شباب السفيريشكر خالد الهبر الأميركيين ساخراً، والسبب هو اختراع وسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت بشكل كبير بانتشار أعماله الموسيقية، والمساهمة بوصول الأغاني الملتزمة إلى فئات وشرائح اجتماعية لم يكن بوسعها الاطلاع عليها من قبل.صاحب "هيدا زمانك" يشدّد على أهمية استمرار الحزب الشيوعي، وضرورة تطوره. لا يوافق على تفضيل البعض لمصطلح اليساري، وكأنه مرادف لـ"شيوعي لايت". لخالد الكثير من الملاحظات على أداء الحزب، إلا أنه يرفض المجاهرة بها، ويفضل الاحتفاظ بها والإلان عنها في الوقت والأطر المناسبة. لو خيّر الهبر لكان اختار حنّا غريب لخوض الانتخابات النيابية عن الحزب الشيوعي.الفنان الملتزم الذي أخذ القرار بالانقطاع عن الغناء لمدة 5 سنوات بعد اتفاق الطائف، يتذكر تلك المرحلة معترفاً ان قراره ربما لم يكن صائباً. اليوم، يبدي الكثير من التشاؤم حيال ما آلت إليه الأمور في البلاد. لم يؤمن يوماً أن الحرب الأهلية انتهت، هي توقفت فقط عسكرياً، وهو يبشر اليوم بعودتها مجدداً. "لم يبق شيء في هذا البلد"، يقول الهبر. ويضيف "الشي الوحيد يلي باقي هو نحن الناس".ورغم التشاؤم يصرّ أن الحلم بالأفضل لا يزال متاحاً، وبأنه سيأتي يوم سيتمكّن أولئك الذين "سيلحقون" بنا بالعيش في بلد حر وديمقراطي بالمعني الحقيقي. لا فرق بين الهبر وزياد الرحباني، الاثنان متفقان سياسيا وفنياً. الجدل الذي ينفرد زياد بإثارته هو نتيجة كونه أكثر مباشرة من الهبر، بحسبه. ويرفض الهبر الانتقادات التي توجه إليه بأنه يكرر نفسه، معتبراً أن ما يراه البعض تكراراً، هو بصمته الفنية في كل أعماله. إعداد: آدم شمس الدينمنذ اندلاع الربيع العربي، شهدت معظم البلدان العربية صعوداً ملحوظاً للأغنية السياسية، لبنان كان بمنأى عن هذا الحراك، ألا تتوقع أن هذا الحراك سيؤدي إلى ضخ دم جديد في الأغنية السياسية؟شارك في السؤال:لا أعرف إلى أي حد هناك صعود للأغنية الملتزمة. سمعت عن تجارب عديدة، وعدد كبير منها من أغاني الراب، في تونس ومصر. فيما يتعلق بي وبالفرقة، ألّفنا عدداً من الأغاني. لبنان كان بمنأى عن الموجة التي طالت معظم البلدان العربي، وبطبيعة الحال كان بمنأى عن كل شيء يترتب على حراك من هذا النوع، وليس صعود الأغنية الملتزمة سوى أحد معالم هذا الحراك.أعتقد أن أحد أهم الأسباب لهذا الابتعاد، كان نتيجة الخوف والانقسام الذي حصل منذ اندلاع الثورات في العالم العربي، بين من رآها ثورة ناجزة، وبين من رآها حراك طويل الأمد، سيطول ظهور تأثيره الحقيقي في بلاد حكمتها أنظمة عفنة لعشرات السنين، ولن تزول بالمعنى الحقيقي للكلمة، في عدد من الأيام، كما حصل في بعض البلدان.بالنسبة للبنان، أنا لا أرى أن باستطاعته إنتاج حراك أو ثورة، هو بلد طائفي بامتياز، والشريحة التي يمكن المراهنة عليها في حراك شبيه، أقلية. الأغنية السياسية وصعودها وعدمه ليست إلا انعكاساً لهذا الوضع.بعد انقطاع طويل لماذا قرر خالد الهبر العودة إلى إحياء الحفلات بشكل متواصل؟ هل تشعر أن ظروف المرحلة التي تمر بها البلاد والمنطقة تتطلب منك مضاعفة نشاطك؟شارك في السؤال:أنا انقطعت عن الغناء من العام 1992 حتى 1997. بعد اتفاق الطائف، اعتقد البعض أن الحرب انتهت. كنت على يقين أنها لم تنته، حتى لو انتهت بشكلها العسكري، لكنها استمرت. في تلك المرحلة دخلت البلاد في كرنفال فرح وبسط، نتيجة الاعتقاد بنهاية الحرب وقرب تحسّن الظروف. شعرت في تلك الفترة أنني لا أشكّل رقماً في تلك المعادلة الجديدة، اليوم حين أنظر إلى الوراء، أعيد النظر بالقرار الذي اتخذته بالانقطاع، ربما لم يكن صائباً. وتفضيل "العضّ على الجرح" ريثما تتغير الأمور، لم يكن الخيار الأنسب. بعد أن بدأت قناعة الناس تلك بالتراجع، وبعد أن شعرت بأن وهم انتهاء الحرب بدأ يزول، عاودت نشاطي الفني.