سهى شمص - الاخبار
على أطراف وسط بيروت «الفخم»، توجد أبنية متواضعة تتلاصق في ما بينها لتشكّل ممراً ضيقاً يدعى «زاروب الحرامية» في الخندق الغميق؟ هناك حيث يتجاور لبنانيون أغنياء جداً مع آخرين فقراء جداً. حالة غريبة، لكنها موجودة في الكثير من أحياء بيروت القديمة.
البسطة، زقاق البلاط، الأشرفية، رأس بيروت، المزرعة... أحياء مختلطة سيعيد قانون تحرير الإيجارات القديمة فرز سكانها من جديد. خلافاً لكل التوقعات، صدّقت أغلبية النوّاب على القانون الرامي إلى تحرير عقود الإيجارات المعقودة قبل عام 1992، باستثناء النائبين نوّاف الموسوي والوليد سكريّة. الأخير رأى أن هذا القانون يؤدي إلى نزوح قسري للعائلات المستأجرة، داعياً إلى تشكيل لجنة نيابية تشارك فيها وزارات المالية والعدل والشؤون الاجتماعية لبحثه. إلا أن المصالح كانت أقوى؛ فالنواب كانوا يمثّلون، بصورة واضحة، مصالح الملّاك والمضاربين العقاريين التواقين لإفراغ الأبنية القديمة من قاطنيها وهدمها وبناء الأبراج محلها وتحقيق الأرباح الوفيرة. سوّق النواب أن القانون منصف للطرفين: المالكين والمستأجرين، إلا أن قصدهم بالإنصاف تركّز على إنشاء «صندوق» إضافي سيتم من خلاله تحميل جميع اللبنانيين كلفة إخلاء الأبنية، وهذا أسوأ ما في القانون؛ إذ إن القانون المقرّ ينص على تسديد الزيادات على بدلات الإيجار أو قسم منها وتوفير مبالغ مالية للتعويض للمالك أو المستأجر من أموال الضرائب. لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين دعت كافة الأحزاب والهيئات والاتحادات النقابية والجمعيات الديموقراطية النسائية والشبابية وتجمعات المستأجرين ولجانهم إلى لقاء عام يعقد عند الساعة الخامسة بعد ظهر الخميس المقبل، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في وطى المصيطبة - بيروت، وذلك لاتخاذ الخطوات التصعيدية في مواجهة هذا القانون. يشرح أحد أعضاء اللجنة لـ«الأخبار» أن القانون ينص على تحرير عقد الإيجار بعد تسع سنوات من صدوره، يجري خلال الست السنوات الأولى زيادة الأجر وفق زيادة تراكميّة تبلغ 15 في المئة من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل صدور القانون وبدل المثل عن كل سنة من السنوات التمديدية الأربعة الأولى التي تلي تاريخ صدور القانون، ثم 20 في المئة من قيمة فارق الزيادة عن السنتين الخامسة والسادسة حتى يبلغ بدل الإيجار في السنة التمديدية السادسة قيمة بدل المثل المذكور. ويكون في السنوات الثلاث التالية مساوياً لقيمة بدل المثل. لذلك «لا يعتبر هذا القانون غير منصف فقط، بل تهجيرياً أيضاً، لأسباب عديدة». يقدّر بدل المثل بنحو 5% سنوياً من السعر الرائج للشقة، فشقة مخمّنة بنحو 350 ألف دولار في بيروت، فإن بدل المثل سيكون 17500 ألف دولار مقسّمة على 12 شهراً، أي نحو 1500 دولار شهرياً. فكم عدد المستأجرين القدامى القادرين فعلاً على تسديد مبلغ كهذا بعد انقضاء السنة السادسة؟ أو حتى الآن عندما يزداد بدل الإيجار بنسبة 15% من قيمة بدل المثل، أي في هذه الحالة 225 دولاراً، هناك مستأجرون غير قادرين حتى على دفع هذا المبلغ. فكيف بعد سنة عندما تصبح الزيادة على بدلات الإيجار تساوي 450 دولاراً. ينص على إنشاء صندوق لدعم محدودي الدخل من المستأجرين لمدّة زمنية محدّدة، على أن لا يكون دخلهم يتجاوز 3 أضعاف الحد الأدنى للأجور. يقوم هذا الصندوق بدفع أقساط شهرية للمؤجر عن السنة الممددة التي قدم عنها المستأجر طلب المساهمة. وهنا يكمن بيت القصيد؛ مَن قال إن الذي يبلغ مدخوله أكثر ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور (675 ألف ليرة)، قادر على تحمّل عبء دفع الإيجار المطلوب منه؟ وما الذي يضمن أن لا يتحول هذا الصندوق، كغيره من الصناديق، مزراباً للهدر واختلاس المال العام؟ بعد تسع سنوات، من أين سيؤمن المستأجر كلفة مسكن جديد؟ هل بمساعدة تعويض الإخلاء الذي لحظه القانون إن رغب المالك في استرداد المأجور الذي يوازي نسبة 20% من قيمة المأجور. يتساءل تجمّع المستأجرين: «كيف يمكن أيَّ مالك أن يدفع التعويض من أجل إخلاء مأجور محرّر بالقانون، ومفروض لمصلحته على المستأجر بدلات إيجار تفوق المتداولة، كما تفوق حتى قيمة البدلات التي كان يطالب بها المالك لتصحيح أوضاعه وتحصيل حقوقه؟».
