أعلن طلاب الجامعة الأميركية في بيروت مواصلة الحراك المفتوح ضد رفع الأقساط. وينال الحراك إجماع طلاب كثيرين شاركوا في الجمعية العمومية التي أقرت خطة تصعيدية تدريجية تبدأ باعتصام اليوم وتتواصل مع إضراب الثلاثاء، مع تلويح بمقاطعة «مصالح الجامعة»
فاتن الحاج, حسين مهدي
لم تنل بعض الأصوات السياسية التي دخلت على خط تحرك طلاب الجامعة الأميركية في بيروت من إرادتهم في مواصلة المواجهة ضد «السياسة الجائرة في رفع الأقساط». الطلاب حسموا، في جمعيتهم العمومية الأخيرة، خيار التصعيد بإعلان الإضراب ومقاطعة الدروس، الثلاثاء المقبل، وفق خطة تصعيدية تبدأ باعتصام ينفذونه، عند الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم، أمام مبنى الوست هول.
وكان المنتفضون يتداولون حتى ساعات متأخرة من مساء أمس إمكان تنفيذ وقفة صامتة أمام منزل رئيس الجامعة د. بيتر دورمان داخل حرم الجامعة، عند الواحدة بعد منتصف ليل أمس، حيث يتوقع أن يضعوا لاصقاً على أفواههم، وذلك لإيصال رسالتهم الرافضة لسياسة كسب الوقت التي ينتهجها رئيس الجامعة، على حد تعبيرهم. أما توقيت الوقفة، فيأتي متزامناً مع موعد مغادرة الرئيس منزله للتوجّه إلى مطار بيروت الدولي بداعي السفر إلى الخارج، برفقة عدد من الموظفين الإداريين. ماذا حصل في قاعة بطحيش مساء أول من أمس؟ وكيف كانت أجواء المناقشات في الجمعية العمومية التي استقطبت عدداً كبيراً من الطلاب؟ في الواقع، قسمت اللجنة المصغرة لمتابعة قضية الأقساط المنبثقة من الحكومة الطلابية جدول أعمال الجمعية العمومية إلى قسمين. ففي القسم الأول، وضع أعضاؤها الطلاب في أجواء المعطيات المرتبطة بالمطالب التي جمعتها اللجنة، ولا سيما في ما يخص المعلومات المالية في الجامعة، التي سبق لـ«الأخبار» أن نشرت تفاصيلها. وكان الهدف من هذا القسم إطلاع الطلاب على كل الجوانب المتعلقة بالقضية التي بدأوا حراكاً مفتوحاً للدفاع عنها. فاللجنة عرضت الآلية التي بواسطتها تُعَدّ موازنة الجامعة وتُناقَش وتُقَرّ في اجتماع مجلس الأمناء، في محاولة للقول للطلاب إنّ رئيس الجامعة ليس المسؤول الوحيد عن القرار، بل هناك لجنة متخصصة لوضع الموازنة. تتألف هذه اللجنة من نواب الرئيس الخمسة، وكبير المديرين الماليين chief of financial officer، أعضاء مكتب التخطيط المالي، مدير العمليات chief of operating officer (الذي سُحبت الثقة منه). هؤلاء جميعاً يقررون الزيادة على الأقساط وغيرها من الأمور المتصلة بالموازنة ويرفعونها إلى المجلس. أما القسم الثاني الذي استحوذ على الجزء الأكبر من وقت الجمعية العمومية، فكان مخصصاً لاقتراحات الطلاب بشأن الخطة التصعيدية. كذلك فقد ناقش الطلاب كيفية الردّ على الرسالة الأخيرة لرئيس جامعتهم التي يدعوهم فيها إلى الحوار من أجل الوصول إلى صيغ مشتركة. وكان دورمان قد اتصل بأحد ممثلي الطلاب في ساعة