ازدياد نشاطي الآن، يأتي بالتأكيد في سياق التحولات التي نشهدها اليوم، سواء في المنطقة بشكل عام أو في لبنان بشكل خاص. نحن نشهد الآن قمة انهيار النظام اللبناني. لم يكن الوضع يوماً بهذا السوء، على المستويات الاجتماعية والطائفية والمذهبية والمعيشية.إذا لم يكن دور الأغنية السياسية والملتزمة اليوم، متى يكون ذلك؟ كل ما يجري حالياً يبشر بأن هناك معركة عسكرية قادمة على البلد، وهي ليست سوى امتداداً للحرب الأهلية التي لم تتوقف يوماً.لست سياسياً لكنك فنان ملتزم يعنى بالشأن العام، هل تعتقد أن الوضع في البلد وصل إلى مرحلة اللاعودة، وإننا متجهون نحو اقتتال طائفي لا مفرّ منه؟شارك في السؤال:الاقتتال الطائفي، واقع وموجود، الإرهاصات بدأت من الآن، وما يحصل في مناطق عديدة، وبشكل خاص في طرابلس، يؤكد على ذلك. أنا أعتقد أن هذا النظام لا يعيش إلا بحرب أهلية، يحتاج إليها لتجديد نفسه. لكنني أرى أن المرحلة التي نعيشها اليوم، هي من أسوأ المراحل التي مرت بها البلاد. النظام يبحث عن وصايات جديدة بعد ابتعاد بعضها نتيجة التغيرات التي طرأت في الأعوام الأخيرة. لم يبق شيء في هذا البلد، كل شيء ينهار. "مش باقي شي منو غير نحن الناس". رغم ذلك سنستمر بما نقوم به، على الرغم من كل شيء، ونستمر بالحلم بأن الذين سيأتون من بعدنا سيعيشون في بلد ديمقراطي وحر بالمعنى الحقيقي.هناك دائماً ترابط بين خالد الهبر وزياد الرحباني. لماذا لم تثر مواقفك السياسية جدلاً واسعاً كالتي أثارها زياد؟شارك في السؤال:زياد مباشر جداً مع الناس، ويتكلم في السياسة أكثر مني، ويخرج في مقابلاتٍ لا يتكلم فيها سوى بالسياسة، على عكسي. أنا أكثر سلاسة منه ربما، لكن يمكنني أن أقول إننا متفقان فنياً وسياسياً أيضاً.هناك انتقادات توجه لخالد الهبر بأنه يكرر نفسه في أعماله، كيف تردّ على هذه الانتقادات؟شارك في السؤال:هناك توقيع اسمه خالد الهبر. أنا لدي شخصيتي الفنية. "بس حدا يسمع أغنية، دغري بيعرف إنو هيدا خالد الهبر". أنا لا اعتبر ذلك تكراراً، بل اعتبر أن هذه بصمتي التي اتركها في أعمالي الفنية. أما إذا كان المقصود بالتكرار الالتزام بمرحلة يعتقد البعض أنها انتهت، أو وصف هذا الالتزام بأنه متحجّر وخشبي، فهذا شأن آخر، ويأخذ إلى نقاش أبعد من ذلك. بالنسبة لي، الوضع لم يتغير.ما رأيك بعمل الفنانين الملتزمين الشباب الذين ابتعدوا عن نمط الأغاني الملتزمة التي اشتهروا بها يوما أو الذين اتجهوا إلى الغناء والعزف في المقاهي والبرامج التلفزيونية؟شارك في السؤال:أنا لا أمانع بأن يعمل الشخص في الموسيقى، إذا أراد أن يكمل مسيرته في الأغنية الملتزمة، ولا أعتبر أن من يقدم على ذلك يقدم تنازلاً. العزف والعمل في هذه البرامج "بشكل مرتب" لا أعارضه أبداً. أنا اضطررت إلى العمل في الحانات، لكي أؤمن معيشتي. أذكر أنني عملت مع زياد الرحباني لمدة 7 أشهر في مطعم في الحمرا كان اسمه "بيتزا أي فينو". كنت أعزف على الغيتار وأغني وكان زياد يعزف على البيانو، لكي نتمكن من تأمين معيشتنا. منذ فترة قصيرة فقط جنيت بعضاً من المال من حفلة غنائية. لم نكن نرضى بتقاضي الأموال لقاء العمل الذي نقوم به، بالنسبة لنا العزف والغناء هو رسالة ننادي بها، ولا يجب أن نتقاضى أجراً لقاء ذلك. طبعاً هناك بعض الاستثناءات، وهناك من يجني أرباحاً لقاء هذه الحفلات، خصوصاً تلك التي ترتفع أسعار بطاقاتها، لكنني لست واحداً منهم، وكذلك زياد.