العطلة القضائيّة أم «حقد على القضاة»؟
محمد نزال
في جلسة مجلس النواب التشريعية التي استؤنفت عند الخامسة عصر أمس، حصلت نقاشات لافتة في أكثر من عنوان:
■ طرح مشروع القانون الرامي إلى تحديد مدة العطلة القضائية كما عدّلته لجنة الادارة والعدل، لتصبح شهراً ونصف شهر، تبدأ من أول آب وتنتهي في الخامس عشر من شهر أيلول من كل سنة. طالب وزير العدل أشرف ريفي باسترداد المشروع. تدخل النائب روبير غانم، وقال: «الهدف من تقصير المدة هو زيادة الانتاجية. في الدول الأخرى يجتمعون بعد الظهر، وعندما أقررنا الزيادة للقضاة فهي مقابل الانتاجية». هنا اقترح النائب جورج عدوان أن تكون العطلة شهراً واحداً. أسفت الوزيرة أليس شبطيني (القاضية السابقة) لـ«رؤية هذا الحقد تجاه القضاة». تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: «تُسحب الكلمة وتشطب من المحضر، هذا المجلس هو الذي رفع معاشات القضاة وعززهم مع سلسلة الرتب والرواتب، فلا يقال له هذا الكلام». أضاف بري أخيراً: «بناءً على طلب رئيس الحكومة يسحب المشروع».
■ طرح مشروع القانون الرامي إلى تعديل المرسوم المتعلق بمشروع إنشاء تعاونية موظفي الدولة كما عدّلته لجنة الادارة والعدل، وهو يرمي الى «إخضاع الموظفين الدائمين في تعاونية موظفي الدولة لنظام التقاعد والصرف من الخدمة». النائب هادي حبيش علّق قائلاً: «هذا المشروع يحول تعاونية الموظفين الى إدارة، وأقترح زيادة عبارة أن يستفيد موظفو الدولة والمتعاقدون». أما النائب غانم فقال: «ارتأينا إيجاد صيغة دون إدخال المتعاقدين، المهم بالنسبة اليهم هو المعاش التقاعدي، نعطيهم معاشاً تقاعدياً من دون أن يكونوا في الملاك الاداري، وهذا وافقنا عليه مع مجلس الخدمة المدنية». وللنائب عاصم عراجي ملاحظاته: «ليس مذكوراً موضوع الطبابة بالنسبة لتعويض نهاية الخدمة». أخيراً طُرح المشروع على التصويت، فصُدّق.
■ طُرح مشروع القانون المتعلق بتنظيم مديرية الضريبة على القيمة المضافة في ملاك وزارة المالية ــ مديرية المالية، وشروط التعيين الاضافية لبعض وظائفها. أشار وزير المال علي حسن خليل الى أن «المقابلة تقوم بها وزارة المالية»، داعياً الى «الإبقاء على وزارة المال»، ومركّزاً على دور مجلس الخدمة المدنية في هذا الأمر. النائب سامي الجميّل يسأل: «لماذا يعاد ذكر مجلس الخدمة المدنية في المشروع؟». خليل يجيب: «مجلس الخدمة المدنية أحد أعضاء اللجنة، وجرى نقاش حول المشروع وطريقة التوظيف». النائب فؤاد السنيورة يدخل على الخط: «أردنا أن تكون القيمة المضافة إدارة تعطي صورة متميزة عن الدولة اللبنانية». النائب علي عمار يدلي بدلوه: «ما يتقدم به الوزير هو إعادة الاعتبار لمجلس الخدمة المدنية، فلنعد الاعتبار لمجلس الخدمة». النائب أحمد فتفت يقول: «لا أحد يلغي دور مجلس الخدمة المدنية، ولكنه يقوم بفحوصات للفئات الرابعة والخامسة وليس للفئة الثانية». يُذكر أن المادة الثانية التي يجري النقاش حولها تنص على الآتي: «يلغى شرط اجتياز مقابلة بنجاح تجريها لجنة خاصة تضم ممثلين عن وزارة المالية ومجلس الخدمة المدنية وأحد الخبراء». بعد النقاش عدّلت المادة بأن «يستعين مجلس الخدمة المدنية بخبراته»... وصُدّق المشروع معدّلاً.