عماد الزغبي - السفير
توحّدت مواقف «هيئة التنسيق النقابية» أمس، في رفض مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب بالصيغة التي رفعتها اللجان النيابية المشتركة إلى الهيئة العامة، بعدما استشعرت مكوّنات الهيئة أن المطلوب هو فرط عقدها وضربها، وإخراجها من معركة الحقوق مهزومة، وبالتالي ضرب قياداتها، ومنعها من التحرك مجدداً للمطالبة بأي حق. وجاء رد الهيئة صارخاً رافضاً للوصاية والتبعية، بعدما كادت المحاولات أمس الأول تطيح الحقوق، وتفشل الاعتصام المقرر أمس، من خلال صيغة «التوقف عن العمل» بدلا من إعلان الإضراب صراحة. والتجربة «المرة» التي عاشتها قيادة هيئة التنسيق أمس الأول، أعادتها إلى المسؤولين، الذين حاولوا امتصاص الغضب، من خلال «الهمس في الآذان» بضرورة تصعيد الموقف. غير أن الكلمات المحضرة مسبقا، أثبتت نقابية التحرك، فكان الرد الواضح بـ«الجملة والمفرق» على ما هو وارد من «قضم» للحقوق في مشروع السلسلة. ولم تكتف قيادات «الهيئة» بذلك، بل جاء الرد بـ«عرض لقوة كل طرف»، في إشارة واضحة الى أنه «إذا كانت هيئة التنسيق مستهدفة، فكل مكوّن من مكونات الهيئة قادر على السير قدماً بمطالبه وحده لو اقتضى الأمر، فتكون النتيجة الحصول على الحقوق كاملة، لكن بالمفرق»، على حد قول مصدر نقابي. وتداعت «الهيئة» إلى اجتماع مسائي، قوّمت فيه التحرك الذي قامت به، وعند علمها بما حصل في جلسة مجلس النواب لجهة التصويت بالأكثرية على اقتراح عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان بتأجيل البحث بالسلسلة مدة 15 يوماً وتشكيل لجنة نيابية لبحثها، استنكرت في بيان استهتار بعض الكتل النيابية بحقوق ثلث الشعب اللبناني، وأعلنت الهيئة الإضراب الشامل اليوم في جميع المدارس الرسمية والخاصة، والثانويات والمهنيات والوزارات والإدارات العامة وتنفيذ اعتصامات في الوزارات والسرايا الحكومية في المحافظات عند الساعة العاشرة قبل الظهر. ودعت الى عقد مؤتمر صحافي عند الساعة الثانية بعد الظهر أمام مجلس النواب لـ«تفنيد ما ورد في تقرير اللجان النيابية المشتركة من ألغام ومن مواد تشوّه السلسلة وتطيحها تحت زعم الإصلاح الذي هو مطلب أساسي من مطالب هيئة التنسيق». وأوضح رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» حنا غريب أن الهيئة ستعقد مؤتمرا صحافيا الساعة 2 بعد الظهر أمام مجلس النواب لتفنّد بالأرقام الهجمة على السلسلة، مشيرا الى رفع توصية بالتظاهر والإضراب بـ29 نيسان إذا لم يدخل البلد بهذا الاستحقاق، معلنا أن هناك خطة تصعيدية وصولا للإضراب المفتوح ومقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية حتى إقرار السلسلة. بدوره، لفت نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمة محفوض الى أن «الضربة للقطاع الخاص كبيرة جدا وهو مكون أساسي بهيئة التنسيق»، موضحا أن «مشروع السلسلة المرسل لمجلس النواب يضرب التنسيق بين القطاعين الخاص والعام ويضرب 60 ألف معلم»، داعيا الى حصول انتفاضة في المدارس الخاصة غدا (اليوم) وكل المعلمين بهذه المدارس للالتزام بالإضراب والاعتصام اليوم. أما رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر فتوجه للموظفين الإداريين في كل المحافظات داعياً إياهم الى «الإضراب اليوم وتنفيذ الاعتصامات رفضاً للمماطلة والتسويف وللتعدي على حقوقنا بسلسلة عادلة». مواقف صلبة وكانت قد برزت المواقف الصلبة والموحدة لهيئة التنسيق، من خلال الكلمات التي ألقيت، واستهلها غريب الذي قال: «إن أي ضرب لحقوق أساتذة التعليم الثانوي في الستين في المئة، لقاء الزيادة في ساعات عملهم، سيدفع رابطة أساتذة التعليم الثانوي دفعا، الى إعلان الإضراب الفوري في جميع الثانويات الرسمية ودور المعلمين، والى تصعيد التحرك وصولا الى الإضراب المفتوح ومقاطعة أعمال التصحيح والتصحيح في الامتحانات الرسمية». وهدد نقيب «المعلمين في المدارس الخاصة» نعمة محفوض، بثورة شعبية تبدأ من التعليم الخاص، ملوّحا بالاستقالة من منصبه، في حال إقرار المشروع من دون شمول السلسلة معلمي القطاع الخاص. من جهته، «رئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي» محمود أيوب أعلن «انه في حال عدم الأخذ بالمطالب، فإننا في حل