متأخرة من مساء الأحد الماضي، وعرض عليه اقتراح تمثيل الطلاب في لجنة متخصصة تدرس ملف الأقساط خلال أسبوعين وأعطاه مهلة ساعة واحدة للرد على اقتراحه، ولما أبلغه الممثل قرار اللجنة بعد استشارة أعضائها بالرفض، على خلفية أن هذا العرض هو بمثابة شراء للوقت لإفشال التحرك، تجاهل رئيس الجامعة، كما قالت مصادر اللجنة، الرد، وبعث بالرسالة إلى جميع الطلاب يعلن فيها استعداده للتحاور وتأليف هذه اللجنة. ولفتت المصادر إلى أنّ عميد الطلاب طلال نظام الدين، طلب من الحكومة الطلابية وضع اقتراح الرئيس على جدول أعمال الجمعية العمومية، وكان له ما طلب. لكن الطلاب المشاركين رفضوا هم أيضاً اقتراح الرئيس، وهذه المرة بالتصويت، ولم ينل اقتراح الرئيس أي صوت لمصلحته. وهنا شرحت لجنة الأقساط للطلاب أسباب رفضها للاقتراح، ومنها أن اللجنة المراد تأليفها، هي بالدرجة الأولى استشارية، أي إنّ قراراتها غير ملزمة، حتى لو وافق الرئيس على اقتراحات اللجنة التي يحدد اجتماعاتها بأسبوعين، فإنه لن يتسنى للطلاب وضع اقتراحات تفصيلية، وهي لا تشكل أي ضمانة لتجميد رفع الأقساط. كذلك أوضحت المصادر أنّ اللجنة المنوي تأليفها من عدد من العمداء وأستاذين وعضو من المكتب المالي، إضافة إلى ممثلي الطلاب، هي غير متخصصة بالشأن المالي، وبالتالي فإنّ المسؤولية تقع كاملة على لجنة وضع الموازنة! وفي الاقتراحات العملية، طرح الطلاب أفكاراً متنوعة، منها تنظيم اعتصامات متنقلة بين الكليات. وبدا الاقتراح الأكثر تداولاً بينهم هو مقاطعة ما سموه «مصالح الجامعة» أو الأماكن التي تدرّ عليها الأموال، مثل الكافيتريات والمطاعم، إضافة إلى عدم المشاركة في الأبواب المفتوحة «out doors»، وهو نشاط سنوي تجني منه الجامعة أموالاً كثيرة. ويعزو أنصار هذه الأفكار الأمر إلى أنّ من شأن مثل هذه المقاطعة توجيه رسالة موجعة للجامعة، فيما مقاطعة الدروس قد تكون مؤذية للطلاب «الذين دفعوا الأرصدة الجامعية سلفاً». ومن الأفكار أيضاً تنظيم تحركات صغيرة رمزية أسبوعياً ستفاجئ الجامعة وأهلها، على حدّ تعبير المصادر. كذلك فإنّ يوم الإضراب نفسه ستتخلله وقفات احتجاجية في باحات الجامعة. خلال الجمعية العمومية، طرحت النوادي والقوى الطلابية التي نظمت المواجهة الأولى مسودة خطة سبق أن أعدتها، وجرى التوافق على خطوطها العريضة، حيث أجمع الطلاب على «التصعيد التدريجي»؛ إذ سيؤكد الطلاب في خطوتهم اليوم أنهم ماضون في تحركهم حتى تحقيق مطالبهم. في المقابل، رحب الأساتذة بخطوة الطلاب، وستعقد الهيئة الإدارية للتحرك اجتماعاً عند الثانية عشرة ظهر اليوم، سيكون مخصصاً لمناقشة مطلبهم، ويتوقع أن تُصدر في نهايته بيان دعم للتحرك. وعشية الاجتماع، بدا أنّ هناك تململاً في صفوف بعض الأساتذة من غياب الشفافية في إدارة كل ملفات الجامعة، بما فيها ملف الأقساط، مطالبين بالتعاطي بحرفية مع أهل الجامعة.