الشكوك بالإيرادات على أنها مجرد تقديرات غير موثوقة وغير مؤكدة وتحتاج إلى تمحيص تحاصر تقرير اللجنة النيابية الفرعية، فيما يضغط رئيس مجلس النواب نبيه بري باتجاه إقرار سلسلة الرتب والرواتب بأسرع وقت لنزع فتيل الأزمة، على الرغم من أن بعض المحيطين به يستبعدون توصله إلى تسوية
فاتن الحاج - الاخبار
يشيع رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه متحمس لإنجاز سلسلة الرتب والرواتب وإعطائها أولوية، لكنه يبحث عن مخارج. أمس، عبّر مرة جديدة عن تمنياته بأن تكون الجلسة التشريعية يومي الأربعاء والخميس المقبلين مخصصة لإقرار السلسلة التي يضغط باتجاه إنجازها سريعاً في اللجان النيابية المشتركة. فهل هناك نية فعلية بالإفراج عن المشروع، بما يضمن حقوق المعلمين والموظفين؟ أم سيكون هناك دفع باتجاه نزع الفتيل فقط بمجرد إقرار السلسلة في المجلس النيابي حتى لو كان ذلك على حساب الحقوق؟ المسألة ليست تقنية مرتبطة بالأرقام والواردات فحسب، بل هناك محاولة سياسية جدية لضرب الإيرادات المدرجة في تقرير اللجنة النيابية الفرعية الذي «بصمت» عليه كل الكتل النيابية. فهل ستحافظ هذه الكتل على هذا الإجماع أم لا ولماذا؟ وهل ستختلف نظرة وزارة المال مع الوزير علي حسن خليل تجاه مصالح الناس عما كانت عليه أيام الرئيس فؤاد السنيورة؟
أم ستكون الكلمة الفصل لمهاجمي المشروع من سياسيين وهيئات أصحاب رساميل سيحاولون مجدداً المس بمشروع قانون السلسلة من باب الإيرادات ومحاصرة تقرير اللجنة الفرعية تمهيداً لنسف المشروع؟ هل سيبقى رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان مدافعاً عن مشروعه بعدما نزع منه آخر سلاح وهو ترؤس اللجان النيابية المشتركة؟ هل سيكون النواب أنصار الدولة أم أنصار تجمع أصحاب الرساميل؟ كنعان قال في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي أمس إنّه «لا يجوز أن يستغرق الدرس سنتين في الحكومة، وخمسة أشهر في مجلس النواب، وفي حضور كل الوزراء المعنيين وكل الكتل النيابية، وعندما يصل الى التصويت، سواء في اللجان المشتركة أو في الهيئة العامة، يفتح النقاش من جديد، حتى ولو أنّ النظام الداخلي يسمح بذلك، لكن هناك أصحاب حقوق ينتظرون منذ 22 سنة». أضاف: «إذا لم تكن الواردات لتغطية السلسلة غير مقنعة، فتعالوا معاً لنحدد مكان الخلل، وإذا لا فلنسر بهذه السلسلة، لأنّ الأمر لا يحتمل المماطلة والتسويف»، مؤكداً أنّه سيكون لنا «في الأسبوع المقبل موعد مع صدقية كل الكتل النيابية والمسؤولين بالنسبة إلى هذه القضية المعيشية الحيوية». هذا ليس رأي معظم القوى السياسية التي لا تزال تركز على أن هناك شكوكاً كبيرة في أرقام اللجنة التي لا تتجاوز كونها مجرد تقديرات وتحتاج إلى تمحيص حتى تشكل مصادر تمويل مؤكدة وموثوقة. تقول هذه القوى إنّ القرار السياسي هو مع إقرار السلسلة، والرئيس بري قال للنواب «بدّي ايّاها»، لكن في الوقت نفسه نقاش بشأن إمكان أن تزيد السلسلة العجز، وإذا كانت هناك مشكلة في التمويل فسينعكس ذلك على مشروع السلسلة بطبيعة الحال.
هل ستحافظ الكتل النيابية على توقيعها على تقرير السلسلة أم ستنسفه؟
النائب غازي يوسف جدد في حديث إذاعي مطالبة الحكومة باسترداد السلسلة أو الإفصاح عن الموارد المتاحة التي يمكن أن تكون قادرة على تمويلها، لافتاً إلى أنّ اللجنة الفرعية أعطت أرقاماً بعيدة عن المنال. ويشير يوسف إلى أنّ تمويل السلسلة قدر بنحو 2950 مليار ليرة لبنانية سنوياً، أما الموارد المتاحة، برأي النواب، فلن تتعدى 1500 مليار، وبالتالي هناك نقص على الحكومة أن تقول كيف ستوفره. وإذ يرفض زيادة الضرائب في المرحلة الحالية التي يمر بها البلد، يوضح أنّ «موارد النفط في حال بدء التنقيب عنه لن تكون متاحة قبل سبع سنوات، وبالتالي علينا أن نصرف على السلسلة قبل انتظار موارد من النفط»، محذراً من أنّ الدولة على شفير الإفلاس. ثمة تناغم اشتراكي مع هذا الموقف، إذ قال وزير الزراعة أكرم شهيب لـ«الأخبار»، باسم كتلة النائب وليد جنبلاط، «إن هدف الكتلة الأساسي إنصاف الموظف على كل المستويات، والحرص على مالية الدولة وسلامة الاقتصاد؛ فإذا لم تتأمن الواردات، وإذا لم نضمن التحصيل بشكل سليم، فقد نقع في ورطة اقتصادية كتلك التي وقعنا فيها عام 1992.» السلسلة «كرة نار» رمتها حكومة ميقاتي قبل استقالتها بيومين»، يقول شهيب، مشكّكاً في واقعية الإيرادات المتوقعة ودقتها، ومتحدثاً عن «اندفاع كبير بالقدرة على تغطية نفقات السلسلة» التي قاربت 3 آلاف مليار ليرة، ومذكّراً بـ«الموقف السلبي الدائم» لوزارة المالية تجاه الموضوع. وشدد شهيب على «ضرورة أن نكون عقلانيين، نوازن بين القدرة المالية للدولة من جهة، وحقوق المواطنين من جهة أخرى، كي نحمي الموظف ومالية الدولة»، فالأمر يتطلب «عقلانية وهدوءاً، وليس شعبوية» (!) مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدرس «وأعتقد أن الرئيس بري مستعجل شوي». ويختصر بالقول إننا «سنتأكد من كل معطى، لن نسير بالسلسلة بسرعة ولن نعرقل، سنتابع بحث المشروع بموضوعية للوصول إلى نتائج واضحة». النائب علي فياض يبدو مقتنعاً بأن النقاش الحاصل في اللجان النيابية المشتركة اليوم هو لتحصين السلسلة وليس للتفريط بها. في المقابل، لا يزال موقف مصرف لبنان الذي انتظر النواب أن يكون حاضراً في جلسة اللجان النيابية المشتركة كما هو منذ عام ونصف عام، إذ أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث صحافي الحرص على ألا يؤدي إقرار السلسلة إلى رفع العجز المالي، والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع الفوائد وإلى إدخال البلاد في ركود اقتصادي «كما نسعى إلى تحاشي فرض ضرائب إضافية في ظلّ التباطؤ الاقتصادي الذي نشهده، ما من شأنه إضعاف قدرة لبنان التنافسية».