سعدى علوه - السفير
يتيح مشروع القانون الذي يرعى إجراء الزواج المدني الاختياري في لبنان، والذي أعده وزير العدل شكيب قرطباوي وتم نشره على موقع وزارة العدل أمس، للّبنانيين كافة عقد زواج مدني اختياري على الأراضي اللبنانية. وبذلك لا تعود هذه الإمكانية محصورة فقط بمن يقومون بشطب مذاهبهم عن سجلات القيد، كما في حالة زواج خلود سكرية ونضال درويش وغيرهما.وأكد قرطباوي لـ«السفير» أن المشروع أصبح في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لطرحه على جدول أعمال الحكومة الجديدة»، مشيراً إلى أنه عمل «ضمن الممكن في ظل الأجواء السائدة في البلاد، حيث لا يمكن حالياً أن نضع مشروعاً متكاملاً للزواج المدني في لبنان». ورأى أنه يسعى لوقف عملية «الكذب على النفس حيث يتم الاعتراف بالزواج المدني الذي يعقده لبنانيون في قبرص، بينما لا تتوافر هذه الإمكانية في لبنان». والأهم، وفق قرطباوي، أنه يتيح عقد الزواج المدني من دون شطب المذهب عن القيد «وهذا مرحلة أولى ومقدمة لكي نضع قانوناً في المستقبل ينظم مفاعيل الزواج المدني الاختياري في لبنان». وأكد أنه وضع المشروع مع مجموعة من قضاة هيئة التشريع والاستشارات برئاسة القاضية ماري دنيز معوشي.ويعدل مشروع القانون بعض النصوص القانونية، ومن بينها المادة 25 من القرار الرقم 60 ل.ر الصادر في 13/3/1936، ويلغي أحكام القرار الرقم 53 الصادر بتاريخ 30/3/1939، كما يعدل نص المادة 2 من قانون قيد الأحوال الشخصية الصادر في 7/12/1951، ويلغي أحكام المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية (المرسوم الاشتراعي الرقم 90 تاريخ 16/9/1983).ووفق المشروع، تنص المادة 25 الجديدة على أنه «إذا عقد زواج بالشكل المدني في الأراضي اللبنانية أو خارجها، يكون خاضعاً للقانون المدني الذي اختاره الزوجان لتنظيم مفاعيل الزواج، شرط أن لا يتضمن هذا القانون ما يخالف النظام العام والآداب العامة».وكانت أحكام القرار 53 تقضي باستثناء تطبيق القرار 60 ل/ر على المسلمين، فيما منح، عبر استبدال المادة 2 من قانون قيد الأحوال الشخصية الصادر في 7/12/1951، مأمور النفوس صلاحية تنظيم عقد الزواج المدني للراغبين في إجرائه في منطقة اختصاصه. ووفقاً للمادة 79 من أصول المحاكمات المدنية، تبت المحاكم المدنية بالزواج المدني الناتج من هذا المشروع، وليس كما كان سابقاً محصوراً بالزواج المدني المعقود في الخارج.وفي ما يبدو مسايرة، تصل إلى حدود «الرشوة»، للطوائف ولإرضائها، يفرض مشروع القانون رسماً مالياً مقطوعاً قدره 500 ألف ليرة لبنانية تمنح للمحاكم الدينية التي ينتمي لها الزوج.من جهتها، لاحظت «المفكرة القانونية» أن مشروع القانون وبإلغائه القرار الرقم 53 الصادر عن المفوض السامي بتاريخ 30-3-1939، الذي كان يقضي باستثناء تطبيق القرار 60 ل/ر على المسلمين «كسر تابو إسلاميا كبيرا، بحيث تصبح الطوائف والقوانين الإسلامية خاضعة لاعتراف الدولة، وقد يولد ممانعة هائلة في وجهه».وبالنسبة لحرية اختيار الزوجين للقانون المدني لتنظيم مفاعيل زواجهما، على أن لا يتضمن ما يخالف النظام العام والآداب العامة، رأت «المفكرة» أن المشروع «لم يجب على الثغرة التي اعترت الزواج المدني المعترف به لبنانيا في 2013، فلم ينظم أسباب بطلان هذا الزواج أو مفاعيله، تاركاً للزوجين مجالاً واسعاً في الاختيار، وللقاضي مجالاً واسعاً في استبعاد ما يعده مخالفاً للنظام العام والآداب العامة».ووصفت «المفكرة» رسم الـ500 ألف ليرة لبنانية بـ«المرتفع، وكأن عقد الزواج المدني على الأراضي اللبنانية يبقى حكراً على طبقة معينة». ورأت أن منح هذا الرسم للطوائف «يظهر شبه انفصام لدى واضعي المشروع، بحيث يترافق الإقرار بالزواج المدني مع سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ التشريع اللبناني تحول الدولة إلى مفوض لتحصيل رسوم لمصلحة الطوائف». واعتبرت أن هذه الخطوة «تظهر المشروع أنه محاولة لإرضاء الطوائف التي تخشى بالتأكيد خسارة مداخيل وموارد كثيرة بنتيجة تكريس الزواج المدني، أو أكثر من ذلك لرشوتها»، لافتة إلى أنه «يعكس تقييماً للوزارة للعوائق الاجتماعية أمام تمرير الزواج المدني، مفاده أنه لا يتصل بأمور أيديولوجية دينية، إنما بأمور مادية حصرا». وبالنسبة لمنح الرسم لطائفة الزوج رأت أنها «تعكس نظرة ذكورية، وكأنما مشروع القانون المدني الذي ينتظر منه المساهمة في إلغاء التمييز، يتحول إلى مناسبة لتكريس التقاليد التمييزية»..