من أي اتفاق أو تعهد أو التزام، وإننا سنعمد من صباح الغد (اليوم) الى إقفال مدارسنا والامتناع من إجراء الامتحانات المدرسية والرسمية وليس فقط الامتناع عن التصحيح. لقد أعذر من أنذر فليتحمل الجميع مسؤولياته». وميّز رئيس «رابطة موظفي الإدارة العامة» محمود حيدر، موقف موظفي الإدارة بقوله: «بطلنا مكسر عصا في الإدارة العامة، نحن الرقم الصعب في هيئة التنسيق، لن نقبل بسلسلة لا تؤمن لنا العدالة والمساواة في كل القطاعات الوظيفية العامة والأخرى». ودعا «رئيس رابطة التعليم المهني والتقني» إيلي خليفة، أساتذة التعليم المهني للبقاء مستنفرين، «لأنه إذا لم تقر الحقوق فالمعركة مستمرة وهيئة التنسيق موحدة في سبيل انتزاع حقكم وحماية كرامتكم». وحذر رئيس «رابطة الأساتذة المتقاعدين» عصام عزام المسؤولين داخل مجلس النواب وخارجه من «المس بحقوق الأساتذة والمعلمين المتقاعدين، فالدول التي تحترم نفسها تكرمهم وتقدم لهم كل رعاية. أما هنا (في مجلس النواب) فيحاولون حرمانهم من أبسط حقوقهم». وأعلن المتعاقدون في التعليم الأساسي الاعتصام في 22 نيسان المقبل عند الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر أمام وزارة التربية للمطالبة بتسوية أوضاعهم. مذكرة واعتصام بكّر أعضاء هيئة التنسيق في الحضور إلى ساحة رياض الصلح، قبل الموعد المحدد بساعة، وتوجه وفد منها إلى مجلس النواب، حيث وزع نسخاً من مذكرة الهيئة على النواب ورؤساء الكتل، والتقى وزير المال علي حسن خليل والنائب علي بزي. وكشف محفوض لـ«السفير» أنه كلما تحدث أحد أعضاء الهيئة لرؤساء الكتل النيابية عن بعض المواد الواردة في تقرير اللجان النيابية المشتركة، يأتي الجواب: «لا تتكلموا بالمواد بل بالخيارات الموجودة». ولفت إلى أن حصيلة اللقاءات كانت غير مشجعة. وقبيل بدء الاعتصام، أعلن غريب «أن عدم إقرار السلسلة كاملة وان تجزئتها وتقسيطها، هي بمثابة عملية فتح معركة مع القطاع العام ومشروع تصفية لهذا القطاع من قبل الهيئات الاقتصادية والمدارس الخاصة». فقد نفذت هيئة التنسيق اعتصاما، قبل ظهر أمس في «ساحة رياض الصلح»، بالتزامن مع انعقاد الجلسة النيابية التشريعية، شارك فيه الاساتذة والمعلمون والموظفون في الإدارات العامة والمتعاقدون والمتقاعدون والميامون والأجراء وعائلات العسكريين من مختلف المناطق اللبنانية، حاملين لافتات شددت على أن «السلسلة حق وليست منّة من أحد»، ودعت الى تمويلها «من سلسلة النهب والهدر والفساد والتسيب المالي، وليس من حساب ذوي الدخل المحدود والفقراء». وحذرت النواب «الذين يدّعون تمثيل الشعب من ضرب حقوق السلسلة»، واعدة «بمحاسبتهم خلال الانتخابات». وأنذر المعلمون من أنهم سيعمدون الى «إقفال المدارس والامتناع من إجراء الامتحانات المدرسية والرسمية إذا لم يؤخذ بالمطالب». ولخص غريب مطالب هيئة التنسيق بالتالي: «لا مساومة على حقنا بالمفعول الرجعي اعتبارا من 1/7/2012. وهذا الحق لا تنازل عنه أبدا. لا مساومة على حقنا بتصحيح كامل لرواتبنا بلا تجزئة أو تقسيط أو تخفيض. لا مساومة على حقنا بتقاضي أجر إضافي عن كل عمل إضافي، ولن نقبل أن نُعطى بيد ونُسلب باليد الأخرى عبر زيادة ساعات العمل أو المس بالمكتسبات الوظيفية. ليكن هذا واضحا للجميع. لا مساومة على حقنا بنظام ضريبي عادل يأخذ من الأرباح والريوع، لا من أسرنا على حساب قدراتها الاستهلاكية وحقها بالعيش الكريم». واستهجن المجلس التنفيذي لـ«نقابة المعلمين» في جلسة طارئة بعد ظهر أمس، عدم إدراج المادة 18 التي تشمل المعلمين في المدارس الخاصة بمشروع السلسلة رغم التأكيدات التي وردت للنقابة سابقاً من رئيس اللجنة الفرعية إبراهيم كنعان ومن وزير التربية الياس بو صعب عن عدم حذف هذه المادة «كأن المقصود معاقبة معلمي القطاع الخاص بحرمانهم من أبسط حقوقهم». وأكد المجلس أنه «في حال إقرار المشروع من دون شمول السلسلة معلمي القطاع الخاص، ستعلن النقابة عندئذ إيقاف العمل في المدارس الخاصة لحين تصحيح الخطأ الحاصل. فنقابة المعلمين، رئيساً وأعضاء، لن تسمح بضرب وحدة التشريع ما دامت على رأس النقابة.. وفي حال رضوخ المعلمين وقبولهم بفصل التشريع وعدم تلبيتهم قرار المجلس التنفيذي بإيقاف العمل، عندئذ سيتقدم المجلس باستقالة جماعية».