استثنائية من تلك الضريبة (ما عدا أمكنة السكن الأساسية، أو إذا كان المتفرّغ قد استمر بحيازة العقار مدّة 12 عاماً). - الأملاك العمومية: تقترح الصيغة استيفاء «مبالغ» على الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية والنهرية والبرية. وذلك بمعدّل ضعفي البدل السنوي للمرخّص له إذا كانت الأملاك البحرية المشغولة قبل عام 1994 وهي متاخمة لأملاك الدولة الخاصة أو المؤسسات العامة أو البلديات. وبمعدّل ضعف وربع فقط إذا كان الشاغل لا يمتلك عقاراً خاصاً متاخماً للملك العام أو يمتلك عقاراً خاصاً ولكنه لا يستوفي شروط الترخيص. وبمعدل ضعف ونصف البدل السنوي في الحالات الأخرى. أمّا إذا كان الشاغل يستوفي شروط الترخيص فيتم منحه الرخصة وتشريع الاعتداء على الملك العام. (تنطوي هذه الصيغة على عناصر خطيرة تهدد الأملاك العامّة، ولا سيما أن الاقتراح الذي تقدمت به اللجنة يعدّل قوانين ومراسيم نافذة تمنع أي إشغالات دائمة على الأملاك العامّة). أمّا إذا كان الإشغال وقع بعد عام 1994 فتتم إزالة المخالفة، ويتم فرض غرامة تعادل 5 أضعاف سعر المتر التخميني للعقار الخاص المتاخم. (تقدر اللجنة إيرادات هذا الإجراء بنحو 75 مليار ليرة اعتباراً من السنة المقبلة). - الرسوم: تقترح اللجنة زيادة رسوم الطابع المالي النسبي والطابع المالي على فواتير الهاتف والسجل العدلي والإيصالات التجارية ورخص البناء. كما تنص على مضاعفة رسوم الكتاب العدل، وزيادة رسوم المغادرة، وتقترح فرض رسم على الاسمنت والمشروبات الروحية المستوردة وأنواع من التبغ والتنباك ورسم المستوعب... الخ. - إعفاء الطوائف المعترف بها في لبنان والأشخاص المعنويين التابعين لها من كل الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم (لم توضح اللجنة علاقة هذا الإجراء بالسلسلة وتمويلها).
جدول الإيرادات المقدرة للمواد الضريبية المقترحة
وقف التوظيف
على الرغم من شغور أكثر من 70% من الملاكات، الا أن اللجنة النيابية _ الحكومية أعادت التأكيد على توصية بوقف التوظيف على أشكاله وأنواعه لمدة سنتين في جميع الإدارات والمؤسسات العامّة والمجالس، باستثناء نصف الكادر الحالي، اي توظيف شخص لكل موظفين اثنين يتقاعدان. وأوصت اللجنة في هذا الوقت بإجراء مسح وطني للوظائف العامّة وكلفتها الحالية والمستقبلية وآثارها على المالية العامة. كما أوصت باقتراح قانون جديد للوظيفة العامة.