يتدخل ريان الهبر في الحديث: خالد أخذ مواقف كثيرة في الحياة ودفع ثمنها لاحقاً. الدليل على ذلك أنه لا يزال يعيش حتى الآن في منزل مستأجر. هذه الانتقادات ظالمة، ولا تعرف بالمبالغ التي تترتب على إنتاج عمل موسيقي، نظراً إلى غياب أي رعاية من قبل شركات الإنتاج. "إنو تخيل روتانا عم تنتج شريط لخالد الهبر". بالإضافة إلى ذلك يجب الإشارة إلى أن العمل في برنامج، أو القيام بأعمال موسيقية "على جنب" لا تساهم فقط بتأمين مصدر رزق حقيقي، بل أيضاً تساهم بتمكين هذا الفنان من الاستمرار بالعمل على تأليف وتلحين أعمالٍ غنائية ملتزمة، وذلك يتكفل في الكثير من الأحيان بكل تكاليفها.ما الجديد الذي قدمته في حفلتك الأخيرة؟شارك في السؤال:هناك أغانٍ جديدة لم تسجل بعد كـ"ما تنسوا فلسطين"، و"مش عم بكذب لتنامي" كتبت مقدمتها يارا أبو حيدر وهي تحية للاجئين السوريين الذين يعانون من كل أشكال التمييز والعنصرية والاضطهاد.هل جمهور خالد الهبر في توسع، آم لا يزال هو نفسه؟شارك في السؤال:أنا أعتقد أنه في توسع مستمر. في كل حفلة نجد وجوها شابة جديدة. وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت كثيراً بانتشار هذه الأعمال، ووصولها إلى شرائح وفئات اجتماعية لم يكن بوسعنا الوصول إليها قبل ظهور هذه الوسائل. "منشكر الأميركان عليها هيدي بالمناسبة". توسّع هذا الجمهور ليس محلياً فقط، بل حتى عربياً، وظهر هذا الأمر بشكل واضح خلال الحفلات التي أقمناها في تونس خلال إحياء الذكرى الـ40 لاغتيال المناضل شكري بلعيد.هل طالبت ابنك يوماً أن يبتعد عن هذا المجال نظراً إلى صعوباته؟شارك في السؤال:نعم، كنت أظن أن أولادي لن يختاروا هذا الطريق. ريان قرّر ذلك بنفسه. حذّرته من ذلك مراراً ومن كل الصعوبات التي سيواجهها، إلا أنه أصر على ذلك، وتعلم بنفسه في البداية، قبل أن يبدأ بدراسة الموسيقى بشكل جدي. ابني الأصغر رمزي، اختار طريقاً آخر، رغم دراسته العزف على البيانو، اختار دراسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية. (يضحك) يمكن هو الوحيد يلي رح يعيّشنا بكرا.ما رأيك بحنا غريب؟شارك في السؤال:حنّا صديق قبل أن يكون رفيقاً في الحزب، هو قيادي نقابي عنيد، ويمتلك كاريزما مهمة ومؤثرة، ويتمتع بوعي طبقي، وهذا نتيجة البيئة التي أتى منها، ولو كنت في موقع القرار، لكنت طلبت ترشيحه إلى الانتخابات النيابية عن الحزب الشيوعي.أين خالد الهبر اليوم من اليسار ومن الحزب الشيوعي؟شارك في السؤال:أنا مع الحزب الشيوعي، رغم أنني لست عضواً فيه. وأعتقد أنني أساهم بالمساعدة، ربما أكثر من بعض المنتسبين إليه، وبعض الأعضاء فيه، سواء في المكتب السياسي أو في اللجنة المركزية. هناك الكثير من الملاحظات، لا أجاهر بها إمام الجميع، لكن أحاجج بها في الأطر المناسبة.أنا أصرّ على أن الحزب يجب أن يبقى وأن يتطور، وأن يستمر. "هيدا زمانه". لست مقتنعاً بتعريف اليساري بشكل عام وكأنها "شيوعي لايت"، ولا أعتقد أن هناك يسار خارج إطار الحزب الشيوعي "ما يواخزوني كل الحركات اليسارية"، ولا أعني بذلك الحزب بصيغته الحالية اليوم، بل بما معناه أن اليسار يجب أن يكون بقيادة الحزب الشيوعي كتنظيم سياسي قوي وحاضر، أي أن يكون نواة هذه الحركة. والقاعدة موجودة ولا ينقصها سوى التأطير.من هو الشخص الأنسب لقيادة الحزب باعتقادك؟شارك في السؤال:الأنسب لقيادة الحزب الشيوعي هو القادر على استيعاب كل تناقضات الشيوعيين واليساريين، الاسم ليس مهماً، المهم نوعية الشخص والكاريزما والوعي السياسي الذي يتمتع به.